الثقافة القرآنية في المقاومة الفلسطينية
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
محمد بن حمود الصواعي
تعتبر القضية الفلسطينية من القضايا التي لها صلة وثيقة بعقيدة المسلم فهنالك المسجد الأقصى أحد المساجد التي تشد إليها الرحال ومكان مسرى النبي وإمامته لسائر الأنبياء في بيت المقدس، كما أن المسجد الأقصى أقدم مسجد للمسلمين في وجه الأرض بعد المسجد الحرام الذي بينه وبين المسجد الأقصى حوالي 40 سنة فقط وعليه فإنَّ القضية الفلسطينية لها هالة قدسية وارتباط تاريخي وثيق بالعالم الإسلامي.
يعتبر الجهاد في سبيل الله من الأحكام التي ذكرت في القرآن الكريم فقد بلغ عدد آيات الجهاد ما يقارب 70 آية توزعت على عدة ألفاظ فقد جاءت لفظة الجهاد في 26 آية في حين جاءت ألفاظ القتال 38 مرة كما جاءت ألفاظ النفير في 6 آيات فقط.
من خلال هذا الموضوع سنسرد مجموعة من القضايا التي توافق فيها نهج المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى مع الثقافة القرآنية وهي على النحو الآتي:
أولاً: الثقة المطلقة بالله عز وجل
رغم آلام السنين ونكبات الأيام وقسوة الدهر وما حلَّ بأهل فلسطين من الظلم والاضطهاد والتشريد إلا أنهم لم يفقدوا الأمل بالله عز وجل ولم تنطفئ شمعة اليقين ولا بريق التحرير، فقد وضعوا هذه الآيات القرآنية نصب أعينهم قال تعالى :" إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون" هذه الآية تكشف سراً من الأسرار الربانية حول الثقة بالله عز وجل في خضم اشتداد المعارك ومجابهة الأعداء حيث بدأت الآية بأداة الشرط "إن ينصركم الله" فيأتي جواب الشرط مباشرة مقروناً بالفاء وأداة النهي" فلا غالب لكم".
ثم تتواصل الآية القرآنية بذات الأسلوب" وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده" أي إذا كتب لكم الهزيمة والخذلان كغزوة أحد مثلاً فهل يجرؤ أحد على نصركم وهو أمر مكتوب في اللوح المحفوظ؟ وهذه رسائل خفية يبثها الله للمجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها فليس كل هزيمة انكسارا وخسرانا مبينا بل قد تكون من باب الصبر والابتلاء وقد تكون من باب عدم اكتمال نضج التجربة وقد تكون من باب عدم الأخذ بالأسباب وحسن التخطيط والله يعلم وأنتم لا تعلمون حكمة الله عز وجل وفي آخر الآية يختم الله تأكيدا وثباتا لقلب المؤمن "وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
ثم تتواصل آيات الثبات واليقين والثقة بالله عز وجل حيث يقول الله عزوجل في كتابه الحكيم:
"إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"
"إن تنصروا الله فلا غالب لكم"
فهنا نلاحظ الآيات السابقة تفتتح بأداة الشرط وهو من شروط النصر تقوية العلاقة مع الله عز وجل والابتعاد عن الذنوب والمعاصي كشرط أساسي لتحقيق النصر والتحرير ومن الأشياء التي تتحقق على أرض الواقع للمجاهدين عندما يقال لهم إن هناك مخطط خطير يحضر لكم في السر والعلن وأن أمريكا قد دخلت ببارجاتها وسترمي ثقلها عليكم في الحرب تسمع هذه العبارات التي تتردد في كل وقت وحين تخاطب المجاهدين مثلا: (انسحبوا تراجعوا توقفوا لا تقدموا على القتال) فيزداد إيمانهم وثقتهم بالله عز وجل وتوكلا عليه وهنا يصف المشهد القرآني ذلك الأمر بدقة "والذين إذا قيل لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".
ثانيا: الصبر والابتلاء
هي من الأمور التي تمر على إخواننا المجاهدين في فلسطين تتفاقم الصعوبات وتزداد المعاناة حتى لتدرك استحالة تحرير أرض فلسطين من العدو الصهيوني.
وفجأة....
مابين غمضة عين وانتباهتها
يغير الله من حال إلى حال
فجأة.... ترى المقاومة عملت كمينا محكما ضد العدو الصهيوني
فجأة.... ترى المقاومة تقصف أهدافا للصهاينة تبعد مئات الكيلومترات
فجأة.....ترى المقاومة تصنع أصنافاً من الطائرات المسيرة
فجأة..... ترى المقاومة تحصل على كنز استخباراتي ثمين من قاعدة أوريم مع أجهزة الحاسب الآلي وأسماء الجواسيس ومخابرات الموساد ومعلومات أمنية تتعلق بدول المنطقة.
يُبين الله عز وجل في كتابه الحكيم أنه يملك القدرة على نصر المجاهدين وإنما يؤخرهم ليبتليهم ويمحصهم ويرى مدى صدقهم وإخلاصهم وتفانيهم لقضيتهم حيث يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم:" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ "
وما يصاحب الجهاد من صنوف الابتلاء من نقص في الطعام وخوف وقتل وتشريد وتدمير وخراب أعلن الله عز وجل أن القتال فيه كره ولكن رغم كرهكم للقتال فهو فيه خير وثواب وأجر وفضل عظيم عند الله عز وجل ويختم الآيات بأنه وحده يعلم ما الذي فيه خير للمؤمنين والأولياء المخلصين وما الذي فيه شر لكم حيث يقول الله تعالى:"كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"
فأنت ترى عشرات الفيديوهات الأم تقول اللهم رضيت يارب إني سلمتك ابنتي شهيدة في سبيلك فتقبلها، ذاك القلب الفولاذي المملوء بقوة الإيمان والصبر والتوكل على الله وترى الأب ابنته أمامه شهيدة من جراء القصف الصهيوني يحضنها ويلاعبها ويقبلها وهو يراها قد فارقت الحياة أمام عينيه وذاك الرجل الذي هدم بيته وهو يصرخ معلنا أن لا خروج من غزة ولا تهجير منها نهائيا وتلك المرأة المسنة تعلنها صراحة ما بدنا نخرج من بيوتنا ونكرر غلطة نكبة 48 وغيرها كثر من هذه النماذج المشرفة المشرقة التي تعكس قوة إيمان هؤلاء الأبطال وانغراس ثقافة الصبر والابتلاء وهي ثقافة قرآنية أصيلة ورغم هذه المحن والابتلاءات تأتي الأخبار السارة والسكينة والطمأنينة بردا وسلاما على قلوب هؤلاء المرابطين قال تعالى:" ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"
ففي الآيات السابقة يذكر الله عزوجل صنوف الابتلاء والمحن التي يمر بها المجاهد خلال فترة الحرب وملاقاة العدو منها الخوف والجوع ونقص في المال والغذاء بعدها تأتي البشارة لمن احتسب الأجر والثواب وقال إنا لله وإنا إليه راجعون فتتغشاهم رحمة الله ومغفرته وهدايته
ثم في سياق آخر إن الصابرين ومن ضمنهم المرابطين في سبيل الله يحبهم الله عزوجل وتحفهم معية الله وهذا شرف عظيم يناله المجاهدون من المقاومة الفلسطينية المرابطين في سبيل الله حيث قال:" والله يحب الصابرين" "واصبروا إن الله مع الصابرين"
كما أن الصامدين في الجبهات أمام قسوة البرد أو الحرارة وشدة حمى الحرب وحمايتهم للعرض والوطن تتنزل عليهم ثواب الله وجزاءه فيغفر ذنوبهم "إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير" ويكون لهم ثواب عظيم وهو الخلود في الجنة والعيش الرغيد "وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا" ونتيجة لما بذلوه من عناء الجهد والمشقة في الدنيا من الجهاد والكفاح والنضال في سبيل الله جاء الكرم الإلهي أن ينالوا الأجر والثواب من غير حساب "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"
ثالثا: الإعداد والتخطيط
تعتبر من الأمور الضرورية لمواجهة العدو وقد أعدت العدة المقاومة الفلسطينية من حيث العدد والعتاد ونوعية السلاح واستراتيجية المباغته في تنفيذ الهجوم فحينما ننظر إلى تصاعد حركة حماس منذ تأسيسها سنة 1987م بشقيها السياسي والعسكري إلى يومنا هذا نرى تصاعد قوة المقاومة الفلسطينية وبداية ضعف الكيان الصهيوني وتأكله تدريجيا
يقول الله عزوجل في كتابه الحكيم "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" هنا في الآية الكريمة الصريحة تدعو عبر فعل الأمر الأخذ بالأسباب عند مواجهة العدو وإن التخطيط والتنفيذ تكون وفق القدرات والإمكانيات المتاحة "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" كما أن حدود الاستطاعة مطلقة ولم تكن مقيدة أي حسب ما تستطيع توفيره ليس ضرورة توفير جميع الإمكانيات لخوض غمار الجهاد في سبيل الله وإنما ما استطعت توفير أدوات القوة مع تطويرها وتنميتها يكون خوض الجهاد ضد العدو أمر حتمي بحيث تكون هذه القوة والقدرة تزرع الخوف والفزع في قلب العدو.
وهنا أرصد أمام القارىء الكريم مجموعة من الإجراءات قامت بها حركة حماس في تطوير الأسلحة بالتدرج حسب استطاعتها بدءا بالمسدسات والقنابل بأنواعها الهجومية والدفاعية والصوتية والدخانية مرورا بالقذائف والعبوات الناسفة وصولا إلى صنع الصواريخ والطائرات المسيرة والصواريخ المضادة للدروع الخفيفة والثقيلة انتهاء بمحاولات مضية في صنع صواريخ مضادة للطائرات الحربية
وكلنا يعلم أن غزة منطقة محاصره أكثر من 20 سنة فالصعوبات والتحديات مضاعفة جدا في التصنيع وتطوير السلاح من حيث مدى الوصول وقوة التفجير
وهنا ألفت الانتباه إن الحاجة هي أم الاختراع رغم شدة الخناق هنا ظهر توكل هؤلاء الأبطال بالله عزوجل فبعد خروج الكيان الصهيوني من غزة سنة 2005م ابتكر كتائب القسام الفرع العسكري لحركة حماس ما يسمى (الهندسة العكسية) أي تدوير شظايا ومخلفات الصواريخ والقذائف التي أطلقها الصهاينة على غزة بعد انتهاء الحرب 2005 وهنا قمة الإبداع والابتكار لدى عناصر المقاومة الفلسطينية كما استغلت المقاومة الفلسطينية بقايا أنابيب مياه معدنية كانت تستخدمها إسرائيل لنقل المياه من المستوطنات قبل الانسحاب من غزة سنة 2005م حيث أعادت المقاومة استخدام الأنابيب لصناعة الهياكل الخارجية للصواريخ.
ومن منطلق ويأتي الله بالفرج القريب وتترأى لك التسهيلات الربانية من حيث لا تعلم قال تعالى: "فإن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب"
وكما يقول الشاعر:
سيفتح الله بابا كنت تحسبه
من شدة اليأس لم يخلق بمفتاح
قبل خمس سنوات عثرت وحدة الضفادع البشرية التابعة لكتائب القسام على كنز بحري وهو بقايا سفينتين عسكريتين تابعتان لبريطانيا غارقتين في البحر تحتويان على قذائف وذخائر ساهمت في تطوير الصناعة العسكرية المحلية وهذا كله من لطف الله وعنايته بأولياءه يفتح لهم الآفاق من حيث لا تحتسب.
اشتغلت حركة المقاومة الفلسطينية وفصائلها طوال 30 في تطوير الأسلحة فقد بدأت منذ سنة 1992م إلى يومنا هذا وذلك على النحو الآتي:
_ مرحلة التأسيس: تشمل على المسدسات والأحزمة الناسفة والقنابل المختلفة
* مسدس 9 مليمترات وهو من طراز غولدستار أعلن عنه عام 1992م
* مسدس عوزي حماس تم تصنيع 350 قطعة منه. أعلن عنه عام 1993م
* الأحزمة الناسفة بدأت منذ 1993 وهو سترة متفجرة واستمرت طوال فترة التسعينيات
* القنابل اليدوية أعلن عنها عام 1994م واستمرت متزامنة مع الأحزمة الناسفة
_ مرحلة رفع النسق التسليحي:
تشمل على صنع القذائف والصواريخ وقد بدأت من بداية سنة 2000 واشتملت الفترة من 2000 إلى 2003 عدد من القذائف منها كقذائف الانيرجا وهي مضادة للدروع الخفيفة وقاذف البنا وقاذف البتار وقاذف الياسين سنة 2004
_ مرحلة النمو والتطوير:
وهي مرحلة الصواريخ من قسام 1 إلى عياش 250 ومرت بعدد من العمليات النوعية عبر حروب غزة الأربعة عملية الرصاص المصبوب 2008 وعملية حجارة السجيل 2012 وعملية العصف المأكول 2014 وعملية سيف القدس2021
من أبرز الصواريخ قسام 3 الذي بلغ مداه جميع مناطق غلاف غازة أي ما يقارب 17 كيلوامتر مربع واستخدم لأول مرة في حرب 2008 كما استخدمت المقاومة صواريخ M75 في حرب 2012 وقد دكت الصواريخ لأول القدس وتل أبيب حيث وصل مداه إلى 80 كيلوا متر وهي نسبة للشهيد إبراهيم المقادمة الذي اغتاله العدو سنة 2003 ومن هنا حققت المقاومة تطورات ملحوظة في كمية ونوع الصواريخ فقد استخدمت صواريخ (J80) نسبة إلى أحمد الجعبري الذي اغتاله الصهاينة سنة 2012 فقد تحدت هذه الصواريخ القبة الحديدية حيث وصل مداه إلى 80 كم وذلك في حرب غزة الثالثة سنة 2014 وفي ذات الحرب باغتة المقاومة العدو الصهيوني وحققت مفاجات مدوية حيث استخدمت المقاومة صواريخ ( R160) وهي نسبة للشهيد القائد عبدالعزيز الرنتيسي الذي اغتاله العدو الصهيوني سنة 2003م وقصفت به كتائب القسام مدينة حيفا على مسافة 160 كم كما استخدمت في هذه الحرب بالتزامن مع نوعيات حديثة من الصواريخ أول طائرة مسيرة وهي سجيل حيث وصلت مداها إلى 55 كم واستهدفت كتائب القسام منطقة غوس دان.
وفي الحرب الرابعة المعروفة باسم سيف القدس استخدمت كتائب القسام عدد من المفاجأت منها طائرات مسيرة مثل طائرة شهاب الانتحارية وطائرة الزواري نوعان الاستطلاعية والانتحارية وقد جاءت التسمية تيمنا للمهندس التونسي لدى كتائب القسام محمد الزواري الذي اغتالته مخابرات الموساد في تونس سنة 2016م كما ظهرت عدد من الصواريخ التي كان لها أثر قوي وصدأ واسع مثل صواريخ (A120) تيمنا بالشهيد رائد العطار الذي اغتالته إسرائيل سنة 2014م حيث وصل مداه إلى 120كم وهو يحمل رأس متفحر ذو قدرة تدميرية عالية ومن الصواريخ التي تملك قدرة تدميرية عالية صواريخ(SH85) حيث تم قصف مطار بن غوريون اما المعادلة الابرز صواريخ عياش 250 حيث تصل الصواريخ لمسافة 250 كم وهو المنظومة الأحدث للمقاومة حيث جاءت التسمية تيمنا للمهندس الشهيد يحيى عياش مهندس زرع المتفجرات والألغام حيث اغتاله العدو الصهيوني سنة 1995م
وتستمر عمليات المقاومة وجهودها الحثيثة في قمع الآلة الصهيونية حيث أن المقاومة في صدد عمل منظومة ذفاع أرض جو وهي المنظومة التي تؤمن سماء غزة من عدوان الطيران الصهيوني حيث تم استنساخ مضادات دفاع أرض جو ستريلا الروسي الصنع وحقق نجاحات كبداية جيدة في إسقاط عدد من الطائرات الصهيونية على ارتفاع 1000 إلى 1500م مع سعي حثيث للمقاومة في فرض المعادلة الجوية الأبرز وهي تأمين سماء غزة كاملة عبر مضادات الدفاع وستفعلها المقاومة بعون الله تعالى وتوفيقه.
أما عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م كشفت عن تطوير حماس منظومة الدفاع الجوية حيث استخدمت وحدة "سرب صقر" العسكرية، وهي طائرات مظلية أو "خفاش طائر" ساعدت على التسلل الجوي إلى المستوطنات الإسرائيلية بغلاف غزة، فضلا عن طائرات عمودية استخدمت في تدمير الرشاش المعروف باسم "يرى ويطلق" شرقيّ غزة، كما شاركت منظومة الدفاع الجوي "متبّر1" في عمليات استهداف الطائرات الإسرائيلية، وهي عبارة عن صواريخ "أرض- جو" محلية الصنع وهو
نظام رصد جوي متطور يعتمد على شبكة كاميرات متخفية في السخانات الشمسية المنتشرة في جميع أنحاء قطاع غزة.
أما قضية الأنفاق تحت الأرض فتلك أحداث جسام وملاحم عظيمة يحق لكل قصة منها أن يكون لها كتب وروايات للحديث عنها لأنها كانت كلمة السر والجهد الاعظم الذي يكرس حقيقة "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" حيث نالوا التوفيق والسداد والعون والمدد من رب العالمين وحظوا شرف معية الله عزوجل كما التقرير الذي تشير إليه صحيفة معاريف العبرية بلغت عدد الأتفاق في غزة 1300 نفق يبلغ طول الأنفاق 500كم كما يبلغ عمق الأنفاق تحت الأرض 80م وهو ما يستحيل وصول الصواريخ تحت الأرض حيث أقصى حد لها 60 متر.
ومما يدل أن الأنفاق اربكت حسابات الصهاينة َوالغرب على رأسهم أمريكا ما نشرته صحيفة
فايننشال تايمز عن مسؤول إسرائيلي:
تلقينا 320 مليون دولار مساعدات أمريكية منذ 2016 لمكافحة الأنفاق دون فائدة
كما نقلت التايمز الأمريكية عن مصدر يصرح أن مؤسس بلاك ووتر نجح في إقناع إسرائيل بعد هجمات 7 أكتوبر بشراء معدات لاغراق أنفاق حماس بغزة
فأين قوة مخابراتهم التي صدعوا بها العالم أنها ترصد دبيب النملة عبر الأقمار الصناعية وكلها حرب نفسية يخوضها الأعداء لخلق الوهم والضحك على عقول المسلمين فإلى الآن منذ عملية طوفان الأقصى إلى الآن عجزوا عن تدمير أنفاق حماس ولا استطاعوا معرفة مكان حبس الأسرى ومكان خروجهم لحظة الهدنة وصفقة التبادل بين الأسرى ولا استطاعوا القضاء على يحيى السنوار ولا محمد الضيف وغيرهم من القادة الشرفاء الموضوعين ضمن قائمة المطلوب تصفيتهم.
رابعا: بث الطمأنينة ورفع المعنويات
مما لاشك فيه إن الجهاد في سبيل الله أمر فرضه الله عزوجل على العبد المسلم كي يقيم العدل بين الرعية ويحفظ حقوق الناس ويعمر الأرض وهذه المتطلبات لا تتوفر في البلدان الواقعة تحت سيطرة العدو حيث يعيش أصحاب الأرض تحت وطأة المحتل فيتحكم في رزقه وعمله وغذاءه ومسكنه والكهرباء ويتسلط حتى في مواعيد التنقل والترحال بين الأماكن والمناطق التابعة لوطنه ولذلك الإسلام يأبى عيشة الذل والخنوع للمسلم على يد الأعداء وهنا يبث الله عزوجل بذور السكينة والاطمئنان لعباده الواقعون تحت نير الاحتلال فيقول:" وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم" حيث جاءت الآية ملبية نداء المسلمين في غزوة بدر أرسل لهم أسباب نصره ومدهم بالملائكة في ساحة المعركة ثم يعقب الله عزوجل في الآية "وما جعله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم" وهنا يبعث الله رسالة للمجاهدين المخلصين أنه كما أمد المسلمين بالملائكة لتحقيق نصره في معركة بدر فإنه كذلك يمد أولياءه المخلصين بأي أمر طارىء تراه القدرة الإلهية سببا لتحقيق الطمأنينة والسكينة والهدوء في صفوف المجاهدين ثم يؤكد إن النصر من عند رب السموات والأرض فقط حيث أكد ذلك باستخدام ما النافية وأداة الحصر إلا وهنا تتحقق الوسيلة المعينة لتحقيق الغاية الأسمى وهو الجانب النفسي المملوءة بالطمأنينة.
ثم يتواصل النهي الإلهي لعدم ضعف المجاهدين والاستمرار على القوة والثبات لأنهم أصحاب الحق والقضية فيقول:" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون" رغم النهي عن الضعف وفقدان الأمل والحزن على الشتات والدمار والخراب إلا أنه يواصل رفع معنويات المجاهدين ويجدد الثقة فيهم بقوله" وأنتم الأعلون".
يتواصل النصح القرآني للمجاهدين بمواساتهم ورفع معنوياتهم على الرغم من وقع الألم والتشريد وسفك والدماء ونزف الجراح وتدمير المباني والمساكن إلا أنه تتدخل العناية الإلهية والمدد الرحماني بالمعادلة المثلى ألم مقابل ألم قتل مقابل قتل وأسر مقابل أسر تدمير مباني يقابله تدمير وخراب وهكذا تتحقق معادلة الردع ضد العدو الصهيوني وعلى الرغم مما تكبده الشعب في غزة في عملية طوفان الأقصى طوال ما يقارب 50 يوم فقد استشهد منهم 15 ألف مدني وجرح 35 ألف مدني فلسطيني إلا أن العدو الصهيوني كذلك تجرع ذات المرارة والألم فقد قتل ما يقارب 3000 جندي صهيوني وجرح ما يقارب 11500 ألف جندي صهيوني و2000 جندي صهيوني معاق و2000 جندي صهيوني مصاب بحالات نفسية بل هناك دراسة نشرتها صحيفة هارتس العبرية أن ثلث الجيش الصهيوني حالات اضطراب وصدمة ما بعد عملية طوفان الأقصى كما تجرعوا مرارة التهجير ذات الطعم الذي ذاقه أصحاب الأرض والحق الشعب الفلسطيني فقد هاجر ما يقارب 500 ألف مستوطن غادروا أرض فلسطين ونزوح ما يقارب 130 ألف مستوطن صهيوني في المخيمات وهذا أول مرة يحدث في تاريخ احتلال الكيان الصهيوني أرض فلسطين ففي العادة الشعب الفلسطيني هو الذي يلجأ للمخيمات وعلى الباغي تدور الدائرة "وتلك الأيام نداولها بين الناس".
وأمام سلطة الاحتلال وجبروته يأتي التعبير القرآني ليرفع من شأن المجاهدين عبر القوة و الضرب بالمثل وتحقيق معادلة الردع بعدها يختم الآية برفع معنويات المجاهدين أي ينتظرون ثواب في الدنيا وهو النصر والتمكين وفي الآخرة عيشة النعيم والخلود في الجنة عكس اليهود الصهاينة الذين لا ينتظرون ثوابا ولا جزاء بل لهم العقاب والعذاب الشديد
يعبر الله عزوجل ذلك في كتابه الحكيم قائلا:" ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون وكان الله عليما حكيما"
ويؤكد الله عزوجل ذات المعادلة الاستراتيجية الواضحة إن الألم والخراب والدمار يشمل الجميع فلا تضعفوا ولاتخافوا ولا تتخاذلوا في الجهاد عن سبيل الله
قال تعالى:" إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وفي نهاية الآية تجسد العدل الإلهي لا مقارنة ولا مساومة بين الحق والباطل ولا بين المعتدي والمدافع عن أرضه ووطنه فيقول"والله لايحب الظالمين".
خامسا: مواجهة العدو
عبرت الثقافة القرآنية بشكل حازم حول ضرورة مواجهة العدو دون تهاون ولا تخاذل ولا اختلاق الأعذار والحجج والأوهام وقد اتبع كتاب الله عزوجل نهجا استراتيجيا حول آلية التعامل في مواجهة الأعداء :
_ الحرب ليس نهجا في الإسلام ولكن الإسلام يأبى الذل والخضوع إذا تسلط العدو على ممتلكاتك وثرواتك وأرضك ينبغي الرد على عدوانه والجهاد في سبيل الله يقول الله عزوجل في كتابه العزيز:" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله أن الله مع المتقين" فانظر الربط العجيب في ربط من يرد عن أرضه ووطنه وشرفه جهادا في سبيل الله أنه من ضمن المتقين عند الله عزوجل .
كما يؤكد التعبير القرآني القتال في سبيل الله بشرط لا يكون المسلم هو المعتدي فكما ذكرت كتب التفسير لا يكون المسلم معتديا اي أنه لا يمثل بالجثث ولا يقتل الأطفال والشيوخ ولا يحرق البيوت والأشجار فإنه ذلك ليس من نهج الإسلام ولا من أخلاقياته إطلاقا بل يكون من أجل دفع الضرر عن نفسه لأن الله لا يحب المعتدين حيث قال الله عزوجل:" وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"
قتأمل عزيزي القارئ مدى تطابق الآيات السابقة مع المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى فيقال أن حماس هي التي بدأت في العدوان والاعتداء رغم أن الكيان الصهيوني يحتل أرض فلسطين طوال 75 سنة أي من سنة 1948م وارتكب سنة 1948م وحدها ما يقارب 50 مذبحة في حق شعب أعزل وهجر ما يقارب 800 ألف فلسطيني من أرضه عنوة ومسح أكثر من 500 قرية مسحا كاملا شاملا وقتل ما يقارب أكثر من 15 الف فلسطيني وثقافة الاستيطان والاستحواذ على أملاك أصحاب الأرض قد فعلت فعلتها المشؤومة فقد سيطروا مثلا ما بين 1939 إلى 1948م مساحة مليونين دونم من الأراضي كما أن هناك ما يقارب 7 الآلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال كما استشهد ما يقارب أكثر من 130 ألف فلسطيني كل هذه الأسباب والمبررات ألا يحق لآصحاب الأرض أن يباغت ويفاجئ العدو فأي وقت ولحظة إن هذا لشيء عجاب.
_ النفير العام في مواجهة العدو "انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون" فالتوجيه القرآني واضح جدا مواجهة العدو والاستبسال في مقاتلته سواء كنت شابا أم كبيرا في السن إذا كنت في كامل القوة الجسدية والعقلية طبعا والجهاد بالنفس والمال حسب القدرة والاستطاعة لدفع كيد العدو وهذا هو طريق الفلاح والنصر عندما عبر" ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون "
_ قتل العدو في أي مكان وفق الضوابط الآتية:
* الجزاء بالمثل بمواجهة العدو حينما وجدوه وإخراجه من أوطانهم بقوة السلاح مع الحرص عدم القتال في بيت الله الحرام إلا إذا بدأ العدو بالاعتداء عليكم في بيوت الله عزوجل يقول الله عزوجل:" واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين"
* التوقف عن الحرب في حال وقفوا عن الحرب والقتال قال تعالى:" وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين"
* ضرب العدو بيد من حديد والشدة في سفك دماءهم والبطش لمن يعتدي على الأرض والعرض المقدسات يقول الله عزوجل:" فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فأما منا بعد وأما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
هنا يظهر الأمر القرآني بصورة جلية بمنازلة الأعداء وضرب الرقاب حتى إذا كسرتم شوكتهم وأصبتموهم خسائر فادحة في الروح والعتاد بعدها ما قيدوا أسراهم فاطلقوا سراحهم اما بدون مقابل حسب ادراككم لحجم الخطر والضرر أو افداء الأسرى بالمال أو صفقة تبادل الأسرى بين المسلمين والكفار إلى أن تأتي النتيجة النهائية ويتوقف العدو عن القتال فأما الدخول إلى الإسلام أو تعقد معاهدة وهدنة مع العدو.
إذا عندما نتتبع القرآن الكريم نرى أنه رسم منهجية واضحة وخارطة شاملة وطريق مستقيم لا يشوبه ضلال ولا ضياع في مواجهة العدو واضعا أسس واستراتيجيات في التعامل مع العدو في حالة الحرب والسلم فانظر مثلا قوله تعالى في التعامل مع المشركين من القتال والحصار ومراقبتهم ورصدهم وأخذ الحيطة والحذر فيقول عزوجل:" فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم في كل مرصد" وفي الجانب الآخر في نفس الآية الخامسة من سورة التوبة يبين منهجية السلام والتعايش التي فرضها ديننا الإسلامي الحنيف في التعامل مع غير المسلمين أعداء كانوا أم مسالمين فيقول في كتابه الحكيم:"فإن تابوا واقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم".
عندما رصدنا الآيات السابقة والاستراتيجية التي رسمها الله عزوجل لعباده المؤمنين والمجاهدين في سبيله لمواجهة الأعداء لم نلحظ أي آية قرآنية تشترط في مواجهة العدو هو تكافىء ميزان القوة وأن يكون العدو في مرحلة ضعف ولكن المنهج القرآني لم يغفل عن الأخذ بالأسباب والاستعداد لمواجهة العدو "يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا"وهنا يؤكد الله عزوجل ينبغي أخذ التدابير والخطة المحكمة والعمل بحذر من حيث فتح الجبهات والرصد والمتابعة والتأكد من الاستعداد في جميع النواحي وهذا ما فعله المجاهدون في فلسطين في عملية طوفان الأقصى ومن الآيات التي تؤكد على قتال الأعداء بقدر ما تمتلك من القوة والاستعداد وليس أن تكون بموقع الند والقوة مع العدو "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين".
سادسا: بث الشبهات وثقافة الانهزام
يعتبر الجهاد ذروة سنام الإسلام ففي صميم القتال وقلب المعركة أمام عدو مدعوم دوليا وعالميا وله أفضلية العدد والتسليح ووحشية العدو في سفك دماء الأطفال والتلذذ بتدمير البيوت السكنية وصب جماح الحقد والضغينة على المدنيين العزل نتيجة ضربات المقاومة الفلسطينية الباسلة في قلب العدو الصهيوني أمام كل الصعوبات والتحديات أمام المقاومة تأتيها الطعنات من الخلف للأسف الشديد عبر نشر الأكاذيب وبث المغالطات وتوهين العزائم وتثبيط الهمم عبر مجموعة من الأدلة والحجج َََوقد صدق الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجه حينما قال: "سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل ولا أكثر من الكذب"
وهنا أضع بين يدي القارئ الكريم مجموعة من الحجج نادى بها بعض من الأشخاص والجهات الإعلامية المختلفة في سبيل رمي اللوم والعتاب على المقاومة الفلسطينية وسنرى كيف فندت الثقافة القرآنية حججهم ونسفتها نسفا لصالح شباب ومجاهدي المقاومة الفلسطينية وهي كالآتي:
* قالوا إن إسرائيل قوة عظمى مدمرة وهي رابع قوة حربية في العالم ولديها أسلحة تنسف البيوت والمباني وتدمرها كاملة فكيف المقاومة الفلسطينية ترتكب هذا الوزر بالاعتداء عليها؟
تطرقنا سابقا الآيات التي تفرض ضرورة مواجهة العدو وفصلنا فيها كثيرا ولا بأس من تذكير آية واحدة تنسف فرضية البقاء للاقوى واختلال ميزان القوى كدعوة ظاهرها الرأفة والرحمة وباطنها الذل والانكسار يقول الله عزوجل فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله أن الله مع المتقين" كما أن من يستقرأ التاريخ يظهر له بوضوح أن الغزاة يهزمون وأن صاحب الحق يتجرع مرارة الآلم والحسرة وخسارة الأرواح لأن ثمن الأوطان باهظ.
ولنا في تجربة النموذج العماني في طرد البرتغاليين رغم فارق القوة والأسلحة والعدد لصالح البرتغاليين إلا أنه تم طردهم بعد احتلال دام 142 سنة واستشهاد ما يقارب 5 الآلاف عماني في معركة تحرير مسقط 1650م فإن قالوا ذاك عصر لا توجد به أسلحة فتاكة كما هو الآن نردهم إلى الجزائر التي ظلت تحت نير الاحتلال الفرنسي الذي استخدم الطائرات والأسلحة والصواريخ والقنابل واستمر الاحتلال ما يقارب 132 سنة وتم طرد الفرنسيين وتحرير الأوطان فاستسهد من الشعب الجزائري ما يقارب 10 ملايين ومليون ونصف في ثورة التحرير من سنة 1954م إلى 1962م والشواهد كثيرة أكبر من أن تحصى ولمن يريد الحق ومعرفة الحقيقة يقر بذلك ويعترف أما من ينكر طلوع الشمس من المشرق وأن الدم لونه أحمر فمن المستحيل أن يقتنع ويسلم الأمر.
*قالوا يا أهل غزة لكم الويل الثبور ويل لكم من شر قد اقترب أن جناية المقاومة عليكم كما وصفها البعض( أفعال إرهابية وحشية)
أمريكا أحضرت بوارجها الحربية وتوافدت القوى الكبرى نحو إسرائيل يتضامنون معها وقد سلحت أمريكا الكيان الصهيوني كما نشرت
صحيفة وول ستريت جورنال، نشرت قائمة خاصة بالأسلحة التي أرسلتها إدارة بايدن إلى جيش الاحتلال ، منذ بداية الحرب حيث كانت على النحو الآتي :
- 15 ألف قنبلة
- 57 ألف قذيفة مدفعية
- 100 قنبلة BLU-109
- 5000 قنبلة، طراز Mk82
- 5400 قنبلة، طراز Mk84
- 1000 قنبلة، طراز GBU-39
- 3000 قنبلة، طراز JDAM
فماذا أنتم فاعلون وقد ذكر الله عزوجل هالة التضخيم وتخويف المجاهدين َمن قبل بعض ضعاف النفوس في كتابه الحكيم "والذين إذا قيل لهم أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل "
* قالوا إن عملية طوفان الأقصى هي حرب عبثية مدمرة تكلفتها باهضة الثمن فقد تدمر ما يقارب أكثر من 233 ألف وحدة سكنية تدمير جزئي كما أنها دمرت 50 ألف وحدة سكنية وتدمير مايقارب أكثر من 25 مستشفى خرج عن الخدمة و52 مركزا صحيا
و266 مدرسة تضررت جزئيا و67 مدرسة خرجت عن الخدمة و83 مسجدا
كما كلفت أرواح أبرياء أكثر من 15 ألف من الأطفال والنساء والأبرياء و7000 الآلاف مفقود و40 ألف جريح وما يقارب 3 الآلاف أسير وقد تم قصف غزة ما يقارب 30 ألف طن من القنابل المحرمة دوليا والرزية الكبرى ظهرت أصوات مختلفة فمنهم من يطلق عليهم قتلى ومنهم من يطلق عليهم ضحايا ومنهم من يسميهم شهداء وهذه نفسها إشكالية عظمى أن تساوي بين صاحب الأرض والحق وبين المحتل المعتدي فتنعت كلا الطرفين قتلى وقد صدق قول الشاعر فيمن يساوي بين الحق والباطل حين قال:
تغيرت المودة والإخاء
وأدبرت المروءة والإباء
وصار الحق في الدنيا ذليلا
وهم الظلم وانتشر البلاء
فوا أسفا على أبناء قومي
أبعد المجد أشلاء... غثاء؟
ولم يكتفوا القوم بذلك بل
تسمروا عبر الشاشات وقد نطقت أبواقهم وكتبت أقلامهم ألوان وأصناف من الجنايات والاتهامات على مسؤولية كتائب القسام فيما حدث لأهل غزة من صنوف التنكيل والتدمير والقتل.
نقول لمن يقول أن الحرب قاسية ولها عواقب وخيمة وأنها تحمل نتائج سوداوية قاتمه في حق الشعوب أن يرشدنا عن حرب وردية هلامية تلامس شغاف أحلام اليقظة قد حدثت عبر التاريخ ثم نرى قول الشاعر الفارس عمرو بن معدي كرب الزبيدي واصفا حال الحرب والتبعات التي تحملها والمأسي التي تنتج من هذه الحروب رغم شجاعته وفروسيته وانتصاره في مختلف المعارك قائلا:
الحرب أول ما تكون فتية
تسعى بزينتها لكل جهول
حتى إذا استعرت وشب ضرامها
عادت عجوزا غير ذات خليل
شمطاء جزت رأسها وتنكرت
مكروهة للشم والتقبيل
كما يذكر الله عزوجل واصفا حال من يتهم إن المجاهدين سبب البلاء والدمار وقتل الأرواح للمدنين:" يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا ولا قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيى ويميت والله بما تعملون بصير" وهنا رد قرآني صريح لمن يتباكى على المدنيين الذين قتلوا بسبب تضحيات المجاهدين ولمن يظهر أو يبطن اللوم ويحمل المجاهدين مسؤولية المجازر التي يحدثها العدو الصهيوني كما أن هذه الآية تقدم رسالة شافية لمن يفضل البقاء على الموت في سبيل الجهاد من أجل العيش في متاع الدنيا فالرد القرآني جعل أمانيهم حسرة على قلوب من يرفض فكرة التضحية والموت في سبيل الله ضد العدو.
ثم يأتي الرد الرباني بأن هؤلاء الشهداء أحياء عند خالقهم يعيشون في نعيم وسرور وفرح مستمر عند الله عزوجل :"لاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
* قالوا إن هذه الحرب أفقدت عناصر الحياة الأساسية في غزة لا أكل َولا ماء وبيوت مدمرة وكهرباء منقطعة ومستشفيات هدمت ومرضاها وطاقمها الطبي تحت الركام وجثث منتشرة وأشلاء ممزقة ونحن نقول لهم هذه المشاهد المؤلمة تحز في الأنفس الكثير من الحزن والأسى ولكن تزيد من دافع طرد العدو وثمن التحرير تكون له تضحيات جسيمة يقول الله عز وجل في محكم التنزيل:" قل إن كان أباؤكم وأبناءكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين" هنا يذكر الله عزوجل من يفضل نعم الدنيا ونعيمها كالأبناء والزوجة والتجارة والمسكن والمال على حب الله ورسوله والجهاد في سبيل الله ينتظروا عقاب الله ووعيده بأي شيء كان كما نعتهم الله من كل من كان همه الدنيا ومتاعها على حساب السكوت والرضوخ للعدو بأنه محروم من الهداية كونه من الفاسقين ولله الأمر من قبل ومن بعد.
* قالوا إن الحرب لها حسابات معقدة والمقاومة غفلت عنها هناك مخطط أمريكي صهيوني لتهجيير أهل غزة وهذه العملية فتحة ذريعة مدوية للصهاينة والأمريكان في تهجيير أهالي غزة وقد اختاروا أربعة دول لاستقبال أهل غزة وهي مصر والعراق واليمن وتركيا وبعض النظر صحة المخطط من عدمه إلا أن صحيفة الدستور الأردنية نشرت مخطط صهيوني من السبعينيات لتهجير أهل غزة كان حينها عدد سكان غزة 300 ألف اليوم غزة يقطنها حوالي مليونين ونصف قال تعالى: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
ثم عند اشتداد الحملة بخصوص أزمة التهجير بسبب فعل المجاهدين يأتي الوصف القرآني الدقيق للحالة المعنوية المنهارة لمن يهجر من دياره قوة وعنوة وما يصاحبها من قتل وذل ومهانة يقول الله عزوجل: "فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا" ثم يعدد الله الجزاء العظيم والنعيم الذي يعيشه المجاهد بعد عناء التهجير ومشقة الاقصاء فيذكر الله عزوجل في كتابه قائلا:
" لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن مئاب"
الخلاصة إن حجج المثبطين وشبهات المتقاعسين عن الجهاد في سبيل الله عزوجل هي عديدة ومتنوعة ولها أشكال عدة وأصناف متفرعة فعلى سبيل المثال لا الحصر كالآتي:
_ التصخيم المستمر لقدرات العدو
_ دائم البخس في قدرات المقاومة
_ الغضب والاستفزاز عند ذكر أي إشارة للنصر في عملية طوفان الأقصى
_ يتجاهل تصريحات واعترافات العدو بالهزيمة أو الانكسار.
_ كثير الحديث عن الخسائر الإنسانية والبنية التحتية في غزة
مثل هؤلاء الناس قد رد الله عليهم في كتابه الحكيم حيث يقول: " ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين".
وينبهنا الله عزوجل قعودهم هو خير لكم لأن خروجهم معكم للجهاد سيزروعون الشقاق والتفرقة بين صفوفكم كما أن من المجاهدين سيتأثر بكلامهم وأخبارهم التي يبثوها عندما عبر "وفيكم سماعون لهم" كما وصف الله عزوجل من يبث الاحباط والهزائم ضد المجاهدين في سبيل الله إنهم من الظالمين "والله عليم بالظالمين" يقول الله عزوجل عنهم :" لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين"
وتستمر الآيات القرآنية في تحديد علامات وإشارات لمن يطعن في المجاهدين أنهم لا يحبون الجهاد بالنفس والمال ويحثوا قومهم عدم القتال تحت عناء حر الشمس والتعب وربما والعلم عند الله هذا ما نعايشه في الواقع المعاصر مع من يقول هؤلاء ليس لديهم ترسانات وأسلحة حربية قوية ويرمون أنفسهم في التهلكة بهذا الجهاد حيث عبر الله عزوجل عن ذلك فيقول :
" فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون"
وتستمر الآيات القرآنية في فضح وتعرية أصحاب الأخبار السلبية والنظرة التشاؤمية وممن يختلقوا المعوقات لتقدم المجاهدين وممن يلهث خلف كل دعاية عدائية فبغدما تحججوا اختلاف ميزان القوى وكثرة مجازر العدو الصهيوني التي بلغت ما يقارب 1300 مجزرة وتدمير البيوت وانقطاع الماء والكهرباء ونقص الدواء والغذاء وصولا إلى صعوبة الحرب بسبب فرق التسليح والأسلحة بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية وقسوة الحرارة ونشر الانهزام بين صفوف الأمة تختم الآيات أن هؤلاء لو دعوتهم للقتال لرفضوا بحجة أنهم لا يعلمون أساسيات القتال والتسليح ولكن في حقيقة الأمر قلوبهم مملوءة بحب الدنيا واتباع ملذاتها قلوبهم ضعيفة الإيمان فهم ينطقون بألسنتهم تضامنا معكم ولكن في حقيقة الأمر قلوبهم عكس ألسنتهم ويؤكد الله عزوجل حقيقة بأنه يعلم ما تكتم صدورهم تجاه قضايا الأمة حيث يقول الله عزوجل في كتابه الحكيم:
"وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون".
سابعا: البشارات
بشر الله عزوجل عباده المجاهدين ضد العدو ببشارات عظيمة في الدنيا والآخرة تجعل المجاهدين لا تكون الدنيا أكبر همهم فهم تحت إمرة الواجب الإلهي في إقامة العدل وأعمار الأرض وحماية المدنيين وحفظ حقوقهم وطرد المحتل الغازي من أراضيهم فالبشائر كثيرة أكبر من أن تحصى فمن يقول الأطفال قتلى أشلاء والنساء جثث هامدة عشرات الآلاف منهم ينطقهم الله عزوجل في قوله تعالى بلسان الفرح والسرور أنهم في سعادة بالغة بما أكرمهم الله عزوجل من عظيم فضله وعطاءه:" فرحين بما أتاهم الله من فضله". ثم تستكمل الآية القرآنية بأن ممن يبكي على استشهادهم وأنهم أطفال عزل وهؤلاء ليس لهم ذنب في هذه الحرب الغاشمة ينطقهم الله عزوجل عدم الخوف والحزن عليهم فهم في أحسن حال وأفضل عيشة:
"ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
شملت البشارات في كتاب الله في حق المجاهدين الدرجات العالية والأجر العظيم والدخول إلى الجنة بغير حساب وأن يغفر الله لهم الذنوب والخطايا وتحفهم الرحمة والعناية الإلهية
وهي على النحو الآتي:
_ قال تعالى :" الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم" ما البشارة التي سينالوها من عند الله عزوجل؟ الإجابة في نفس الآية " أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزين"
_ قال تعالى : " ولكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم" ياترى ما البشارات التي سيتلقاها الرسول صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه عندما جاهدوا يأتي الجواب القرآني " وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون"
_ قال تعالى :"والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم" الآيات السابقة تؤكد كل هذه التضحيات التي يبذلها المجاهدون في سبيل الله لن يضيع الله أجر من أحسن عملا فيغفر الله ذنوبهم ويمنحهم الرزق والعطاء.
_ قال تعالى :" ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون"وهنا بشرى للمجاهدين في سبيل أن مغفرة الله ورحمته خير من الدنيا وما فيها "وخير مما يجمعون"
_ قال تعالى : "فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب".
وهنا يذكر الله صنوف التعذيب التي يتعرض لها المجاهدين في سبيله من التهجير القسري والايذاء والقتل في سبيل الله بعدها في نفس الآيات تتدفق البشريات على قلوب المرابطين لتزيدهم ثباتا ويقينا بوعد الله فيكفر عنهم جميع السيئات ويدخلهم الجنة وما فيها من الأنهار والنعيم والرخاء.
ختاما بعدما عرضنا توافق نهج المقاومة الفلسطينية في جهادهم ضد العدو الصهيوني مع الثقافة القرآنية الخالدة نوضح للجميع أن الحق لا يصبح باطلا بمضي الزمان، وأن الباطل لا يصبح حقا بمضي الزمان، وأن الاحتلال ليس حقا بمرور الأيام، وأن التحرير ليس مستحيلا بمرور الأيام، وأن الأمن والاستقرار لابد أن ينبلج ويلوح أمام الملأ ، وأن التهجير والتشريد لابد أن ينقشع ويزول، ولا يمكن لأي جهة أو مؤسسة أن تتخلى عن حبة رمل واحدة من أرض فلسطين، ولا حتى التخلي عن حرف واحد من اسم فلسطين وأنه لا يمكن المساواة بين الحق والباطل، وبين العدل والظلم، وبين المعروف والمنكر ولنترك المجال للمؤرخ اليهودي إيلان بابيه الذي فضح الصهيونية ومشروعها في عشرات الكتب وله كتب ومؤلفات أبرزها: (التطهير العرقي في فلسطين، عشر خرافات عن إسرائيل، أكبر سجن على الأرض، فكرة إسرائيل تاريخ السلطة والمعرفة وغيرها) حيث يقول: "لا يوجد توازن بين الفلسطينين والإسرائيليين جانب واحد هو المستعمر (بكسر الميم) والآخر هو مستعمر (بفتح الميم) جانب واحد هو المحتل وجانب آخر هو من تم احتلاله جانب واحد يرتكب التطهير العرقي وجانب آخر هو الضحية إذا كنت تريد المصالحة بين الظالم والضحية عليك إيقاف جانب الظلم عن الضحية " ثم يواصل المؤرخ إيلان موضحا حقيقة مشكلة القضية الفلسطينية فيقول:" لذا المشكلة في فلسطين هي إيدولوجية النظام الصهيونية فخ قاتل ليس فقط للفلسطينين ولكن بالنسبة لي أيظا كيهودي في إسرائيل"
جاءت عملية طوفان الأقصى لتعيد قضية فلسطين إلى الواجهة أمام العالم بعدما تعمد الكيان الصهيوني وأمريكا في طمس الحقائق وتزييف التاريخ ودفن الحقوق الشرعية لأهل الأرض وأصحاب القضية وإسكات صوت الحق وإطفاء نور الحقيقة وإخماد شمس المعرفة ورغم الأكاذيب التي تمارس لأخفاء الحقيقة إلا أن هناك كتاب وباحثين رفضوا أن يكونوا مطية للألة الإعلامية الكاذبة فهذا الكاتب الأمريكي ميكو بيليد يصف الجيش الصهيوني أنه "أفضل منظمة إرهابية " كما وصف الباحث البلجيكي ميشايل كولون في كتابه (لنتحدث عن إسرائيل) إن الصهيونية أداة استعمارية زرعتها دول الغرب على رأسها أمريكا وبريطانيا في أرض فلسطين نظرا لتوافق المصالح بين الطرفين وقد نسف عشرة اكاذيب تروجها الآلة الصهيونية أشهرها خروج الفلسطينين من أرضهم محض أرادتهم وأن اليهود وجودهم أقدم من أهل فلسطين وأن فلسطين أرض صحراوية قاحلة وغيرها من الدعايات المغرضة وقد فندها بالأدلة العلمية والأثرية جميعا وممن استمات في الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني الشرعي في الدفاع عن أرضه ووطنه هو الأرغواني ادوارد غاليانو حيث نعت الصهيونية بدولة عدوانية وعنصرية فيقول في المقال الذي نشره بيوم 21 ديسمبر 2012: "لم يعد هناك من فلسطين إلا النزر القليل، إن إسرائيل تقوم بمحوها من الخارطة" وهناك مؤرخين وكتاب كثر من اليهود الأمريكين كنعوم تشومسكي الذي أقر بمظلومية الشعب الفلسطيني والعقلية الاستعمارية التي يملكها العدو الصهيوني حيث حصروا المواطنة على الديانة اليهودية فقط وتعمد قصفها المدنيين والأبرياء والعزل كما قام المؤرخ اليهودي أفى شلاييم الذي "لا ينكر إنشاء دولة إسرائيل كان ينطوي على ظلم فادح للفلسطينيين، وهو ما تجسد أساسا في "النكبة"، التي شهدت تشريد وتهجير ثلاثة أرباع مليون فلسطيني، وهو ما جسد نصف العرب الذين كانوا في فلسطين، ووجدوا أنفسهم دون مقدمات لاجئين حول العالم، لذا لا يمكن إنكار أن النكبة جسدت كارثة حقيقية في حق الإنسانية، وفي حق الفلسطينيين".
وعليه من خلال العرض السريع الموجز لكتاب ومؤرخين يهود وغير يهود حول أحقية ومظلومية القضية الفلسطينية من حيث الأصل والأقدمية وأحقية الأرض وتهجير وتشريد الشعب الفلسطيني وصنوف الظلم والتعذيب الذي تعرضوا له فعلينا أن نرسخ لدى أجيالنا وأبناء المجتمع أن فلسطين قضية عقائدية وليست قومية وأنها دولة محتلة وأن إسرائيل كيان محتل وليست دولة شرعية وأن الفلسطيني الذي يقتل شهيد وليس قتيل أو ضحية وآنه عدوان وليس صراع وأن المسجد الأقصى أسير وأن المقاومة شرف وليست هلاك وخسران.
القضية الفلسطينية هي البوصلة في معرفة الحق من الباطل والتمييز بين الخير والشر والتفريق بين العدل والظلم وهي المعدن الحقيقي والصراط المستقيم في وحدة السنة والشيعة ووحدة الأمة كافة فهذه شهادة أدلى بها دوغلاس ماكغريغور عقيد متقاعد بالجيش الأمريكي ومسؤول حكومي حيث يقول ( وحدت المسلمين الشيعة والسنة تهديد وجودي لإسرائيل ) فانظر إلى مخططات الأعداء في زرع بذور الفرقة واذكاء الفتنة المذهبية لأنه سببا قويا لبقاء إسرائيل ووجودها واستمرارها فعلينا كمسلمين قضم ما يقوي شوكة الكيان الصهيوني خدمة للقضية الفلسطينية وتحقيق النصر والتحرير في قادم الأيام إن شاء الله تعالى وما ذلك على الله بعزيز.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة بالحرمَين: التعصب في الأشخاص والمذاهب والقبائل يُنبت العداوة ويهدد استقرار المجتمعات.. والاعتصام بالوحيَين سبيل النجاة
ألقى الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله -عز وجل- في جميع الأحوال.
وقال فضيلته: إن التعامل بالرفق مع الحبيب يستديم المودة، ومع الغريب يجلب المحبة، ومع العدو يكف الشر، ومع الغضوب يطفئ الجمر.. وكرام الناس أسرعهم مودة، وأبطؤهم جفوة، ولئام الناس أبطؤهم مودة، وأسرعهم عداوة. والسباق إلى الله بالقلوب والأعمال، لا بالمراكب والأقدام.
وبيّن أن داء التعصب ومرض العصبية يعدان داءً اجتماعيًا خطيرًا، يورث الكراهية، وينبت العداوة، ويمزق العلاقات، ويزرع الضغائن، ويفرق الجماعات، ويهدد الاستقرار، وينشر القطيعة.. مرض كريه، يبني جدارًا صلبًا بين المبتلى به والآخرين، ويمنع التفاهم، ويغلق باب الحوار، ويعمم في الأحكام، ويزدري المخالف.
وأكد فضيلته أن التعصب داء فتاك، وهو علة كل بلاء، وجمود في العقل، وانغلاق في الفكر، يعمي عن الحق، ويصد عن الهدى، ويثير النعرات، ويقود إلى الحروب، ويغذي النزاعات، ويطيل أمد الخلاف.. لافتًا النظر إلى أن التعصب عنف وإقصاء، ويدعو إلى كتم الحق وسَتْرِه؛ لأن صاحبه يرى في الحق حجةً لمخالفه، كما أنه يقلل من فرص التوصل إلى الحلول الصحيحة، وينشر الظلم، وهضمَ الحقوق، ويضعف الأمة، وينشر الفتن والحروب الداخلية.
وأفاد فضيلته بأن التعصب يكون غلوًا في الأشخاص، وفي الأسر، وفي المذاهب، وفي القوم، وفي القبيلة، وفي المنطقة، وفي الفكر، وفي الثقافة، وفي الإعلام، وفي الرياضة، وفي كل شأن اجتماعي. مستدلاً بالموقف النبوي الحازم الصارم، حيث أخرج الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين – أي ضرب – رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجرون: يا للمهاجرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما بالُ دعوى الجاهلية؟!”، ثم قال: “دعوها فإنها منتنة”.
وأبان الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن الهجرة والنصرة وصفان شريفان كريمان، والمهاجرون والأنصار هم الأولون السابقون رضي الله عنهم ورضوا عنه، ولكن لما أراد هذان الرجلان توظيف هذه الألقابِ الشريفة والنعوتِ الكريمة توظيفًا عصبيًا فَزِع النبي صلى الله عليه وسلم، وبادر باحتواء الموقف بقوله: “أبدعوى الجاهلية؟!”، أي إن شرف الهجرة وشرف النصرة تحول بالعصبية إلى نعت غير حميد، بل صار مسلكًا منتنًا مكروهًا، وصار من دعوى الجاهلية: “دعوها فإنها منتنة”. لا أشد إنكارًا من هذا الوصف، ولا أعظم ذمًا من هذا النعت. مبينًا أنه في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: “من قاتل الناس تحت راية عِمِّيةٍ يغضب لعصبية، أو يدعو لعصبية، أو ينصر عصبية، فقُتل، فقتلة الجاهلية”، وفي لفظ “فليس من أمتي” رواه مسلم .
وأوضح فضيلته أن المتعصب ينسُب نقائصه وعيوبه إلى غيره. والمتعصب يعرف الحق بالرجال، ولا يعرف الرجال بالحق. والمتعصب لا يود أن يكون الحق مع الطرف الآخر؛ فهو أسير أفكاره ورؤيته الضيقة، همه المراء، والترفع على الأقران. المتعصب يعتقد أنه على الحق بحجة وبغير حجة، ومن خالفه فهو على الباطل بحجة وبغير حجة. والمتعصب لا يرى إلا ما يريد أن يراه .
وبين أن من صفات المتعصب التشدد في الرأي، والجمود في الفكر، والميل إلى العنف ضد المخالف.. موضحًا أن المتعصب يميز الناس ويقيِّمهم حسب انتماءاتهم الدينية، والقبلية، والمناطقية، والمذهبية، والطائفية، والسياسية.
وأضاف فضيلته بأن المرء لا يولد متعصبًا، وإنما يكتسب التعصب من أسرته، ومن أقرانه، ومن مدرسته، ومن الوسط المحيط به.. لافتًا الأنظار إلى أنه من أجل علاج التعصب لا بد من تقرير المساواة بين الناس، ونشر ثقافة الحوار، والتعايش، وقبول الآخر، والمحبة، والاعتذار، وبذل المعروف لمن عرفت ومن لمن تعرف.
وأردف فضيلته قائلًا: يقي من التعصب – بإذن الله – الاعتقاد الجازم، واليقين الصادق، أنه لا عصمة لغير كتاب الله، ولا لبشر غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنظر إلى العلماء والشيوخ على أنهم أدلاء على الحق، مبلّغون عن الله بحسب اجتهادهم وطاقتهم غير معصومين، ولا مبرئين من الأخطاء والأغلاط. وكذلك القوة والعزيمة في نبذ العادات والأعراف الخاطئة، والتقاليد المجافية للحق والعدل. هذا كله من مسؤولية أهل العلم، والفضل، والصلاح، والوجهاء، ورجالات التربية، والغيورين على الأمة، والعمل على بناء الإنسان السوي، وإشاعة الصلاح والإصلاح، ومقاومة الفساد بكل أشكاله، وقبل ذلك وبعده الإخلاص، وحسن السريرة، وقطع النفس عن شهوة الغلبة، والانتصار، والسلامة من فتنة التطلع، للمدح والرئاسات، ونشر المحبة في البيت، والمدرسة، وفي السوق، وفي الإعلام بكل وسائله وأدواته، وسلامة النفس من الأحقاد، والتحرر من الأنانية. ويجمع ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم في كلمته الجامعة: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه “.
وبين أن أهل العلم قالوا: “كل من نصَب شخصًا كائنًا من كان فيوالي على موافقته ويعادي على مخالفته في القول والفعل فهو من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون. وهذه طريقة أهل البدع والأهواء المذمومين، فمن تعصب لواحد بعينه ففيه شبه منهم، وكل ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية”، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه”.
وأكد فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن التعصب حجاب غليظ، يحول بين صاحبه وبين الحق، وبينه وبين الحب. التعصب حجاب غليظ عن العلم النافع، والعمل الصالح، وعقبة كؤود عن الاستفادة من الآخرين، ويمنع الإبداع والابتكار. مبينًا أنه لا يقضي على التعصب إلا التسامح، ذلك أن التسامح احترام التنوع، وقبول الاختلاف. ويسلم من التعصب من كان همه الوصول إلى الحق، وليس الانتصار للنفس، أو المذهب، أو الطائفة.
* وفي المسجد النبوي الشريف أوصى الشيخ الدكتور خالد المهنا المسلمين بتقوى الله عز وجل مستشهدًا بقولة جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
وقال: الوحي هو كرامة الله لهذه الأمة، وهو عزها ومجدها الذي سمت به على جميع الأمم إلى آخر الدهر. مبينًا أن الوحي هو النور الذي أنزله الله على رسوله، وهو حكمه وشرعه، وبشارته ونذارته، مستشهدًا بقولة تعالى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ}.
وأوضح فضيلته أن الوحي هو الصلة بين الأرض والسماوات، وفيه حياة القلوب والأرواح، وبه تحيا مصالح الدين والدنيا، والنور الذي يهدي به الله من يشاء من عبادة، مستشهدًا بقوله جل وعلا {وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}.
وتابع قائلًا: إن الله تعالى امتن بوحيه على عبده ورسوله خاتم النبيين وقائد المرسلين، فكان معجزته التي فاقت كل معجزة لرسول كريم قبله، كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة”.
وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أن جبريل عليه السلام، أمين الوحي من رب العالمين، ينزل على الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ـ بالقرآن والسنة، مبينًا أن الوحي إما قرآنًا متلوًا متعبدًا بتلاوته وهو كلام الله المنزل على نبيه، أو سنةً نبويةً تفسر القرآن وتبين مجمله، وتعبر عنه وتدل عليه.
وبيّن الدكتور المهنا أن لأئمة السنة والحديث من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتابعيهم ومن بعدهم، الذين حملوا ميراث نبينا إلينا حقًا عظيمًا علينا، وأن نتقرب إلى الله بحبهم وموالاتهم والدفاع عنهم، مشيرًا إلى أن من علامات صحة الإيمان وسلامة المعتقد تعظيم سنة المصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ، واعتقاد حجيتها، والإذعان لها، والتحاكم إليها، فمن كان مؤمنًا بكتاب الله تعالى فهو مؤمن حكمًا ولزومًا بسنة رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
وحث إمام وخطيب المسجد النبوي على الاعتصام بسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآثاره، والتمسك بها، والعض عليها بالنواجذ، فهي الحق المبين، وبها صلاح الأمة وسبيلها إلى الاجتماع والائتلاف، ونجاتها من الفرقة والاختلاف.
وختم فضيلته الخطبة مبينًا أن من أعظم بركات اتباع الوحيين الشريفين وتعظيمهما والوقوف عند حدودهما سلامة معتقد المسلم في توحيد ربه، وإخلاص الدين له، وعصمته من التلبس بالبدع والمحدثات، فمن عظّم الوحي أمرًا ونهيًا وخبرًا فقد عظّم الله تعالى.