قالت دار الإفتاء المصرية، إن أفضل ما يتقرب به العبد من ربه: الطواف بالبيت، فهو عبادة من أهم العبادات وأعظمها، وقُربة من أفضل القُربات وأرفعِها، وركن في الحج والعمرة فلا يَصِحَّان إلا به، وهو أكثر المناسك عملًا في الحج والعمرة، وشعيرة يثاب عليها المسلم في جميع حالاته، سواء فعلها على سبيل الوجوب والفرضية، أو على سبيل الندب والتطوع؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم﴾ [البقرة: 158]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق﴾ [الحج: 29].

حكم التسمي باسم "حكيم".. الإفتاء توضح حكم زكاة المستغلات.. دار الإفتاء توضح

أضافت الإفتاء، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد وصف الطوافَ بالبيت بأنه صلاة؛ لحرمته ومكانته وفضله وعَظَمته، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَكِنَّ اللهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الدَّارِمِي والبَيْهَقِي في "السنن"، وابن حِبَّان في "الصحيح"، وابن الجارود في "المنتقى" -واللفظ له-، والحاكم في "المستدرك" وغيرهم، وفي رواية عنه أيضًا رَفَعَهَا: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: التِّرْمِذِي والنَّسَائِي في "السنن"، وابن خُزَيْمَة في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

حكم شرب الماء أثناء الطوافالطواف

أوضحت الإفتاء، أن الطواف وإن كان ذا شأن عظيم ومكانة عالية حتى وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة أو كالصلاة، إلا أنه يجوز شرب الماء فيه، وقد نقل الإجماعَ على جواز ذلك الإمامُ ابن المُنْذِر، فقال: [وأجمعوا على أنَّ شُرب الماء في الطواف جائزٌ]، وقال: [باب الشراب في الطواف: روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه شَرِبَ ماءً في الطواف، ورَخَّص في الشُّرب في الطواف عطاءٌ، وطاوس، وأحمد، وإسحاق، ولا أعلم أحدًا مَنَعَ منه الطائفَ، وبه نَقول].

آراء المذاهب الفقهية الأربعة في حكم شرب الماء أثناء الطواف

تابعت الإفتاء: الفقهاء وإن أجمعوا على جواز شرب الماء أثناء الطواف لمن أصابه الظَّمَأُ، إلا أنَّ بعضَهم كَرِهَهُ لغير حاجةٍ أو ظَمَأٍ، كالمالكية والشافعية، فإن كان ظمأ فلا بأس به ولا يُكره حينئذ، وأما الحنفية والحنابلة فقد أباحوه مُطلقًا، وقال الإمام السِّنْدِي الحنفي في "لباب المناسك": [فصل في مباحاته: الكلام، والسلام، والإفتاء، والاستفتاء، والخروج منه لحاجته، والشرب].

وقال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في "رد المحتار" في بيان أحكام الطواف والسعي: [والمصرح به في "اللباب" كراهةُ البيع فيهما، وكراهةُ الأكل في الطواف لا السعي، ومثل البيع الشراء، وعُدَّ الشُّرب فيهما مِن المباحات]، وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل": [قال ابن فَرْحون إثر قول ابن الحاجب: مِن واجبات الطواف شروطُ الصلاة إلا الكلام: مقتضاه: أنه لا يجوز أن يشرب فيه؛ لأنه لم يُستثن من شروط الصلاة إلا الكلام، وقد أجازوه إذا اضطر إلى ذلك. ومفهومه: أنه لا يجوز إذا لم يضطر إلى ذلك، وليس كذلك، قال في "الجلاب": ولا يتحدث مع أحد في طوافه، ولا يأكل، ولا يشرب في أضعافه، قال التلمساني في أثناء شرحه: ويكره أن يشرب الماء إلا أن يضطره العطش، فحمل قوله: "لا يشرب" على الكراهة].

أوضحت الإفتاء، أن وجه كونه مكروهًا أو خلاف الأَوْلَى: أنه ينبغي على الطائف أن يكون في طوافه خاشعًا متخشعًا، حاضر القلب، ملازم الأدب بظاهره وباطنه في هيئته وحركته ونظره؛ لأن الطواف يشبه الصلاة في حسن الأدب والخشوع والخضوع إلى رب العزة سبحانه وتعالى، ومِن ثَمَّ فالأَوْلَى للطائف أن يتأدبَ بآدابها، ويستشعرَ بقلبه عَظَمة مَن يطوف ببيته جَلَّ وَعَلَا. ينظر: "المجموع" للإمام النووي.

واختتمت الإفتاء قائلة: "وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ ما قام به الرجل المذكور في أثناء طوافه بالبيت الحرام مِن شُرب الماء بعد أن أصابه العطش الشديد -هو أمر جائزٌ شرعًا، وطوافه صحيح، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، كما سبق بيانه".

جاء ذلك ردًا على سؤال يقول صاحبه: "ما حكم شرب الماء أثناء الطواف؛ فرجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وأثناء الطواف بالبيت عطش عطشًا شديدًا، فشرب أثناء طوافه، ويسأل: هل شربُه الماءَ حين أصابه العطش أثناء الطواف جائزٌ، ويكونُ طوافُه صحيحًا شرعًا؟".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الطواف أداء المناسك شرب الماء دار الافتاء الطواف بالبيت أهم العبادات الحج والعمرة النبی صلى الله علیه وآله وسلم فی الطواف ال ب ی ت

إقرأ أيضاً:

«الإفتاء» توضح حكم إضافة الطفل المكفول إلى نظام تأمين صحي خاص

أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم إضافة الطفل المكفول لنظام تأمين صحي خاص، قائلة إن إضافة الطفل المكفول لنظام التأمين الصِّحِّي الخاصِّ بالأسرة الكافلة يُعدُّ من أوجُهِ الكفالةِ التي يُثابُ الكافلُ عليها شرعًا.

حكم إضافة الطفل المكفول لنظام تأمين صحي خاص

وأضافت دار الإفتاء في بيان لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في حديثها عن حكم إضافة الطفل المكفول لنظام تأمين صحي خاص، أنه فعل يَنالُ بها عظيمَ الثواب وواسِعَ العطاء مِن المَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ، إذ هو وسيلةٌ لتطبيبه وعلاجه، ويدخل هذا في عموم قوله تعالى: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ» [البقرة: 220].

ما حكم إضافة الطفل المكفول لنظام تأمين صحي خاص

وأشارت دار الإفتاء إلى أن ذلك الأمر يعد وسيلةٌ لتحقيق ما اشترطه المُشَرِّع المصري من ضرورة توفير الرعاية الصحية لـ الطفل المكفول.

مقالات مشابهة

  • لهذا السبب يستحب الاستغفار بعد كل صلاة.. الإفتاء توضح فضلها
  • مفهوم النداء لصلاتي الكسوف والخسوف.. الإفتاء توضح
  • علامات السحر والحسد وطرق العلاج الشرعي.. الإفتاء توضح
  • هل تجب إعادة صلاة المأمومين؟.. «الإفتاء» توضح حكم الصلاة عند إمامة المحدث للناس ناسيًا
  • ما ضابط السرعة في صحة الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب
  • حكم صلاة التسابيح وثوابها.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح حكم صلاة ركعتين عند الإحرام
  • فضل الأذان وثواب المؤذن للصلاة .. الإفتاء توضح
  • هل الصلاة على النبي في الصلاة تبطلها وتوجب الإعادة؟.. الإفتاء توضح
  • «الإفتاء» توضح حكم إضافة الطفل المكفول إلى نظام تأمين صحي خاص