كتبت الصحفية فيكتوريا نيكيفوروفا مقالا لوكالة "نوفوستي" يتناول لقاء الرئيسين الأمريكي جو بايدن والأوكراني فلاديمير زيلينسكي.

واستلهمت الكاتبة، في وصفها العلاقة بين بايدن وزيلينسكي، بيتا شعريا من قصيدة الشاعر الروسي ميخائيل ليرمونتوف "الغريب" يقول فيه: "ووقعنا متعانقين كزوج من الثعابين دفعة واحدة، واستمر العراك في الظلام" .

وقد نشر موقع "نوفوستي" المقال، الذي جاء فيه:

لقد كتبت الصحافة الأمريكية التي غطت زيارة رئيس النظام في كييف إلى الولايات المتحدة عن كل شيء باستثناء السبب الحقيقي وراء الزيارة. لم كان من الضروري ترتيب مثل هذه "الزيارة على عجل"، كما تصفها "نيويورك تايمز"؟

هل كان زيلينسكي يأمل في إقناع أعضاء الكونغرس وأعضاء مجلس الشيوخ المتمسكين بقضية الأموال مستعينا بمواهبه الخطابية والبلاغية؟ هو أمر مشكوك فيه. لقد شرحوا لكييف أكثر من مرة بصريح العبارة أنه فشل، وأن ذلك خطأه، وأنهم لا يريدون منحه المال على الإطلاق، أو بمعنى آخر لا يريدون منح أوكرانيا المال أثناء وجود زيلينسكي نفسه في السلطة.

لقد ظل الوضع متأرجحا منذ أكثر من ثلاثة أشهر للاتفاق على حزمة مساعدات بايدن لأوكرانيا. في البداية اختلقوا عذرا، ثم عثروا على آخر. والإجماع الشهير بين الحزبين بشأن أوكرانيا، والذي تم التلويح به في بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا قد انهار تماما: فالانتخابات الأمريكية قاب قوسين أو أدنى، وأي نوع من الإجماع يمكن أن يوجد الآن؟ يمكن لزيلينسكي أن يصرخ قدر ما يستطيع، لكن ذلك لن يغير من الأمر شيئا. بالمناسبة، لقد رفض هو شخصيا، مع إدراكه لذلك، التحدث عبر رابط فيديو إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي منذ أسبوع.

إقرأ المزيد لم يبق لدى بايدن سوى زيلينسكي

فلماذا إذن احتاج بايدن إلى هذه الزيارة؟ هل كي يحضر حيوانه السياسي الأليف إلى الجمهور ويطلب المال من أجله، مثل أولئك الذين يتسولون في الشوارع للحصول على المال من أجل "علاج كلب"؟ لكن الواضح أن هذا الأمر لن يمر، فقد سئم الجميع من كلبه أسوأ من الفجل المر.

يبدو أن لقاء الزعيمين كان له دوافع شخصية أعمق، بل يمكن القول إنها حميمية.

والحقيقة هي أن كثيرين في واشنطن يفكرون حقا في استبدال زيلينسكي بشخصية أكثر مرونة وقابلية للإدارة، يفكرون في الأمر ذاته بلندن، ويروجون بانتظام لقائد الجيش زالوجني.

إن قضية الانتخابات تتعلق فوق رقبة زيلينسكي كسيف ديموقليس، فهو يتكهن بأن "التعبير عن إرادة الشعب" سوف يكون الذريعة المنطقية لأسياده لإزالته من على رقعة الشطرنج، وليس من الصعب تخمين مدى خطورة فقدان السلطة بالنسبة له.

إلا أن جو بايدن هو الآخر في نفس الوضع تماما. فلديه انتخابات مقبلة، وهو لا يحظى بشعبية كبيرة. علاوة على ذلك، فهو يواجه المساءلة، تليها المحاكمة الجنائية بتهم خطيرة، من بينها على وجه الخصوص الخيانة العظمى، علاوة على ذلك فإن الخطر لا يهدده وحده، وإنما يهدد أيضا شقيقه جيم، والأهم من ذلك، فلذة كبده وابنه هانتر.

لكن المثير هنا، هو أن فلاديمير زيلينسكي لديه كل المعلومات التي يمكن أن تغرق بايدن، فالتسكع في أوكرانيا برشى تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، وراتب هانتر في "بوريسما"، وإقالة المدعي العام شوكين، بتنسيق من بايدن، كل هذا جزء من الجرائم التي يتهم بها الجمهوريون الرئيس الأمريكي الحالي.

وفي الصيف، تحدث الشريك السابق لهانتر بايدن، ديفون آرتشر، أمام لجنة الكونغرس الأمريكي حول هذه القضية، وشهد، تحت القسم، أن جو بايدن (نائب رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت) كان على علم بجميع شؤون ابنه، وشارك عبر مكبر الصوت في مفاوضاته بشأن الرشاوى وتلقي عمولات منهم.

وقد وجد الجمهوريون شاهدا في هذه القضية وهو امرأة كانت تشغل منصب كبير المحاسبين في شركة "بوريسما"، إلا أن هذه المرأة ماتت فجأة، لسوء الحظ، قبل وقت قصير من كشف آرتشر عن أسراره. بالمناسبة، لقد مات زوج هذه السيدة أيضا، نيقولاي ليسين، وهو المالك المشارك السابق لشركة "بوريسما"، منذ عدة سنوات في حادث سير غامض.

وكما نرى، فإن هناك من يهمه بشدة أن تبقى عائلة بايدن في السلطة، والزعيم الأوكراني الحالي لديه كل المعلومات الحساسة حول هذه القضية.

إقرأ المزيد حول الوضع الراهن على الجبهة الأوكرانية واحتمالات الهجوم الروسي

لقد بذل الصحفيون الأمريكيون الليبراليون لفترة طويلة قصارى جهدهم لإخفاء هذه القضية غير المريحة. ومع ذلك، وبعد شهادة آرتشر الرسمية، أصبح من المستحيل التزام الصمت. أليس الرئيس الأمريكي، من هذا المنطلق، هو دمية أيضا في يد كييف؟ تساءلت بهذا الشأن مجلة "نيوزويك"، المرتبطة بشكل وثيق بأجهزة الاستخبارات الأمريكية.

وإذا كان الأمر كذلك، فإن رحلة زيلينسكي تبدو وكأنها حدث منطقي تماما، حيث يمكن لزعيم كييف ابتزاز الرئيس الأمريكي بالأدلة المتاحة لديه، ويساومه على البقاء في منصبه، ومنحه بعض المال. هل هو أمر محفوف بالمخاطر؟ نعم، بكل تأكيد. ولكن لا توجد حتى الآن أي حلول جيدة بالنسبة لزيلينسكي.

ويمكن لبايدن بدوره أن يحاول إرضاء المبتز بالمال والأسلحة والوعود، كما أنه لن يفيده أن يستبدل خصومه السياسيون زيلينسكي بصغير آخر في كييف، قد يكون قادرا، مقابل منصبه، على نشر أدلة تدين رئيس الولايات المتحدة.

وليس من المستغرب إذن أن يتصرف بايدن على نحو هستيري للغاية فيما يتعلق بمساعدة أوكرانيا اثناء حملته الانتخابية. فهو تارة يهدد بحرب نووية، أو يرهب أعضاء الكونغرس بـ "هجوم بوتين"، ولا يسعنا هنا أن نحكم على الرجل العجوز بقسوة، فبالنسبة له ثمة الكثير على المحك: حريته وحرية ابنه.

ويبدو أن خطابات زيلينسكي أمام المشرعين الأمريكيين هي ببساطة المظهر الخارجي للزيارة، وهي خطابات بلا هدف وعديمة الفائدة. إلا أن الهدف الحقيقي من رحلة زيلينسكي إلى واشنطن هو لقاء شخصي مع بايدن. ولسان الحال يقول: حسنا، لا يمكننا مناقشة مثل هذه القضايا الحساسة، التي تتعلق بالسجن، عبر الهاتف.

إنه ابتزاز متبادل وفساد مستشر وخيانة للمصالح الوطنية.. أمر مدهش كيف اقترب جو بايدن وفلاديمير زيلينسكي لهذه الدرجة بشأن هذه القضايا. وكان الأمر ليصلح كي يكون كوميديا سياسية: الرئيس الأمريكي الذي أصبح معتمدا على عميله. لولا أن الأمر يتعلق بدمار أوكرانيا وسكانها في نفس الوقت من أجل جشعهما.

من غير المعروف كيف ستنتهي هذه الحبكة، ولكن أصدق ما يصف العلاقة بين الزعيمين هي كلمات الشاعر ميخائيل ليرمونتوف: "ووقعنا متعانقين كزوج من الثعابين دفعة واحدة، واستمر العراك في الظلام".

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: بايدن زيلينسكي الولايات المتحدة أوكرانيا مجلس الشيوخ الأمريكي الحزب الديمقراطي الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي البيت الأبيض الجيش الروسي الحزب الجمهوري العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الفساد الكونغرس الأمريكي جو بايدن حلف الناتو فلاديمير زيلينسكي هانتر بايدن وزارة الدفاع الروسية الرئیس الأمریکی هذه القضیة جو بایدن

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي: ليس لدينا وقت وعلينا وضع "خطة للسلام" للقمة الثانية

اعترف الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي بأن أوكرانيا لا ترغب في إطالة الصراع، لأن هناك العديد من الجرحى والقتلى في ساحة المعركة.

إقرأ المزيد تاكر كارلسون: من المستحيل أن تهزم أوكرانيا روسيا

جاء تصريح زيلينسكي لدى وصوله إلى قمة الاتحاد الأوروبي، حيث تابع: "علينا أن نضع خطة التسوية على الطاولة في غضون بضعة أشهر. ليس لدينا الكثير من الوقت لأن لدينا الكثير من الجرحى والقتلى في ساحة المعركة. لذلك نريد إعداد خطة السلام هذه للقمة الثانية".

وكانت أوكرانيا قد أعلنت عن إعداد خطة تسوية بعد ما سمي بـ "مؤتمر السلام" في سويسرا، على أن يتم تقديم هذه الخطة إلى روسيا في الاجتماع الثاني لـ "مؤتمر السلام".

وأضاف زيلينسكي أن أوكرانيا لم تجر أي اتصالات مع روسيا بعد مؤتمر سويسرا، حيث أعلنت عدة دول ضرورة مناقشة التسوية مع موسكو، إلا أنه أشار إلى أنه "لم يجر أي حوار مع روسيا خلال هذه الفترة، وإذا حدث هذا في الخفاء، فهو أمر لا علاقة له بنا".

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حدد، 14 يونيو الجاري، في اجتماع مع قيادات وزارة الخارجية الروسية، شروط حل الوضع بأوكرانيا. ومن بين الشروط انسحاب القوات المسلحة الأوكرانية من دونباس وزابوروجيه وخيرسون ورفض كييف الانضمام إلى "الناتو". ترى روسيا، إضافة إلى ذلك، ضرورة رفع جميع العقوبات الغربية المفروضة عليها وإقامة دولة عدم انحياز خالية من الأسلحة النووية بأوكرانيا.

وأشار بوتين أنه إذا ما رفضت أوكرانيا والغرب هذه الشروط، فإن هذه الشروط قد تتغير في المستقبل.

وقد رفضت كييف خطة السلام الروسية.

المصدر: تاس

مقالات مشابهة

  • نائبة رئيس وزراء أوكرانيا: أشعر بالقلق بعد مناظرة بايدن وترامب
  • زيلينسكي: خطة إنهاء الحرب مع روسيا ستكون جاهزة هذا العام‎
  • بعد أول مناظرة.. ماذا لو انسحب بايدن من أو تم استبداله ؟
  • ترامب يؤكد خلال المناظرة مع بايدن أن كييف لا تنتصر في الصراع العسكري الحالي
  • بايدن يدلي مجددا بتصريح غير لبق بحق بوتين خلال المناظرة مع ترامب
  • كينيدي جونيور يتهم بايدن ومتعجرفي البيت الأبيض بقتل نصف مليون أوكراني بحرب وكالة لإضعاف روسيا
  • أوكرانيا والاتحاد الأوروبي يوقعان اتفاقية أمنية
  • أوكرانيا توقع اتفاقيات أمنية مع ليتوانيا وإستونيا
  • زيلينسكي: ليس لدينا وقت وعلينا وضع "خطة للسلام" للقمة الثانية
  • البيت الأبيض: لا نعتزم إجبار كييف على تقديم تنازلات إقليمية لروسيا