هل تشارك قوات أمريكية في تحقيق الاستقرار في غزة بعد الحرب؟
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
رفض تحليل أمريكي فكرة أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من قوة لـ"تحقيق الاستقرار في غزة" بعد انتهاء الحرب الدائرة منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبحسب ما أفادت مجلة responsiblestatecraft فهناك بعض المقترحات المتداولة في واشنطن بشأن قوة تقودها الولايات المتحدة في غزة بعد الحرب، مشيرة إلى أن هذا لن يحظى بشعبية كبيرة في الداخل وسيكون له تأثير سياسي في الشرق الأوسط.
أحد الاقتراحات المقدمة من جوناثان لورد من مركز الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تتركز على فكرة أن "عملية الاستقرار التي تقودها الولايات المتحدة أمر ضروري لهزيمة حماس".
لكنه أكد أنه بالإضافة إلى صعوبة تأمين الدعم الكافي في الكونجرس لمثل هذه المهمة، فإن هذه الخطة ستفشل حين الأخذ في الاعتبار العداء المحلي المكثف الذي قد يواجهه الانتشار العسكري الأمريكي على الأراضي الفلسطينية والمخاطر التي ستواجهها القوات الأمريكية نتيجة لذلك.
كما أن قوة تحقيق الاستقرار التي تقودها الولايات المتحدة سيُنظر إليها على أنها قوة محتلة، فبدلاً من توفير الأمن والاستقرار، قد تتورط مثل هذه القوة بسهولة في صراع متجدد.
وقالت المجلة التي نقلت عنه هذا المقترح إن "وضع القوات الأمريكية في غزة يخاطر بتعريضها لهجمات مستقبلية حيث إن وجودهم يمكن أن يكون بمثابة نقطة جذب للمتطرفين ويعرض حياتهم وحياة المدنيين الفلسطينيين للخطر".
واعتبرت أنه كان من الخطأ الفادح أن تقوم إدارة ريجان (رئيس أمريكي سابق) بإرسال مشاة البحرية إلى وسط الحرب في لبنان في أعقاب الغزو الإسرائيلي قبل أكثر من أربعين عاماً. وسيكون من الخطأ الجسيم بالمثل وضع قوات أمريكية في غزة.
كما أن القيام بدور عسكري كبير للولايات المتحدة في غزة ما بعد الحرب لن يكون مقبولا لدى الرأي العام الأمريكي.
فالأمريكيون المعارضون لحرب إسرائيل والدعم الأمريكي لها لن يرغبوا في إلزام قوات أمريكية بالتعامل مع عواقبها.
وبالنظر إلى أن استطلاعات الرأي تظهر أن الأمريكيين على نطاق أوسع يشعرون بالقلق من إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى المنطقة، فمن المحتمل أن العديد من الأمريكيين الذين أيدوا الدعم الأمريكي للحرب ما زالوا لا يريدون تعريض الجنود الأمريكيين للأذى كجزء من حرب أخرى.
وستحتاج أي مهمة لتحقيق الاستقرار إلى دعم واسع النطاق من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لسنوات مقبلة، وببساطة لا توجد رغبة سياسية لدى أي من الطرفين لتحمل التزام خارجي مهم آخر مثل هذا.
ولا يتمتع الرئيس بتفويض للقيام بمثل هذا الالتزام، ومن الصعب أن نتصور موافقة الكونجرس على المهمة في عام انتخابي.
وبحسب لورد فإن "الوجود العسكري الأمريكي على الأرض يمكن أن يمنح بايدن نفوذاً كبيراً لدفع عملية السلام إلى الأمام. لكننا رأينا أن بايدن، مثل أسلافه، يرفض تمامًا استخدام النفوذ للضغط على الحكومة الإسرائيلية لفعل أي شيء".
وتابع أن وضع قوات أمريكية في غزة قد يمنح واشنطن من الناحية النظرية بعض النفوذ لدى إسرائيل، لكن هذا لا يهم عندما لا تكون هناك إرادة سياسية لاستخدام هذا النفوذ.
وأضاف أن جعل القوات الأمريكية رهينة لعملية سلام غير جادة لن يؤدي إلا إلى تقييد الولايات المتحدة في عملية انتشار أخرى مفتوحة لا علاقة لها بأمن الولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى البحث عن طرق لتقليل وجودها العسكري الإجمالي في المنطقة بدلاً من إيجاد أعذار لإضافة مهام جديدة.
تحفيز التطبيع
ولعل الجزء الأكثر خيالا في اقتراح لورد هو أن قوة تحقيق الاستقرار التي تقودها الولايات المتحدة في غزة قد تساعد في تحفيز التطبيع السعودي الإسرائيلي.
وكانت مبادرة إدارة بايدن خطأً فادحًا حتى قبل بدء الحرب، ومن المشكوك فيه أن تكون الحكومة السعودية مهتمة باحتضان إسرائيل في أي وقت قريب بعد الحرب.
وحتى لو كانت الرياض مستعدة، فإن صفقة التطبيع ،قيد النظر، تعاني من نفس العيوب الرئيسية التي جعلتها غير مرغوب فيها بالنسبة للولايات المتحدة في المقام الأول. وإذا كان بايدن سيواجه صعوبة في بيع ضمانة أمنية للسعوديين قبل الحرب، فإنه سيواجه مقاومة أشد من الكونجرس إذا كان يسعى في الوقت نفسه للحصول على دعمه لمهمة غزة.
إن هدف أي قوة لتحقيق الاستقرار يجب أن يكون حماية سكان غزة. ولتحقيق النجاح في ذلك، يجب أن يتم قبوله واعتباره مشروعًا من قبل السكان. ببساطة، هناك الكثير من الخلافات بين الولايات المتحدة وشعب غزة بحيث لا يمكن للولايات المتحدة أن تشارك في وجود عسكري بعد الحرب.
وقال إن دور حكومتنا في هذا الصراع يجعل من المستحيل على القوات الأمريكية أن تعمل كقوة أمنية موثوقة في هذه الحالة.
وللحصول على أي فرصة للنجاح، يجب ألا تكون مهمة تحقيق الاستقرار المستقبلية مرتبطة بأي حكومة شاركت بشكل مباشر في دعم الحملة العسكرية الإسرائيلية.
بدائل أمريكا
وباعتبارها المورد الرئيسي للأسلحة والداعم الدبلوماسي لإسرائيل، فإن الولايات المتحدة غير مؤهلة بشكل فريد للعب دور في تحقيق الاستقرار بعد الحرب.
ومن الناحية المثالية، يمكن للحكومات المعروفة بتعاطفها مع الفلسطينيين، مثل البرازيل أو جنوب أفريقيا، أن تكون من المساهمين الرئيسيين في المهمة الأمنية.
وإذا كانت تلك الحكومات غير قادرة أو غير راغبة في المشاركة، فيمكن للأمم المتحدة تنظيم مهمة لحفظ السلام بقوات من الدول ذات الأغلبية المسلمة أو من دول أخرى شاركت في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الماضي، بما في ذلك الصين.
وقد تكون تركيا وقطر أيضًا مساهمين قيمين في جهود تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار.
وخلص لورد في مقترحه أنه من الأفضل كثيراً أن تستخدم الولايات المتحدة نفوذها الآن لتجنب أسوأ النتائج قبل أن يقتل المزيد من الفلسطينيين الأبرياء بالقنابل، والمجاعة، والمرض، فإن أفضل ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة للمساعدة في جعل غزة ما بعد الحرب أكثر استقراراً هو الضغط من أجل إنهاء الحرب الآن وقيادة جهود الإغاثة الضخمة لدرء الكارثة الإنسانية التي تلوح في الأفق والتي تهدد حياة الملايين.
وأسفر العدوان الإسرائيلي عن استشهاد أكثر من 18 ألف شخص أغلبهم من النساء والأطفال وإصابة الآلاف.
المصدر | responsiblestatecraftالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة إسرائيل قوة أمريكية القوات الأمریکیة تحقیق الاستقرار قوات أمریکیة المتحدة فی أمریکیة فی بعد الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
صحيفة أمريكية تتحدث المهمة الأولى لترامب التي ستغضب الحوثيين
رجحت صحيفة أمريكية أن تكون إحدى المهام الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في محاولته إنهاء الحروب في الشرق الأوسط وتخفيف الضغوط التضخمية في أميركا، هي إنهاء سيطرة الحوثيين على حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، مشيرة إلى ما وصفته بـ"الانتكاسة الحاسمة" التي تلحق بوكيل إيران في اليمن قد ترسل رسالة مهمة في ردع أعداء أميركا.
وسارع المتحدث باسم الحوثيين، يحيى سريع، إلى نفي التقارير التي وردت الأسبوع الماضي والتي تفيد بأن "الجماعة الإرهابية" المتمركزة في اليمن تعتزم رفع الحصار الذي فرضته منذ عام على البحر الأحمر بسبب انتخاب ترامب. ولتأكيد هذا البيان المسلح، أطلق الحوثيون يوم الأحد صاروخًا باليستيًا على وسط إسرائيل، وأعلنوا عن إصابة هدف عسكري استراتيجي.
وبحسب صحيفة The New York sun، يزعم الحوثيون أنهم يقاتلون إسرائيل نيابة عن حماس، فقد عطلوا أيضًا 12٪ من التجارة العالمية بمهاجمة السفن في البحر الأحمر. حيث "لم يحدث مثل هذا النطاق من الهجمات، باستخدام أنظمة الأسلحة على السفن المدنية، منذ الحرب العالمية الثانية"، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن لجنة تابعة للأمم المتحدة، والذي سلط الضوء على تسليح إيران وتدريب الحوثيين.
ويقول بيل روجيو، رئيس تحرير مجلة "لونغ وور جورنال" التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، للصحيفة: "لا أستطيع أن أرى ترامب يقبل إغلاق البحر الأحمر وكل التكاليف المترتبة على ذلك. وإذا كان يريد خفض الأسعار، فيجب حل هذه المشكلة".
لقد نفذ الرئيس بايدن ضربات جوية ضد منشآت عسكرية حوثية في اليمن، بما في ذلك خلال مطلع الأسبوع الجاري في عملية مشتركة مع البريطانيين. كما قامت البحرية الأمريكية وقوات بحرية أخرى بمرافقة السفن في البحر الأحمر، كما ضربت إسرائيل مرتين ميناء الحديدة في اليمن، حيث يتلقى الحوثيون الكثير من شحنات الأسلحة.
وبرغم ذلك تشير الصحيفة إلى أن الحوثيين لا يتراجعون. فبدعم من الحرس الثوري الإسلامي، يبدو أنهم عازمون على تحديد أي السفن التجارية سوف يُسمح لها بالإبحار في البحر الأحمر. وتساءل التقرير بالقول "هل يمكن تجربة استراتيجيات جديدة؟
من ناحية أخرى، رفضت أميركا إغراق سفينة التجسس الإيرانية "إم في بهشاد" ، التي كانت تبحر منذ أشهر في منطقة البحر الأحمر، وتشرف على استهداف السفن الحوثية. ويشير السيد روجيو إلى أن هناك تكتيكًا آخر لم يتم تجربته بعد، وهو استهداف أفراد الحوثيين، بما في ذلك كبار القادة والمتعاونين معهم من الحرس الثوري الإيراني في اليمن.
ولكن من ناحية أخرى، تعترض المملكة العربية السعودية، التي سرعان ما أصبحت محورية في استراتيجية أميركا في الشرق الأوسط، على العمل العسكري عبر حدودها، كما تقول إنبال نيسيم لوفتون، وهي مراقب لليمن في منتدى القدس للتفكير الإقليمي، للصحيفة . وقالت الصحيفة بأن الرياض ،بعد فشلها في هزيمة الحوثيين في الحرب التي بدأت في عام 2015، أصبحت حذرة من هجمات الحوثيين على منشآتها للطاقة، وتخشى تجددها.
ومثله كمثل بايدن، يشير ترامب إلى حرصه على تهدئة الشرق الأوسط، ويعتبر الرياض لاعباً رئيسياً في تحقيق هذا الهدف. وفي الوقت نفسه، تعارض الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تتمتع بنفوذ حاسم على الحوثيين، التقارب الإقليمي الذي يركز على السعوديين.
ويقول السيد روجيو إنه إذا كان ترامب "يريد الانسحاب من بعض هذه الأمور، فسوف يتعين عليه الانخراط"، مضيفًا أن صد العدوان الحوثي سيكون بداية جيدة. ويضيف: "من الواضح أن الأمر ليس بهذه البساطة، لكنه أمر يمكن القيام به، ولا يتعين عليك حقًا إرسال قوات على الأرض لإصلاح هذه المشكلة".
وفي تقريرها المكون من 537 صفحة والمقدم إلى مجلس الأمن، كتبت لجنة الأمم المتحدة المكونة من مسؤولين عسكريين واستخباراتيين واقتصاديين وغيرهم من عدة بلدان الأسبوع الماضي: "إن مدى نقل المعدات العسكرية والتكنولوجيا المتنوعة المقدمة إلى الحوثيين من مصادر خارجية، بما في ذلك الدعم المالي وتدريب مقاتليها، غير مسبوق".
وبحسب الصحيفة فإنه وبمساعدة إيران وحزب الله، أصبحت الميليشيا السابقة التي كانت تقاتل منافسين محليين في واحدة من أفقر دول العالم جيشًا هائلاً. ويقدر عدد قوات الحوثيين، بما في ذلك الأطفال المجندين، بنحو 350 ألفًا الآن، ارتفاعًا من 220 ألفًا في عام 2022 و30 ألفًا في عام 2015، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة.
وأضاف تقرير اللجنة أن "حجم وطبيعة ومدى نقل المعدات العسكرية والتكنولوجيا المتنوعة المقدمة للحوثيين من مصادر خارجية، بما في ذلك الدعم المالي وتدريب مقاتليها، غير مسبوق".
وأشار التقرير إلى أنه مع تدهور حزب الله وحماس ، فإن الحوثيين ــ الذين تم تعيينهم في الأصل لمحاربة الرياض ــ أصبحوا على وشك أن يصبحوا الجيش بالوكالة الأول للملالي، الأمر الذي من شأنه أن يلحق الضرر بمصالح أميركا.
وشددت الصحيفة بأن ترامب يستطيع أن يمنع التعقيدات العسكرية المستقبلية من خلال التعامل مع الحوثيين الآن. وحذرت من أنه إذا سُمح للجماعة بالتمدد أكثر، فقد يؤدي ذلك إلى إنهاء أي أمل في السلام ــ ومعاقبة الاقتصاد الأميركي في الوقت نفسه.