ليس خافيًا على أحد أنّ قوى المعارضة، بمعظم مكوّناتها وفروعها، وباستثناءات قد لا تتعدّى أصابع اليد الواحدة، تؤيّد التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، باعتباره "ضرورة قصوى"، تفاديًا لشغور على رأس المؤسسة العسكرية، قد لا تُحمَد عقباه، خصوصًا في ظلّ الظروف الدقيقة والاستثنائيّة التي تشهدها البلاد، حيث لا تزال طبول الحرب تُقرَع، على وقع استمرار العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة.


 
وليس خافيًا على أحد أنّ قوى المعارضة التي سبق أن نادت بـ"رفض التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي" تجاوزت بمعظم مكوّناتها أيضًا، هذه المعادلة استنادًا إلى مبدأ "المصلحة الوطنية العُليا"، وطالما أنّ التمديد لقائد الجيش متعذّر في الحكومة، حتى إنّ مجموعات من هذه القوى، ولا سيما في كتلة "الجمهورية القوية"، هي التي تقدّمت باقتراح قانون يفضي إلى التمديد لقائد الجيش، من دون أن يكون بالضرورة "مفصّلاً على قياسه".
 
لكن، ليس خافيًا على أحد أيضًا أنّ قوى المعارضة قد لا تكون "موحّدة" في مقاربة الجلسة التشريعية المرتقبة، لناحية الحضور والمشاركة فيها بالدرجة الأولى، حيث لا تتفاوت وجهات النظر في هذا السياق فحسب، بل تترك انطباعًا بوجود "معركة داخلية" بين قوى المعارضة نفسها، قوامها "تسجيل النقاط" على بعضها البعض في مكان ما، فما مدى "دقّة" مثل هذا الانطباع؟ وهل "تفترق" قوى المعارضة على خط الجلسة التشريعية؟
 
"الغاية تبرّر الوسيلة"
 
بالنسبة إلى شريحة واسعة من قوى المعارضة، فالقرار متّخَذ ومحسوم لجهة المشاركة في الجلسة التشريعية، انطلاقًا من قناعتها بأنّ التمديد لقائد الجيش "ضرورة قصوى" لا يمكن القفز فوقها، وذلك لتفادي أيّ "اهتزاز غير محبّذ" في المؤسسة العسكرية، في ضوء التحدّيات الأمنية الخطيرة التي تواجهها المنطقة ككلّ، علمًا أنّ التمديد يحظى بغطاءٍ داخلي وخارجي منقطع النظير، فضلاً عن كونه يستند إلى "مباركة" البطريرك الماروني بشارة الراعي.
 
واستنادًا إلى مبدأ "الغاية تبرّر الوسيلة"، يؤكد أصحاب هذا الرأي أنّ المشاركة في الجلسة التشريعية ضرورية، طالما أنّ التمديد يبدو متعذّرًا في الحكومة، في ضوء موقف وزير الدفاع المحسوب على "التيار الوطني الحر"، ولو أنّهم في قرارة نفسهم يقرّون بأنّ هذه المشاركة قد "تتناقض"، في الظاهر على الأقلّ، مع الشعار الذي لطالما رفعوه لجهة رفض التشريع في ظلّ الفراغ في رئاسة الجمهورية، تحت أيّ ظرف من الظروف.
 
يقول هؤلاء إنّ الظرف الحالي ليس أيّ ظرف، فالواقع استثنائي والحالة دقيقة، وهي تتطلب التمديد، وطالما أن لا سبيل آخر سوى البرلمان، فإنّ النواب يجب أن يتحمّلوا مسؤولياتهم ويتصدّوا لواجب منع الفراغ في قيادة الجيش، علمًا أنّ المسؤولية في الوصول إلى هذا الوضع تقع برأيهم على عاتق أولئك الذين يعطّلون الانتخابات الرئاسية بالشروط والشروط المضادة، في إشارة إلى "حزب الله" وحلفائه، وفق منطق أصحاب هذا الرأي.
 
قوى تتريّث.. وتترقّب
 
وإذا كان أصحاب الرأي المؤيد للمشاركة في الجلسة التشريعية بصورة استثنائية لتمرير التمديد لقائد الجيش، ينطلقون من "استثنائية" الوضع، فإنّ آخرين في قوى المعارضة لا يبدون حاسمين لموقفهم لهذا الحدّ بعد، وبينهم من يخشى أن يتمّ "استدراج" المعارضة إلى ما يصفونه بـ"الفخّ" عبر انتزاع "سابقة" المشاركة في الجلسة التشريعية، لتكريس عرف "تشريع الضرورة" بوصفه أمرًا واقعًا شاركت المعارضة نفسها في تبريره والدفاع عنه.
 
ويقول العارفون إنّ بين قوى المعارضة من يفضّل "التريّث" في حسم الموقف، و"ترقّب" نضوج المعطيات النهائية بشأن الجلسة التشريعية، وفرز مواقف مختلف الكتل بشأنها، فإذا ما اتضح أنّ النصاب "مؤمَّن" بحضورهم او غيابهم، فقد لا يجدون حاجة عندها للحضور، طالما أنّ الهدف يمكن أن يتحقّق في كلّ الأحوال، وولا سيما أنّ الغالبية النيابية المؤيدة للتمديد متوافرة، إذا ما تأمّن النصاب، ولم يتمّ "تطييره" في اللحظة الأخيرة.
 
أكثر من ذلك، ثمّة من لا يستبعد أن تكون لعبة "شدّ الحبال" بين بعض قوى المعارضة حاضرة على خطّ الانقسام في مقاربة الجلسة التشريعية، بمعنى أن تكون قوى المعارضة متأهّبة لخوض "معركة" تسجيل النقاط على بعضها البعض، علمًا أنّ مثل هذا الأمر قد لا يكون بجديد على أطراف المعارضة، التي لطالما "اشتبكت" مع بعضها البعض، كما كان يحصل مثلاً بين حزبي "القوات" و"الكتائب" لسنوات، والذي يخشى البعض أن يتكرّر من جديد.
 
هي "معركة" على "تسجيل النقاط" أكثر منها معركة على "التمديد" لقائد الجيش، الذي يتعامل معه كثيرون بوصفه "محسومًا"، طالما أنّه يشكّل مطلبًا داخليًا وخارجيًا واسعًا، وأنّ الموفدين الدوليين لم يتردّدوا في رفع لوائه. لكن، هل تكون الجلسة التشريعية فعلاً ساحة لمثل هذه "الحرب الاستعراضية"، إن جاز التعبير، أم أنّ "رفاق الصف الواحد" سيفضّلون التأكيد على "وحدتهم" التي يحتاجونها في الاستحقاق الرئاسي؟!وماذا لو انتقل الملف الى الحكومة، ماذا ستكون عليه خارطة التحالفات راهنا ومستقبلا؟
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

حكم الشراء والاستيفادة بنقاط الخصم من متجر معين

قالت دار الإفتاء المصرية لا يوجد مانع شرعي من الانتفاع بنقاط الخصم الممنوحةِ للأفراد مجانًا بما لها من قِيَمٍ ماليَّةٍ في صورة خصوماتٍ في أثمان السِّلع، إذ يُعدُّ هذا مِن قبيل العطيِّة أو الهبة الجائزة شرعًا، وقد اتفق الفقهاء على جواز استباحة الهبة، متى ما توفرت الأهليَّة الكاملة في الجهة المانحة لتلك النقاط، مع ضرورة الالتزام باللوائح والقوانين المنظِّمَة لمثل هذه المعاملات.

المقصود بـ"نقاط الخصم" في التعامل التجاري


وأوضحت الإفتاء المقصود بنقاط الخصم وهي ميزة تقدمها بعضُ الجهات كالمتاجر والمراكز التجارية الكبرى؛ لتشجيع عملائها على الشراء منها، والإقبال على خدماتها كنوع مِن التسويق والدعاية، حيث تخوِّل لصاحبها الحصول على عددٍ معيَّن من النقاط مقابل ما يدفعه مِن أثمان السِّلع أو الخدمات التي يحصلُ عليها مِن المتجر المُصدِرِ لها وما يتبعه من فروع أو نحو ذلك، بحيث تضاف تلك النقاط إلى حسابه، مما يُمَكِّنه من الاستفادة منها بتحويلها إلى قيمةٍ ماليةٍ بنسبةٍ محددةٍ لكلِّ نقطةٍ تُخصَم مِن أثمان السِّلَع في معاملات الشراء التالية، كما أَبَان السائل مِن الواقع المشاهَد لتلك المعاملة في بعض المتاجر.

المقصود بـ"الهبة" عند الفقهاء، ومتى تقع الهبة صحيحة؟

وقالت الإفتاء الهبة هي "تمليكٌ بلا عِوض"، كما في "مختصر الإمام ضياء الدين خليل" (ص: 214، ط. دار الحديث).

قال الإمام مُوفَّق الدين ابن قُدَامَة في "المغني" (6/ 41، ط. مكتبة القاهرة): [الهبةُ، والصدقةُ، والهديةُ، والعطيةُ -معانيها متقارِبَة، وكلُّها تمليكٌ في الحياة بغير عِوَضٍ، واسمُ العطية شاملٌ لجميعها] اهـ.

وأضافت الإفتاء قائلة: ومِن المقرَّر شرعًا أنَّ العطيَّة بأنواعها مِن (تبرعٍ، وهديةٍ، وهبةٍ) تقع صحيحةً إن صدرت مِن كامل الأهليَّة، وكان محلُّ العقد مباحًا، فهي من عقود الضرر المحض الذي لا يقابله نفعٌ ظاهرٌ في نفس العقد، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي (6/ 118، ط. دار الكتب العلمية)، وكلُّ مالكٍ له أن يتصرف في مِلكه بكافة أنواع التصرفات الشرعية التي هي فرعٌ عن المِلك، وقد أخرج الإمامان الدارَقُطْنِي والبَيْهَقِي في "سننهما" عن حِبَّانَ بن أبي جَبَلَة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». فهذا الحديث يقرر أصل إطلاق تصرُّف المالِك كامل الأهلية في ماله، ومِن ذلك: العطية بكافة صورها.

وتابعت: فضلًا عن أنَّ الهبة مشروعةٌ مندوبٌ إليها بالإجماع، كما في "تبيين الحقائق" للإمام فخر الدين الزَّيْلَعِي (5/ 91، ط. المطبعة الكبرى الأميرية).

مقالات مشابهة

  • القطراني ونصية يبحثان تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
  • حكم الشراء والاستيفادة بنقاط الخصم من متجر معين
  • العبيدي: نجاح الانتخابات البلدية سيحرج كل الأجسام التشريعية والتنفيذية
  • التمديد لقائد الجيش: الجلسة نهاية الشهر والتيار لن يشارك
  • صحيفة: نجاح الانتخابات البلدية يفتح الأبواب أمام إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية
  • أبو فاعور: التمديد لقائد الجيش سيحصل
  • وزير الأشغال العامة يبحث التعاون التشريعي مع وزير الدولة لشؤون السلطة التشريعية
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 150 من قوات الدعم السريع ويكشف تفاصيل معركة ضارية في الفاشر
  • الحزب الحاكم في السنغال يحقق انتصاراً كبيراً في الانتخابات التشريعية
  • مجلس الدولة يُعزز المسيرة التشريعية بمشاريع قوانين ودراسات دعم التنمية المُستدامة