انتقد كاتب أميركي التناقض الواضح في مواقف الولايات المتحدة تجاه حقوق الإنسان، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، التي تستمر فيها حرب إسرائيل المدمرة على قطاع غزة منذ 68 يوما.

جاء ذلك في مقال بموقع إنترسبت للصحفي جون شوارتز تعليقا على ما تسرب من معلومات حول اجتماع سري الأسبوع الماضي، استضاف فيه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قادة منظمات حقوقية دولية بمناسبة الذكرى الـ75 لتبني منظمة الأمم المتحدة لـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وقال الكاتب، إن وزارة الخارجية الأميركية رتبت لهذا الاجتماع "لتسجيل ونشر" إشادة بلينكن بحقوق الإنسان، بينما لم يتسن للعالم سماع آراء المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين انتقدوا الدعم الأميركي للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.

ووصف المقال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه كان "علامة بارزة" في التاريخ. ومع أنه كان مجرد بيان مبادئ، ولم تكن له قوة القانون في حد ذاته، إلا أنه كان "ملهما" بوجه عام وكأنه الأساس الذي بُنيت عليه العديد من المعاهدات والقوانين اللاحقة.

وورد في موسوعة غينيس للأرقام القياسية أن الإعلان تُرجم إلى ما يزيد على 550 لغة، تراوحت ما بين الأبخازية ولغة الزولو في جنوب أفريقيا، أي أكثر من أي وثيقة أخرى.

وذكر شوارتز أن مواقع الإنترنت "انفجرت في ضحك مرير" على بلينكن بعد الاجتماع "السري" الذي عُقد في مقر الخارجية الأميركية في 7 ديسمبر/كانون الأول الحالي.

ومن السهل فهم السبب، حسبما جاء في مقال إنترسبت الذي كشف أن وزير الخارجية الأميركي أبلغ المجتمعين بأن "عالمية حقوق الإنسان تواجه تحديا شديدا، وتتعرض للانتهاك في أماكن كثيرة جدا.. حيث نرى بالطبع فظائع في خضم الصراعات".

تناقض صارخ

وتعليقا على هذا التصريح، قال الكاتب، إن ما صرح به بلينكن صحيح، لكنه أضاف مستدركا أنه بعد يوم واحد من الاجتماع -وتحديدا في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري- استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية على غزة.

وفي تلميح للتناقض في مواقف الولايات المتحدة، أشار شوارتز إلى أن الخارجية الأميركية لم تحتفل بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بينما احتفلت به الحكومة الروسية بطريقتها الخاصة، معربة عن قلقها العميق إزاء وضع حقوق الإنسان في أوكرانيا.

وفي الواقع -وفق المقال- فإن العملية برمتها من جانب بلينكن كانت "مضحكة بشكل مقيت".

وشاركت في الاجتماع 4 منظمات لحقوق الإنسان هي منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ولجنة حماية الصحفيين، ومنظمة "فريدوم هاوس" أو "بيت الحرية" ومقرها في الولايات المتحدة.

الغريب في الأمر

وعندما سئل كينيث روث المدير السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش عن تجاربه الخاصة في مثل هذه المواقف، قال "ليس ثمة خطأ بحد ذاته في عقد اجتماع سري مع مسؤولين حكوميين.. لكن الغريب في الأمر أن تحتفل إدارة الرئيس جو بايدن بالذكرى الـ75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعقد اجتماع سري غير رسمي".

ومن جانبها استشهدت المديرة الوطنية للعلاقات الحكومية والمناصرة بمنظمة العفو الدولية، أماندا كلاسينغ، بما صرحت به الأمينة العامة أنياس كالامار في الاجتماع. فقد حثت بلينكن باغتنام المنعطف الحالي بأن تبعث الولايات المتحدة برسالة تفيد بأن حقوق الإنسان تنطبق على غير حلفائها، وأقرب أصدقائها على حد سواء.

وأوضحت كالامار أن هذه المسألة باتت ملحة اليوم على وجه الخصوص، حيث وثَّقت منظمة العفو الدولية إقدام إسرائيل -أقرب حلفاء الولايات المتحدة- على انتهاك القانون الدولي الإنساني بشكل صارخ أثناء عدوانها على غزة. وناشدت بلينكن على أن ينظر في ضرورة العمل على وقف فوري لإطلاق النار، والكف عن إرسال وبيع أسلحة للحكومة الإسرائيلية "في السياق الراهن".

مطالبة بالمحاسبة

وبدورها، أكدت لجنة حماية الصحفيين أن أكثر من 60 صحفيا (غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين) استشهدوا، مشددة على أن الأحوال في غزة تزداد صعوبة، وأن هناك تضييقا على الصحافة واعتقالات شملت الضفة الغربية أيضا. وكررت مطالبتها الشديدة بمحاسبة المتسببين في استهداف الصحفيين في جنوب لبنان كذلك.

ونقل مقال إنترسبت عن كينيث روث القول، إن الطريقة الأجدى للاحتفال بالإعلان العالمي هي تطبيقه بشكل واضح في منطقة الشرق الأوسط "التي أصبحت ثقب حقوق الإنسان الأسود لإدارة بايدن إلى حد كبير".

وختم شوارتز مقاله بالإشارة إلى أن الاجتماع السري عقد في مقر وزارة الخارجية في غرفة استقبال توماس جيفرسون، أول وزير خارجية للولايات المتحدة، والكاتب الرئيس لإعلان الاستقلال.

وانتقد كاتب المقال استضافة الاجتماع في تلك الغرفة؛ ذلك لأن جيفرسون "استعبد 600 شخص في حياته، واغتصب أخت زوجته المتوفاة. وهو -من ثم- ربما يمثّل أعظم نموذج لأميركا في تاريخنا الذي يتسم بالخطب الرنانة في واقع أشد كآبة"، وفق تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العالمی لحقوق الإنسان الولایات المتحدة الإعلان العالمی حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

تشريعية البرلمان: السيسي حريص على إحداث نقلة في مجال حقوق الإنسان

قال النائب إيهاب الطماوي، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن الجدل المثار حول قانون الإجراءات الجنائية أمر صحي، مشيرًا إلى أن هناك فرقًا بين النصوص المقدسة التي لا تقبل الجدل مثل القرآن والتوراة والإنجيل، وبين مشاريع القوانين التي تقبل التعديل والجدل والنقض.

الإسكان تكشف تفاصيل فتح باب التصالح على طلبات تحويل الجراج إلى سكني متى تنخفض أسعار البطاطس والطماطم؟.. الشُعبة تجيب


وتابع "الطماوي"، خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج "بالورقة والقلم"، المذاع على فضائية "ten"، مساء الأحد، أن قانون الإجراءات الجنائية صدر في ظل النظام المالكي، وأُدخل عليه الكثير من التعديلات سواء في 2006 أو بعد ذلك، وتقدمت الحكومة في 2017 بمشروع قانون كبير لإدخال تعديلات واسعة تصل لـ80% من القانون. 
ولفت إلى أن كثرة التعديلات بمشروع قانون الإجراءات الجنائية المقترحة من الحكومة أعاقت  خروج هذه التعديلات إلى النور، مشيرًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حريص على إحداث نقلة في مجال حقوق الإنسان، وفي هذا الإطار أصدر الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ثم أطلق دعوته للحوار الوطني للإستماع والوصول إلى  آراء مُشتركة في جميع الملفات سواء الملف السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي. 
 وأضاف أن اللجنة التشريعية انتهت من إعداد مشروع قانون الإجرات المدنية بشكل متكامل يأخذ في اعتباره الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتوصيات الحوار الوطني فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي.
 

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يستقبل المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط
  • العرب في مصيدة الانتخابات الأمريكية
  • بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائيل منذ 7 أكتوبر
  • ما دلالات هروب حاملة الطائرات الأمريكية “روزفلت” من الشرق الأوسط؟
  • كاتب الشرق الأوسط: فليمت السودانيون حفاظاً على السيادة الوطنية..!
  • وقف إطلاق النار في غزة يحظى بإجماع دولي
  • تشريعية البرلمان: السيسي حريص على إحداث نقلة في مجال حقوق الإنسان
  • هل يمكن أن تحيي حرب غزة حظر الانتشار النووي في الشرق الأوسط؟
  • حزب المؤتمر: الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التزام حقيقي من الدولة تجاه مواطنيها
  • برلمانية: الدولة ملتزمة بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان