رأينا الكوارث والحروب.. منظمات دولية: لم نشهد مثل حالة غزة
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
لسنا غرباء على المعاناة الإنسانية والصراعات والكوارث الطبيعية، كنا هناك عندما اندلع القتال في الخرطوم بالسودان، وحضرنا سقوط القنابل على أوكرانيا، وعندما ضربت الزلازل جنوب تركيا وشمال سوريا كنا هناك، وقبل ذلك كنا موجودين عندما واجه القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف منذ سنوات، والقائمة تطول.
بهذه المقدمة افتتحت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لمجموعة من الشخصيات العالمية المنخرطة منذ عهود في العمل الإنساني، عبروا فيه عما يحدث في غزة، وهم ميشيل نان الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة كير بالولايات المتحدة، وتجادا دوين ماكينا، الرئيس التنفيذية لمنظمة ميرسي كوربس وجان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، وآبي ماكسمان الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام أميركا، وجيريمي كونينديك رئيس المفوضية الدولية للاجئين، وغانتي سويريبتو، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة إنقاذ الطفولة الأميركية.
يقول هؤلاء الرجال والنساء في مقالهم بالصحيفة "باعتبارنا قادة بعض أكبر المنظمات الإنسانية العالمية في العالم، لم نر شيئا مثل الحصار المفروض على غزة".
ففي أكثر من شهرين منذ الهجوم الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص في إسرائيل، يقول المديرون قُتل حوالي 18 ألفا من سكان غزة، بينهم أكثر من 7500 طفل، مما يعني مقتل أكبر عدد من الأطفال في هذا الصراع مقارنة بجميع الصراعات العالمية الكبرى مجتمعة في العام الماضي.
انتشار الأمراض المعديةومع تعبير المجموعة عن "فظاعة" ما ارتكبته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فقد رأوا أن الحق في الدفاع عن النفس لا يتطلب ولا يمكن أن يتطلب إطلاق العنان لهذا الكابوس الإنساني على ملايين المدنيين، إذ لم تشهد أي حرب أخرى في هذا القرن "أن يكون المدنيون محاصرين إلى هذا الحد، دون أي وسيلة أو خيار للهروب لإنقاذ أنفسهم وأطفالهم".
ودعا المقال زعماء العالم، وخاصة حكومة الولايات المتحدة، لتغيير نهجها لانتشال غزة من هذه الهاوية، بدءا بوقف تدخلاتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة، وعرقلة الدعوات لوقف إطلاق النار، لأن المناطق القليلة المتبقية في غزة التي لم يصلها القصف تتقلص كل ساعة، ليصبح الآن أكثر من 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة نازحين.
وليس القصف هو الشيء الوحيد الذي يقطع حياة الناس بوحشية، إذ أدى الحصار إلى ندرة حادة في الغذاء، وانقطاع الإمدادات الطبية والكهرباء، ونقص المياه النظيفة، ولا تكاد تتوفر أي رعاية طبية في القطاع، حيث يعمل الجراحون على ضوء هواتفهم المحمولة دون تخدير، مستعملين مناشف الأطباق كضمادات، وحيث يتزايد خطر حدوث موجات من الأمراض المعدية في ظل الظروف المعيشية والاكتظاظ.
لن يكون هناك اليوم التالي
ومع أن ما وصل إلى غزة من المساعدات المطلوبة ضئيل خلال الشهرين الماضيين منذ بدء الحرب، وحتى لو سمح بدخول المزيد، فإن "العمل في غزة يعتمد على ضمان قدرة فرقنا على التحرك بأمان، ولكن موظفينا ليسوا آمنين. يخبروننا أنهم يتخذون القرار بالبقاء مع عائلاتهم في مكان واحد حتى يموتوا معا أو حتى يبحثوا لهم عن الماء والطعام".
وأشارت المجموعة إلى حديث القادة في واشنطن المستمر عن الاستعداد "لليوم التالي"، ولكن إذا استمر هذا القصف والحصار بلا هوادة، فلن يكون هناك "اليوم التالي" في غزة، بل سيكون الوقت متأخرا جدا، لأن مئات الآلاف من الأرواح معلقة اليوم.
وختم المقال بأن الأحداث المروعة التي تحدث أمام العالم إذا لم يتغير، سوف تكون بداية إرث من اللامبالاة في مواجهة معاناة لا توصف، ومن التحيز في تطبيق قوانين النزاع، ومن إفلات الجهات الفاعلة التي تنتهك القانون الإنساني الدولي من العقاب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: التنفیذیة لمنظمة فی غزة
إقرأ أيضاً:
منظمات مؤيدة للاحتلال تشن حملة للإطاحة بفرانشيسكا ألبانيز من الأمم المتحدة
تشن منظمات موالية للاحتلال، ضغوطات كبيرة، لمنع تجديد ولاية، فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قبيل التصويت في مجلس حقوق الإنسان الأممي.
وتسعى هذه المنظمات إلى عرقلة التجديد لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات، في التصويت المقرر إجراؤه اليوم الجمعة، في ختام الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان.
وتدعي منظمة "يو ان واتش " (UN Watch)، إحدى أبرز الجهات المؤيدة للاحتلال، أن بعض تصريحات ألبانيز "تنتهك مدونة السلوك المرتبطة بالمنصب"، وتسعى لعرقلة إعادة تعيينها استنادا إلى ذلك.
ومن بين 47 دولة عضوا في المجلس، كانت هولندا الدولة الوحيدة التي أعلنت رسميا معارضتها لتجديد ولاية المقررة الأممية، في حين ألغت ألمانيا في فبراير/ شباط الماضي سلسلة من محاضرات ألبانيز في جامعات ألمانية.
وقدم ليكس تاكنبرغ، المسؤول الأممي السابق الذي عمل مع ألبانيز، والخبير القانوني إحسان عادل، تقييما للأسباب والدوافع الكامنة وراء الحملة التي تستهدفها.
ليكس تاكنبرغ، الذي شارك ألبانيز في تأليف كتاب "اللاجئون الفلسطينيون في القانون الدولي"، وعمل في وكالة "الأونروا" 31 عاما، منها 10 سنوات في غزة، قال إن التزام ألبانيز بولايتها أقلق الاحتلال وداعميه.
وأضاف: "طوال السنوات الثلاث الماضية حاولوا عرقلة عملها بوسائل مختلفة، والآن يحاولون منع تجديد ولايتها".
وأوضح تاكنبرغ أن المقررين الأمميين ينتخبون لفترة مدتها ست سنوات، وعادة ما يعد تجديد الولاية بعد الثلاث سنوات الأولى إجراء شكليا، لكن في حالة ألبانيز، تسعى المنظمات الموالية للاحتلال إلى إحباطه.
وأشار إلى أن غالبية الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان تدعم استمرار ولايتها، وأن الدول المعارضة تقتصر على عدد قليل من الدول الغربية.
وأكد أن الرئيس الحالي للمجلس السفير يورغ لاوبر "لم ير سببا لتحقيق أعمق في الاتهامات الموجهة للمقررة الأممية، ما لم تظهر أدلة جديدة ضدها".
وفق تاكنبرغ، فإن كل انتقاد لسياسات الاحتلال يقابل بمحاولات قمع من جانبها وحلفائها.
وقال: "غالبا ما ينشرون رسائلهم من خلال سياسيين يمينيين شعبويين أو أعضاء في الكونغرس الأمريكي، ويستخدمونهم لإثارة الضغوط. هذه المساعي لا تستهدف ألبانيز فقط، بل تمتد أيضا إلى السياسيين والحكومات التي تجرؤ على انتقاد إسرائيل".
وأشار إلى أن المقررين الخاصين ليسوا موظفين لدى الأمم المتحدة، وبالتالي لا يخضعون لتسلسلها الهرمي أو لتأثيراتها السياسية.
وأردف: "لهذا السبب، لديهم حرية قول الحقيقة. ألبانيز تفعل ذلك بثبات، وهي جزء محوري في آلية حقوق الإنسان، لذلك من الضروري للغاية تجديد ولاياتها".
ووصف تاكنبرغ ما يجري في غزة بأنه "عملية إبادة جماعية تجري على البث المباشر"، مؤكدا وجود أدلة كثيرة على أفعال إسرائيل وخطابات قادتها العسكريين والسياسيين، والتي تعكس نية الإبادة الجماعية بشكل غير مسبوق.
وعن مستقبل الحملة ضد ألبانيز، قال: "أعرفها جيدا، وأخشى أحيانا على سلامتها الشخصية. لا أعتقد أن إسرائيل ومؤيديها سيتوقفون عن مضايقتها".
من جهته، وصف إحسان عادل، مؤسس منظمة "القانون من أجل فلسطين"، إلغاء محاضرات ألبانيز في ألمانيا بأنه: "انتهاك صارخ للحرية الأكاديمية".
وأضاف: "فرانشيسكا ألبانيز، باحثة قانونية مرموقة ومعينة من قبل الأمم المتحدة، وما تعرضت له ليس استهدافا شخصيا فقط، بل يعد اعتداء على نزاهة النظام القانوني الدولي والحرية الأكاديمية".
وقال: "ما نشهده هو حملة إسكات سياسية تهدف لقمع التحليلات القانونية التي تتحدى إفلات إسرائيل من العقاب. وقد سبقتها هجمات على المقررين السابقين مثل مايكل لينك وريتشارد فولك، وعلى جميع من تولوا هذا المنصب".
وتابع: "ما يجعل الهجوم الحالي على ألبانيز أكثر أهمية هو أن تقاريرها تتحدى بشكل مباشر استراتيجية إسرائيل الطويلة لتفادي المساءلة القانونية".
وأضاف أن تقارير ألبانيز تكشف بالتفصيل طبيعة هجمات الاحتلال على غزة التي تتعمد ارتكاب إبادة جماعية، ونظام الفصل العنصري المفروض على الفلسطينيين، وانتهاكات الاحتلال للقانون الدولي.
وأشار عادل إلى أن إحدى أهم النقاط التي تضمنتها تقارير ألبانيز هي "رفض اعتبار هجمات إسرائيل على غزة نوعا من الدفاع المشروع عن النفس".
كما أكدت في تقاريرها أن "قتل أكثر من 20 ألف طفل لا يمكن تبريره كخسائر مدنية جانبية، ولا يمكن اعتبار السكان المدنيين جميعا دروعا بشرية، لأن ذلك يمثل تحريفا سافرا للقانون الدولي".
ولفت عادل إلى أن هذه التقارير اتهمت دولا ثالثة بدعم الاحتلال رغم التزاماتها القانونية بمنع الإبادة الجماعية، مما يجعلها شريكة في الجريمة.
وقال: "نواجه الآن ما يمكن تسميته بالعنصرية المناهضة للفلسطينيين. وإن محاولات إسكات ال هي رد مباشر على نجاح المساعي في تأطير أفعال إسرائيل ضمن جرائم الإبادة الجماعية".
واختتم محذرا "إذا سمحنا للمصالح السياسية أن تحدد ما يمكن للخبراء القانونيين قوله، حتى لو كانت استنتاجاتهم قائمة على الأدلة والمعايير القانونية الدولية، فهذا يعني أننا نقف على أعتاب سابقة خطيرة".
وزاد: "هذه السابقة ستمنح الدول القوية حرية إسكات من يعارض انتهاكاتها، وهو ما يؤدي إلى تقويض النظام العالمي لحقوق الإنسان، الذي بني لمنع الفظائع التي نشهدها اليوم في غزة."
تجدر الإشارة إلى أن الخبيرة القانونية الأممية ألبانيز لطالما انتقدت انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين ووصفت في أكثر من مناسبة الهجمات والممارسات في الأراضي الفلسطينية بأنها "إبادة جماعية".