جريدة الوطن:
2025-03-31@21:41:45 GMT

الوقت هو كل حياتنا «1»

تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT

نِعم الله على العبد كثيرةٌ لا تُعدُّ ولا تُحصى في هذا الكون الفسيح، ومن هذه النعم نعمة (الوقت)، فهو نعمة عظيمة أكرم الله سبحانه وتعالى بها الإنسان في الدنيا، فالوقت هو كل حياتنا ورأس مالنا في هذه الحياة، والمسلم المتعلق بربه في كل لحظة من حياته هو يدرك غاية الإدراك هذه الفرصة الذهبية التي يعيشها في حياته ويكون حريصًا فطنًا مستغّلًا كل أوقاته الثمينة التي تقربه من خالقه عزوجل سبحانه وتعالى، قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المنافقون ـ 9).


وها هو الإمام ابن القيم يبين هذه الحقيقة بقوله:(وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبًا من حياته…. فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته).
إنّ أيام الله التي نعيشها في هذه الدنيا تمرُّ سريعًا كمرور السحاب والأعوام، تلاحق عامًا بعد عام، فقبل أشهر استقبلنا دخول عام هجري جديد وها هي تمضي من هذا العام خمسة أشهر.. وها نحن حاليًّا في شهر جمادى الأولى، فاليوم أصبح في هذا الزمان كالأسبوع، والأسبوع كالشهر، والشهر كالسنة.. يا الله ما أسرع الأيام وكل يوم نقترب من رحيلنا من الدنيا إلى رحلة القبر ومن القبر إلى يوم الحساب.. كل من حولنا يذكرنا بقيمة الوقت العظيم الذي نعيشه فشروق شمس ومغبيها من يومك لن يعود فقد رحل من عمرك وغدًا تستقبل يوم جديد وهكذا تمر أعمارنا سريعة كسرعة البرق فهل توقفنا لحظة وحاسبنا أنفسنا عمّا مضى من أعمارنا من السنوات وتقصيرنا وضياع الوقت الكثير من حياتنا فهل استيقظنا من غفلتنا وشعرنا بذلك وصحّحنا مسار حياتنا في اغتنام نعمة الوقت، وقد جاء في الأثر أنه: (ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني لا أعود إلى يوم القيامة)، وكان الحسن البصري (رحمه الله) يقول:(يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك)، وقال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه):(ما ندمت على شيء، ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي).
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين:(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران ـ 190)، ويقول سبحانه:(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ) (الإسراء ـ 12)، ويقول تعالى في عدة آيات:(واللَّيْلِ إِذَا يَغْشى والنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى)، (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ)، (وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِيْ خُسْر).
لقد تعددت آراء وأحوال الناس في التعامل مع الوقت، فمنهم من يندم ويتحسر على مرور لحظة لم يذكر فيه الله، ويندم أهل الايمان على أغلى شيء في حياتهم من الوقت الثمين الذي مرَّ من خلاله ساعة لم يستغلها في ذكر وطاعة وتفكر في مخلوقات هذا الوجود لتكون هذه الساعة الغالية في سجل ميزان حسناته ليفوز بها في يوم الحساب، ومن قد خسر في يومه ساعة لم يهتم بها ما يعود عليه في الدنيا والآخرة على شيء إلا على ساعة مرّت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها.
إذ ليس في الوجود أغلى من الوقت، وفئة أخرى من الناس وخاصة في هذا الزمان الذي كثير من الناس لم يعطي الوقت أي أهمية في حياته مال إلى الكسل وضعفت العزائم وقلّت الهمم وكثر التفريط في استغلال الوقت واتجهت به النفس الإمارة إلى السوء، وأصحاب شيطان الأنس دعته إلى ضياع الوقت والدعة والراحة والعجز والجهل والتفريط بقيمة هذا الكنز الثمين (الوقت)، فمنهم يقضيه في مجلس مع أصدقائه في الغيبة والنميمة ونسوا ذكر الله، ومنهم من يقضيه أمام شاشات التليفزيون لمتابعة الأفلام والمسلسلات والاغاني الماجنة، ومنهم عبر الهاتف يقضي ساعات طويلة تمرُّ من حياته، فضاع وقت من عمره بدون فائدة تعود عليه في دنياه وآخرته، وتقصير في الطاعة وتكاسل في أداء العبادات في أوقاتها.
فيا أخي الغالي.. ألم تتفكر مرور الليل والنهار من كل يوم من حياتك؟! فهناك فئة من المجتمع بذلت الغالي والنفيس في كل أوقات حياتها.. فحددت هدفًا ساميًا ومن خلاله تستطيع استغلال الوقت بمختلف الأعمال والعبادات التي يتحقق من خلالها العمل الصالح، وقد فاضت السنة النبوية بكثير من الاحاديث التي تحث على استغلال الوقت، ويروي لنا البخاري في صحيحه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رضى الله عنهما) قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم):(نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ)، وأول ما يُسْأل عنه العبد يوم القيامة الوقت والزمن، وقال (صلى الله عليه وسلّم):(لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ..) (رواه الترمذي)، وقال (عليه الصلاة والسلام):(اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) (رواه الحاكم).
ولقد أمر نبينا (صلى الله عليه وسلم) بالمبادرة إلى الأعمال قبل حلول العواقب، حيث قال (صلى الله عليه وسلم):(بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا غنىً مطغيًا، أو فقرًا منسيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفندًا، أو موتًا مجهّزًا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر).

إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري
كاتب عماني

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: صلى الله علیه من حیاته

إقرأ أيضاً:

رئيس هيئة الأركان: المرحلة القادمة ستشهد تحولات كبرى والأمم التي يتمسك أبناؤها بالقرآن الكريم هي أمم لا تُقهر

 

أكد رئيس هيئة الأركان العامة، الفريق الركن صغير بن عزيز أن المرحلة القادمة ستشهد تحولات كبرى تصب في مصلحة الوطن والشعب، مضيفا أن تحرير الوطن لن يكون مجرد انتصار عسكري، بل هو استعادة للكرامة والحرية، وبداية لعهدٍ جديدٍ من الاستقرار والتنمية.

 

وحول الأمم التي لا تقهر قال رئيس هيئةالأركان" أن الأمم التي يتمسك أبناؤها بالقرآن الكريم هي أمم لا تُقهر، وأبطالنا في الميادين يستمدون من القرآن عزيمتهم وصبرهم وثباتهم حتى تحقيق النصر"..

 

وأكد أن حفظة كتاب الله هم صُنّاع النصر الحقيقي، وهم من يستحقون الإجلال والوقوف احترامًا، لأنهم يمثلون النور الذي يضيء درب الأمة نحو العزة والكرامة.

جاء هذا خلال تكريمه اليوم 100 حافظٍ لكتاب الله من مركز الجفينة بمحافظة مأرب مقدما لهم مبلغ رمزي 18 مليون ريال تشجيعاً وتقديرًا لجهودهم العظيمة في حفظ كتاب الله، وتحفيزًا لمزيد من الشباب على السير في هذا الدرب المبارك.

حضر حفل التكريم عددٍ من القيادات العسكرية والأمنية والمجتمعية.

 

كما عبّر الفريق الركن صغير بن عزيز، عن اعتزازه الكبير بحفاظ كتاب الله..

معتبراً أن هذا التكريم يأتي في سياق الاهتمام برعاية أهل القرآن، الذين يشكلون الحصن المنيع أمام مشاريع الظلام والتطرف..

مشيراً الى أن المعركة اليوم ليست فقط عسكرية، بل هي أيضًا معركة وعي وإيمان، والانتصار فيها يعتمد على التمسك بالمبادئ والقيم التي جاء بها القرآن الكريم.

 

وشدد على أهمية تكاتف جميع أبناء اليمن، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة المشاريع التدميرية التي تستهدف الهوية الوطنية والدينية..

   

واكد بن عزيز، أن النصر قادمٌ لا محالة، وأن اليمن سينهض بعزيمة أبنائه الأوفياء، المستمدين قوتهم من كتاب الله وسنة نبيه،

 

..داعيًا الجميع إلى الالتفاف حول الثوابت الوطنية والدينية، والعمل معًا من أجل مستقبلٍ أكثر إشراقًا واستقرارًا.

 

من جانبهم، عبر الحفظة المكرّمون عن سعادتهم بهذا التكريم..مؤكدين عزمهم على مواصلة مسيرتهم في خدمة كتاب الله، والعمل على نشر قيمه العظيمة في أوساط المجتمع.  

  

مقالات مشابهة

  • جرائم العيد عرض مستمر.. شاب ينهي حياته في كرداسة والعثور على جثة مدفونة داخل مقبرة أسمنتية
  • رئيس هيئة الأركان: المرحلة القادمة ستشهد تحولات كبرى والأمم التي يتمسك أبناؤها بالقرآن الكريم هي أمم لا تُقهر
  • طعناً بالسكين.. عشريني يفقد حياته بسبب مشاجرة في سوق كلار
  • موعد زكاة الفطر 2025.. مسموح حتى هذا الوقت ولا تحتسب بعده
  • البابا تواضروس الثاني ناعيًا الأنبا باخوميوس: كرس حياته إلى لله والكنيسة
  • عودة: مؤسف أن الشياطين التي أفسدت النفوس وخربت البلد ما زالت متغلغلة وتحول دون الإصلاح
  • بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • دعاء وداع شهر رمضان .. تعرفوا عليه
  • دعاء نهاية رمضان.. كلمات تجبر خاطرك اغتنم الوقت ورددها الآن