أكّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنَّ التحديات التي يواجهها لبنان جراء النزوح السوري تتجاوز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لتطال الأمن المجتمعي، مشيراً إلى أنّ الأزمة السورية تركت انعكاسات مباشرة على لبنان، أبرزها وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازحٍ سوري على أرضنا، وأضاف: "لن نبقى مكتوفي الايدي ونتلقى الازمات المتتالية وأن يعتبرنا البعض مشاريع اوطان بديلة، بل سننقذ وطننا وسنحصّن انفسنا لاننا أصحاب الحق أولاً وأخيراً في العيش بوطننا بعزة وكرامة".


  كلامُ ميقاتي جاء خلال خطابٍ له أمام المنتدى العالمي للاجئين - سويسرا، اليوم الأربعاء، إذ قال: "إن ما يشغل بالنا هو الدفق الجديد من موجات النزوح السوري عبر ممرات غير شرعية لدواع اقتصادية بغالبيتها، وما يبعث على القلق أن اكثرية النازحين الجدد هم من فئة الشباب، فيما الجيش والقوى الامنية يجهدون مشكورين لمنع قوافل النزوح غير المبرر، والذي يهدد استقلاليتنا الكيانية ويفرض خللا حاداً ويضرب عن قصد او بغير قصد التركيبة اللبنانية".   وشدّد ميقاتي على أنه لم يعد باستطاعة لبنان تحمل هذا العبء بمفرده، داعياً الجميع إلى تحمّل مسؤوليتهم في هذا الملف، وأردف: "كل الكلام عن الاعتبارات الانسانية وحقوق الانسان للتهرب من المسؤولية والقائها على عاتق اللبنانيين حصراً بات ممجوجاً. والسؤال الذي من حقنا المجاهرة له، هل تعيبون علينا اننا نطالب بعودة شعب الى ارضه ليعيش بكرامته، فيما يتم التغاضي عن جريمة موصوفة تهدف الى اقتلاع شعب من ارضه وقتله وتهجيره؟أين المعايير الانسانية المتوازنة في تعاطي المجتمع الدولي مع القضيتين؟". 
  وتطرّق ميقاتي إلى الحرب في غزة، داعياً إلى إنهائها فوراً، كما طالب بوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان والذي أدى إلى سقوط مئات الشهداء والجرحى.
وفي ما يلي كلمة ميقاتي أمام المؤتمر:    ينعقد لقاؤنا اليوم في ظروف بالغة الحزن والقهر، ونحن نشهد الأزمة الإنسانية المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، والتهديد بتهجيرهم،  مما يضعنا أمام  تحد مزدوج يتمثل في البحث العملي في معالجة موضوع النزوح السوري ،المفتوح منذ العام 2011، والبحث في الملف المستجد المرتبط بالوضع في غزة. 

إن الواجب يفرض علينا  العمل لوقف ما يجري هناك من قتل وتدمير ممنهج لم يشهد له التاريخ مثيلا. وهنا اتوجه بالتحية الى الدول ال153 التي ايدت بالامس القرار الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة بحماية المدنيين ووقف العمليات الحرببة في غزة.
إننا، إذ نكرر  دعمنا الثابت للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره، نطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف وضمان حماية المدنيين والعمل على التوصل إلى حل عادل ودائم يحترم حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته، ويضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفق القانون الدولي.

إن لبنان، الذي يستضيف الاف الاخوة الفلسطينيين منذ بداية محنة تهجيرهم قبل 75 عاما ،ودفع اثمانا باهظة دفاعا عن القضية الفلسطينية ، ويتشاطر مع الاخوة الفلسطينيين الامكانات القليلة المتاحة لديه، ينادي بأولوية العمل على حل هذا الصراع لكونه مفتاح الحل لكل أزمات المنطقة. أما استمرار الصراع، من دون حل، فمن شأنه أن يدخل المنطقة في أزمات متتالية لا يمكن توقع نتائجها وانعكاساتها.

وفي هذا السياق أيضا فاننا نجدد المطالبة  بوقف العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان، والذي ادى الى سقوط مئات الشهداء والجرحى، والى خسائر  مباشرة وغير مباشرة تركت انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني الرازح اصلا تحت اعباء هائلة من بينها ضغط وجود ملايين النازحين السوريين واللاجئين  الفلسطينيين، بما يفوق قدرة اي بلد على التحمّل .

أيها الحضور الكريم
لقد مر ثلاثة عشر عاماً على بدء الازمة السورية ، وما تركته من انعكاسات مباشرة على لبنان، ابرزها وجود  أكثر من  مليون ونصف مليون نازح سوري على ارضنا ، وارتفاع هائل في اعداد الولادات.  إن التحديات التي نواجهها جراء هذا النزوح،  تتجاوز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لتطال  الأمن المجتمعي، واهتزاز التركيبة الديمغرافية الحساسة لجهة تجاوز عدد الولادات السورية الولادات اللبنانية وارتفاع نسبة الجريمة واكتظاظ السجون، بما يفوق قدرات السلطات اللبنانية على التحمل. كذلك أدى التنافس على فرص العمل المحدودة الى زيادة التوترات والحوادث الأمنية.

إن ما يشغل بالنا هو الدفق الجديد من موجات النزوح السوري عبر ممرات غير شرعية لدواع اقتصادية بغالبيتها . وما يبعث على القلق أن اكثرية النازحين الجدد هم من فئة الشباب، فيما الجيش والقوى الامنية يجهدون مشكورين لمنع قوافل النزوح غير المبرر، والذي يهدد استقلاليتنا الكيانية ويفرض خللا حاداً ويضرب عن قصد او بغير قصد التركيبة اللبنانية.

أيها الحضور الكريم
ليست المرة الاولى التي نعرض فيها هذا الواقع أمامكم، فمنذ سنوات وتحن نحذر من التداعيات السلبية  لهذا النزوح، ليس على لبنان فقط، بل على كل الدول ولا سيما الاوروبية ونحن نشهد موجات الهجرة غير الشرعية الى الدول الاوروبية، رغم الاجراءات المتخذة، وهذه الموجات ستزداد حتما وستشكل قنابل موقوتة في اوروبا اذا لم تعالج  اسبابها الفعلية. 
 
السيدات والسادة
يختلف اللبنانيون على الكثير من الملفات ولكنهم متحدون صوتا واحدا على مطالبة المجتمع  الدولي بحل قضية النازحين وعدم الضغط على لبنان لابقائهم على أرضه.
لقد اظهر التقرير السنوي الذي اعده البنك الدولي وسينشر في غضون ايام ان كلفة النزوح السوري على لبنان منذ بداية الحرب السورية تقدر بعشرات  المليارات من  الدولارات. فهل من المقبول أن يبقى العالم متفرجا على وطن ينوء  تحت اعباء فرضت عليه فرضا ولا قدرة له على تحمّلها، وعلينا جميعا أن نتشارك مع المجتمع الدولي من اجل حل مستدام لهذا التحدي. 
اللبنانيون برفضون أن يبقى هذا الجرح نازفا في خاصرتهم ومن حقهم أن يتخذوا الاجراءات التي يرونها مناسبة لحماية وطنهم وأنفسهم، وهذه الخطوات تبدأ بعودة النازحين  السوريين الى بلادهم وتوقف المنظمات الدولية عن اغرائهم للبقاء في وطننا. فليتوجه  الاهتمام الدولي بالنازحين نحو اعادتهم الى المناطق المستقرة في سوريا، ولتقدم لهم المساعدات في وطنهم.
وبالتوازي فالمطلوب العمل على وضع خطة شاملة تعالج الأسباب الجذرية للأزمة السورية وتضمن العودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى وطنهم. ويجب أن تعطي هذه الخطة أيضًا الأولوية لدعم وإعادة إدماج اللاجئين السوريين في سوريا.
في هذا الاطار، ولان الهجرة الجديدة التي يشهدها لبنان اقتصادية الابعاد، مما يضيف اعباء جديدة على لبنان، فاننا نقترح اعتماد تصنيف علمي يميز بين العمال السوريين والمهجرين كلاجئين، ووضع آلية وطنية لتحديد الوضعية القانونية لكل نازح سوري في لبنان، إلزام أصحاب العمل في القطاع الخاص بالالتزام بشروط توظيف العمال السوريين بطريقة تقلل من المنافسة مع الكفاءات اللبنانية.

كما نقترح تحديد فئات السوريين المهجرين التي يمكن تسهيل عودتهم، ووضع  جدولة زمنية لعودتهم، مع ضمان تطبيق الضمانات القانونية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

ان هذه الخطوات تنبع من الرؤية الوطنية للحكومة ومعظم القوى السياسية اللبنانية، بالإضافة إلى المتطلبات المستندة الى مصالح الشعبين اللبناني والسوري، وإعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان الذي نحرص على الالتزام به.وهنا لا بد من ان نحيي ونثمن الجهد  الكبير الذي يقوم به مفوض الامم المتحدة لشؤون اللاجئين السيد فيليبو غراندي ، فله منا اطيب تحية وكل احترام.

أيها الحضور الكريم
لم يعد باستطاعة  لبنان أن يتحمل هذا العبء بمفرده، وعلى الجميع تحمّل مسؤوليتهم في هذا الملف ، وهم في الاصل شركاء في المسؤولية عن وصوله الى هذا الوضع الذي نرزح تحته. وكل الكلام عن الاعتبارات الانسانية وحقوق الانسان للتهرب من المسؤولية والقائها على عاتق اللبنانيين حصرا بات ممجوجا. والسؤال الذي من حقنا المجاهرة له، هل تعيبون علينا اننا نطالب بعودة شعب الى ارضه ليعيش بكرامته، فيما يتم التغاضي عن جريمة موصوفة تهدف الى اقتلاع شعب من ارضه وقتله وتهجيره؟أين المعايير الانسانية المتوازنة في تعاطي المجتمع الدولي مع القضيتين؟ 

تبقى كلمة أخيرة اتوجه بها اليكم. قدرنا أن نتشارك واياكم تحدي معالجة النزوح، وندائي لكم أن تضعوا هذا الامر في سلم الاولويات، لاننا بتنا على شفير الانهيار الكلي.
لن نبقى مكتوفي الايدي ونتلقى الازمات المتتالية وأن يعتبرنا البعض مشاريع اوطان بديلة، بل سننقذ وطننا وسنحصّن انفسنا لاننا أصحاب الحق اولا واخيرا في العيش بوطننا بعزة وكرامة. وشكرا.        

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المجتمع الدولی النزوح السوری على لبنان فی غزة فی هذا

إقرأ أيضاً:

وزيرا خارجية اسبانيا والدانمارك عند ميقاتي.. رئيس الحكومة: وقف النار في غزة ينهي صفحة دموية

رحب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باعلان كل من قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة .

وقال : ان هذا الاعلان ينهي صفحة دموية من تاريخ الشعب الفلسطيني الذي عانى الكثير جراء العدوان الاسرائيلي. وكل الامل في ان يكون وقف اطلاق النار مستداما وان تلتزم به اسرائيل، ليصار تاليا الى ايجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية واعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.

وكان رئيس الحكومة عقد سلسلة لقاءات واجتماعات توزعت بين السرايا ودارته.

وفي هذا الاطار استقبل مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا وعرض معه الاوضاع العامة.

كما إستقبل رئيس الحكومة وزير خارجية اسبانيا والاتحاد الأوروبي والتعاون خوسيه مانويل ألباريس بوينو، وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين لبنان واسبانيا والوضع الراهن في المنطقة.

وفي خلال الاجتماع نوّه الوزير الاسباني بادارة الرئيس ميقاتي شؤون البلاد طوال الفترة السابقة الصعبة، ومواجهته للتحديات العديدة التي تعرض لها لبنان، بما فيها الحرب الاخيرة.

كما هنأ لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية واعادة اطلاق العجلة الدستورية في البلاد.

كذلك اطلع رئيس الحكومة على المساعدات الاضافية التي ستقدمها اسبانيا للجيش ودعمها الدائم في المحافل الدولية لوجود قوات اليونيفيل في الجنوب.

وزير خارجية الدانمارك
كما استقبل رئيس الحكومة وزير خارجية الدانمارك لارس لوك روثمان سفير الدانمارك كريستوفر فيفيك والوفد المرافق.

وتم البحث في العلاقات بين البلدين والملفات المشتركة، لا سيما الدعم اللوجستي الذي تقدمه الدانمارك للجيش.

وقد هنأ الوزير الدانماركي على انجاز وقف اطلاق النار وهنأ لبنان على انتخاب رئيس الجمهورية. وتمنى تشكيل حكومة جديدة قريبا.

النائب الخير
واستقبل النائب احمد الخير الذي قال:
"الزيارة اليوم كانت مناسبة لشكر دولة الرئيس ميقاتي على كل جهوده ودوره الكبير، خصوصاً في المرحلة السابقة جراء الفراغ في سدة الرئاسة لأكثر من سنتين وأربعة أشهر. كلنا نعرف المخاطر والمطبات والمآزق التي مر بها لبنان في هذه المرحلة ، وكيف كانت حكمة وديبلوماسية ورؤية وصبر الرئيس ميقاتي، والتي كانت صمام أمان لهذه المرحلة واستطعنا ان نكمل بمسيرة البلد.
أضاف: اليوم نحن امام حقبة جديدة وخلال الاستشارات النيابية راينا، كما الرئيس ميقاتي منذ الصباح حتى الظهر، أن هناك نوعا من التوافق بدأ يتكون حول المرشح نواف سلام ، لاسيما بعد اعلان كتلتي الاشتراكي والتيار الوطني الحر تبنيه. وهنا كنا على تنسيق مستمر ودائم مع الرئيس ميقاتي،والجميع يعرف العلاقة التي تربطني بدولته وهي ليست فقط علاقة سياسية ،بل علاقة ود وأخوة مع الرئيس ميقاتي، ومن خلال التواصل معه كان رأي الرئيس ميقاتي واضحا بأننا دائما إلى جانب التوافق ، ونحن دائما ندعم موقع الرئاسة والحكومة، وندعم كل من يكلف بهذا الموقع، انطلاقا من هذا الامر كان راي الرئيس ميقاتي ان نصوّت للرئيس نواف سلام ،وكان مصرا على أن ناخذ هذا الموقف الذي رايتم ايضا نتيجته أو انعكاس نتيجته على بعض الكتل الأخرى التي صوتت بالورقة البيضاء، وهذا دليل قاطع على ان هذا كان هو توجه رئيس الحكومة أنذاك."
اضاف:" انطلاقا من هذا الامر ، فان اي شخصية تكون في هذا الموقع سنكون خلفها وداعمين لها مع الرئيس ميقاتي ومع جميع رؤساء الحكومة السابقين.هذا الصرح هو لجميع اللبنانيين والمواطنين ولكن نحن نعرف ان هناك خصوصية سنية تتعلق بالقصر الحكومي وبمن يشغل هذا الموقع. انطلاقا من هذا الأمر باسمي واسم دولة الرئيس اقول اننا ستكون الى جانب الرئيس نواف سلام مسهلين وداعمين لمساره السياسي ونتمنى من كل الافرقاء في البلد ان يكونوا متعاونين ومسهلين لهذا العهد الجديد. لدينا رئيس جمهورية صاحب رؤية ونظيف الكف ولدينا رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة صاحب رؤية ايضا ونظيف الكف وهما رجلا دولة ونحن اولاد دولة ولن نكون الا داعمين له."

النائب الصمد
واستقبل رئيس الحكومة النائب جهاد الصمد الذي قال بعد اللقاء:"‏من لا يشكر الناس لا يشكر الله، اي ان من ليس لديه وفاء لا دين له، لذلك زيارتي اليوم هي زيارة تقدير واحترام لدولة الرئيس ميقاتي ، واهم ما يتميز به الإنسان الذي يتعاطى الشأن العام ان تكون لديه ميزة الإنصاف، لذلك اشكر دولة الرئيس ميقاتي على كل ما بذله من جهود وطنية واستثنائية في فترة الفراغ الفراغ الرئاسي والعدوان الإسرائيلي على لبنان، وهو استطاع المحافظة على ما تبقى من دولة وشرعية بامكانات متواضعة جدا."
 

مقالات مشابهة

  • “التجارة” توضح الحالات التي يحق للمستهلك فيها الحصول على سيارة بديلة
  • ميقاتي استقبل وزير الخارجيّة الاردنيّة.. الصفدي: نُثمن الجهود الكبيرة التي قام بها دولته
  • وزيرا خارجية اسبانيا والدانمارك عند ميقاتي.. رئيس الحكومة: وقف النار في غزة ينهي صفحة دموية
  • ميقاتي استقبل وزيري خارجية إسبانيا والدنمارك.. وهذا ما تمّ بحثه
  • السيّدة ميّ ميقاتي التقت عقيلة ملك البحرين وشاركت في المنتدى والمعرض الاقتصادي العالمي للمرأة
  • المفتي قبلان: لن نقبل بتجاوز ثقلنا النيابي وإلغاء قدراتنا وشراكتنا الميثاقية
  • “فصل جديد”.. رئيس الحكومة اللبنانية المكلف يتحدث عن التحديات التي تواجهها البلاد
  • ليس دفاعًا عن الرئيس ميقاتي
  • ميقاتي استقبل السفيرة الأميركيّة التي أشادت بجهود رئيس الحكومة
  • باحث: تحالفات “إيرانية سعودية أمريكية” ستؤثر في اختيار “ميقاتي” رئيسا للحكومة اللبنانية