لحسن ملواني*
امرأة
أيقظها الانفجار.. وجدت نفسها تحتضن ابنتها.. فكرت في أطفالها الآخرين هرولت توا وحين كانت تحاول فتح باب غرفتهم، جاءها انفجار ثان حوَّل البيت إلى أنقاض.. لسوء حظها أنها لم تمت.. كانت جاثمة فوق الركام وقد أقبرت وجهها الشاحب المغبر المحروق بين كفيها.. وحين همَمْت على الكتابة عن حالها لم أجد من اللفظ ما أستطيع به التعبير، كانت حالة المسكينة المظلومة المشردة أكبر من ألف قصيدة وخاطرة.
امرأة
مذهولة تسير في كل الاتجاهات.. بيدها طفل مرتعد كطائر مبلل، تحتاط وهي تبحث بين الوجوه المخضبة بدماء الاستشهاد، وحين لم تجد ضالتها جلست تذرف الدموع وترفع شكواها إلى الله، في قلبها يقين جازم مفاده أن المظلوم منتصر طال الزمان أو قصر وتلك سنة الله في الكون. ألقمت ابنتها الثدي الذي لم يبخل على الرضيعة حتى في أعصب اللحظات.. وبعد تأملها زغردت زغرودة دوت في كل الأرجاء.. بَعْدها ارتجلت أغنية لن ينساها أي شعب يعاني الاضطهاد.
امرأة
حين غادرت أحلامها التي لم تخل من كوابيس غريبة وجدت أنها فقدت أربعة من بناتها الصغيرات.. أرادت أن تصرخ فتذكرت أن كل الجيران تحت الأنقاض.. كتمت دموعها، ونفضت الغبار عن خديها وجلبابها.. جمعت بقية أطفالها وهامت بهم غريبة تبحث عن مأوى، وكأن غزة ليست مسقط رأسها.
امرأة
وجدت نفسها في العراء مغبرة الوجه والثياب وحين حدقت في ثدييها تذكرت طفلتها الرضيعة، فانخرطت في نحيب وأنين.. وحين أغشي عليها لم تستفق بعد.. لم تمت تحت الأنقاض.. ماتت فوق الأنقاض لتمكن العدسات من تخليد صور الفظاعات بكل وضوح.
#كاتب مغربي
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي
إقرأ أيضاً:
الحرب دمرت المباني.. كم تبلغ تكلفة إعادة إعمار غزة؟
إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير تبدو مهمة ضخمة ومعقدة، خاصة مع اقتراب الإعلان عن وقف إطلاق النار بعد أكثر من 15 شهراً من الصراع العنيف.
حواوشي وسجق ولانشون.. التحفظ على 6 أطنان لحوم داخل محلين بالجيزةالحصيلة البشرية لتلك الحرب كانت مأساوية، حيث استشهد أكثر من 46 ألف فلسطيني وأصيب نحو 110 آلاف آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.
في الوقت نفسه، فلا يزال هناك آلاف الضحايا تحت الأنقاض التي تمنع قوات الاحتلال وصول فرق الإسعاف إليهم، بعد تدمير الحرب المنازل
تكلفة إعادة الإعمارووفقاً لدراسة لمؤسسة راند البحثية الأمريكية، فإن عملية إعادة إعمار غزة ستتكلف أكثر من 80 مليار دولار، فقط إزالة الأنقاض ستحتاج إلى أكثر من 700 مليون دولار، مع تعقيدات إضافية بسبب وجود القنابل والألغام والصواريخ غير المنفجرة.
تسببت الحرب في تدمير واسع للبنية التحتية في غزة، حيث تضررت أكثر من 70% من المساكن بين تدمير كلي وجزئي، بالإضافة إلى المستشفيات والمرافق العامة والمصانع.
كما أن الحرب خلفت آثاراً اجتماعية مدمرة، حيث فقد أكثر من 17 ألف طفل والعديد من الأسر عائليها، في وقت يظهر فيه أن 25% من الشهداء كانوا من الرجال في سن العمل.
الوقت اللازم لإعادة البناء
التحقيقات تشير إلى أن عملية إعادة البناء قد تستغرق وقتاً طويلاً، حيث أظهرت تقديرات الأمم المتحدة أن استعادة جميع الوحدات السكنية المدمرة قد يستغرق ما يصل إلى 80 عاماً في أسوأ السيناريوهات، بينما في أفضل الأحوال، مع تسريع وتيرة الإعمار وتوريد مواد البناء بشكل أسرع، يمكن أن يكتمل البناء بحلول عام 2040.
إعادة إعمار غزة ستكون تحدياً هائلًا يتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية، بالإضافة إلى معالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي خلفتها هذه الحرب.