ضمن أيام الفن التشكيلي السوري… معرض “ذاكرة وركام” للفنان التشكيلي عدنان حميدة
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
دمشق-سانا
احتفت أعمال الفنان التشكيلي عدنان حميدة بإنسان هذه الأرض، مساء اليوم، في معرضه الفردي “ذاكرة وركام” الذي يأتي ضمن فعاليات أيام الفن التشكيلي السوري “هوية وتجديد”.
المعرض الذي تستضيفه غاليري ألف نون ضم 21 لوحةً بحجم كبير وبتقنية مواد مختلفة على قماش، وبأسلوب فني خاص بالفنان، مزج فيه بين التعبيرية والواقعية والتجريدية، مع توليفة واسعة من الرموز الإنسانية والنباتية والحيوانية والطيور.
وعن المعرض قال الفنان حميدة في تصريح لمراسل سانا: بدأت بهذا المشروع تحت عنوان كونيات، بعد العدوان على غزة عام 2008، واستمر مع سنوات الحرب على سورية، وهو رسم تحت الركام بطريقة غير مباشرة عبر رصد أثر الإنسان في محيطه، وخاصةً المأساة التي يعيشها أهلنا في غزة الآن.
وأوضح الفنان الفلسطيني أنه يرسم الإنسان في بعض الأعمال بطريقة تعبيرية بشكل أساسي، وإن أدخل على اللوحة بعض التفاصيل الواقعية ضمن أجواء تجريدية لتشكل معاً عملاً فنياً يولد التساؤلات لدى المشاهد، مبيناً أن بعض أعماله تتمازج فيها الرموز الإنسانية والحيوانية مع الحجر والتراب في دلالات واضحة على الأرض بمفهومها الفلسفي الواسع.
وأشار الفنان حميدة إلى أن العمل الفني لديه لا يوثق الأحداث بشكل مباشر، بل يرصد أثرها ليكون منتمياً إلى السنن الكونية والمواضيع الإنسانية التي تتكرر منذ بدء الحياة على مدى التاريخ، مثل الحرب والظلم والألم والحزن والوحدة، مؤكداً أنه يرسم لنفسه في المقام الأول ليعبر عن رؤاه وأفكاره، ولأنه جزء من المجتمع ستعود لوحته للناس ليقرؤوها بطرقهم وتأويلاتهم.
وينطلق الفنان مع لوحته من فكرة محددة، بدورها تولد أثناء الرسم أفكاراً أخرى تتبدى على سطح اللوحة على مبدأ البناء والهدم، حتى الوصول إلى الشكل النهائي الذي يرضيه، مبيناً أن طريقته في الرسم لا تعتمد السرعة وتحتاج إلى التفكير واستخدام خبرات فنية واسعة في التقنيات اللونية.
ويرى الفنان والمدرس الجامعي أن العمل الفني يبنى بدايةً بالعاطفة، ويأتي العقل ليحدد مسار هذا العمل لينتهي بعدها بالعاطفة بعيداً عن فكرة تصنيع العمل الفني أو السعي لإرضاء أذواق المقتنين من خلاله، لأن الفن برأيه حالة فردية خالصة تعبر عن رؤى الفنان وحده، رافضاً بالوقت ذاته الفن العفوي التلقائي الذي لا يعرف وجهته وهدفه.
بدوره الفنان بديع جحجاح مدير غاليري ألف نون قال: إن الفضاء عند عدنان حميدة هو التراب بأطياف ملمسه، فأشكال شخوصه تمتاز بملمس وحساسيات التراب، فهو مسكون بهاجس الأرض لكونه ينتمي لفلسطين الجريحة، ويمكننا رؤية الركام والدمار الموجود في غزة ضمن لوحاته، ولكن بتشكيل فني مختلف، لتكون مدخل وعي وانتماء ومقاومة ولكن بطريقته غير المباشرة والرمزية.
والفنان التشكيلي الفلسطيني عدنان حميدة تخرج من كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، اختصاص إعلان عام 1985، وعمل مدرساً لمادة الرسم والتصوير في مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية، ومحاضراً في قسم الاتصالات البصرية في كلية الفنون الجميلة في دمشق، كما عمل في مجال الرسوم المتحركة، ويعمل حالياً محاضراً في كلية الفنون الجميلة في الجامعة العربية الدولية، وله عدة معارض فردية وجماعية داخل سورية وخارجها، وأعماله مقتناة في عدة بلدان عربية وأجنبية.
محمد سمير طحان
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
“حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
#سواليف
كتبت .. #روبين_أندرسون
قُتل الصحفي الشابّ في قناة #الجزيرة، #حسام_شبات، يوم الرابع والعشرين من مارس/ آذار، حين استهدفته طائرة مُسيّرة إسرائيلية بصاروخ واحد أثناء وجوده داخل سيارته.
وقد أفاد صحفي آخر قام بتوثيق آثار #الجريمة أن حسام كان قد أنهى للتوّ مقابلة صحفية، وكان متوجهًا إلى المستشفى الإندونيسي في شمال #غزة من أجل بث حي على قناة الجزيرة مباشر.
مقالات ذات صلةوقد اعتبرت لجنة حماية الصحفيين عملية قتله #جريمة_قتل_متعمدة. وكان حسام يساهم أيضًا في موقع “دروب سايت نيوز” الأميركي، حيث استخدم الصحفي جيفري سانت كلير تقاريره الميدانية الحية ضمن “يوميات غزة” التي نشرها.
ترك حسام رسالة قبل استشهاده جاء فيها:
“إذا كنتم تقرؤون هذه الكلمات، فهذا يعني أنني قد قُتلت – على الأرجح استُهدفت – من قبل قوات #الاحتلال الإسرائيلي.. لقد كرست الثمانية عشر شهرًا الماضية من حياتي كاملةً لخدمة شعبي.
وثقتُ أهوال شمال غزة دقيقةً بدقيقة، مصممًا على #كشف_الحقيقة التي حاولوا طمسها.. وأقسم بالله إنني قد أديتُ واجبي كصحفي. خاطرتُ بكل شيء لنقل الحقيقة، والآن، أرقد بسلام…”.
في وقت سابق من يوم استشهاده، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفي محمد منصور، العامل لدى قناة فلسطين اليوم، مع زوجته وابنه، عبر قصف مباشر لمنزله في خان يونس.
وبعد اغتيال شبات، احتفى الجيش الإسرائيلي بقتله علانيةً، إذ نشر عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” منشورًا تفاخر فيه بـ”تصفية” حسام، قائلًا: “لا تدعوا السترة الصحفية تخدعكم، حسام كان إرهابيًا”. وكان الاحتلال قد زعم قبل ستة أشهر أن شبات وخمسة صحفيين آخرين – جميعهم يعملون لدى قناة الجزيرة – ينتمون إلى حركة حماس.
في ذلك الوقت، كان شبات يغطي الأحداث من شمال غزة، تلك المنطقة التي لم يتبقَّ فيها سوى قلة من الصحفيين، حيث كانت إسرائيل قد أطلقت حملة إبادة مركزة، وكان شبات وزملاؤه يرابطون هناك لتوثيق الجرائم الإسرائيلية وتقديم تغطية مستمرة.
كان حسام يدرك أن إعلان الاحتلال له كـ”عنصر من حماس” يعني نية مبيّتة لاستهدافه. لذلك دعا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفع أصواتهم مستخدمين وسم “#احموا_الصحفيين”، قائلًا:
“أناشد الجميع نشر الحقيقة حول ما يتعرض له الصحفيون، لفضح خطط الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى فرض تعتيم إعلامي. انشروا الوسم وتحدثوا عنا!”.
وكانت آخر رسالة صحفية له، والتي أُرسلت قبل ساعات من مقتله، قد تُرجمت من العربية إلى الإنجليزية بواسطة شريف عبد القدوس، وافتتحت بهذه الكلمات:
“كانت الليلة حالكة السواد، يغمرها هدوء حذر. خلد الجميع إلى نومٍ قلق. لكن السكون سرعان ما تحطّم تحت وطأة صرخات مفزعة. وبينما كانت القنابل تمطر السماء، كانت صرخات الجيران تعلن اللحظات الأولى لاستئناف الحملة العسكرية الإسرائيلية. غرقت بيت حانون في الذعر والرعب”.
إنه وصف مروع للواقع، يكشف بوضوح السبب الذي دفع إسرائيل إلى إسكات حسام شبات.
وصل عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين قُتلوا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 236 شهيدًا، بانضمام حسام شبات إلى هذه القائمة الدامية. وفي السابع من أبريل/ نيسان، قصفت إسرائيل خيمة إعلامية في خان يونس، مما زاد من ارتفاع عدد الضحايا.
إعلان
منذ أن أنهى نتنياهو وقف إطلاق النار، انطلقت إسرائيل في موجة قتل عارمة، أسفرت خلال الأيام الثلاثة الأولى عن استشهاد 700 شخص وإصابة 900 آخرين، ولا تزال المجازر مستمرة.
يعلم دعاة الدعاية الحربيّة أنّ خططهم تنهار أمام الشهادات الصادقة والمعارضة الحرة. فالبروباغاندا الحربية تقتضي دومًا فرض الرقابة والصمت.
لم يكن حسام شبات الفلسطيني الوحيد الذي ترك خلفه توثيقًا لعملية قتله والمسؤولين عنها. فقد كان رفاعة رضوان من بين خمسة عشر مسعفًا تم إعدامهم على يد إسرائيل، قبل يوم من اغتيال شبات، وقد ترك تسجيلًا مصورًا لعملية قتله، مما أسقط روايات الاحتلال الكاذبة.
في صباح الثالث والعشرين من مارس/ آذار، قتلت قوات الاحتلال العاملين في الإغاثة الإنسانية برفح، وكانوا ثمانية من طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، وستة من الدفاع المدني الفلسطيني، وموظفًا من وكالة الأونروا، أثناء تنفيذهم مهمة انتشال الجرحى والشهداء المدنيين.
وبعد انطلاقهم لتنفيذ مهمتهم، انقطعت أخبارهم لأيام. وأطلق الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، مناشدات يائسة إلى العالم للضغط على إسرائيل لكشف مصيرهم. حتى الثلاثين من مارس/ آذار، حين تم استخراج جثثهم من قبر جماعي ضحل، وهم لا يزالون يرتدون زيهم الرسمي المضيء.
وقد كشفت الفحوصات الجنائية التي أجراها طبيب تعاقد مع مستشفى في خان يونس عن علامات تشير إلى “عمليات إعدام ميداني” بناءً على أماكن الإصابة القريبة والمقصودة.
وقد عُثر على الضحايا وهم لا يزالون يحملون أجهزة الاتصال، والقفازات، والحقائب الطبية. ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية شهادات الطبيب، وأشارت إلى أن إسرائيل قد دمرت النظام الصحي في غزة وقتلت ألفًا من العاملين في القطاع الطبي، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب.
وفي الأول من أبريل/ نيسان، غطت صحيفة “نيويورك تايمز” المجزرة، واضعة في عنوانها اقتباسًا على لسان الأمم المتحدة يتهم إسرائيل بقتل عمال الإنقاذ. لكنها افتتحت التقرير بإبراز نفي الاحتلال، حيث ادّعت إسرائيل أن تسعة من القتلى كانوا “مقاتلين فلسطينيين”.
إعلان
واتّبعت الصحيفة أسلوبها المعتاد في تقديم الروايتين (رغم الفارق بينهما)، مستعرضةً بشاعة المشهد وشهادات وكالات غزة والأمم المتحدة، ثم منح المساحة مجددًا لدفاعات الجيش الإسرائيلي غير القابلة للتصديق، بزعم أن “عددًا من المركبات كانت تتقدم نحو الجنود الإسرائيليين بطريقة مريبة ومن دون إشارات طوارئ”.
وزعمت إسرائيل أن من بين القتلى محمد أمين إبراهيم شوبكي، الذي شارك في هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، رغم استحالة تصديق هذه الرواية في ظل الكم الهائل من القنابل التي أسقطت على غزة – بكمية تفوق ما أُلقي خلال الحرب العالمية الثانية – بزعم استهداف حركة حماس فقط، لا عشرين ألف طفل فلسطيني قتلوا جراء ذلك.
غير أن العثور على الهاتف المحمول الذي سجل ما حدث قلب الرواية الإسرائيلية رأسًا على عقب. فقد التقط رفاعة رضوان هاتفه المحمول أثناء تعرض قافلتهم للنيران، وسجل رسالة مؤثرة وهو يركض باتجاه النيران الإسرائيلية محاولًا إنقاذ المصابين. خاطب والدته قائلًا:
“أمي، سامحيني… أقسم بالله إنني اخترت هذا الطريق فقط لأساعد الناس”.
وأظهرت اللقطات أن أضواء سيارات الإسعاف كانت تعمل بوضوح، ومع ذلك لم توفر لهم أي حماية.
أكد الشريط المصور ما كان العالم يعرفه بالفعل، وكشف عن شجاعة إنسانية نادرة لشاب فلسطيني واصل إنقاذ الأرواح وسط إبادة جماعية لا توصف.
لقد كان شريط رفاعة رضوان مؤثرًا إلى درجة أن صحيفة “نيويورك تايمز” اضطرت، في السادس من أبريل/ نيسان، إلى نشر عنوان صريح يشير إلى أن “عمال الإغاثة في غزة قُتلوا برصاص إسرائيلي”. ومع ذلك، منح التقرير، الذي كتبته إيزابيل كيرشنر، مساحة واسعة لمسؤولي الاحتلال لتقديم دفاعاتهم مجددًا، متجاهلًا المنهجية الإسرائيلية في استهداف القطاع الصحي في غزة.
إن المؤرخين الفلسطينيين يتحدثون بلغة الإنسانية. فهم يروون ما يجري بحقهم كما كتب حسام شبات:
إعلان
“كنت أنام على الأرصفة، في المدارس، في الخيام – في أي مكان أجده. كانت كل يوم معركة من أجل البقاء. تحملت الجوع لأشهر، ومع ذلك لم أتخلَّ يومًا عن شعبي”.
كما ترك كلمات خالدة:
“لا تتوقفوا عن الحديث عن غزة. لا تسمحوا للعالم أن يغض الطرف. استمروا في النضال، وواصلوا رواية قصصنا – حتى تتحرر فلسطين”.
إنها كلمات حكيمة ومؤثرة، ورسالة بالغة الأهمية لشعب يتعرض لإبادة جماعية. وهي تمامًا الكلمات التي يحتاج العالم إلى سماعها اليوم.