بين تصريحات نتانياهو وغالانت.. هل يتحول قطاع غزة إلى ضفة جديدة؟
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يتحدث عن أن بلاده ستكون "وحدها المسؤولة عن الأمن" في قطاع غزة بعد الحرب، خرج وزير الدفاع، يوآف غالانت، ليؤكد أن إسرائيل "لا تنوي البقاء بشكل دائم هناك".
والإثنين، ضغط مشرعون في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست، على نتانياهو، للحصول على إجابات بشأن خطته لمستقبل قطاع غزة، في خضم الحرب المستعرة، الرامية لاقتلاع حركة حماس من سلطة القطاع الذي تسيطر عليه منذ عام 2007.
وخلال الاجتماع مع اللجنة البرلمانية، الإثنين، رفض نتانياهو أن تتولى السلطة الفلسطينية مسؤولية القطاع، قائلا: "الفرق بين حماس والسلطة الفلسطينية، هو أن حماس تريد تدميرنا الآن، والسلطة الفلسطينية تريد أن تفعل ذلك على مراحل"، وفقا لما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
والثلاثاء، جدد نتانياهو ذلك، وأصر على موقفه رغم معارضة واشنطن، التي طالما تدعو لسلطة فلسطينية واحدة تحكم الضفة الغربية وقطاع غزة، بقوله إن "غزة لن تكون حماسستان.. ولا فتحستان"، على حد تعبيره.
وفي سياق متصل يعكس الخلافات بين نتانياهو والرئيس الأميركي، جو بايدن، بشأن الحرب، اعتبر الأخير، الثلاثاء، أن إسرائيل "بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي بقصفها العشوائي لغزة"، داعيا رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى "تغيير حكومته" المتشددة.
من ناحيته، قال غالانت في مؤتمر صحفي، الإثنين، إن إسرائيل "لا تنوي البقاء بشكل دائم" في قطاع غزة، وإنها "منفتحة على مناقشة بدائل من سيسيطر على القطاع، ما دام أنه ليس من الجماعات المعادية لإسرائيل".
وأضاف: "الشرط الأساسي هو ألا تتصرف هذه الهيئة (التي ستسيطر على القطاع) بعداء تجاه دولة إسرائيل. كل ما تبقى، في رأيي، يمكن مناقشته. بالتأكيد لن تكون حماس، ولن تكون إسرائيل أيضا. سنحافظ على حريتنا في التحرك والعمل عسكريا ضد أي تهديد"، بحسب رويترز.
هل تناقض إسرائيل نفسها؟وأثارت تلك التصريحات تساؤلات بشأن احتمال وجود تضارب في تصريحات المسؤولين في حكومة الطوارئ الإسرائيلية، مع دخول الحرب شهرها الثالث.
وبينما يصر بعض المحللين على وجود "تناقض" في التصريحات الإسرائيلية، استبعد محللون إسرائيليون وفلسطينيون ذلك.
وقال المحلل السياسي الإسرائيلي، شكيب شنان، إنه "ليس هناك تضارب في وجهات النظر" بين نتانياهو وغالانت، وأن إسرائيل "بالفعل لا تنوي البقاء في غزة بعد الحرب، كمحتلة".
وفي حديثه لموقع "الحرة"، قال شنان إن رئيس الحكومة "يرى أن السلطة الفلسطينية غير قادرة حاليا على إدارة الضفة، فما بالك لو مُنحت أيضا قطاع غزة؟".
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أن حديث نتانياهو وغالانت "لا يتناقضان"، معربا عن اعتقاده في تصريحات لموقع "الحرة"، بأن التصريحات التي صدرت عنهما "تؤدي إلى نتيجة واحدة".
وبدوره، لا يختلف المحلل الفلسطيني، نهاد أبو غوش، كثيرا عن هذا الاعتقاد، وقال لموقع "الحرة"، إن الحكومة الإسرائيلية لديها "إجماع" على التحدث بشأن الخيارات المحتملة لمستقبل قطاع غزة.
وتعليقا على تصريحات نتانياهو وغالانت، قال أبو غوش: "ما حدث لا يعدو كونه تباينا طفيفا في أشكال التعبير عن أهداف الحرب"، مستبعدا وجود تضارب في "موضوع لم يحسم".
ومع ذلك، رأى محللون آخرون أن هناك "تناقضا" داخل حكومة الحرب الإسرائيلية، تظهره هذه التصريحات العلنية.
وفي حديث لموقع "الحرة"، قال المحلل السياسي الفلسطيني، جهاد حرب، إن "نتانياهو يختلف أيدولوجيا عن أبناء المؤسسة العسكرية في حكومة الحرب، مثل غالانت، والوزير بيني غانتس".
واستطرد: "هذا التناقض انعكس في تصريحات وزير الجيش ورئيس الحكومة".
"مناورات سياسية"واندلعت الحرب بعد هجمات شنتها حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل يوم 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل بـ "القضاء على حماس" وشنت، منذ ذلك الوقت، غارات جوية بلا هوادة على قطاع غزة، ترافقت مع عملية عسكرية برية بدأت يوم 27 أكتوبر، مما أدى إلى مقتل أكثر من 18 ألف فلسطيني، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق سلطات القطاع الصحية.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتيه، قدد صرح بأن السلطة الفلسطينية "تعمل مع مسؤولين أميركيين على خطة لإدارة القطاع بعد الحرب".
وقال اشتية في مقابلة مع "بلومبيرغ"، الخميس، إن التصور الأفضل هو أن تصبح حماس، التي تدير القطاع حاليا، "شريكا أصغر لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما يساعد على تأسيس دولة مستقلة جديدة، تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية".
وفي تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي ردا على تصريحات اشتية، قال نتانياهو، الإثنين: "حقيقة أن هذا هو ما تقترحه السلطة الفلسطينية، وحسب سياستي.. السلطة الفلسطينية ليست الحل".
وتدير حماس، وهي منظمة سياسية إسلامية مصنفة كمجموعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، قطاع غزة منذ عام 2007.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد قالا إنه بعد الحرب الدائرة، يجب "توحيد غزة مع الضفة الغربية، في ظل سلطة فلسطينية معاد تنشيطها".
لكن نتانياهو يرفض هذا الخيار، ويقر بوجود خلافات مع واشنطن تتعلق بوضع غزة، ما بعد الحرب الجارية حاليا.
وقال في تصريحاته، الثلاثاء: "نعم، هناك خلاف عندما يتعلق الأمر بـ’اليوم التالي لحماس’، وآمل أن نتوصل إلى اتفاق بشأن هذا أيضا. أريد أن أوضح موقفي: لن أسمح لإسرائيل بتكرار خطأ أوسلو"، بحسب ما نقلت على لسانه صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
واعتبر شتيرن أن "نتانياهو يثير مسألة الخلاف مع الولايات المتحدة علنا، من أجل تحقيق مناورات سياسية، لأنه يدرك أنه لا مفر من محاسبته بعد انتهاء القتال".
وتابع: "يعرف (نتانياهو) تماما أن الوقت الذي تنتهي فيه المعركة ستأتي المحاسبة السياسية.. وهو يريد الحفاظ على منصبه".
واستطرد: "نتانياهو حوّل مستقبل غزة إلى نقطة خلاف داخلية إسرائيلية، بحيث يقف وكأنه المنقذ لإسرائيل من مغبة عودة السلطة (الفلسطينية) إلى غزة".
"اختلافات أيدولوجية"وفي تصريحاته للحرة، اعتبر جهاد أنه بعكس القادمين من المؤسسة العسكرية من وزراء حكومة الحرب الذي يفضلون الاستقرار، فإن نتانياهو ينتمي للمدرسة الصهيونية، ويرى خطورة في أي حل سياسي، وأن وجود إسرائيل يجب أن يكون في كامل الأراضي من البحر إلى النهر".
ودلل جهاد على ذلك بالقول، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، "أعاد الحديث عن اتفاق أوسلو، الذي عرقل تنفيذ مراحله المتعددة في 1996 عندما وصل لرئاسة الوزراء للمرة الأولى".
ووقعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو عام 1993 برعاية الولايات المتحدة، كأساس يفضي إلى تطبيق حل الدولتين، بعد الاتفاق على ما صار يعرف بـ "قضايا الحل النهائي".
وبموجب اتفاق أوسلو، انسحبت إسرائيل جزئيا من مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة (قبل أن تنسجب بشكل كامل من القطاع عام 2005)، وتسلمت إدارتها السلطة الفلسطينية بقيادة الراحل، ياسر عرفات، الذي عاد إلى الأراضي الفلسطينية.
وقال جهاد إن نتانياهو بعد عودته للسلطة عام 2009، "وجد في الانقسام الفلسطيني فرصة، ودعم حماس بمنحها قدرة السيطرة على غزة، بإدخال الأموال، وعقد معها الاتفاقيات من أجل إضعاف السلطة الفلسطينية".
وأرجع ذلك إلى أن "السلطة الفلسطينية تشكل نواة للدولة والتطلعات القومية للفلسطينيين، وبالتالي دعم (نتانياهو) الانقسام حتى لا يكون هناك إمكانية ضغط على الحكومة الإسرائيلية بالتوصل لحل سياسي ينهي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويمنع الوصول إلى خيار حل الدولتين".
وطالما تدعم إدارة بايدن حل الدولتين، كحل نهائي لهذا الصراع الممتد لأكثر من 7 عقود. وسبق لوزير الخارجية الأميركي أن صرح، الشهر الماضي، بأن واشنطن "بدأت العمل لوضع أسس لبناء دولتين منفصلتين" لإنهاء الصراع على المدى الطويل.
وآنذاك، قال بلينكن في تصريحات جاءت من العاصمة الهندية نيودلهي: "أحداث 7 أكتوبر عززت اعتقادنا بضرورة وجود سلام شامل (بين الإسرائيليين والفلسطينيين) وهذا لن يتحقق إلا بحل الدولتين"، الذي لطالما أبدت واشنطن التزامها به.
وفي هذا الصدد، قال أبو غوش: "هذا صراع طويل مهما كانت السيناريوهات.. ولا يمكن تحقيق الاستقرار دون أن يقرر الفلسطينيون مصيرهم بأنفسهم".
وتابع: "لا يمكن لأي طرف في العالم أن يحدد من يدير شؤون الشعب الفلسطيني"، في إشارة لمستقبل قطاع غزة.
"مبدأ الانتقام"في المقابل، رجح شتيرن أن يتحول القطاع بعد الحرب لما وصفه بـ "ضفة جديدة"، بحيث يمكن لإسرائيل الدخول هناك متى ما شاءت ذلك.
وقال: "نفهم من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أنه يمكن الدخول للمنطقة إذا اقتضت الحاجة وكانت هناك دواع أمنية تبرر ذلك، لمعالجة قضايا، مثلما يقوم الجيش (حاليا) بالضفة".
وينشط الجيش الإسرائيلي في مناطق متفرقة من الضفة الغربية حتى قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، من خلال تنفيذ عمليات يقول إنها تهدف لاعتقال مطلوبين أمنيين.
ويعتقد حرب، من جهته، أن مثل هذا السيناريو "ممكن"، لكن "غزة أكثر صعوبة على الاحتلال من الضفة".
واستطرد موضحا: "الأسلحة المتوفرة في غزة أكبر بكثير من الضفة، وقدرة الحصول على الأسلحة كذلك أفضل (في القطاع)، لذلك ستكون هناك مواجهة شرسة مع الاحتلال قد تمتد لسنوات طويلة".
ومضى قائلا: "ولطبيعة الهجمة الإسرائيلية الأخيرة بعد 7 أكتوبر، لم تضع (إسرائيل) أمام الفلسطينيين فرصا لمناقشة خيارات أخرى، لأن الموت بات هو الخيار الوحيد، والناس ستدافع عن أنفسها".
واعتبر أن إسرائيل بردها العسكري العنيف على هجمات 7 أكتوبر، "خلقت مبدأ الانتقام لدى الفلسطينيين"، على حد قوله.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: رئیس الوزراء الإسرائیلی السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة حل الدولتین أن إسرائیل فی تصریحات بعد الحرب جو بایدن قطاع غزة غزة بعد
إقرأ أيضاً:
هذا عدد أسرى الاحتلال الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم السبت، عن عدد أسرى الاحتلال الإسرائيلي الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2023.
وذكرت الصحيفة أن "41 أسيرا إسرائيليا من بين 251 أسرتهم حماس في غزة، قُتلوا في الأسر، بعضهم قُتل بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية التي شنتها على غزة".
وأضافت أن "الخرائط العسكرية تؤكد أن موقع مقتل 6 من الأسرى على يد الجيش الإسرائيلي في أغسطس/ آب الماضي، كان ضمن مناطق العمليات المحدودة".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الجيش الإسرائيلي عندما نشر تحقيقه حول مقتل الأسرى الستة، قال إنه لم يكن يعلم بوجودهم في المنطقة"، مؤكدة في الوقت ذاته أن الجيش "كان على علم بالخطر الذي يحدق بالأسرى عندما عمل في المنطقة التي قُتل فيها الرهائن الستة".
يشار إلى أن الأسرى الإسرائيليين الستة الذين تم قتلهم هم: هيرش جولدبرج بولين، أوري دانينو، إيدن يروشالمي، أليكس لوبانوف، كارميل جات، وألموج ساروسي.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنه "رغم قرار وقف نشاط الجيش الإسرائيلي في مدينة خانيونس (جنوب) بقطاع غزة، بسبب المخاوف على حياة الأسرى، إلا أنه بعد توقف ليوم واحد فقط، قرر الجيش مواصلة عملياته هناك بهدف تحديد مكان زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار".
وأشارت إلى أنه "بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، تقرر أن العثور على السنوار كان أكثر أهمية من إنقاذ أرواح الأسرى الإسرائيليين (لم يتم تحديد مكانه في حينه)".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2024 أي بعد نحو عام على بدء عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من حرب إسرائيلية مدمرة ضد قطاع غزة، اغتيل السنوار بمدينة رفح جنوب القطاع برصاص الجيش الإسرائيلي وهو يقاتل.
ورغم تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة من المسؤولية عن مقتل أسرى إسرائيليين في قطاع غزة وتحميل حركة حماس مسؤولية ذلك، إلا أن المعارضة الإسرائيلية تحمله مسؤولية مقتل عدد كبير من الأسرى جراء عرقلته لأشهر طويلة التوصل إلى صفقة لإعادتهم خوفا من انهيار ائتلافه الحكومي، الذي كان وزراء من اليمين المتطرف به يضغطون لمواصلة حرب الإبادة على غزة.
ومطلع آذار/ مارس الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية التي تشمل إنهاء الحرب.
ويريد نتنياهو، مدعوما بضوء أخضر أمريكي، تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين دون تقديم مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.
مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، أغلق الاحتلال الإسرائيلي مجددا جميع المعابر المؤدية إلى غزة لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع كأداة ضغط على حماس لإجبارها على القبول بإملاءاتها، كما تهدد إسرائيل بإجراءات تصعيدية أخرى وصولا إلى استئناف حرب الإبادة الجماعية.
وبدعم أمريكي ارتكب الاحتلال بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.