واشنطن ـ  (د ب أ)-  فرضت التحديات والتهديدات التي يمثلها التطور السريع والمتلاحق لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي نفسها على قائمة اهتمامات دوائر صناعة القرار والأبحاث في أغلب دول العالم. وفي حين دعا عدد من رؤساء كبرى شركات التكنولوجيا في العالم إلى تعليق تطوير هذه التقنيات لفترة حتى يتم تحديد أفضل سبل التعامل معها، قال عالمان أمريكيان إن التصدي للمخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي يمكن أن يبدأ بخطوات بسيطة مثل إيجاد المناهج المناسبة لإدارة المخاطر وإجراء أبحاث لتحديد كيف يمكن ضمان تحقيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لأهداف مصمميها ونواياهم بصورة أفضل، والاستعداد للتعامل مع الجوانب السلبية مثل العنصرية والتمييز الجنسي وغير ذلك من التحيزات الموجودة حاليا داخل أنظمة الذكاء الاصطناعي.

 وفي تحليل نشره موقع مؤسسة راند الأمريكية المرموقة لأبحاث الدفاع والامن القومي  قال كارتر برايس عالم الرياضيات و ميشيل وودز المدير المشارك لقطاع أبحاث الأمن الداخلي في مؤسسة راند، إنه رغم محاولات تعداد  المخاطر، فإن التصنيف البسيط لها، يتيح تقسيمها إلى مخاطر آنية يمكن أن يزيد حدتها الذكاء الاصطناعي مثل استخدام الإرهابيين لهذه التكنولوجيا في تطوير أسلحة بيولوجية أشد فتكا، ومخاطر مستحدثة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي تحديدا، مثل اختيار الذكاء الاصطناعي للقضاء على الجنس البشري كحل نهائي  لمشكلة التغير المناخي على كوكب الأرض. وبالطبع قد تظهر الحاجة إلى تعديل المناهج المستخدمة للتعامل مع التهديدات الحالية، لكي تضع في الحساب القدرات غير المتوقعة التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي. وفي حين أن هناك مخاطر تم توثيقها  بسبب تحيزات الذكاء الاصطناعي الحالية، فإن المخاطر المستحدثة التي يمثلها الذكاء الاصطناعي غير محددة بوضوح لكي يتم التعامل معها من خلال السياسات، حتى يمكن للباحثين والمطورين  امتلاك المبادرة في التعامل مع التهديدات. ورغم ذلك يمكن  اتخاذ خطوات للاستعداد لهذه المخاطر سواء الحالية أو المستحدثة.  وتركز  مناهج إدارة المخاطر المستخدمة في قطاعات التأمين والتمويل وغيرها من الأنشطة الاقتصادية على الخطر باعتباره  نتيجة محتملة لحدوث شيء ما، يؤدي إلى نتيجة يمكن قياسها  بالدولار.  وهذه المناهج تعمل بشكل جيد في المجالات التي يمكن فيها قياس النتائج بالدولار، مع سهولة التعبير عنها بشكل كمي، وتكون البيانات شاملة بما يكفي للوصول إلى تقديرات يعتمد عليها. وللأسف فإن هذه المعايير لا تصلح مع مخاطر الذكاء الاصطناعي. وبدلا من التفكير في المخاطر كاحتمالات وتداعيات، من الصعب تحويل السياق إلى كم، ويمكن التفكير في المخاطر  كمزيج من التهديدات ونقاط الضعف والتداعيات. ويستخدم هذا المنهج في وكالة إدارة الطوارئ الاتحادية الأمريكية للاستعداد للكوارث الطبيعية، وفي وكالة أمن البنية التحتية والأمن السيبراني حيث يتم تقييم   كيفية حماية البنية التحتية الحيوية، وفي وزارة الدفاع الأمريكية للحد من التهديدات.  ويقول برايس ووددز إنه نظرا لآن هذا المنهج لا يعتمد بشكل مفرط على البيانات التجريبية، فإنه يمكن استخدامه للتعامل مع المخاطر المحتملة  مثل الذكاء الاصطناعي. ولكي يتم تطبيق هذا المنهج  مع التهديدات القائمة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، ستحتاج منظمات إدارة المخاطر لمراقبة تقدم الذكاء الاصطناعي وقدرات التهديدات، وخطورة نقاط الضعف، ونطاق التداعيات لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لإجراءات إضافية لمواجهة الخطر. في الوقت نفسه فإن المخاطر الفريدة للذكاء الاصطناعي تظل بنسبة كبيرة خارج نطاق التعامل بسبب جدتها، لكن الأمر يتغير. ففي 5 تموز/يوليو الحالي أعلنت شركة أوبن أيه.آي الأمريكية للذكاء الاصطناعي عن تشكيل مجموعة “محاذاة التفوق” للتعامل مع المخاطر الوجودية التي يمثلها الذكاء الاصطناعي. وفي سياق الذكاء الاصطناعي، فإن تعبير المحاذاة يشير إلى الدرجة التي تتطابق فيها أفعال نظام الذكاء الاصطناعي مع نية المصمم. ويعتبر التركيز على أبحاث المحاذاة  بالنسبة للذكاء الفائق بداية جيدة، لكنها تبدو ضيقة للغاية ويمكن توسيعها في المستقبل.  وأشار باحثون آخرون في مجال الذكاء الاصطناعي  إلى مشكلات مرتبطة بالعنصرية والتمييز الجنسي وغيرهما من أشكال التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية. وإذا لم يكن من الممكن تصميم نظام ذكاء اصطناعي آمن ضد العنصرية أو التمييز الجنسي، فكيف يمكن تصميم نظام ينحاز إلى المصالح البشرية على المدى الطويل؟ و مع استمرار استثمار الشركات في أبحاث المحاذاة  فإنها تستطيع ايضا التركيز على مواجهة هذه التحيزات المعروفة والموجودة في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تطورها تلك الشركات حاليا. علاوة على ذلك فإنه للمستهلكين وصناع السياسة دورا في التعامل مع مخاطر الذكاء الاصطناعي. وكما تتعرض أي شركة للضغوط من المستهلكين والمساهمين لكي تفصل أي مسؤول يدلي بتصريحات عنصرية متكررة، فيجب ألا تتسامح أي شركة مع وجود مثل هذه التحيزات في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها. وهذا النوع من ضغوط المستهلكين والمستخدمين يمكن أن يشجع المطورين على تحسين منتجات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق. في الوقت نفسه يمكن للسلطات دعم هذا النوع من آليات السوق الحرة من خلال إلزام مطوري وشركات الذكاء الاصطناعي بتقديم المعلومات الخاصة بهذه التحيزات في منتجاتها، وكيفية الرد على هذه التحيزات. وأخيرا، ففي حين يمكن أن تكون التطورات الأخيرة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي مربكة ويمكن أن تكون المخاطر الوجودية التي تمثلها من وجهة نظر مجموعات مختلفة من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، مثيرة للفزع، فإن الحكومات تستطيع القيام بخطوات تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

شركة صينية أخرى تجرب أداتها الخاصة للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة "تنسنت"، اليوم الاثنين، أنها بدأت تجربة نموذجها الخاص بالذكاء الاصطناعي بعد دمج "ديب سيك" في بعض منتجاتها، قائلة إن هذه الخطوة من شأنها أن تجعل الاستجابات "أقرب إلى الطبيعة البشرية".
كانت شركة "ديب سيك" الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تصدرت عناوين الأخبار العالمية الشهر الماضي بعد أن كشفت عن روبوت الدردشة "ار 1" (R1) الذي يبدو أنه قادر على منافسة الربوتات الأميركية.
ومذاك، أعلنت سلسلة شركات صينية كبرى أنها ستدمج تقنية "ديب سيك" في منتجاتها.
وقالت "تنسنت"، اليوم في منشور على منصة التواصل "ويتشات" التي تمتلكها، إن مستخدمين مختارين لروبوت الدردشة "يوانباو" Yuanbao الخاص بها قد يوجهون استفسارات إما إلى "ديب سيك" وإما إلى نموذجها للذكاء الاصطناعي "هونيان ثينكر" ("Hunyuan Thinker").
وقالت "تنسنت"، بشأن طرح الاختبار التجريبي للبرنامج "بدعم من نموذجين للتفكير العميق، تصبح الإجابة على الأسئلة أكثر احترافية، والمنطق أقوى، والكتابة أكثر إنسانية".
سعت شركة "تنسنت"، التي تدير أيضا تطبيق المراسلة "كيوكيو" كما تُعدّ جهة رئيسية في قطاع الألعاب عبر الإنترنت، إلى الاستحواذ على حصة أكبر من سوق الذكاء الاصطناعي المزدهرة في الصين.
ويبدو أن الشركة، التي تتخذ من شنتشن مقرا، بدأت في البحث بدمج "ديب سيك" في منتجات متعددة، إذ أشار بعض مستخدمي الإصدار المحلي من "ويتشات" إلى إضافة وظيفة البحث بواسطة الذكاء الاصطناعي على التطبيق أمس الأحد.
وأكد ناطق باسم "تنسنت" أن التطبيق، الذي يضم أكثر من مليار مستخدم نشط شهريا، "بدأ أخيرا اختبار الوصول التجريبي إلى ديب سيك".
وتضفي هذه الخطوة زخما على المنافسة في قطاع البحث على الإنترنت في الصين بعد أن قالت شركة التكنولوجيا العملاقة "بايدو"، أمس الأحد، إنها ستدمج "ديب سيك" في محرك البحث الرائد في السوق "لإثراء تجربة البحث وجعلها أكثر تنوعا".
وفي الأسبوع الماضي، قالت شركة "بي واي دي" الصينية العملاقة في قطاع السيارات الكهربائية إنها ستدمج برنامج "ديب سيك" في مركباتها، لتحذو بذلك حذو شركات صناعة سيارات محلية أخرى مثل "جيلي" و"غرايت وول موتورز" و"ليبموتور".

أخبار ذات صلة أبوظبي تُعزز التعاون التجاري والاستثمارات المشتركة مع الصين "الصحة" تنظم "منتدى أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية" المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • دراسة: الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب
  • دراسة حديثة: «الذكاء الاصطناعي» يتفوق على البشر في هذا المجال!
  • دراسة: الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات القلب
  • كيف يمكن للذكاء الاصطناعي إعادة كتابة الإنترنت؟
  • خبير تكنولوجيا: لا يمكن التحكم في منظومة الذكاء الاصطناعي
  • خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات: لا يمكن التحكم في منظومة الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل تخطيط القلب الطويل
  • الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات مراقبة القلب بدقة مذهلة
  • شركة صينية أخرى تجرب أداتها الخاصة للذكاء الاصطناعي
  • الاتصالات تطلق فعاليات تقييم جاهزية مصر للذكاء الاصطناعي