دبي "أ ف ب": تبنت دول العالم أمس اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجًا عن الوقود الأحفوري بما يشمل الفحم والنفط والغاز التي تعد مسؤولة عن الاحترار العالمي.

وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة واصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) المنعقد في دبي، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين حوالى مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.

وعند افتتاح الجلسة العامة، تبنى المندوبون الاتفاق وقوبل بتصفيق حار من الحاضرين. وقال رئيس المؤتمر الإماراتي سلطان الجابر إنه قرار "تاريخي لتسريع العمل المناخي".

وقال المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري إن اتفاق دبي "يدعو إلى التفاؤل" في عالم يعاني من النزاعات.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أن عصر الوقود الأحفوري "يجب أن ينتهي".

وعلى الفور، أشادت فرنسا "بانتصار التعددية والدبلوماسية المناخية"، على لسان الوزيرة أنييس بانييه-روناشيه الموجودة في دبي، التي رحبت كذلك بإدراج الطاقة النووية في اتفاق دبي.

وقال المفوض الأوروبي للمناخ ووبكي هويكسترا قبل الجلسة "للمرة الأولى منذ 30 عاماً، يمكننا أن نقترب الآن من بداية نهاية الوقود الأحفوري. إننا نتخذ خطوة مهمة، مهمة جدًا" لنبقي الاحترار عند 1,5 درجة مئوية.

ويدعو النص الذي تفاوض المندوبون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".

وهذه الدعوة إلى تسريع العمل خلال العقد الحالي كانت مطلب الاتحاد الأوروبي والكثير من البلدان الأخرى.

ولم ترد في الاتفاق عبارة "الاستغناء التدريجي" (phase-out) عن النفط والغاز والفحم، وهو ما طالبت به أكثر من مئة دولة والآلاف من نشطاء المناخ.

ورأى مصدر مقرب أن هذه الصياغة "تمت معايرتها" بدقة لمحاولة التوفيق بين وجهات النظر المتعارضة، مع تعمد ترك القليل من الغموض حتى يجد كل طرف فيه ما يطالب به. وقال "لا أعتقد أن أي طرف مسرور تمامًا أو حزين تمامًا"، بالمقترح.

وعبرت جزر ساموا عن مخاوف الدول الجزرية الصغيرة. ورأى تحالف الدول الجزرية وهو في طليعة المطالبين باتخاذ إجراءات قوية للتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، أن الاتفاق يمثل "تحسنًا" لكنه "لا يوفّر التوازن اللازم لتعزيز التحرّك العالمي لتصحيح المسار بشأن تغير المناخ".

لكن مبعوث المناخ الصيني، شيه تشن هوا، وصل مبتسما ورافعا إبهاميه.

ولاعتماد هذا الاتفاق الذي وصف بأنه "تاريخي" تعين أن يحظى بموافقة جميع الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، إذ كان يمكن لاعتراض بلد واحد أن يحول دون ذلك.

وقال ألدن ماير من مركز الأبحاث E3G لوكالة فرانس برس: "إذا كان مؤتمر غلاسكو للمناخ عام 2021 قد أحدث أول تصدع مع الدعوة إلى خفض الاعتماد على الفحم، فنحن الآن أمام شق كبير مع توسيع ذلك ليشمل النفط والغاز ...".

وقال محمد أدو، من مركز أبحاث تحول الطاقة في إفريقيا "لن يعود الجنِّي إلى القمقم أبدًا".

قالت كارولين برويلات، مديرة شبكة العمل المناخي الكندية إن ما هو مطروح "لا يمثل الوعد التاريخي بالاستغناء التدريجي بل بالتحول باتجاه التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، وهذا يوجه رسالة مهمة. وإذا اعتُمد فستكون المرة الأولى التي ترد فيها مثل هذه العبارة، التي لا تشمل الفحم فحسب، بل النفط والغاز أيضًا".

ولكنها أعربت عن أسفها لإدراج ما أسمته "عوامل تشتيت خطرة مثل احتجاز الكربون وتخزينه، والطاقة النووية".

ورأى الصندوق العالمي للطبيعة في المسودة الجديدة "تحسنًا" فيما يتعلق بالوقود الأحفوري، على الرغم من عدم التطرق إلى "الاستغناء التام" عن الوقود الأحفوري. وقال ستيفن كورنيليوس من الصندوق إن "اعتماد هذا النص سيمثل لحظة مهمة".

عمل سلطان الجابر على مدار الساعة لإنقاذ مؤتمر الأطراف الذي قال إنه يمثل "نقطة تحول" وسيتمكن من الحفاظ على الهدف الأكثر طموحا لاتفاقية باريس، التي تم اعتمادها قبل ثماني سنوات، وهو الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1,5 درجة مئوية.

وأثارت المسودة الأولى المقترحة للاتفاق الاثنين احتجاجات لأنها لم تدعُ إلى "الاستغناء" عن مصادر الطاقة الملوثة التي يعدّ حرقها منذ القرن التاسع عشر مسؤولا إلى حد كبير عن الارتفاع الحالي في درجات الحرارة العالمية بمقدار 1,2 درجة مئوية.

وحتى تاريخه، لم يُسجّل سوى هدف "خفض" استخدام الفحم في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في غلاسكو. ولم يتم التطرق مطلقًا إلى النفط أو الغاز.

وفي الاتفاق الذي أعدته الإمارات اعتراف بدور "مصادر الطاقة الانتقالية"، في إشارة إلى الغاز، في ضمان "أمن الطاقة" في الدول النامية حيث ما زال نحو 800 مليون شخص محرومين من الكهرباء.

ويتضمن كذلك الدعوة إلى مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة وتيرة تحسين كفاءة الطاقة مرتين بحلول عام 2030، وتسريع التكنولوجيات ذات انبعاثات "صفر كربون" أو "المنخفضة الكربون"، بما في ذلك الطاقة النووية والهيدروجين المنخفض الكربون وتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه وهي ما زالت غير ناضجة ولكن تحبّذها البلدان الغنية بالنفط حتى تتمكن من الاستمرار في إنتاجه.

ورفضت السعودية والكويت والعراق أيّ اتفاق يمسّ بالنفط والغاز. لكنها لم تعمل على تعطيل إقرار الاتفاق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عن الوقود الأحفوری النفط والغاز

إقرأ أيضاً:

مؤشر تغير المناخ 2025.. مصر تحقق تقدما ملحوظا وسط تحديات الطقس والكوارث الطبيعية

في خطوة إيجابية على صعيد الجهود البيئية الدولية، أحرزت مصر تقدماً ملحوظاً في مؤشر أداء تغير المناخ (CCPI) لعام 2025، حيث احتلت المركز العشرين من بين 67 دولة شملها التصنيف، متقدمة مركزين عن ترتيبها في العام السابق 2024، الذي كانت تحتل فيه المركز الثاني والعشرين. 

ويعكس هذا التقدم جهود الحكومة المصرية في مواجهة تحديات التغير المناخي والتقليل من آثارها السلبية، ويبرز تطور أدائها في السياسات البيئية.

مؤشر أداء تغير المناخ (CCPI) لعام 2025

حسب تقرير مؤشر أداء تغير المناخ 2025، الذي يعكس مواقف الدول تجاه تحديات تغير المناخ، نجحت مصر في تحسين تصنيفها على المستوى العالمي، متفوقة على عدد من الدول الكبرى في المنطقة مثل جنوب أفريقيا التي احتلت المركز 38، والجزائر التي جاءت في المركز 51، والإمارات العربية المتحدة التي احتلت المركز 65. هذا التقدم يعكس جدية سياسات مصر في التصدي للتغيرات المناخية والجهود التي تبذلها من خلال تنفيذ مشاريع للطاقة المتجددة والحفاظ على البيئة.

مؤشرات الطقس في مصر لعام 2023

وفي سياق مرتبط، كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمناسبة اليوم العالمي للأرصاد الجوية عن أبرز التغيرات المناخية التي شهدتها مصر في عام 2023. وأظهرت البيانات أن درجات الحرارة في بعض المناطق سجلت مستويات قياسية، حيث سجلت محطة رصد أسوان أعلى متوسط شهري لدرجة الحرارة العظمى بمقدار 43.9 درجة مئوية في شهر أغسطس، بينما سجلت محطة رصد شرم الشيخ أدنى متوسط لدرجة الحرارة الصغرى بمقدار 30.1 درجة مئوية خلال الشهر نفسه.

من ناحية أخرى، كشف التقرير عن أعلى نسبة رطوبة شهدتها البلاد في مدينة بورسعيد، حيث بلغ متوسطها الشهري 77% في مايو، وهو ما يعكس تأثيرات التغيرات المناخية على الطقس في مصر، وزيادة درجات الحرارة والرطوبة بشكل ملحوظ.

التغير المناخي وتزايد الكوارث الطبيعية

لا تقتصر آثار التغير المناخي على الأرقام والإحصائيات فقط، بل أصبح واقعًا ملموسًا يؤثر بشكل مباشر على حياة الملايين حول العالم. ففي ظل ارتفاع درجات الحرارة، تزايدت نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي، مما تسبب في تفاقم الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف والأمطار الغزيرة.

كما شهد العالم خلال العقدين الماضيين زيادة بنسبة 134% في عدد الكوارث المرتبطة بالفيضانات، مقارنة بالفترات السابقة، وكانت قارة آسيا هي الأكثر تضررًا من حيث الخسائر البشرية والاقتصادية نتيجة هذه الظواهر. أما في قارة أفريقيا، فقد شهدت ارتفاعًا بنسبة 29% في حالات الجفاف، مما أثر بشكل كبير على العديد من البلدان وأدى إلى ارتفاع حالات الوفيات نتيجة الجفاف.

وبينما تسعى مصر إلى تعزيز مكانتها في مواجهة التغيرات المناخية، من خلال تحسين أدائها في المؤشرات العالمية، تواجه البلاد والمنطقة تحديات كبيرة نتيجة لتزايد تأثيرات التغير المناخي. في ظل هذه التحديات، يبقى من الضروري تعزيز التعاون الدولي وتطبيق استراتيجيات للحد من آثار التغيرات المناخية، من خلال تعزيز سياسات الطاقة المستدامة، وتقوية بنية البلاد التحتية للتعامل مع الكوارث الطبيعية، والعمل على تحسين قدرة المجتمعات على التكيف مع هذه التغيرات.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يندد بضربات روسية متعمدة على منشآت الطاقة الأوكرانية
  • تقرير دولي يكشف عن كميات الغذاء والمشتقات النفطية التي وصلت ميناء الحديدة خلال 60 يوما الماضية
  • ترامب يدرس بجدية عرض إيران لإجراء محادثات غير مباشرة
  • مقرر أممي يدعو لمعاقبة إسرائيل على حملة التجويع التي تمارسها ضد المدنيين بغزة
  • مؤشر تغير المناخ 2025.. مصر تحقق تقدما ملحوظا وسط تحديات الطقس والكوارث الطبيعية
  • بريطانيا تجدد رفض الاستيطان وتطالب بإدخال المساعدات لغزة
  • نظام المناخ العالمي في خطر.. هل تواجه تيارات المحيطات الانهيار؟
  • رداً على ترامب.. خامنئي يتوعد أمريكا بـ"صفعة قوية"
  • حميدتي في خطاب جديد يعترف بالخسارة ويهدد
  • الرئيس السيسي يهنئ منتخب مصر لسلاح السيف للرجال لتحقيقه إنجازًا تاريخيًا