واشنطن- استطاع إرضاء جميع الأطراف والإبقاء على الحلف موحدا، وحصل على ما يريد، هذه مخرجات مشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن في قمة حلف الناتو بالعاصمة اللتوانية فيلنيوس، حيث جاء خطابه الشامل في ختام الزيارة قويا لا يقتصر على مواطني دول الحلف، بل برسائل أميركية وجهها لكل العالم.

وكانت أبرز نجاحات بايدن وقمة الحلف بشكل عام هي إسقاط تركيا المفاجئ لحق النقض (الفيتو) على أن تصبح السويد العضو رقم 32 في حلف الناتو والذي جاء بعد أشهر من "دبلوماسية وراء الكواليس" من قبل إدارة بايدن في عواصم أوروبية، وفي كواليس الكونغرس الأميركي.

ويمكن أن يستغل بايدن نجاحه -في توسع التحالف بعد غزو أوكرانيا- كجزء من إرثه السياسي في الحملة الانتخابية القادمة للرئاسة، وقد تكون لتجربته الطويلة بالكونغرس دور في تليين وتغيير موقف أعضائه من قضية طائرات "إف-16" مع تركيا.

كما مثل اختيار بايدن للسيناتور الجمهوري السابق جيف فليك سفيرا في أنقرة مفتاحا للتغلب على مخاوف الكونغرس بشأن بيع مقاتلات "إف-16" متطورة إلى تركيا، في إطار صفقة تغيير موقف الأخيرة حول انضمام السويد إلى حلف الناتو.

وقد وصل بايدن القمة عازما على الحفاظ على توازنه المتمثل في تعزيز الدعم الغربي للصراع بأوكرانيا مع تجنب اندلاع حرب مع روسيا القوة النووية، كما احتاج إلى تذكير الأميركيين لماذا يجب الاستمرار في إرسال مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب إلى كييف؟ والتي أصبحت قضية ضمن قضايا حملة 2024 الانتخابية الرئاسية.

كما نجح بايدن في أن يكون هناك دور لدول مجموعة السبع "جي 7" (G7) في المشاركة المستقبلية في تدفق دائم للأسلحة إلى أوكرانيا حلا مبتكرا لتلبية احتياجاتها المستقبلية، مع التغلب على القيود المفروضة على علاقة أوثق بين كييف والناتو.

زيلينسكي هاجم تردد دول الحلف في تحديد إطار زمني واضح لضم أوكرانيا (الأناضول) مكاسب أوكرانيا

ومن ناحية أخرى، ورغم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بادر بالهجوم على تردد دول الحلف في تحديد إطار زمني واضح لضم بلاده إلى الحلف، إلا أنه غنم في النهاية تعهدا وآلية مستقرة لإعادة التسلح في المستقبل من دول مجموعة السبع الكبرى.

ومع أن الرئيس الأوكراني جاء إلى القمة كضيف غاضب، إلا أنه لنهاية القمة أصدر تصريحات مؤثرة أمام الرئيس بايدن، مثل "أنت تنفق هذه الأموال من أجل حياتنا، وأعتقد أنك تنقذ الأرواح من أجل أوروبا والعالم بأسره".

وهاجم زيلينسكي فور وصوله للمشاركة في أعمال القمة رفض دول الحلف تقديم جدول زمني لضم أوكرانيا باعتباره "سخيفا" لكن بايدن أصر على أن منح العضوية الآن سيعني أن دول الناتو ستضطر إلى خوض حرب ضد روسيا، وهو تصعيد كارثي وجب تجنبه.

وقد اختتمت قمة الحلف بإعلان مشترك -من قادة مجموعة السبع الكبرى- يتعهدون فيه بتقديم التزامات أمنية ثنائية طويلة الأجل لأوكرانيا لبناء دفاعاتها البرية والبحرية والجوية لردع الهجمات الروسية في المستقبل.

وهذه الخطوة إجراء مصمم لتوجيه أوكرانيا إلى لحظة مستقبلية عندما يمكنها الانضمام فعليا إلى حلف الناتو، والانتفاع بالمادة الخامسة التي توفر مظلة الدفاع المشترك بين أعضائه.

إضعاف روسيا وتحذير الصين

أدى الاتفاق على انضمام السويد إلى الناتو، وتعزيز دعم مجموعة الدول السبع طويل الأجل لتسليح أوكرانيا، إلى إضعاف موقف روسيا الإستراتيجي. ومع ذلك، فإن خطر الحرب ضد موسكو، بما في ذلك الاعتراف الضمني بترسانتها النووية، لا يزال يخفف من مدى استعداد بايدن لجلب أوكرانيا إلى الحلف.

كما دفع بايدن دول الحلف لكي تطالب الصين إلى الامتناع عن دعم المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا بأي شكل من الأشكال، مؤكدين أن شراكة بكين العميقة مع موسكو تتعارض مع قيم الحلف.

وقد صدر بيان للناتو جاء فيه أن "الطموحات المعلنة والسياسات القسرية لجمهورية الصين تتحدى مصالح الحلف وأمنه وقيمه".

وقال الحلفاء في البيان المطول "الشراكة الإستراتيجية العميقة بين جمهورية الصين وروسيا ومحاولاتهما التي يعزز بعضها بعضا لتقويض النظام الدولي القائم على القواعد تتعارض مع قيمنا ومصالحنا".

وتابع "ندعو الصين إلى لعب دور بناء كعضو دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إدانة الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا، الامتناع عن دعم المجهود الحربي الروسي بأي شكل من الأشكال، التوقف عن تضخيم رواية روسيا الكاذبة التي تلقي باللوم على أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي في حرب روسيا العدوانية ضد أوكرانيا، الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة".

وقد أصدر حلفاء الناتو دعوة محددة للصين من أجل "التصرف بمسؤولية والامتناع عن تقديم أي مساعدات فتاكة لروسيا" لاستخدامها بالحرب في أوكرانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حلف الناتو دول الحلف بایدن فی

إقرأ أيضاً:

ميركل تدعو لمنع انتصار روسيا في أوكرانيا وتؤكد دعمها لسياسة شولتس

دعت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، إلى منع روسيا من تحقيق أي انتصار في النزاع المستمر في أوكرانيا، مشيرة إلى أهمية اتخاذ خطوات مدروسة في دعم أوكرانيا دون تصعيد الحرب بشكل غير محسوب، جاء ذلك خلال فعالية إعلامية نظمتها صحيفة Die Zeit في ألمانيا، حيث ناقشت ميركل تطورات الحرب الأوكرانية وآفاق الحلول الممكنة.

 

وفي ردها على سؤال حول قرار المستشار الحالي أولاف شولتس بعدم إرسال صواريخ "تاورس" إلى أوكرانيا، قالت ميركل: "لقد أظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن من خلال قراراته الحذرة بشأن نوع الأسلحة التي يمكن إرسالها إلى أوكرانيا، أهمية التفكير العميق في كيفية دعم أوكرانيا بهدف منع روسيا من الفوز في هذه الحرب"، وأضافت: "من الضروري أن نتخذ خطوات مدروسة بعناية، مع الحرص على عدم تصعيد النزاع بشكل يجرنا إلى الحرب مباشرة".

 

وأعربت ميركل عن دعمها لسياسة شولتس في هذا المجال، مشيرة إلى أن المستشار الألماني يمتلك أسبابًا مقنعة تبرر موقفه في هذا الخصوص، وأكدت أن ألمانيا تحتاج إلى اتخاذ مواقف تحافظ على توازن دقيق بين دعم أوكرانيا واحتواء التصعيد العسكري مع روسيا.

 

وفي وقت سابق، شدد شولتس على أن ألمانيا لن ترسل صواريخ بعيدة المدى من طراز "تاورس" إلى أوكرانيا، ولن توافق على استخدام أسلحتها ضد أهداف داخل الأراضي الروسية، وهو ما يبرز الفرق في المقاربة بين الحكومة الألمانية السابقة والحالية في التعامل مع هذا الملف.

 

من جهة أخرى، تعتبر روسيا أن إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا يعد أمرًا يعرقل جهود البحث عن حل دبلوماسي للصراع، حيث اعتبرت ذلك بمثابة تصعيد مباشر يجر دول الناتو إلى دائرة القتال، وهو ما وصفته بـ "اللعب بالنار"، وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "أي شحنات تحتوي على أسلحة موجهة إلى أوكرانيا ستصبح هدفًا مشروعًا للقوات الروسية".

 

وكانت ميركل قد تحدثت في مذكراتها الأخيرة، وفي تصريحات سابقة، عن نيتها "خداع" الجانب الروسي فيما يتعلق بتطبيق اتفاقيات مينسك، مشيرة إلى أن هذه الاتفاقيات كانت تهدف إلى ضمان استقرار المنطقة، لكنها اعترفت بوجود صعوبات كبيرة في تنفيذها على الأرض بسبب تعنت روسيا في الالتزام بها.

 

وتعكس هذه التصريحات التوترات المستمرة في السياسة الدولية بشأن النزاع الأوكراني، حيث تتباين الآراء حول كيفية دعم أوكرانيا دون التصعيد المباشر مع روسيا، وهو ما يبقى محورًا حساسًا في العلاقات بين الدول الغربية وروسيا.

 

"أطباء بلا حدود" تحذر من تدهور النظام الصحي في الضفة الغربية جراء الهجمات الإسرائيلية

 

قالت منظمة "أطباء بلا حدود" في تقرير نشر اليوم الخميس إن نظام الرعاية الصحية في الضفة الغربية المحتلة يعاني من "حالة طوارئ دائمة" منذ ال 7 من أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن إسرائيل تنفذ هجمات ممنهجة على القطاع الصحي في المنطقة.

 

وأوضحت المنظمة أن التصعيد العسكري الإسرائيلي، الذي تضمن توغلات عسكرية لفترات طويلة وفرض قيود أكثر صرامة على حركة الفلسطينيين، قد أعاق بشكل كبير الوصول إلى الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الرعاية الصحية، ونتيجة لذلك، تفاقمت الظروف المعيشية للفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل كبير.

 

وأكدت المنظمة في تقريرها أنه منذ السابع من أكتوبر 2023، سجلت منظمة الصحة العالمية 694 هجومًا على المنشآت الصحية في الضفة الغربية، بما في ذلك المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية، التي كانت غالبًا ما تقع تحت حصار القوات العسكرية الإسرائيلية، واعتبرت المنظمة أن هذه الهجمات تشكل جزءًا من "نمط منهجي" من التدخلات التي تهدف إلى تعطيل تقديم الرعاية الصحية الطارئة.

 

وفي هذا السياق، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن الهجمات الإسرائيلية وعنف المستوطنين قد أسفرت عن استشهاد 884 فلسطينيًا على الأقل في الضفة الغربية منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة في 7 أكتوبر 2023.

 

وأشار التقرير إلى أن منع الفلسطينيين من الوصول إلى الرعاية الصحية يعتبر جزءًا من "نظام أوسع للعقاب الجماعي" تفرضه إسرائيل تحت ذريعة محاربة المسلحين الفلسطينيين، وأكدت "أطباء بلا حدود" أن النظام الصحي الفلسطيني في الضفة الغربية، الذي كان يعاني أصلاً من نقص حاد في الموارد، أصبح أكثر ضعفًا منذ بداية الحرب، في ظل القيود الكبيرة على الميزانية ونفاد نصف الأدوية الأساسية من المخازن.

 

وأضاف التقرير أن العيادات والمستشفيات تعمل "بمستويات منخفضة" بسبب نقص الموارد وغياب رواتب العاملين الصحيين منذ عام، كما أشار إلى أن حركة سيارات الإسعاف تمثل تحديًا كبيرًا بسبب نظام واسع من نقاط التفتيش وحواجز الطرق، مما يعرقل الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة.

 

كما أفاد التقرير بتكرار الهجمات على العاملين والمرافق الطبية من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين، وغالبًا ما كانت المستشفيات والمرافق الصحية محاصرة من قبل القوات العسكرية، مما يزيد من المخاطر على المرضى والعاملين في المجال الصحي.

 

ودعت "أطباء بلا حدود" إسرائيل إلى "وقف استخدام القوة غير المتناسب" ضد المرافق الطبية والعاملين الصحيين في الضفة الغربية، وطالبت بإجراء تحقيقات مستقلة في الهجمات السابقة على المنشآت الصحية، كما شددت على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الطبية إلى المحتاجين، والسماح لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بمواصلة عملها في المنطقة.

 

ختامًا، أكدت المنظمة أن الوضع في الضفة الغربية يزداد تعقيدًا بشكل يومي، محذرة من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر ويعرقل أي آفاق لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

 

مقالات مشابهة

  • روسيا تسيطر على بلدة استراتيجية شرقي أوكرانيا
  • روسيا تعلن السيطرة على بلدة إستراتيجية شرق أوكرانيا
  • روسيا تعلن السيطرة على بلدة استراتيجية شرق أوكرانيا
  • روسيا تعلن السيطرة على بلدة استراتيجية في أوكرانيا
  • مشاركة عربية في مسابقة ثقافة الشارع والرياضة الشعبية في روسيا
  • جنرال أمريكي: دعم أوكرانيا عسكرياً يحمي أوروبا من غزو بوتين
  • هل ستقدم روسيا تنازلات لإنهاء الحرب مع أوكرانيا؟
  • موسكو: الناتو يحاول محاصرة روسيا في بحر البلطيق
  • أوكرانيا تقصف مطارا في روسيا
  • ميركل تدعو لمنع انتصار روسيا في أوكرانيا وتؤكد دعمها لسياسة شولتس