قالت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية إنّ محاولة تركيا مقايضة عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي “الناتو” للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي “ليس لها أي فرصة”، مشيرةً إلى أنّ قادة الاتحاد الأوروبي يستعدون مرة أخرى للعمل مع تركيا. وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أنّ الجولة الأخيرة جاءت من سياسة “حافة الهاوية الجيوسياسية” التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مع منعطف جديد هذا الأسبوع، عبر ربط دعمه لمحاولة انضمام السويد للحلف بطلب تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.
وفيما وصفت الخطوة بأنها كانت “جريئة وفاجأت حتى المراقبين المقربين”، إلا أنّ “بوليتيكو” رأت أن “ليس هناك أي فرصة لحدوث ذلك في أي وقت قريب”. وأشارت الصحيفة نفسها إلى أنّ العديد من قادة ومسؤولي الاتحاد الأوروبي قدموا عرضاً علنياً دقيقاً للتعامل مع طلب إردوغان بجدية، وتعهدوا باستكشاف طرق لإحياء انضمام تركيا المحتضر إلى الاتحاد الأوروبي، والعمل بشكل أوثق مع البلاد في غضون ذلك، لكنها رأت أنه كاحتمال جدّي، “تمّ تجاهل عضوية الاتحاد الأوروبي على الفور تقريباً”، مرجعةً ذلك إلى أنّ “أسباب النبرة الرافضة متعددة”. وتابعت “بوليتيكو” أنه “ومع ذلك.. يعرف الاتحاد الأوروبي أنه يتعين عليه العمل مع تركيا، وهي جار حيوي وجسر مع روسيا وآسيا والشرق الأوسط. وفي حين أنّ العضوية غير مطروحة على الطاولة، يفكر المسؤولون في المكان الذي يمكن أن يتعاونوا فيه أكثر مع تركيا، وهذا ما يعتبره إردوغان انتصاراً”. ورأت أنه “إذا تحرك شيء ما، وهو غير مرجح، فهذا جيد”، بحسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في المفوضية الأوروبية، الذي تحدث من دون الكشف عن هويته لوصف العلاقة الحساسة، قائلاً إنه “إذا لم يكن الأمر كذلك، فسيكون لدى إردوغان سبب آخر لتأجيج القومية”. وأردفت أنه في حين أدّت سلسلة من الانقلابات وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي إلى وضع قضية التكامل بين تركيا والاتحاد الأوروبي في المقدمة، بحسب ما قال مسؤول تركي تحدث من دون الكشف عن هويته ليصف الديناميكيات صراحة: “لولا تلك الانقلابات لكنا على الأرجح عضواً في الاتحاد الأوروبي”. وتناولت “بوليتيكو” المحادثات التي ستجري في الأسبوع المقبل، حيث سيبدأ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه المحادثة ويتعمقون فيها، مشيرةً إلى أنه قبل هذه المحادثات، عرضت الخدمة الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي أفكارها في مذكرة (وثيقة) اطلعت عليها الصحيفة نفسها، وتؤكد المذكرة أنّ “محاولة عضوية تركيا بلا حياة – وهي حقيقة لن تتغير في أي وقت قريب”. لكنّ المذكرة تشير إلى أنّ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا “زادت من أهمية تركيا الجيوسياسية”.. وتضيف – بحسب المذكرة – أنّ الاتحاد الأوروبي لديه “مصلحة إستراتيجية في بيئة مستقرة وآمنة في شرق البحر المتوسط”،ويمكن أن يجعل ذلك تركيا مفيدة للاتحاد الأوروبي. وتقول مذكرة الاتحاد الأوروبي أيضاً إنّ تركيا تريد أيضاً إشراك الاتحاد الأوروبي، وأنه “على الرغم من السياسات التي دفعت تركيا بعيداً عن الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة، فإنّ تركيا تصرّ على أنّ الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو هدف استراتيجي”، وفق المذكرة، وأنّ “أحد الخيارات التي يجري النظر فيها مبدئياً هو تجديد الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، بحيث يسهّل الاتحاد الجمركي التجارة بين الشريكين، ولكنه في حاجة ماسة إلى التحديث ليعكس التغيرات في التكنولوجيا وسلاسل التوريد العالمية”. ورأت المذكرة أنه ومع ذلك، فإنّ الهدف المقدس لتركيا هو “تحرير التأشيرات”، والذي من شأنه أن يمنح المواطنين الأتراك السفر بدون تأشيرة إلى الكتلة الاوروبية لفترات طويلة، وتحرير المواطنين الأتراك من العملية الشاقة التي يجب أن يخضعوا لها فقط للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. كما لفتت المذكرة الأوروبية إلى الاحتمال الآخر، وهو إحياء ما يسمى بـ”الحوار بين الاتحاد الأوروبي وتركيا”، والذي توقف عام 2021. ووفق “بوليتيكو”، قد تكون إعادة بدء مثل هذه الحوارات رفيعة المستوى “عملية بيع سهلة لقادة الاتحاد الأوروبي”، الأمر الذي سيسمح للاتحاد الأوروبي بفتح قنوات مع إردوغان من دون المساس باحتمالية عضوية الاتحاد الأوروبي، وفق الصحيفة الأميركية. وختمت “بوليتكو” أنه في كلتا الحالتين، يعرف الطرفان أنهما “عالقان في مناورة دبلوماسية” – سواء أعجبهما ذلك أم لا. وسيواصل كلاهما المناورة من أجل النفوذ. وأمس الأربعاء، أكّد إردوغان أنّ “تركيا لن تصادق على عضوية السويد في الناتو قبل تشرين الأول/أكتوبر المقبل”، مبرراً ذلك بانشغالات البرلمان التركي ودخوله في عطلةٍ لمدة شهرين، ما يؤخر الانضمام المنتظر للسويد. وأشار الرئيس التركي إلى أنّه “ثمّة العديد من الاتفاقات الدولية والعديد من المقترحات التشريعية التي تحتاج إلى مناقشة، سننظر فيها وفق أهميتها، لكنّ هدفنا هو إنهاء هذه العملية في أقرب وقت ممكن”. وذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أمس الأربعاء، أنّ الرئيس إردوغان يضبط علاقته مع الغرب في خطوة تكتيكية أولويتها الاقتصاد، وأنّه قوبلت موافقة تركيا على انضمام السويد إلى “الناتو” بالارتياح في حلف شمال الأطلسي، وكانت الأحدث في سلسلة من القرارات التي “هدّأت” التوترات بين أنقرة والغرب. واتفق رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، وإردوغان، على السعي لتعاون أوثق، بعدما طالب الأخير باستئناف محادثات انضمام بلده إلى الاتحاد الأوروبي. (الميادين)
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
إلى الاتحاد الأوروبی
إلى أن
إقرأ أيضاً:
قطر تهدد بوقف صادرات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بسبب قانون العمل والبيئة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد وزير الطاقة القطري، سعد الكعبي، في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز، أن بلاده قد تتوقف عن شحن الغاز إلى الاتحاد الأوروبي إذا فرضت الدول الأعضاء في الاتحاد قانونًا جديدًا يتعلق بالعمالة القسرية والأضرار البيئية.
ويأتي هذا التحذير في سياق قانون جديد تمت الموافقة عليه هذا العام في الاتحاد الأوروبي، والذي يفرض على الشركات الكبرى التأكد من أن سلاسل الإمداد الخاصة بها لا تستخدم العمالة القسرية أو تتسبب في أضرار بيئية.
وفي تعليقه على هذا القانون، أشار الكعبي إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يعيد النظر في هذا التشريع بشكل شامل، مؤكدًا أن قطر لن تقبل بفرض غرامات كبيرة تصل إلى خمسة بالمئة من إجمالي الإيرادات العالمية للشركات إذا تبين أن سلاسل الإمداد تتعارض مع المعايير البيئية أو القانونية للاتحاد الأوروبي. وقال الكعبي: "إذا كان الأمر ينطوي على خسارة خمسة بالمئة من الإيرادات الناتجة عن البيع لأوروبا، فلن أبيع لأوروبا. أنا جاد في ذلك... هذه أموال الشعب القطري، ولا يمكنني أن أخسر مثل هذه الأموال".
وأوضح وزير الطاقة القطري، الذي يشغل أيضًا منصب الرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة، أن هذا التشريع الجديد يشكل تهديدًا اقتصاديًا لدولة قطر، ويمثل خسارة غير مقبولة، مما يستدعي من الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في تطبيقه.
يذكر أن قطر تعد من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، وتسعى لتعزيز دورها في أسواق الغاز الآسيوية والأوروبية، في وقت تتزايد فيه المنافسة من جانب الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، تخطط قطر لزيادة طاقتها الإنتاجية من الغاز المسال إلى 142 مليون طن سنويًا بحلول عام 2027، مقارنة بـ77 مليون طن حاليًا.