وجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة كل الوزارات والمؤسسات والبلديات والأجهزة بكافة أنواعها والمواطنين، بإظهار اعتزازهم براية الوطن ورفعها فوق كل المباني والمؤسسات وتزيين الشوارع بها.

جاء ذلك في منشور بمناسبة إحياء الذكرى الـ72 لإعلان استقلال ليبيا ولتي توافق 24 ديسمبر من كل عام.

كما دعا الدبيبة إلى عدم التوسع في مظاهر الاحتفال بهذه الذكرى، وأن يكون إحياؤها مراعيا للأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المنطقة العربية وغزة خصوصا.

 

آخر تحديث: 13 ديسمبر 2023 - 18:38

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

النخب السودانية والشيطان المعرفي: قراءة في رؤية أبو القاسم حاج حمد

تمثّل مقولة الفيلسوف والمفكر السوداني أبو القاسم حاج حمد: "النخب السودانية جاءت إلى السلطة بعد خروج الإنجليزية منهكة"، مدخلًا نقديًا لفهم أزمة الدولة الوطنية في السودان بعد الاستقلال. فهي لا تكتفي بتوصيف الحدث السياسي، بل تُسائل البنية المعرفية التي بُنيت عليها هذه الدولة، وتحفر عميقًا في تشريح النخبة السودانية وعلاقتها بالإرث الاستعماري. ويمكن تعزيز هذا الطرح باستدعاء مفهوم "الشيطان المعرفي" لفهم كيف أنتجت هذه النخب وعيًا مضلِّلًا، أعاق تشكل مشروع وطني تحرري حقيقي.
أولًا: السياق التاريخي للانتقال المهزوز خرجت بريطانيا من الحرب العالمية الثانية مُنهكة، فبدأت بمنح الاستقلالات الشكلية لمستعمراتها، ومن بينها السودان. كانت اتفاقية 1953 بين مصر وبريطانيا لتقرير مصير السودان لحظة مفصلية، حيث تم إعداد المسرح لانتقال السلطة إلى نخب محلية، لكنها نخب تشكلت في حضن المستعمر وتبنت أدواته.
هذا الاستقلال لم يكن ثمرة ثورة شعبية أو مقاومة منظمة، بل نتيجة لتسوية دولية، جعلت من لحظة الاستقلال استمرارًا ناعمًا للهيمنة الاستعمارية.
ثانيًا: النخبة السودانية كوارثة معرفية للاستعمار غالبية النخب السودانية آنذاك كانت من خريجي المؤسسات التعليمية التي أنشأها الإنجليز، ككلية غوردون التذكارية، وتولوا مناصب بيروقراطية ضمن جهاز الدولة الاستعمارية. وعند تسلمهم مقاليد السلطة، لم يُحدثوا قطيعة معرفية أو بنيوية مع تلك المنظومة، بل حافظوا عليها واستنسخوها.
في هذا السياق، يمكن الحديث عن "الشيطان المعرفي" بوصفه التشوه أو الخداع المعرفي الذي جعل النخبة تتوهم أنها تقود مشروع استقلال، بينما كانت في الحقيقة تعيد إنتاج السيطرة ولكن بأدوات محلية.
ثالثًا: الاستلاب بين تقليد الحداثة والانكفاء على الماضي وقع السودان في فخ استقطاب مزدوج:
• نخبة تبنت الحداثة الغربية شكلًا لا مضمونًا.
• ونخبة أخرى انكفأت إلى الطائفية والجهوية والماضوية.
كلا المسارين لم يُنتج مشروعًا وطنيًا عقلانيًا جامعًا، بل عززا من التجزئة الاجتماعية والسياسية. كانت النتيجة دولة مركزية عاجزة عن الاستيعاب، وهامش يغلي بالغضب.
رابعًا: الميراث الاستعماري في البيروقراطية والسيادة استمرت البيروقراطية البريطانية المركزية كما هي، دون تفكيك أو إصلاح، فأصبحت الدولة السودانية بعد الاستقلال جسدًا استعمارياً بروح وطنية مزعومة. وهو ما يفسر لماذا استمر التهميش الجغرافي، والتمييز العرقي، والاقتصاد الاستخراجي (مثل مشروع الجزيرة)، بدون مراجعة بنيوية.
خامسًا: أزمة الشرعية والصراع على الغنيمة بغياب شرعية تحررية حقيقية، تحولت السلطة إلى غنيمة، وجرى تقسيمها على أسس طائفية وجهوية. لم تكن هناك برامج وطنية، بل تحالفات قائمة على الولاءات الضيقة، مما مهّد لهيمنة المؤسسة العسكرية، وصعود الحركات المسلحة كردّ فعل على التهميش.
سادسًا: حاج حمد والنقد الجذري للحداثة الوهمية يرى أبو القاسم حاج حمد أن الحداثة التي تبنتها النخب لم تكن حداثة حقيقية، بل قشرة سطحية؛ تقليد للغرب دون امتلاك لروح الحداثة القائمة على العقلانية والعدالة والمعرفة الحرة. فكانت النتيجة استنساخ الدولة الاستعمارية بشعارات وطنية.
سابعًا: شيطان المعرفة... حين تُضلَّل النخب ذاتها "الشيطان المعرفي" هنا لا يعني فقط الجهل، بل هو وعي زائف يتلبّس النخبة ويجعلها تعيد إنتاج القهر باسم الاستقلال. فالدولة لم تكن عقلًا جماعيًا بل جهازًا تكنوقراطيًا بلا روح، والنخبة لم تكن طليعة للتغيير بل ظلًّا للنظام الذي خلَّفه المستعمر.
ثامنًا: هل ما زال هذا التشخيص صالحًا؟ نعم، فالحرب الحالية (بين الجيش والدعم السريع) ليست سوى نتاج مباشر لتاريخ النخب المعطوبة معرفيًا:
• المؤسسة العسكرية تمثل الامتداد الطبيعي لتقاليد السلطة الاستعمارية.
• قوات الدعم السريع تمثل الردّ المتأخر للهامش على منطق الإقصاء.
• التدخلات الخارجية ما كانت لتتعمق لولا غياب المشروع الوطني المستقل.
ما العمل؟ لا يكفي تغيير الوجوه أو استبدال النخب القديمة بأخرى جديدة من ذات المنظومة. المطلوب هو تفكيك الشيطان المعرفي الذي يسكن بنية التفكير السياسي والاجتماعي.
إن إعادة تأسيس الدولة السودانية ينبغي أن تنطلق من:
• عدالة جغرافية تُنهي التمركز حول الخرطوم.
• اقتصاد إنتاجي يحرر البلاد من التبعية.
• عقد اجتماعي يعترف بالتنوع ويوحد على أساس المواطنة.
كما قال حاج حمد: "المشكلة ليست في من يحكم، بل في طبيعة النظام الذي يَحكُم". ولكننا نضيف: "ولا في طبيعة النظام فقط، بل في المعرفة التي يُنتج بها النظام نفسه".

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • النخب السودانية والشيطان المعرفي: قراءة في رؤية أبو القاسم حاج حمد
  • مسيرة لليمين المتطرف في بولندا بمناسبة عيد الاستقلال وألفية تتويج أول ملك للبلاد
  • الرئيس الصيني ونظيره الإندونيسي يتبادلان التهنئة بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين للعلاقات الدبلوماسية
  • عون في ذكرى الحرب: لا يحمي لبنان إلا دولته وسلاحنا هو جيشنا
  • بعد تفقدها.. الانتهاء من مشروع المدينة التراثية بالعلمين ديسمبر 2025
  • عودة 1.4 مليون سوري إلى ديارهم منذ ديسمبر 2024 ومخاوف من مغادرتهم مجددا
  • وزير الشئون النيابية يهنئ البابا تواضروس الثاني بمناسبة عيد القيامة المجيد
  • إحياء الذكرى الـ15 لكارثة سمولينسك: بولندا تخلد ذكرى ضحايا المأساة الوطنية
  • الدفاع المدني يؤكد أهمية كاشف الدخان في المباني
  • "الدفاع المدني" تؤكد أهمية كاشف الدخان في المباني