الارتقاء بالأخلاق والسلوك في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية «11»
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
إن للإنسان عادات يقوم بها المسلم كالأكل، وهي طبيعة بشرية، وما زلنا نتناول آداب الطعام، وتوجد ثمة أشياء في آداب إحضار الطعام وإكرام الضيف وليستحضر قوله (صلى اللّه عليه وسلّم) فيما رواه الشيخان والنسائي وابن ماجه عن أبي شريح وأبي هريرة:(من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه).
وهناك خمسة آداب:
أولها: أن يعجّل بالطعام فذلك إكرام للضيف، فلربما حاجة الضيف للطعام مُلحَّة خاصة إن كان من الفقراء.
وثانيها: أن يكون تقديم الطعام بترتيب معين بحسب العرف الحسن بين الناس، وهذا من الأمور الجبلية لدى كل مجتمع، فبعض المجتمعات تبدأ بالتمر ثم اللحم ثم الفاكهة والحلوى وبعضهم يبدأ بالفاكهة وبعضهم يقدم الحلوى، كل ذلك يجرى على حسب طبيعة المجتمعات، والهدف إكرام الضيف والتوسعة عليه بنية التواد والمحبة بين المسلمين لا بنية التفاخر.
وثالثها: أن يقدم جميع الألوان الحاضرة، ولا يبخل، فهذا أدعى بإدخال السرور على المسلم.
ورابعها: ألا يبادر برفع الطعام بل يمكنهم من الاستيفاء حتى يرفعوا أيديهم، فلعلَّ أنفسهم لا تزال تتوق إلى الطعام.
وخامسها: أن يقدم من الطعام قدر الكفاية، فإنَّ التقليل من الكفاية نقص فى المروءة، وعلى المقابل لا يسرف فى تقديم الكميات كما يفعل بعض الناس، ورأينا كميات هائلة من الطعام تلقى في القمامة بعد التناول وهذه أموال وخيرات تهدر والله لا يحب المبذرين، وقد ورد في القرآن الكريم النهى عن التبذير، فقال تعالى:(ولا تُبذِّر تبذيرًا، إنَّ المُبذّرين كَانوا إِخوانَ الشَّياطينَ وكان الشَّيطانُ لربهِ كفورًا) (الإسراء 26 ـ 27).
وينبغي أن يخرج الضيف طيب النفس وإن جرى في حقه تقصير، وهذا من حُسن الخلق والتواضع، وعندما يخرج فعليه أن يخرج برضا صاحب البيت وإذنه ولا يتجول في البيت بغير إذن صاحبه حتى لا بطلع على عورات ما بداخل البيت، ويراعى مقدار الإقامة لقوله (صلى اللّه عليه وسلّم) فيما رواه البخاري عن أبي شريح، وأحمد وأبو داود عن أبي هريرة:(الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة، فما كان وراء ذلك، فهو صدقة).
.. والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.
د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
AHMEDTHALAT468@GMAIL.COM
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
حكم خدمة المرأة لزوجها بين الشريعة والعرف.. عالم أزهري يوضح الحقائق
في ظل انتشار بعض الآراء المثيرة للجدل عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، خرجت تساؤلات حول واجب المرأة في خدمة زوجها داخل البيت، حيث يزعم البعض أن المرأة غير مُلزمة شرعًا بهذه الخدمة.
في هذا السياق، يرد الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، موضحًا الحكم الشرعي وداحضًا هذا الرأي الذي وصفه بـ"المرجوح".
خدمة المرأة لزوجها: الرأي الشرعي الراجحفي تصريحاته، أكد مرزوق أن الرأي القائل بعدم وجوب خدمة المرأة لزوجها قول مرجوح لا يستند إلى الأسس الشرعية القوية، وأن جمهور العلماء استقروا على خلاف ذلك، مستشهدًا بالأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال العلماء.
الدليل الأول: القرآن الكريميستشهد الدكتور بقول الله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة: 228]، موضحًا أن "المعروف" هنا يشمل ما تعارف عليه الناس من خدمة المرأة لزوجها داخل البيت، وذلك وفق الفهم الصحيح لكلام الله.
وأضاف:"أما الحديث عن ترفيه المرأة وتكليف الرجل بجميع الأعمال المنزلية كالكنس والعجن والخبز والغسل، فهذا ليس من المعروف، خاصة أن الرجل يعمل ويكدح خارج البيت للإنفاق على الأسرة، ومن العدل أن تعمل المرأة داخل البيت."
الدليل الثاني: العرف والشريعة
أشار مرزوق إلى قاعدة شرعية مهمة أكدها ابن القيم، حيث قال:"العقود المطلقة تنزل على العرف".
وبالتالي، فإن العرف المستقر في المجتمعات المسلمة منذ عصر النبوة، والذي يقضي بأن تقوم المرأة بمصالح بيتها، هو ما ينبغي الأخذ به.
وتابع مستشهدًا بقول الله تعالى: "الرجال قوامون على النساء".
وأوضح أن التمرد على هذا الترتيب الطبيعي يؤدي إلى اختلال دور القوامة الذي جعل الله الرجل مسؤولًا عنه.
الدليل الثالث: سيرة الصحابيات الجليلات
استعرض مرزوق نماذج مضيئة من حياة الصحابيات، حيث كنّ يقمن بخدمة أزواجهن داخل البيت، ومنها:
أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، التي قالت:"كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله وكان له فرس فكنت أسوسه".
فاطمة الزهراء رضي الله عنها، سيدة نساء العالمين، كانت تقوم بشؤون بيتها وتخدم زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وتساءل الدكتور مستنكرًا:
"هل كل الأزواج قادرون على استئجار من يقوم بخدمة المنزل؟ وهل الرجل الذي يعمل ويكدح خارج البيت من العدل أن يُطالب بخدمة بيته أيضًا؟"
تحذير من تأثير الآراء المرجوحة
حذّر دكتور مختار من خطورة نشر مثل هذه الآراء غير المدروسة، مشيرًا إلى أنها تؤدي إلى فساد البيوت وعصيان الزوجات لأزواجهن.
وأضاف: "المرأة المسلمة في كل العصور كانت تخدم زوجها بفطرتها السليمة وتقاليدها الموروثة منذ عصر النبوة. لذا، ينبغي ألا نُفسد على الناس حياتهم بأفكار بعيدة عن الشرع والعقل."
دعوة إلى نشر الفتوى الصحيحة
وفي ختام حديثه، دعا الدكتور مختار مرزوق إلى نشر هذه التوضيحات لتصحيح المفاهيم المغلوطة وحماية الأسرة المسلمة من التفكك، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية وُضعت لتحقيق العدل والمودة والرحمة داخل البيوت.