محمود شلتوت.. الإمام المجدد مُصلِح الأزهر في ذكرى وفاته الـ60
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
فاضتْ روحهُ إلى بارئها ليلةَ الإسراءِ والمعراجِ 1963 م ، بعدُ سبعينَ عامٍ في مضمارِ التجديد الديني متفردًا وسابقًا بلقب الإمام الأكبر لأول مرة، مُنَح الإمام محمود شلتوت الدكتوراة الفخرية من 4 دول مختلفة، وصدر قانون إصلاح الأزهر في عهده، فتفرد الأزهر بثوبه الجديد وزاد فخرًا وعزه.
الشيخ محمد شلتوت
الشيخ شلتوت هو ابن البحيرة، ولد في مركز إيتاي عام1893، خَتَم القرآن الكريم، وتخرج من الأزهر 1918 فشارَك في ثورة 1919 بقلبه ولسانه وقلمه، نال عضوية جماعة كبار العلماء عن يحثًا بعنوان "المسئولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية" في مؤتمر "لاهاي" للقانون الدولي المقارن سنة 1937م، ناصر حركة إصلاح الأزهر وفصل منه وعمل فترة في المحاماة حتى عاد إليه عام 1935م.
شيخ الأزهر والإمام الأكبر
تولى منصب سكرتير عام المؤتمر الإسلامي سنة 1957، ثم منصب وكيل الأزهر وكان أول من حمل لقب الإمام الأكبر، ثم عُين شيخًا للأزهر سنة 1958، فبدأ رحلة سعيه في تقريب المذاهب الإسلامية، فقام بزيارة العديد من بلدان العالم الإسلامي معتقدًا في ضرورة حل الخلاف بين المذاهب، فيعتبر أول من أدخل دراسة المذاهب الأزهر الشريف، طلبًا لتوحيد المسلمين ولم شملهم، كما أدخل العلوم الحديثة إلى الأزهر بجانب العلوم الدينية فنشأت العديد من الكليات، وصدر قانون إصلاح الأزهر قبل وفاته عام 1961.
وعلى إثر توافده على بلدان العالم كان على علاقات طيبه مع قادة العلام وقامت 4 دول بمنحه الدكتوراه الفخرية كما منحته أكاديمية شيلى للعلوم درجة الزمالة الفخرية.
حصيلة مؤلفات الإمام شلتوت
ألف الإمام محمود شلتوت الكثير من الكتب منها المترجم لعدة لغات، العربي كان فقه القرآن والسنة، مقارنة المذاهب، القرآن والقتال، ويسألونك. (وهي مجموعة فتاوي)، أما المترجم فهو منهج القرآن في بناء المجتمع، رسالة المسؤولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية، القرآن والمرأة، تنظيم العلاقات الدولية الإسلامي .
وفاة الإمام
فارقنا الإمام الأكبر، أكبر الأئمة في التجديد الديني خلال القرن العشرين، الشيخ محمود شلتوت مثل اليوم 13 من ديسمبر عام 1963، تاركًا لنا اثره وبصمته في الأزهر الشريف ومضمار الشريعة الإسلامية وكتبه وعلومه وأبحاثه‘ لنكمل درب التجديد والترقي من بعده.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر الإمام الأكبر الإمام الأکبر
إقرأ أيضاً:
كيف عمل الشيخ الطاهر بن عاشور على عصرنة التعليم في تونس؟
وُلد الشيخ محمد الطاهر بن عاشور عام 1879 في تونس وتأثر بشيوخه الإصلاحيين، كما جمعته صلات قوية بمصلحي عصره، وأبرزهم الإمام محمد عبده والشيخ رشيد رضا وشيخ الأزهر تونسي الأصل محمد الخضر حسين، وهي الإصلاحات التي كان لها بالغ الأثر في اهتمام بن عاشور بالإصلاح التعليمي.
وحسب أستاذ الحضارة وتاريخ الأفكار في جامعة القيروان جمال الدين دراويل، فإن الشيخ بن عاشور ينحدر من عائلة أندلسية استقر أسلافها في أطراف العاصمة المغربية الرباط ثم انتقلت إلى عاصمة تونس، وكان جده من طرف أبيه من كبار علماء القرن الـ19.
منهج في التفسيرويعتبر العالم التونسي من أساطين الاجتهاد الإسلامي المعاصر، وكان مفسرا للقرن الكريم، وكتب في الحديث وفي اللغة وفي البلاغة وفي أصول النظام الاجتماعي الإسلامي، كما يكشف دراويل لبرنامج "موازين".
ويقول رئيس وحدة فقهاء تونس في جامعة الزيتونة محمد بن علي الشتوي إن ابن عاشور له مميزات عدة في كتاباته وفي طروحاته، وهو صاحب نظرية جديدة في علم المقاصد، وعندما ألّف كتاب "مقاصد الشريعة الإسلامية" أراد أن يفصل علم مقاصد الشريعة عن علم أصول الفقه ويجعله علما مهما، لكن دون إلغاء علم أصول الفقه.
إعلانوعن منهجه في تفسير القرآن الكريم، يجزم أستاذ الحضارة وتاريخ الأفكار في جامعة القيروان أن "دول شمال أفريقيا لم تعرف مفسرا للقرآن الكريم غير الشيخ ابن عاشور"، مشيرا إلى أنه أقام تفسيره على منهج واضح تضمنته المقدمات العشر التي شملها الجزء الأول من كتابه "التحرير والتنوير"، إذ بيّن أن إعادة النظر في تفسير القرآن هي نقطة الارتكاز لبناء ثقافة عربية إسلامية جديدة ومتطورة.
ومن أبرز ما جاء في المقدمات التي تعتبر بوصلة الشيخ ابن عاشور في التفسير أنه اعتبر أن المدخل الأساسي لتفسير القرآن الكريم هو المدخل اللغوي والبلاغي.
ويلفت علي الشتوي إلى أن تونس وأفريقيا بصفة عامة سبق لها أن عرفت تفسير يحيى بن سلام، والذي كتب حتى قبل تفسير الإمام الطبري، كما كان هناك مفسرون لسور وأجزاء من القرآن الكريم، ثم جاء مشروع الشيخ ابن عاشور في التفسير في سياق حركة الإصلاح التي ظهرت في العالم العربي، والتي اهتمت بتجديد الواقع العربي والإسلامي.
ومن خصوصيات الشيخ ابن عاشور في التفسير -يضيف علي الشتوي- أنه قبل أن يبدأ في تفسير القرآن الكريم يعطي مقاصد السورة بصفة عامة، ولا يترك الآية حتى ينظر فيها من الناحية اللغوية والنحوية والبلاغية ويربطها بالسياق، كما يركز على الترابط المتين بين الآيات، ويوظف معارفه اللغوية والفقهية والتاريخية في تفسير النص القرآن.
إصلاح التعليموبشأن دوره في إصلاح التعليم في جامع الزيتونة وفي بقية المؤسسات التعليمية، يقول أستاذ الحضارة وتاريخ الأفكار في جامعة القيروان إن الشيخ ابن عاشور رفع صوته عاليا برفض الاكتفاء باسترجاع المعارف القديمة، وأدرك أن الاجتهاد أمر ضروري، وأن الابتكار المعرفي يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع حركة التاريخ التي لا تتوقف، وقال في مسألة التعاطي مع العلماء "لا أقرأ فيهم العظمة أبدا.. يقرؤون كما نقرأ ويفهمون كما نفهم".
ويشير رئيس وحدة فقهاء تونس بجامعة الزيتونة -في حديثه لبرنامج "موازين"- إلى أن سعي العالم التونسي لعصرنة الزيتونة لقي ترحيبا من البعض ومقاومة من البعض الآخر، مبرزا أنه قدم في كتابه "أليس الصبح بقريب؟" -الذي ألّفه في سن 26- نقدا جذريا للمنظومة التعليمية منذ التاريخ وللعلوم الإسلامية كما كانت تدرس، واقترح إدخال تدريس العلوم الحديثة في جامع الزيتونة.
إعلانويتأسف أستاذ الحضارة وتاريخ الأفكار في جامعة القيروان لكون الجامعة الزيتونية لم تستفد بالقدر الكافي من الشيخ ابن عاشور، ولم تكن وفية لمشروعه وأفكاره في التحرير والتنوير.
وعن مواقفه المعارضة للاستبداد، يؤكد أستاذ الحضارة وتاريخ الأفكار في جامعة القيروان أن الشيخ ابن عاشور جذّر قيمة الحرية وعدّها مقصدا أساسيا من مقاصد التشريع، وكان ذلك في كتابيه "مقاصد الشريعة الإسلامية" و"أصول النظام الاجتماعي في الإسلام".
وعرض برنامج "موازين" مداخلة لسفير إندونيسيا لدى تونس زهر مصراوي تحدث فيها عن أثر فكر الفقيه التونسي على مسلمي جنوب شرق آسيا، ووصف الرجل بأنه كان متميزا من حيث الأفكار والمبادئ والقيم التي تبني الحضارة والتقدم والازدهار، وهي الأفكار والمبادئ التي يقول السفير إنها تتلاءم مع القيم الإندونيسية.
ويقول أيضا إن أفكار الشيخ ابن عاشور تجولت في دول جنوب شرق آسيا، وإن مؤلفاته تم تدريسها ومناقشتها وقراءتها، وعلى أساسها بنيت في إندونيسيا وماليزيا وتايلند وغيرها من دول المنطقة أفكار الإسلام الوسطي.
يذكر أن الشيخ ابن عاشور توفي في 12 أغسطس/آب 1973 عن سن ناهزت 94 عاما في العاصمة تونس.
19/2/2025