كانت سنة العجائب والغرائب
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
آخر تحديث: 13 دجنبر 2023 - 11:04 صبقلم:خيرالله خيرالله تقترب السنة 2023 من نهايتها. يمكن اعتبارها من أصعب السنوات التي مرّت على هذا العالم، في ظلّ تعدّد الأزمات التي يمرّ فيها، خصوصا في المنطقة العربيّة أو ما يسمّى العوالم العربيّة وما يجاورها. توجد دول مقبلة على الزوال. لم يعد من يتحدث عن السودان الذي يصعب انتشاله من الأزمة المصيريّة التي يمر فيها منذ اندلاع الحرب بين الجنرالين عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي).
كان لا بدّ من تجدد المعارك في الخرطوم وتبادل الشروط بين البرهان و”حميدتي” كي يعود ذكر للحدث السوداني الذي كان شاغل العالم قبل فترة قصيرة، أي قبل اندلاع حرب غزّة في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي. كان ذلك بعد يوم واحد من الذكرى الخمسين لحرب تشرين أو أكتوبر بين إسرائيل من جهة وكلّ من مصر وسوريا من جهة أخرى. طغت حرب غزّة على كلّ ما عداها من أحداث عالميّة، بما في ذلك الحرب الأوكرانيّة المرشحة لأن تدخل في 24 شباط – فبراير المقبل سنتها الثالثة. شعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمرّة الأولى منذ شنّه حربا على أوكرانيا، مستندا إلى حسابات خاطئة، بنوع من الارتياح. سمح له ذلك بالقيام بجولة شملت دولة الإمارات العربيّة المتحدة والمملكة العربيّة السعودية و”الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران التي تبين في كلّ يوم أكثر عمق التحالف العسكري بينها وبين روسيا. تعيش المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج على وقع حرب غزّة التي كشفت إسرائيل التي تبدو عاجزة عن تحقيق انتصار ساحق على حركة مثل “حماس”. استطاعت “حماس” تحدي إسرائيل بكلّ ما تملكه من قوّة، بعدما كانت في الماضي أحد رهاناتها في مواجهة خيار الدولتين. للمرّة الأولى منذ قيام الدولة العبريّة في العام 1948، يبدو واضحا أن مستقبل إسرائيل على المحكّ. تبدو إسرائيل في حاجة ملحّة، أكثر من أي وقت، إلى الدعم الأميركي بعدما كان بنيامين نتنياهو في الماضي القريب يتحدّى المقيم في البيت الأبيض (باراك أوباما) في عقر داره. في عهد أوباما، ذهب “بيبي” إلى واشنطن وألقى خطابا أمام مجلسي الكونغرس… وتجاهل البيت الأبيض كلّيا. هذه أيّام ولّت، لكنّه ليس معروفا هل من سياسة أميركية تجاه إسرائيل وتجاه ما يجب فعله لوقف حرب غزّة، أقلّه من أجل الحد من الخسائر البشرية. لم تطغ حرب غزّة على الحدث السوداني فقط. لم يعد من كلام عن مصير النظام السوري الذي قتل من السوريين والفلسطينيين (مخيّم اليرموك قرب دمشق) أضعاف ما قتلته إسرائيل من فلسطينيين في غزّة. أكثر من ذلك كلّه، إذا كانت إسرائيل تنوي تهجير مليوني فلسطيني من غزّة، فإنّ النظام السوري، بدعم إيراني وروسي، هجّر من العام 2011، تاريخ اندلاع الثورة الشعبيّة في هذا البلد ما يزيد على 12 مليون سوري إلى لبنان والأردن وتركيا ودول مختلفة بعيدة أو قريبة… أو في الداخل السوري نفسه! لم يعد يوجد من يتحدث صراحة عن العراق حيث نفذت إيران، عبر حكومة محمّد شياع السوداني، انقلابا داخليا وضع حدّا لأيّ محاولة لاستعادة القرار العراقي المستقلّ وإن نسبيا. فرضت “الجمهوريّة الإسلاميّة” في العراق أمرا واقعا يتمثّل في أن الميليشيات المذهبيّة التابعة لـ”الحرس الثوري”، والعاملة تحت لافتة “الحشد الشعبي”، هي الدولة العراقية. لم يعد زعماء هذه الميليشيات يخفون ذلك. ليست الهجمات التي تشنها ميليشيات عراقيّة على قواعد أميركيّة أو على السفارة الأميركية في بغداد سوى أعمال تندرج في سياق الإستراتيجيّة الإيرانية والمشروع التوسّعي لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة”. في لبنان وفي ضوء حرب غزّة، ينحصر الاهتمام العالمي بالبلد بزاوية واحدة، زاوية عدم توسيع الحرب بين إسرائيل و”حماس” لتشمل الجنوب اللبناني. لا اهتمام بما إذا كان لدى لبنان رئيس للجمهوريّة أم لا. لبنان بلا رئيس للجمهوريّة منذ سنة وشهرين تقريبا. لا يغيّر ذلك شيئا في نظرة العالم إلى لبنان. لا يريد العالم سماع شيء عن لبنان باستثناء ما يتعلّق بتوسع الحرب أو عدم توسعها بناء على رغبة إيران التي تتحكّم بقرار “حزب الله”. غطّت حرب غزّة على ما يشهده العالم من أحداث كبيرة. كلّ ما في الأمر أنّ “حماس” استطاعت، شئنا أم أبينا، طرح مصير إسرائيل على طاولة البحث. لن تخرج الحركة منتصرة من حرب غزّة، لكنّ الأكيد أنّ عليها أن تتغيّر إذا كانت تريد أن تستمرّ. ستكون السنة المقبلة سنة حاسمة. لن يكون السؤال المطروح مرتبطا بمصير إسرائيل فحسب، بل بدورها في المنطقة وموقعها فيها أيضا. كذلك سيكون مطروحا معرفة هل حرب غزّة ستتوسّع نعم أم لا؟ الأهمّ من ذلك كلّه، إلى أيّ حدّ ستتمكن إيران من الاستفادة من حرب غزّة وتسجيل المزيد من النقاط على غرار ما فعلته في العراق. كانت 2023 سنة العجائب والغرائب والمفاجآت الكبيرة. من حسن الحظ أن هناك دولا عربيّة ما زالت تفكّر في المستقبل وكيفية التعاطي معه بعيدا عن أسر الماضي وعقده. تشير إلى ذلك الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس لدولة الإمارات والاتفاقات التي وقعها مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد. إن دلت طبيعة هذه الاتفاقات على شيء، فهي تدلّ على أن في هذا العالم العربي من لا يزال يفكّر في التنمية ورفاه الشعوب بدل الغرق في المزيد من العنف، وهو غرق تلتقي عنده الحركات المتطرفة واليمين الإسرائيلي والمشروع التوسعي الإيراني بأدواته المختلفة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان…نعم، لا يمكن المرور مرور الكرام على الزيارة التي قام بها محمّد السادس إلى أبوظبي. كشفت الزيارة وما أسفرت عنه، على الرغم من كلّ المآسي في غزّة وغير غزّة، وجود لغة جديدة تستخدم في مجال التعاون والتفاهم بين دولتين عربيتين وبين زعيمي هاتين الدولتين. يشكل ذلك تطوّرا في غاية الأهمّية في هذه الظروف بالذات. إنّه رفع لمستوى الخطاب العربي ليس إلّا…
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: العربی ة لم یعد ة التی
إقرأ أيضاً:
جامعة الدول العربية تؤكد أهمية الدبلوماسية الرياضية في نقل صورة مشرفة عن الوطن العربي إلى العالم
اكدت جامعة الدول العربية أهمية الدبلوماسية الرياضية في نقل صورة مشرفة عن الوطن العربي عبر كرة القدم التي تظل بسحرها الخارق الرياضة الأكثر انتشارا وتشويقا في العالم.
جاء ذلك في تصريح صحفي للسفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية اليوم( الاثنين) بمناسبة اعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم بصفة رسمية في 11 ديسمبر الجاري قبول ترشيح المملكة المغربية لتنظيم كأس العالم لكرة القدم بالشراكة مع إسبانيا و البرتغال في 2030 بالتزامن مع مئوية "المونديال" وترشيح المملكة العربية السعودية في 2034.
وأكد السفير خطابي أن هذا الاختيار يكرس دمقرطة تنظيم هذه البطولة العالمية لصالح دول الجنوب التي تشكل حوالي 84% من سكان العالم ، ويعد مكسبا حضاريا وتنمويا ورياضيا كبيرا للمجموعة العربية ، وفرصة لاستمرارية النجاح الرائع لأول مونديال فوق أرض عربية بدولة قطر في 2022 والذي كان فيه المغرب أول دولة عربية وإفريقية تصل إلى المربع الذهبي ، وشهد انتصارا تاريخيا للمنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني، مما أعطى زخما قويا للقدرات التنافسية للأداء الكروي العربي .
وأوضح خطابي أن احتضان كأس العالم يعد واجهة معتبرة لإبراز قيمنا وتقاليدنا المجتمعية ، والمؤهلات الاقتصادية والسياحية الجاذبة للمنطقة العربية، وتعزيز مساراتها التنموية وفق الأجندات الوطنية والأممية، ومناسبة لتحقيق مزيد من التأهيل في الميدان الكروي وتأمين المنشآت والمرافق الرياضية ، وتوفير خدمات عالية الجودة في مختلف القطاعات التنظيمية بما فيها التقنية والفندقية والصحية والثقافية والأمنية، فضلا عن تطوير البنيات الطرقية وشبكات الاتصالات تمشيا مع المعايير الدولية.
وشدد خطابي على أن هذا الاختيار بقدر ما يعكس دينامية الدفع بمشاريع التطور والبناء يسهم في ترسيخ مكانة العالم العربي، بتنوع وثراء روافده ، في عالم متحول ما أحوجنا فيه لمناهضة سلوكيات التطرف والتمييز وإشاعة ثقافة السلام والتنوع والعيش المشترك التي ترمز اليها فلسفة مبادئ " الفيفا " في تنظيم هذه التظاهرة الكونية.
وقال خطابي " الآن وقد دقت هذه اللحظة التاريخية المشرقة لنعمل سويا على تحويل هذا الحلم إلى حقيقة ، لكسب رهان التميز ، بروح جماعية واثقة ، وتعاون محكم بين الهيئات الوطنية العليا المنظمة والشركاء المعنيين من سلطات حكومية وجماعات ترابية وقطاع خاص وفعاليات المجتمع المدني".
وأشار خطابي فى تصريحه إلى تقدم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بخالص التهاني والتبريكات للبلدين قيادة وشعبا بمناسبة تتويجهما بنيل هذا الاستحقاق .