رئيس جامعة الأزهر: القضية الفلسطينية موضوع الساعة وفريضة الوقت وحديث الأم الثكلى
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن القضية الفلسطينية هي موضوع الساعة وفريضة الوقت.
القضية الفلسطينية هي موضوع الساعة وفريضة الوقت وحديث الأم الثكلىوقال رئيس جامعة الأزهر خلال كلمته في افتتاح الندوة الشهرية لمجلة الأزهر التي تقام تحت عنوان: "القضية الفلسطينية بين التهجير والتصفية" التي نظمها مجمع البحوث الاسلامية بالتعاون مع جامعة الأزهر بكلية اللغة العربية بالقاهرة أن هذه الندوة الشهرية لمَجَلَّةِ الأزهرِ الغَرَّاءِ تقام في قَلْعَةِ الضَّادِ وعَرِينِها، وحِصْنِ العربيةِ وعِمَادِها، في كلية اللغة العربية بالقاهرة، الأمِّ الوَلُودِ التي تُنْبِتُ العلمَ، وتَزْدَهِي بالعُلَمَاءِ، فهي كعَقِيلَةِ جَعْفَرٍ التي قال عنها مَرْوَانُ بنُ أبي حَفْصَةَ:
لِله دَرُّكِ يا عَقيلَةَ جَعفَرٍ ماذا وَلَدتِ مِنَ العُلا وَالسُؤدَدِ؟
ونقل رئيس جامعة الأزهر للحضور تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، موضحًا أن موضوع هذه النَّدْوَةِ هو موضوعُ السَّاعةِ، وفريضةُ الوَقْتِ، هو حديثُ الأمِّ الثَّكْلَى التي استُشْهِدَ أولادُها، والأَرْمَلَةِ التي فَقَدَتْ زَوْجَها، والأُخْتِ التي فَقَدَتْ إخوتَها، والطفلِ الذي فَقَدَ أسرتَه، هو حديثُ الدماءِ التي جَرَتْ أنهارًا، والدموعِ التي سُكِبَتْ مِدْرارًا، هو حديث البلاد التي خُرِبَتْ، والأطفالِ التي قُتِلَتْ، بأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟ هو حديث الطاغية المتغطرس الذي يُنَكِّلُ بالضعيف، هو الحديث عن قضية فلسطين التي تَدُكُّها آلةُ البَطْشِ الصُّهويني دَكًّا، وتُجَرِّبُ فيها أحدثَ ما وصلت إليه مصانعُ الموتِ والدمارِ من ترسانة الأسلحة المتطورة على مَرْأَى من العالَم المُتَحَضِّرِ ومَسْمَع، وإذا نادت الدنيا كلُّها بوقف إطلاق النار كانت الدنيا كلُّها في وادٍ "وحقُ الفِيْتُو" الذي انفردت به أقوى دولة في العالم لوَأْدِ هذا الإجماع الدولي في وادٍ آخر.
وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن حق الفيتو هو دُستورُ الحرية في العالم المتحضر الذي يَخْرِقُ أسوارَ العدالةِ الدوليةِ خَرْقًا، ويُدَمِّرُ حقوقَ الإنسانِ تدميرًا، ويَهْوِي بالضمير الإنساني في وادٍ سحيقٍ، إنها العدالةُ العَرْجَاءُ التي يَعْلُو فيها صَوتُ الفردِ على صوت العالم كُلِّه، إنها العدالةُ التي أباحت سفكَ دماءِ الضعفاءِ وقَتْلَ الأبرياء، هذا صوت العدالة العرجاء.
كما أوضح رئيس جامعة الأزهر أن صوت عدالة السماء هو الذي أسمعنا الله -جل وعلا- إياه في قوله جل وتقدس: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}( الأنفال 61)، وأسمعنا إياه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث طَلْحَةَ بْنِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيِّ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ"، هذا صوت الحكمة وعدالة السماء، لا صوت الفيتو الحُرّ، والواقع المُرّ، ويا بُعْد ما بين العدالةِ العرجاءِ وعدالةِ السماء!!!
«واقع القضية الفلسطينية بين التهجير والتصفية».. ندوة لمجلة الأزهر بمشاركة كبار المفكرين الرئيس الأعلى لمجمع البحوث الإسلامية في بورما يزور منظمة خريجي الأزهروأضاف رئيس جامعة الأزهر أن مَنْ أعان ظالمًا فهو شَرِيكُه في الظُّلْم، ومَنْ خَذَلَ مظلومًا وهو يستطيعُ أن ينصرَه خَذَلَهُ الله، ولقد أثبتت الأحداث أن هذا العالَمَ المتحضرَ لا يفهم إلا لغةَ القوة والسلاح، وأستعير كلمةَ فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ الدكتور أحمد الطيِّب، شيخِ الأزهر الشريف-حفظه الله- التي يقول فيها: "إن من لا يفهم إلا لغة القوة فعارٌ علينا أن نخاطبه إلا باللغة التي يفهمُها".
كما أضاف رئيس جامعة الأزهر أن عُنْوانَ هذه النَّدْوَةِ: "واقعُ القضية الفلسطينية بين التهجير والتصفية"، يضع القضية الفلسطينية وهي قضية العالم الإسلامي كلِّه بين خيارين لا ثالثَ لهما: (التهجير – والتصفية) ، وهما أمران أحلاهما مُرٌّ كما قال أبو فِرَاسٍ الحَمْدَاني في مِحْنَتِه:
أَسِرتُ وَما صَحبي بِعُزلٍ لَدى الوَغى وَلا فَــــرَسي مُهـــــرٌ وَلا رَبُّـــهُ غَمرُ
وَلَكِن إِذا حُمَّ القَضـــــــاءُ عَلى اِمرِئٍ فَلَيسَ لَهُ بَـــــرٌّ يَقيــــــــهِ وَلا بَـــــحرُ
وَقالَ أُصَيـــحابي الفِـــــرارُ أَوِ الرَدى فَقُلتُ: هُما أَمـــرانِ أَحـــلاهُما مُرُّ
وَلَكِنَّنــــي أَمضـــي لِمــــا لا يَعِيبُــني وَحَسبُكَ مِن أَمرَينِ خَيرُهُما الأَسرُ
يَقولونَ لي: بِعْتَ السَّلامَةَ بِالرَدَى فَقُلتُ : أَما وَاللَــــهِ مانــالَني خُسرُ
وَهَل يَتَجـــافى عَنِّيَ المَـوتُ ساعَةً إِذا ما تَجــــافى عَنِّيَ الأَسْـــرُ وَالضُّرُّ
هُوَ المَوتُ فَاخْتَرْ ماعَلا لَكَ ذِكرُهُ فَلَم يَمُتِ الإِنســــانُ ما حَيِيَ الذِّكْرُ
وَلا خَيرَ في دَفـــعِ الــرَّدَى بِمَــذَلَّةٍ كَما رَدَّها يَـــومـًـا بِسَـــــوءَتِهِ عَمروُ
صدقت يا أبا فراس.
وبين رئيس جامعة الأزهر أن الله جلت قدرتُه الذي يُخْرِجُ مِن بُطُونِ الأنعامِ {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}( النحل 66) قادرٌ على أن يُخْرِجَ من بين المحنتين منحة، ومن بين المُرَّينِ ماءً عذبًا ذُلالًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ، ما بَقِيَ في أحرارِ فلسطينَ قَلْبٌ يَنْبِضُ بالأمل ونَفَسٌ يَتَرَدَّدُ بالنَّصْرِ ويَرْقُبُ عَدْلَ السَّمَاءِ، وهو آتٍ مهمها طال الظُّلْمُ وأَحْلَكَتِ الظلمات.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن المولي-عز وجل- علمنا في قصة سيدنا يوسف هذا الدرس الجليل فقال سبحانه: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ الله إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف 87) وفي قصة سيدنا إبراهيم فقال جل وعلا: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50) وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56)}( الحجر 49 – 56) وبين رئيس جامعة الأزهر أنه بهذا الدرس الجليل الذي يُحْيِي الأملَ في النفوس نقول مطمئنين: لا تهجير ولا تصفية، ولكنها الأخرى التي قال عنها الله جل جلاله: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} ( الصف 13).
وفي ختام كلمته وجه الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، الشكر والتحية إلى القيادة السياسية التي رفضت التهجير رفضًا قاطعًا وقدمت يد العون والإغاثة لإخواننا في غزة، كما توجه بتحية شكر وتقدير إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذي قال في بيانه لأهل غزة: "لأن تموتوا في بلادكم خير لكم من أن تخرجوا منها"، وأرسل من بيت الزكاة والصدقات المصري ما يقارب مائة شاحنة إغاثة لأهل غزة، وقامت جامعة الأزهر بتوجيه كريم من فضيلة الإمام بإرسال أكثر من ثلاثين شاحنة أخرى.
هذه مقدمة للندوة، وأعتذر عن الإطالة فيها؛ فليس للمقدمة أن تطغى على متن الكتاب، اللهم إنا نتوجه إليك؛ فإنك قلتَ وقولك الحق: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله} (الحج: 39 ، 40)، نتوجه إليك أن تنصر المستضعفين في غزة فإنه لا ناصر لهم إلا أنت.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر جامعة الأزهر مجلة الأزهر القضية الفلسطينية بيت الزكاة والصدقات المصري كلية اللغة العربية القضیة الفلسطینیة هو حدیث الذی ی
إقرأ أيضاً:
مساعد رئيس حزب الجيل: مواقف الرئيس لدعم القضية الفلسطينية محفورة في صفحات التاريخ
قال حسن هجرس، مساعد رئيس حزب الجيل الديموقراطي، إن مواقف الرئيس عبدالفتاح السيسي لدعم القضية الفلسطينية كانت وما زالت وستظل ثابتة عبر الزمان، ومبادئ مصر الثابتة المحفورة في صفحات التاريخ كانت الدافع الأول للتحرك نحو الدفاع عن القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، ورفض محاولات الاحتلال الإسرائيلي وممارسات جيش نتنياهو لتصفية القضية بوضع الفلسطينيين بين شقي الرحا إما الإبادة أو التهجير.
مصر رفضت التخلي عن دورها في دعم القضيةوأكد هجرس، في بيان له منذ قليل، أن مصر سعت جاهدة من خلال إطلاق العديد من المبادرات التي من شأنها وقف إطلاق النار وإتمام عمليات تبادل الأسرى والمحتجزين بين طرفي الصراع، عبر إدخال مساعدات إنسانية وإغاثية غذائية وطبية وعلاجية ووقود لإنقاذ ومساعدة الأشقاء في غزة، ودعت المجتمع الدولي للتخلي عن صمته والسعي في جهود إقرار السلام الشامل والعادل الذي يضمن للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته، ويوقف نزيف الدم الذي لم تكف عنه إسرائيل رغم كافة الدعوات والجهود عن سفكه، وممارساتها الغاشمة التي تخالف الأعراف الإنسانية والقانونية الدولية، والذي يهدد بانزلاق المنطقة إلى حرب شاملة وصراع يهدد الجميع.
وأوضح مساعد رئيس الحزب، أن موقف مصر حمّلها الكثير، لكنها أبت ألا تتخلى عن دورها في دعم القضية الفلسطينية، ومحاولاتها لفرض السلام وإنهاء الحرب ووقف إطلاق النار ثم إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، والبدء في مسار تفاوضي لإقامة الدولة الفلسطينية، ورفض محاولات تصفية القضية بتنفيذ مخطط التهجير الذي يهدد أمن مصر القومي والأمن القومي العربي والعالمي، والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته.
الشائعات والتربص لن تثني مصر عن دعمها للقضيةوشدد هجرس، على أن مصيدة الأكاذيب والشائعات والتربص التي تحاك ضد الدولة المصرية، وآخرها شائعة استقبال ميناء الإسكندرية السفينة الألمانية كاثرين وتحمل موادا عسكرية لصالح إسرائيل، لن يثنيها عن هذا الدور الذي طالما تفخر به، خاصة وأن الشعب المصري والعربي يملك من الوعي ما يجعل من هذه الشائعات هي والعدم سواء.