دمشق-سانا

يقدم الشاب طارق يوسف سلوم نموذجاً للإصرار على تحدي الإعاقة عبر تمسكه بسلاح العلم وتوظيف ما تعلمه بتأسيس مشروعه الخاص، فتفوق بإرادته الحديدية، وبعزمه الصلب استطاع أن يحقق لنفسه مكانة مميزة في مجال عمله.

لم يدخر والدا سلوم 35 عاماً أي جهد مادي أو معنوي لمساعدة ابنهما الشاب الذي أصيب بمرض في السادسة من عمره أدى إلى شلل بأطرافه السفلية وتوقف النمو لديه، فقدما له كل التشجيع والدعم الممكن وغرسا الأمل بداخله وساعداه على مواصلة تعليمه الجامعي والحصول على إجازة في الهندسة الغذائية وصولاً إلى تأسيس مشروعه الخاص.

وبين سلوم خلال حديثه لسانا الشبابية أنه أصيب بمرض أفقده القدرة على المشي، ما أدى إلى تغير نمط حياته وبات بحاجة إلى من يسانده ويساعده على مواصلة حياته وشق طريقه بعد أن كان ينبض بالحياة.

وقال سلوم: “بعد أن أنهيت المرحلة الثانوية بعلامات مميزة التحقت بكلية الهندسة التقنية قسم التصنيع الغذائي بجامعة طرطوس، وكنت طوال هذه الفترة أدرس وأعمل بالتسويق من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لكن نظراً لظروفي الصحية الصعبة توقفت دراستي الجامعية وأجريت أكثر من 19 عملاً جراحياً ريثما تعافيت وعدت بعد ذلك إلى مواصلة تعليمي الجامعي إلى أن تخرجت وحصلت على شهادة تؤهلني للبدء بمشروعي الخاص”.

وأضاف: “بعد تخرجي من الجامعة قررت أن أعمل باختصاصي “التصنيع الغذائي”، حيث ساعدني والداي بتأمين مبلغ مالي وتشاركت مع عمي للبدء بمشروعي الذي يتضمن محمصة مختصة بالقهوة، حيث قمنا بشراء آلة تحميص وبدأنا التغليف والتعبئة بشكل يدوي، لكن مع انطلاق العمل بشكل جيد قمنا بتطوير أدواتنا وشراء آلات للتغليف والتعبئة”.

ولفت إلى أن العمل ببداياته كان صعباً ولا سيما لجهة التسويق لكن مع مرور الوقت وزيادة الطلب على المنتجات بات الوضع أفضل، وتم توسيع العمل ليشمل منتجات أخرى مثل “الكابتشينو والنسكافيه والهوت شوكليت” مع فريق عمل مؤلف من 5 أشخاص بينهم مهندسون مختصون.

وأشار سلوم الذي يقضي ساعات طوال في ورشته الصغيرة بقرية الدنانير بريف طرطوس إلى أن منتجاتهم لاقت الاستحسان والإقبال في السوق المحلية نتيجة خلوها من الأصبغة والمنكهات الكيماوية، لكن لديهم معاناة في ارتفاع أسعار المواد الأولية، متمنياً دعم الأشخاص ذوي الإعاقة عبر قروض ميسرة لمساعدتهم على استكمال مشاريعهم.

وأكد أنه شارك مؤخراً في معرض “همم حتى القمم” بدمشق للتعريف بمنتجاته وتسويقها، داعياً الأشخاص ذوي الإعاقة إلى عدم الاستسلام وأن يكون لكل منهم منتج أو هدف يسعون لتحقيقه وتطويره.

ندى الصالح الأم الفخورة بابنها أشارت إلى أن سلوم حظي بدعم كبير من العائلة والأصدقاء والمدرسة، وأنها عملت على دمجه بالمجتمع، حيث كان يرافقها إلى كل الأماكن وكانت تفسح له المجال للنقاش بكل شيء.

بدوره يوسف مالك سلوم والد طارق قال: “فخور بابني لأنه رغم وضعه الصحي تمكن من الإنجاز الذي يعجز عنه الأصحاء أحياناً، فطارق متقد الذهن وذكي جداً”، لافتاً إلى أنه مؤمن بابنه ليواصل مسيرة حياته وينجح في مشاريعه بفضل العزيمة والإصرار والجد والاجتهاد.

سكينة محمد وأمجد الصباغ

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

رمضان عند الأدباء| المسحراتي.. منبه الزمن الجميل الذي فقد سحره

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لم يغفل الأدباء والروائيون عن توثيق المسحراتي في كتبهم تلك الشخصية الرمضانية الفريدة، فأبدعوا في تصويرها لدرجة جعلتنا نحب وصفهم للمسحراتي أكثر مما نراه في الواقع ومن هؤلاء الكتّاب أحمد بهجت، الذي جسّد المشهد ببراعة في مجموعته القصصية "صائمون والله أعلم". يصف بهجت المسحراتي وهو يمسك بقطعة جلد يضرب بها على طبلته في الثانية والنصف بعد منتصف الليل، مرددًا كلماته الشهيرة:
"لا أوحش الله منك يا شهر الصيام"، و "اصحَ يا نايم وحّد ربك".

لكن هذه الكلمات، التي كانت توقظ الجميع قديمًا، أصبحت الآن لا تفزع إلا القطط النائمة، بل حتى المسحراتي نفسه. فمع مرور الأيام وتكرار العبارات يوميًا، فقدت بريقها، كأنها ثوب قديم لم يعد يمنح دفئه في برد الشتاء. يسخر المسحراتي من مهمته، إذ لم تعد كلماته توقظ أحدًا، بعدما حلّت المنبّهات والتلفزيونات مكانه، على عكس الماضي، حيث كانت الشمس ساعة النهار والقمر ساعة الليل.

ويواصل بهجت وصفه لتلك الأيام الطيبة، عندما كان رمضان يجمع الناس في المساجد للعبادة، ثم إلى المقاهي للسهر، ثم إلى البيوت للراحة. حينها، كان القرّاء والمنشدون يحيون ليالي رمضان بالذكر والإنشاد وتلاوة قصص المولد، وكان للمسحراتي مكانة خاصة، فهو الوحيد الذي امتهن هذا العمل. أما اليوم، فقد أجبرته الظروف على العمل في مهن متعددة، لكنه لم يسلم من صخب الحياة وضجيجها، فباتت كلماته تضيع وسط زحام العصر الحديث.

يقول بهجت أن  المجتمع لم يعد  في حاجة حقيقية إلى ظاهرة المسحراتي كما كان في الماضي، فقد أصبحت التكنولوجيا الحديثة، من كهرباء وتلفزيون وإنترنت، تجعل الناس ساهرين حتى الصباح دون الحاجة لمن يوقظهم للسحور أو لصلاة الفجر ورغم ذلك، لا يزال للمسحراتي مكانة خاصة في قلوب الناس، ليس فقط لدوره التقليدي، ولكن لصوته العذب وحكمه ومقولاته التي ينسجها في مقطوعات موسيقية ممتعة، تحمل عبق الزمن الجميل.

مقالات مشابهة

  • لماذا طلب طارق العريان حذف اسمه عن مسلسل معاوية؟
  • طارق لطفي: حلمت بالتمثيل مع عادل إمام.. بيتفرج على أعمالي وشجعني
  • طارق لطفي: ظهوري في العتاولة كان مفاجأة ليا والجزء الثاني أكثر تجانسا
  • «الرئيس الفلسطيني» يؤكد ضرورة مواصلة العمل على دعم وكالة أونروا
  • لهذا السبب.. طارق العريان حذف اسمه من تتر "معاوية"
  • رمضان عند الأدباء| المسحراتي.. منبه الزمن الجميل الذي فقد سحره
  • حماية لعمال القطاع الخاص.. مشروع القانون الجديد يحدد مدة عقد العمل الفردي
  • وزير الكهرباء أمام مجلس الشيوخ: مواصلة العمل بالخطة العاجلة لتعزيز كفاءة منظومة التوليد والنقل والتوزيع وتحسين الجودة.. نحرص على تعظيم العوائد من البنية الأساسية
  • عام وخاص.. إجراءات استقالة الموظفين في القانون
  • رئيس الوزراء يتابع مع وزير الاستثمار أهم ملفات العمل