معنى ونزعنا ما في صدورهم من غل.. وهل يكون بين أهل الجنة أحقاد؟
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
ما معنى ونزعنا ما في صدورهم من غل؟ سؤال بينه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، حيث قول الحق تبارك وتعالى في سورتي الأعراف والحجر:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}، فما معنى ونزعنا ما في صدورهم من غل، وهل يحمل أهل الجنة الأحقاد بينهم؟
معنى ونزعنا ما في صدورهم من غل؟يقول تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}، ليؤكد الدكتور علي جمعة أنه ليس هناك غل في صدور أهل الجنة؛ ولذلك فقد انتفت وانتهت الكراهية، تخيل نفسك أنك لا تكره أحدًا، ولا تكره شيئًا، ولا تكره حادثةً، ولا تكره حديثًا، تخيل نفسك وقد نُزعت الكراهية من قلبك ، والعالم لا يعرف الفراغ ولا يوجد قلب فارغ ؛ فإذا خليت قلبك من القبيح احتله الصحيح ، وضد الكراهية الحب؛ إذًا فقد امتلأ القلب بالحب، وهذه دعوة أكابر أهل الله الذين دعوا إلى أن يملأ المرء قلبه بالحب حتى يكون من أهل الجنة يسير بقدميه في الأرض.
وتابع: فإذا أردت أن تطلع على أهل النار فاطلع على أهل الكراهية؛ حيث يتولد منها الصدام والنزاع، وهذا الصدام يصل إلى القتل، وإلى إراقة الدماء، في حين أن ضد ذلك "الحب" فأنت فيك صفة أهل الجنة، يترتب على ذلك أنك لا تصطدم مع أحد أبدًا، وإذا كنت لا تصطدم مع أحد فإن شيئًا آخر سيصيبك وهو أنك لا تكره لا حادثة، ولا حديث، ولا شخص، ولا أي حال من الأحوال؛ إذًا فقد وصلت إلى حد الرضا، فالحب يولد الرضا، ولأنك لا تضر ولا تؤذي أحدًا بالمرة، ولا تريد؛ فإنك قد وصلت إلى مقام الرحمة، وإذا كنت كذلك ومُلء قلبك بالحب، والحب عطاء، فإنك تكون قد وصلت إلى مقام الكرم؛ فإذا كنت كريمًا، رحيمًا، ودودًا، عطوفًا، فكأنك من أهل الجنة تسير برجليك على الأرض؛ فمن أراد أن ينظر إلى أهل الجنة فلينظر إلى من ملأ الله قلبه حبًا.
علي جمعة: كل الكائنات تسبح فلا تنس ذكر الله تحميهم من الانحراف.. علي جمعة يوجه نصيحة مهمة للشبابولفت إلى قول جلال الدين الرومي تدله بالحب، حتى شاع عنه أنه شاعر الحب، ولما تدله بالحب كتب كتبه ودواوينه وشعره ونثره في الحب، أحب كل شيء، أحب الزهور، وأحب الطيور، أحب البحار، وأحب الأشجار، أحب البشر، أحب كل شيء، وكان الحب عنده لا يتجزأ، وإذا ما أُطلق في بلاد الترك مولانا فإنه ينصرف إلى جلال الدين الرومي.
وأوضح علي جمعة: كان جلال الدين يرى أن الحب هو أساس عمارة الدنيا، وهو أساس العلاقة بين العبد وبين ربه، وهو أساس العلاقة بين العبد وبين نفسه، وهو أساس العلاقة بين العبد وبين غيره، وكتب في ذلك كتبًا كثيرة، وشاع له ذلك شيوعًا عظيمًا؛ فمن كتبه كتابٌ اسماه «فيه ما فيه» ، وألَّف كتابًا آخر اسماه «المثنوي» لجلال الدين الرومي، وأخذ ذلك من قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} يعني عنوان هذا الشيخ وطريقته {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}، وأنشأ طريقةً لا تزال موجودة إلى الآن اسماها (المولوية) نسبةً إلى مولانا.
وشدد: الغريب العجيب أننا نرى في الغرب من المسلمين وغير المسلمين وجدوا أن أكثر الكتب قراءةً كتب جلال الدين الرومي ، لأنه دعا إلى ما يُريح النفس، ولما خلق الله النفس البشرية بهذه الفطرة، وجعل الحب هو الجاذب للقلوب؛ فالحب أحد أهم العناصر التي تدعو بها إلى الله رب العالمين {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} لا يوجد غل ولا كراهية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة اهل النار ن ز ع ن ا م ا ف ی ص د ور ه م جلال الدین الرومی أهل الجنة علی جمعة
إقرأ أيضاً:
السودان.. حرب بلا معنى
تحدثنا سابقا في هذا المكان عن السر الذي يكمن خلف غياب الأخبار التي تتناول أسماء أدبية من السودان رغم وجود أسماء أدبية لامعة مثل الطيب صالح ومحمد الفيتوري وإبراهيم إسحق وغيرهم، وتوقعت أن يكون هذا الغياب الإعلامي محصوراً فقط في الجانب الثقافي، لكن الذي يظهر جليا الآن هو أن هذا الغياب يشمل جانباً آخر لا يمكن تجاهله وخاصة في العصر التقني المجنون الذي نعيشه ونقصد بذلك الحرب المدنية الشرسة التي تدور رحاها في السودان الآن والذي ذهب ضحيتها حتى هذه اللحظة أكثر من 150000 شخص وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص والمشكلة أن القادم أسوأ من ذلك بكثير إذا لم يتحرك العالم لإيقاف هذه الحرب المدمرة.
لا يبدو أن السودان يحمل أهمية كبيرة للغرب الأبيض حيث لم تتحرّك الأمم المتحدة لإيقاف هذه الحرب ولم نر منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر والمنظمات الدولية الأخرى تتمركز في الخرطوم لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة التي يحتاجها المكلومين هناك. من الجوانب المظلمة في هذه الحرب جرائم الاعتداء الجنسي التي أصبحت بحسب تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة “منتشرة” في هذه الحرب رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة لهذه الاعتداءات بسبب صعوبة حصرها أثناء الحرب وبسبب الخوف الذي يعتري الضحايا من التصريح بها. التعذيب والتجويع والسرقة جرائم أخرى ترتكب يوميا.
وربما يكون هذا الغياب بسبب صعوبة فهم الطبيعة الديموغرافية للسودان؛ حيث يجد البعض صعوبة في التفريق بين الطرفين بنفس الطريقة التي يميزون بها الصراع في غزة، على سبيل المثال، بين قوات الاحتلال الصهيوني الذين يمثّلون الجانب الشرير والفلسطينيين أصحاب الأرض الذين يدافعون عن أرضهم ويقاومون من احتلّها ويمثّلون الجانب المظلوم في هذه الحرب. ويزداد الأمر تعقيدا عندما يجد المتابع انقساما بين السودانيين أنفسهم إلى الدرجة التي يحملون فيها السلاح ضد بعضهم البعض. هذا بالإضافة إلى إشكالات قبلية لا تنتهي بين طرفي الصراع الذي بدأ في 2023 بين قوات الجيش السوداني النظامية التي يقودها عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي بعد اختلاف على مقاسمة السلطة بينهما. خرجت ميليشيا الدعم السريع من رحم قوات الجانجويد التي ارتكبت جرائم حرب في دارفور إبان حكم عمر البشير.
كل حزب يعتقد أنه سيكسب الحرب التي يبدو أنها ستطول. أصابع الاتهام تتجه إلى قوات الدعم السريع في ارتكاب جرائم الاغتصاب الجنسي والتعذيب والتجويع والسرقة في هذه الحرب الأمر الذي يجعل من هذه القوات الطرف الشرّير الظالم أمام العالم لأن الذي يرتكب هذه الجرائم والحماقات ضد مواطنيه لا يستحق أن يحكم أو يشارك في حكم هذا الوطن. وتتضح الأمور أكثر لدى المتابع البعيد من خارج السودان عندما يعرف حقيقة الدعم الذي يأتي من جهات خارجية تسعى لتحقيق مآربها التجارية الخاصة التي لا علاقة لها بالسودان. أما قادة الجيش النظامي فهم في ورطة لأنهم إن قدّموا التنازلات للميليشيا خسروا الوطن، وإن قاتلوها فستستمر هذه الحرب التي تؤدي إلى ذات النتيجة.
khaledalawadh @