هل يجوز الصلاة بالقفازين «الجوانتي» لشدة البرد؟.. الإفتاء تُجيب
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
يشعر كثير منا بالبرد الشديد، مع انخفاض درجات الحرارة وسقوط الأمطار، لذلك يلجأ البعض إلى ارتداء قفازات اليد «الجوانتي»، ويصعب عليهم نزعها عند أدائهم الصلاة، بسبب شدة البرد، ما دفع البعض لإرسال أسئلة حول حكم الصلاة بالقفازين.
كشفت دار الإفتاء المصرية، حكم الصلاة بالقفازين لشدة البرد، أن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه يسَّر لهم طريق العبادة، ورفع عنهم كل حرجٍ فيه، فما كلفهم إلا بما هو في طاقتهم ووسعهم، قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
وأشار الإمام البغوي في «معالم التنزيل» (1/ 601، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾: يُسَهِلَ عليكم أحكام الشرع، وقد سَهَّلَ، كما قال جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ [الأعراف: 157]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ»] اهـ.
حكم مباشرة المصلي الأرض بسبعة أعضاءوأضافت دار الإفتاء، أنه من المقرر شرعًا أنه ينبغي للمصلِّي عند سجوده أن يباشر الأرض بسبعة أعضاء مخصوصة، منها: اليدان، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ-، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ» متفق عليه.
ولفت الإمام النووي في «المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج» (4/ 208، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذه الأحاديث فيها فوائد، منها: أن أعضاء السجود سبعة، وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها] اهـ.
وتابعت «الإفتاء»، أن المقصود باليدين في الحديث: باطن الكفين، لما أخرجه الإمام ابن خزيمة في «صحيحه» عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ: عَلَى وَجْهِهِ، وَكَفَّيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَقَدَمَيْهِ، وَنُهِيَ أَنْ يَكُفَّ شَعَرًا أَوْ ثَوْبًا».
والْكَفُّ: هي الرَّاحَةُ مع الأصابع، وسميت بذلك، لأنها تَكُفُّ الأذى عن البدن، كما في «المصباح المنير» للعلامة الفيومي (2/ 535، ط. المكتبة العلمية).
مباشرة المصلي الأرض بسبعة أعضاءوأكدت أن معنى المباشرة هنا: أن يسجد المصلي على هذه الأعضاء السبعة المخصوصة دون حائلٍ بينها وبين الأرض، ولهذا كانت علة المنع من تغطية اليدين في الصلاة هي عدم وجود حائلٍ بينها وبين الأرض عند السجود، لا لكون اليدين يجب كشفهما في الصلاة، ولا يقال إن السجاد أو الحصير المفروش على الأرض أو في المسجد يُعَدُّ حائلًا، وأنَّ مَثله في ذلك مَثل القفاز ونحوه، بل هو كالأرض، لأنه ملتصق بها، ولهذا يقال للساجد عليه أنه ساجدٌ على الأرض، بخلاف القفازين، فإنهما من ثياب المصلي وَيَتَّصِلانِ به لا بالأرض، فيتعلق حكمهما بالنسبة للمصلي لا بالنسبة للأرض.
وقال العلامة العدوي في «حاشيته على كفاية الطالب الرباني» (1/ 269): [استحب المباشرة بالوجه واليدين، لأن ذلك من التواضع، ولأجل ذلك كره السجود على ما فيه تَرَفُّهٌ وَتَنَعُّمٌ من صوفٍ وقطنٍ، واغتُفِرَ الحصيرُ، لأنه كالأرض] اهـ.
وذكرت دار الإفتاء المصرية، أنه إذا شق على المصلي أن يباشر الأرض بكفَّيه وهما مكشوفتان عند سجوده -كما في مسألتنا-، فله أن يسجد عليهما مع وجود حائلٍ بينهما وبين الأرض، كأن يلبس القفاز الساتر لكفَّيه ونحوه، ولا يمنع ذلك من صحة الصلاة، قياسًا على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يتقي -عند سجوده- حرَّ الأرض وبرودتها بفضول ثوبه.
وكذلك ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يصلون وأيديهم داخل أكمامهم دون أن يخرجوها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا" أخرجه الإمامان: أحمد في «مسنده»، وابن أبي شيبة في «مصنفه».
وقد بوَّب الإمام البخاري في «صحيحه» بابًا أسماه: (باب السجود على الثوب في شدة الحر)، وقال: قال الحسن: «كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقُلُنْسُوَةِ، وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ».
وأخرج فيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ».
جواز تغطية اليدين في الصلاةونصَّ جمهور الفقهاء، من الحنفية، والمالكية، والشافعية في الصحيح، والحنابلة، على جواز تغطية اليدين في الصلاة بإدخالهما في الكُمِّ أو فاضل الثوب عند الحاجة لذلك اتقاءً للحرِّ أو البرد، ويتخرج على ذلك -بطريق القياس- جواز الصلاة بالقفازين (الجوانتي) عند الحاجة إليهما، لاشتراكهما في علة الحكم.
وأكد برهان الدين المرغيناني الحنفي في «الهداية» (1/ 51، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال: (فإن سجد على كور عمامته أو فاضل ثوبه: جاز)، لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسجد على كور عمامته، ويروى أنه عليه الصلاة والسلام «صلَّى في ثوبٍ واحدٍ يتقي بفضوله حَرَّ الأرض وبَرْدَهَا»] اهـ.
أما عن بدر الدين العيني الحنفي، فقال في «البناية» (2/ 242، ط. دار الكتب العلمية) شارحًا عليه: [م: (أو فاضل ثوبه) ش: أي: أو سجد على فاضل ثوبه من ذيله أو أكمامه (جاز) ش: فعل ذلك فلا يضر صلاته، وقال بالجواز على كور العمامة والقلنسوة والكم والذيل والذؤابة: الحسن، وعبد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي، ومسروق، وشريح، والنخعي، والأوزاعي، وسعيد بن المسيب، والزهري، ومكحول، والإمام مالك، وإسحاق، وأحمد -رَحِمَهُمُ اللهُ- في أصح الروايتين عنه] اهـ.
وعن الإمام الشافعي في «الأم» (1/ 136-137، ط. دار المعرفة): [وَأُحِبُّ أن يباشر رَاحَتَيْهِ الأرضَ في البردِ والحرِّ، فإن لم يفعل وسترهما من حرٍّ أو بردٍ وسجد عليهما، فلا إعادة عليه ولا سجود سهو] اهـ.
حكم الصلاة بالقفازينوأعلنت دار الإفتاء، أن محل الخلاف فيما تقدم إذا لم يكن عذر فإن كان ثَمَّ عذر من حر أو برد ونحوه، أو سجد على ما ليس بحائل له، فلا كراهة، وصلاته صحيحة رواية واحدة] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز لك شرعًا أن تصلي حال كونك مرتديًا القفاز «الجوانتي»، ولا يجب عليك نزعُه ما دام يشق عليك ذلك بسبب شدة البرد، ولا حرج عليك حينئذٍ ولا كراهة.
اقرأ أيضاً«الإفتاء» تستطلع هلال شهر جمادى الآخرة لعام 1445 هجريا.. اليوم
الإفتاء تعلن عن موعد استطلاع هلال شهر جمادي الآخرة لعام 1445 هجريا
الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم ترحِّب بقرار حظر حرق المصحف في الدنمارك
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أحكام البرد الصلاة الصلاة بالبنطلون القفازات بالقفازين دار الإفتاء المصرية الصلاة بالقفازین دار الإفتاء الله علیه الیدین فی فی الصلاة رضی الله ى الله الله ع
إقرأ أيضاً:
دعاء صلاة الاستخارة للزواج وأهميته قبل اتخاذ القرار
صلاة الاستخارة من العبادات التي يلجأ إليها المسلم عند التردد في اتخاذ قرارات هامة في حياته، ومن أبرز تلك القرارات الزواج. تعتبر الاستخارة وسيلة لطلب العون والتوفيق من الله عز وجل، ليختار للعبد ما فيه الخير في دينه ودنياه.
أهمية دعاء الاستخارة للزواجيؤكد علماء الدين أن صلاة الاستخارة دعاء وعبادة تجمع بين طلب الخير والثقة في اختيار الله. وحول صلاة الاستخارة للزواج، أوضحت دار الإفتاء المصرية أهمية الاستخارة قبل اختيار شريك الحياة. تنصح الإفتاء بصلاة ركعتين نافلة بنية الاستخارة في أي وقت غير مكروه للصلاة، ثم التوجه إلى الله بالدعاء التالي:
"اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن في زواجي من (اسم الشخص) خيرًا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن في زواجي منه شرًا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به."
دعاء الاستخارة قبل النوممن السنة أن يتوجه المسلم بالدعاء بعد صلاة الاستخارة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها، مبينًا أن من أقبل على أمر مهم فعليه أن يصلي ركعتين ثم يدعو الله بنفس الصيغة التي وردت عن النبي الكريم.
معلومات عن صلاة الاستخارةالاستخارة ليست خاصة بالزواج فقط، بل يمكن أداؤها لأي أمر مهم.يفضل القيام بها عندما تكون النفس في حالة هدوء بعيدًا عن التشتت.الاستخارة لا تتطلب رؤية أو علامة واضحة، بل تأتي نتيجتها عبر تسهيل الأمر أو الشعور بالارتياح تجاهه.كيفية أداء صلاة الاستخارة بشكل صحيحصلاة الاستخارة من الصلوات التي يلجأ إليها المسلم للتوجيه والإرشاد الإلهي عند اتخاذ قرارات مهمة في حياته. تتضمن هذه الصلاة خطوات سهلة وبسيطة، وهي كما يلي:
خطوات أداء صلاة الاستخارة أهمية صلاة الاستخارة وكيفية تأديتها وأفضل توقيتاتها هل يجوز تكرار صلاة الاستخارة؟ الإفتاء تجيبالوضوء:
ابدأ بالوضوء كما تفعل لأي صلاة أخرى، فطهارة الجسد شرط لصحة الصلاة.
استحضار النية:
اجعل نيتك خالصة لله عز وجل قبل البدء في الصلاة.
صلاة ركعتين نافلة:
في الركعة الأولى: بعد قراءة سورة الفاتحة، يُفضل قراءة سورة الكافرون.في الركعة الثانية: بعد قراءة سورة الفاتحة، يُفضل قراءة سورة الإخلاص.الدعاء بعد الصلاة:
بعد الانتهاء من الصلاة، ارفع يديك للدعاء وابدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم صلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة الإبراهيمية، وهي:
"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
قل دعاء الاستخارة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (اذكر حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (اذكر حاجتك) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به".
اختم الدعاء بالصلاة الإبراهيميةيمكن أن يُقال دعاء الاستخارة قبل السلام أو بعده.لا يجب انتظار رؤيا أو إشارة محددة؛ يكفي أن يسير الأمر بسلاسة أو يشعر الشخص بالراحة تجاهه.إذا بقي التردد بعد الاستخارة، يجوز تكرارها أكثر من مرة.يجب أن يكون قلب المسلم مستعدًا لتقبل نتيجة الأمر، سواء كانت توافق رغبته أم لا، لأن الخير فيما يختاره الله.