هل تؤخر لغة الإشارة النطق عند الأطفال؟
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
يمتلك الرضيع مهارات التواصل بالفطرة، لكن محاولة تخمين رغباته وفك رموز كلماته الأولى تمثل تحديا كبيرا، ولا سيما أنه لا يتقن من وسائل التعبير في المرحلة التي تسبق النطق والكلام سوى البكاء.
ومن هنا ظهر اتجاه تربوي على مدى العقود القليلة الماضية يعتمد على تعليم الرضع والأطفال الصغار لغة الإشارة كوسيلة مبتكرة للتواصل غير اللفظي والتعبير عن احتياجاتهم باستخدام عدد من الإيماءات الرمزية.
تم التوصل إلى هذه الطريقة عندما لاحظ الدكتور جوزيف جارسيا قائد حركة لغة الإشارة للأطفال أن أطفال الآباء الصم يتواصلون بشكل روتيني من خلال لغة الإشارة في عمر 6 أشهر، أي قبل عام مقارنة بالأطفال الذين يسمعون اللغة المنطوقة من والديهم، وفي عام 1987 أظهر بحثه أن الأطفال الذين تعلموا لغة الإشارة بشكل منتظم ومستمر في عمر 6 أو 7 أشهر استطاعوا استخدامها على نحو فعال في غضون شهرين أو 3 أشهر، كما أن مهاراتهم اللغوية تنمو في وقت مبكر.
ما مدى صعوبة تعليم الأطفال لغة الإشارة؟يشير خبراء تنمية الطفولة المبكرة إلى أن تعليم الأطفال لغة الإشارة ليس بالأمر الصعب، لأن مهاراتهم الحركية تتطور في وقت مبكر بخلاف العضلات المسؤولة عن النطق في الفم واللسان، كما أن الطفل يميل إلى تقليد البالغين بكل سهولة ويصبح قادرا على الربط بين الإشارات ودلالتها عند عمر 8 أشهر، فنجده يلوح بيده ويجيد إيماءات الرأس للتعبير عن الموافقة، ويهز رأسه يمينا ويسارا تعبيرا عن الرفض، وبالطريقة نفسها يمكن تدريبه على إشارات ودلالات مختلفة.
بدورها، توضح كايل مونك طبيبة الأطفال المعتمدة في لوس أنجلوس لموقع "وات إكسبكت" أن لغة الإشارة تعد فرصة للتفاعل الإيجابي مع الطفل ومساعدته على التواصل غير اللفظي، والتعبير عن احتياجاته قبل أن يتمكن من التعبير عنها لفظيا.
وبحسب مونك، فإن هذه الطريقة تسمح بتعزيز ثقة الطفل بنفسه، وكأن لسان حاله يقول" لقد فهموني"، مما يحفزه على مزيد من التواصل من خلال الإشارات حتى يتمكن من اللغة المنطوقة.
نصائح قبل البدءإذا قرر أحد الوالدين تعليم طفله لغة الإشارة يوصي اختصاصيو اضطرابات النطق واللغة بالآتي:
البدء في عمر مناسب: ينبغي البدء بمجرد أن يُظهر الطفل اهتماما بالتواصل، ويفضل أن يكون ذلك في عمر 6 إلى 8 أشهر.
التركيز على الإشارات التي تلبي احتياجات الطفل اليومية وتشكل عالمه، مثل الجوع والعطش والنوم والحليب وغيرها.
التكرار: ينبغي تقديم ما بين إشارة إلى 3 إشارات في المرة الواحدة مع الالتزام بإشارة ثابتة لكل دلالة، فعلى سبيل المثال يمكن أن يعبر النقر على الشفتين بأطراف الأصابع عن الرغبة في تناول الطعام، وتلامس أطراف أصابع اليد اليمنى واليسرى معا يشير إلى الرغبة في المزيد، وفتح اليد مع الضغط بالإبهام على الذقن يعني "الأم"، أما الضغط على الجبهة فيشير إلى الأب.
التحلي بالصبر: يبدأ الرضيع في تقليد الإشارات بعد شهر أو شهرين من تكرارها أمامه بشكل منتظم، لذا لا داعي للقلق إن لم يستجب طفلك للإشارات على الفور.
تعزيز الإشارات الخاصة بالطفل: يميل الطفل إلى التعبير عن رغباته باستخدام إشارات خاصة به، وما يهم هو المعنى المتفق عليه وليس الإشارة في حد ذاتها.
الجمع بين الإشارات والتعبير اللفظي: ينبغي نطق الكلمة بوضوح عند التعبير عنها بلغة الإشارة، فمثلا عند الرضاعة أو إعطاء الطفل زجاجة الحليب ينبغي قول كلمة "حليب" بوضوح، مع الإشارة بقبضة يد مفتوحة ومغلقة (إشارة تحاكي عملية حلب البقرة).
تعزيز التفاعل ثنائي الاتجاه: إذا أشار الطفل بحاجته للشرب ينبغي الرد لفظيا: هل تريد أن تشرب؟ سأحضر لك شيئا تشربه، ويعد هذا التفاعل من أفضل الطرق لتطوير الكلام واللغة.
سواء اعتمد مقدمو الرعاية على لغة الصم الرسمية أو برنامج "ماكاتون" أو ابتكروا إشارات خاصة فإن استخدام الإشارة يوفر للأطفال العديد من الفوائد، وتقول عالمة النفس الدكتورة جوينيث سنيدون من جامعة ستيرلينغ البريطانية لموقع "سايك سنترال" إن التواصل هو جوهر نمو الطفل، سواء كان معرفيا أو سلوكيا أو اجتماعيا أو عاطفيا.
وبينت سنيدون أن تعلم لغة الإشارة يعزز مفردات الرضيع ونموه العقلي ويقلل نوبات الغضب ويحسن العلاقة بين الوالدين والطفل من خلال تقليل التخمين في فهم أفكاره.
وبحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، فإن لغة الإشارة تعمل على:
كسر حاجز اللغة: يفتقر الرضيع إلى المهارات اللفظية للتعبير عما يحتاج إليه أو يشعر به، مما يتسبب في شعوره بالإحباط، ولا سيما في الفترة ما بين 8 أشهر و18 شهرا، وهنا تلعب لغة الإشارة دورا في سد فجوة التواصل مع من حوله.
تعزيز الترابط بين الطفل والوالدين: توفر لغة الإشارة فرصة للتفاعل الإيجابي وتحقيق المتعة والمرح للطفل.
هل تؤخر لغة الإشارة نطق الأطفال؟لا تشكل لغة الإشارة إعاقة أمام تعلم الطفل الكلام والنطق، بل ربما تعززه، هذا ما أشارت إليه لين ريبيلو إحدى مدربات لغة الإشارة للأطفال لموقع "توداي".
وأوضحت ريبيلو أن الأبحاث العلمية تشير إلى العكس تماما، وأن لغة الإشارة تسرع قدرة الأطفال على الكلام وتنمي مهاراتهم اللغوية.
وبحسب ريبيلو، عندما يستطيع الطفل التعبير عن احتياجاته بالكلمات ينتقل بسهولة من لغة الإشارة إلى اللغة المنطوقة.
كذلك، أظهرت نتائج دراسة علمية أجرتها الطبيبتان ليندا أكريدولو وسوزان جودوين بتمويل من المعهد الوطني للصحة تفوق المستوى اللغوي للأطفال الذين تعلموا لغة الإشارة وقدرتهم على استيعاب الكلمات وتكوين جمل أطول في عمر عامين مقارنة بمجموعة الأطفال الذين استخدموا الاتصال اللفظي، وفي سن الثامنة ارتفع ذكاء أفراد المجموعة التي تعلمت لغة الإشارة بمعدل 12 نقطة رغم توقفهم عن التعامل بالإشارات منذ فترة طويلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: لغة الإشارة التعبیر عن فی عمر
إقرأ أيضاً:
تطوير واجهة عصبية ثورية تترجم أفكار المرضى المصابين بالشلل إلى كلام مباشر
الولايات المتحدة – في طفرة علمية غير مسبوقة، نجح فريق من علماء أعصاب أمريكيين بتطوير واجهة حاسوبية عصبية قادرة على قراءة أفكار المرضى المصابين بالشلل الكامل وتحويلها إلى كلام مسموع أو نص مكتوب.
وتمكن العلماء من من تطوير الواجهة بشكل يسمح بتحويل الأفكار إلى كلام مسموع أو نص مكتوب في الوقت الفعلي تقريبا، ما يفتح آفاقا جديدة لاستعادة التواصل البشري لمن فقدوا القدرة على النطق.
نظام ثوري يتجاوز حدود التكنولوجيا السابقة
كشف باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF) في دراسة نُشرت بمجلة “Nature Neuroscience” عن نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنه فك شفرة الإشارات العصبية المرتبطة بالكلام من القشرة الحركية في الدماغ، ثم تحويلها إلى كلمات منطوقة أو معروضة على الشاشة دون التأخير الزمني الذي طالما شكل عائقا رئيسيا في الأجهزة المشابهة.
وأوضح الفريق بقيادة البروفيسور إدوارد تشانج أن النظام الجديد قادر على التعرف على أكثر من 1024 كلمة شائعة الاستخدام بسرعة تصل إلى 48 كلمة في الدقيقة، أي أسرع بخمس مرات من التقنيات السابقة، مما يجعله مناسبا لإجراء محادثات طبيعية شبه فورية.
كيف يعمل هذا الاختراق العلمي؟
لتحقيق هذه النتيجة، استخدم الباحثون مجموعة فائقة الكثافة من 253 قطبا كهربائيا تزرع جراحيا في مناطق الدماغ المسؤولة عن إنتاج الكلام. واختبروا النظام على مريض يبلغ من العمر 47 عاما، عانى من شلل تام منذ 18 سنة إثر سكتة دماغية.
خلال التجربة، طلب من المشارك تخيل نطق الكلمات دون تحريك فمه، بينما قامت الأقطاب الكهربائية بتسجيل أنماط النشاط العصبي المرتبطة بكل كلمة. ثم جرى تدريب نموذج ذكاء اصطناعي من نوع RNN-T (شبكة عصبية متكررة متطورة تُستخدم في الترجمة الفورية) على ربط هذه الإشارات بالمفردات المقصودة.
وأظهرت النتائج أن النظام يمكنه ترجمة الأفكار إلى كلام مسموع عبر مكبرات الصوت أو نص مكتوب على الشاشة بمعدل دقة وصل إلى 75%، مع قدرة ملحوظة على فهم السياق وتصحيح الأخطاء تلقائيا.
آفاق مستقبلية: إعادة الصوت لمن فقدوه
يعتبر هذا التطور نقلة نوعية في مجال واجهات الدماغ والحاسوب (BCIs)، حيث يحل مشكلتين رئيسيتين:
1. السرعة: القضاء على التأخير في ترجمة الإشارات، مما يسمح بمحادثة شبه طبيعية.
2. المرونة: التعرف على مفردات واسعة دون حاجة إلى تكرار التدريب لكل كلمة.
وقال البروفيسور تشانج:”هذه خطوة أولى نحو استعادة التواصل الحقيقي للمرضى الذين يعانون من إصابات عصبية شديدة. هدفنا التالي هو تحسين الدقة وزيادة المفردات لتشمل تعابير يومية أكثر تعقيدا”.
يأمل الفريق أن تستخدم هذه التكنولوجيا قريبا لمساعدة المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري (ALS)، أو ضحايا السكتات الدماغية، أو حتى المرضى الذين يعانون من “متلازمة المُنحبس” الكامل، مما قد يعيد لهم جزءا من إنسانيتهم المفقودة.
مع ذلك، يشير العلماء إلى أن التطبيق السريري الواسع للنظام ما زال يحتاج إلى مزيد من الاختبارات، كما يثير أسئلة أخلاقية حول خصوصية البيانات العصبية وآليات الموافقة الطبية للمرضى غير القادرين على الكلام.
المصدر: تاس