مجدي عاشور: وضع السنن في مقام الواجب من أعمال القلوب
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
أقامَ اللهُ تعالى رسلهُ ناصحينَ مرشدينَ لكل أقوامهم، فقال تعالى عن نوح عليه السلام في سورة الأعراف: "أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"، وجعل نبي الهدى محمد ناصح الأمة والثقلين من إنسًا وجن فقال ﷺ: "الدين النصيحة"، كما أوْجدَ الُرسل مبلغين ومنذرين لأوامر محدده من الله واجبة النفاذ، فما الفارق بينهم وما الأولى في الإتباع لإصحاب المقام الأقرب لله؟.
مسلسل زينهم.. تعرف على حكم وضوابط الإسلام في تشريح الموتى
الفارق بين النصيحة والأمر
وفي هذا السياق تحدث الشيخ مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية خلال مجلس شرح كتاب “أيها الولد” لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي، في مسجد فاضل الشهير : “بجامع المفتي” بمدينة السادس من أكتوبر، عن مبلغ الفائدة من النصيحة بين الشيخ والمريد فقال أن هناك فارق بين النصيحة والأمر، فالأمر إلزام أما النصيحة فهي إرشاد.
وتابع أن علاقة الشيخ بالمريد - وهو المتعلم على يد شيخ وفقًا لطريقته ومنهاجه- تقوم على النصح ولكن المريد الذكي يأخذ النصيحة إلى مقام الأمر، قائلًا “أن المريد يحب شيخه والمطلوب من المحبوب مأمور به ولو كانت درجته الاستحباب، فدرجة المطلوب عند المحب من المحبوب كلها واجبة”.
النصح والأمر بين الرسول والصحابة
وأضاف عاشور أن حضرة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام إذا أمر أمرًا يكون عند الصحابة في مقام الواجب والفعل مباشرة، ولا يسألون هل هو للأمر أو الإباحة؟، ويوضح أن هذا فعل أصحاب القلوب، فحكم السُّنَّة في الفقه: "هي ما يُثَابُ فاعلُها ولا يُعَاقَب تاركُها ".
فأصحاب الأفئدة يستمعون إلى قول (يُثَابُ فاعلُها) وهو الشق الأول ويفعلوا السنن مباشرة، أما أصحاب الجوارح فينظرون إلى السنن من منطلق أنها ( لا يُعَاقَب تاركُها) فيتركوا السنن.
الواجب والسنة بين صاحب الشريعة والسير إلى الله والعارف بالله
تابع فضيلة الشيخ مجدي عاشور أن صاحب الشريعة المحضة ينظر للشق الثاني ( لا يُعَاقَب تاركُها) فقد لا يعمل بها، وصاحب السير إلى الله ينظر للشق الأول (يُثَابُ فاعلُها) فيبادر بالعمل بها، وأما العارف فينظر إليهما معا فيجعل الأول (وهو ما فيها من الثواب) لنفسه ، ويجعل الثاني (وهو عدم العقاب إذا لم يفعلها) لغيره ؛ حتى لا يشق على غيره.
مجدي عاشور: الانتخابات تحقق استقرار المجتمع ووحدته خطيب الجامع الأزهر: الإسلام دين الرحمة والإنسانية والإحسان
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النصيحة النصح مجدي عاشور أصحاب القلوب الواجب مجدی عاشور
إقرأ أيضاً:
بعد تصريحات وسام شعيب .. دار الإفتاء: «منْ كشف عورة أخيه كشف الله عورته»
أثارت تصريحات طبيبة كفر الدوار وسام شعيب ، جدلاً كبيراً، بعدما نشرت مقطع فيديو تضمن وصفًا لحالات حمل سفاح لفتيات، بينهن طفلة 17 عامًا، في شهرها الثامن، وأن أسرتها حاولت إجهاضها، وفيديو آخر تحدث عن سيدة لجأت إلى الزواج العرفي من شاب أصغر منها لتسجيل الطفل باسمه، مؤكدة أن الطفل نتاج علاقة غير شرعية من رجل آخر.
وقالت دار الإفتاء، إن احترام خصوصياتِ الآخرين واجبٌ شرعيٌ وأخلاقيٌ، ومِن مظاهر احترامِ خصوصية الآخرين، -عدم نَشْر المقاطع المُصوَّرة أو المسموعة عن تفاصيل حياتهم وما يصنعونه -سواء كان هذا الصَّنيع مُبَاحًا أو لا-، فالشرع الشريف نَهَى عن نَشْر وإشاعة ما يُعيَّب به المرء؛ لأنَّ فيه تتبُّعًا للعورات.
لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتِهمواستشهدت الإفتاء في فتوى لها، في إجابتها عن سؤال: «كيف حث الإسلام على احترام خصوصية الآخرين؟» بقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «يا معشر مَن آمن بلسانه ولم يَدخُل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتِهم، فإنَّه مَن اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومَن يتبع الله عورته يَفْضَحه في بيته» (رواه أبو داود).
الشرع الشريف أمر بالستر
وتابعت: إن الشرع الشريف أمر بالستر وغض الطرف عن عثرات الناس وعيوبهم، وعدم تتبع عوراتهم، وعدم التشهير بهم؛ لئلا يكون سببًا في نشر السوء من وجه، وسترًا وعونًا على التوبة وإصلاح النفس من وجه آخر؛ فعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وواصلت: وفي رواية أخرجها الإمام ابن ماجه في "سننه": «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ»؛ قال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 638، ط. دار الحديث): [من ستر مسلمًا اطلعَ منه على ما لا ينبغي إظهارهُ من الزلاتِ والعثراتِ، فإنه مأجور بما ذكره من سترهِ في الدنيا والآخرة؛ فيسترهُ في الدنيا بألَّا يأتي زلةً يَكْرَهُ اطلاعَ غيرهِ عليها، وإن أتاها لم يُطلعْ الله عليها أحدًا، وستره في الآخرة بالمغفرة لذنوبه وعدم إظهار قبائحه وغير ذلك].
وأكملت: قد حرص الإسلام على احترام خصوصية الإنسان، وهو أمر داخل في مقصد حفظ العرض، وهو أحد المقاصد الكبرى للشريعة، وشرع الله عزَّ وجلَّ لأجل ذلك من الأحكام والتشريعات ما يحفظ به للإنسان حقه في الخصوصية، في هيئته وصورته، وهذا ليس مقصورًا على أن يخترق الإنسان سترًا مسدلًا أو أن ينظر إلى عورةٍ، بل هو نهيٌ عن عموم اختراق خصوصية الآخرين بغير علمهم وبغير ضرورة لذلك.
رفض الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، تصريحات الطبيبة وسام شعيب، التي أفشت فيها أسرار المرضى، قائلاً: «إشاعة الأسرار أو كشفها أو كشف الأمور الخاصة التي يُعيَّر بها الإنسان يحرم البوح بها تحريمًا مؤكدًا لا سيما ما يتعلق بأمن الوطن».
ونبه الدكتور أحمد كريمة في تصريح له، على أنَّ هناك أسرارًا شخصية وأخرى عامة، وأن كل ما هو متفق عليه أو اقتضى العرف عدم البوح أو الكلام عنه فلا يجوز أن يتم إفشاؤه.
إفشاء الأسرار الشخصية حرام شرعاوشدد على أنَّ الأسرار الأمنية أو العلمية أو العسكرية يحرم تمامًا على الإنسان أن ينشرها، لكونها تضر بالوطن والأمن المجتمعي، كذلك بالأمر بالنسبة للأسرار الشخصية.
منهج الإسلام هو الستروأشار أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إلى أن منهج الإسلام هو الستر والاستتار، كما جاء بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من سَتَر مسلمًا سترَهُ اللَّهُ في الدُّنيا والآخرةِ» (رواه مسلم)، موضحاً أن هذا الأمر يشمل المجتمع الإنساني بأسره وليس فقط المسلمين.
وختم: إن كل فعل فيه إشاعة الأسرار أو كشفها أو كشف الأمور الخاصة التي يُعيَّر بها الإنسان فيحرم البوح بها تحريمًا مؤكدًا، لا سيما ما يتعلق بأمن الوطن.