اجتاحت المظاهرات حول العالم.. كيف أصبحت الكوفية رمزًا وًطنيا فلسطينيًا؟
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- رُغم ارتداء الكوفية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إلا أنّها أصبحت تُعرف في العقود الأخيرة كرمز للهوية الفلسطينية والمقاومة بشكلٍ خاص.
ووضع المتظاهرون هذه الأوشحة حول أعناقهم، أو استخدموها لتغطية وجوههم، أثناء الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، وسط الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقال صحفي فلسطيني كندي وطالب دكتوراه في الأنثروبولوجيا بجامعة تورنتو الكندية، مجيد ملحس، إنّ الكوفية التي ارتداها في الأصل الرعاة والمزارعون البدو "أصبحت قطعة مميزة يضعها الثوار ضد الاستعمار، والنشطاء، وغيرهم، على مستوى العالم، في حين لا يزال كبار السن والمزارعون يرتدونها كغطاء تقليدي للرأس".
ما هي الكوفية؟وعادةً ما تأتي الكوفية باللونين الأسود والأبيض، أو الأحمر والأبيض، وتتميز بأنماط مختلفة، ووجود شرابات على جانبها.
وأشارت الباحثة والمنسقة المتخصصة في تاريخ الملابس الفلسطينية، وفاء غنيم، لـCNN، إلى أن "البدو وضعوا الكوفية في فلسطين التاريخية حتّى عشرينيات القرن الماضي".
وخلال حياتها المهنية، أفادت غنيم، وهي زميلة باحثة في متحف "متروبوليتان" للفنون في مدينة نيويورك الأمريكية، أنّها غالباً رأت أن القطع التي تعود إلى القرن الـ19 مصنوعة من القطن، والحرير، والصوف الناعم، وتتضمن خيوطاً بيضاء، وسوداء، وخضراء، وحمراء.
وارتدى القرويون وسكان المدن أغطية الرأس بطرق مختلفة عن البدو، وفقًا لما ذكرته غنيم، موضحة أن "الرجال البدو كانوا يثنون أطراف الكوفية بشكلٍ مائل، ويثبتونها على رؤوسهم باستخدام عقال".
وبالإضافة إلى كونها علامة بصرية للهوية البدوية، تخدم الأوشحة غرضًا عمليًا، إذ تساعد على حماية من يرتديها من شمس الصحراء ورمالها.
وأكّد ملحس لـCNN أنّ الأنماط المنسوجة في كل كوفية "تعكس جوانب مختلفة من أرض فلسطين، مثل شجرة الزيتون، وشباك صيد الأسماك".
ماذا تعني الكوفية للفلسطينيين؟بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، تُعتبر الكوفية رابطًا مهمًا لثقافتهم.
وقالت خبيرة استراتيجية ومديرة إبداعية فلسطينية تُدعى داليا جيكوبس، لـCNN إنّها ترتدي كوفية مصنوعة في مسقط رأسها، الخليل، عندما تسافر إلى الخارج.
وأوضحت أنّ ارتداء الكوفية "أشبه بحمل الوطن على كتفي"، واصفةً الوشاح كـ"رمز للمقاومة والوجود".
وقالت غنيم أيضًا إنّ الكوفية تذكرها بوالدها، بينما يذكرها التطريز الفلسطيني التقليدي بوالدتها.
كيف أصبحت الكوفية رمزًا للمقاومة؟ومثل العديد من الملابس الأخرى المرتبطة بالتراث الثقافي، أو الديني، والقومية، اتخذت الكوفية بُعدًا سياسيًا أيضًا إلى جانب تجسيدها للهوية الثقافية.
وبحسب ما ذكرته غنيم، يرجع هذا البُعد السياسي إلى ثلاثينيات القرن الماضي.
وخلال الثورة العربية بين عامي 1936 و1939، عندما سعى الفلسطينيون إلى إنهاء الاحتلال البريطاني، وإقامة دولة مستقلة خاصة بهم، ارتدى هؤلاء من مختلف الطبقات الاجتماعية والأديان الكوفية السوداء والبيضاء كرمز للتضامن.
وعادت الكوفية كرمزٍ سياسي في الستينيات عندما ارتداها الرجال والنساء كوشاح. وتم تصوير ياسر عرفات، الذي شغل منصب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لعقود، في كثير من الأحيان وهو يرتدي الكوفية باللونين الأبيض والأسود، وعزّز ذلك الوشاح من رمزٍ النضال الوطني الفلسطيني.
وفي كثير من الأحيان، تم تصوير ليلى خالد، وهي مقاتلة سابقة اشتهرت بدورها في اختطاف طائرة بعام 1969، وعضوة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (جزء من منظمة التحرير الفلسطينية) وهي ترتدي كوفية. حول شعرها ورقبتها.
وأثناء المظاهرات الأخيرة المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، شجع المنظمون المشاركين على ارتداء الكوفية لإظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني.
وبحسب ما أبلغت عنه CNN سابقًا، قال أحد المتظاهرين في فرنسا إنّه تم تغريمه بـ135 يورو لارتداء الكوفية بعد حظر البلاد جميع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.
ولكن قد يُعرِّض ارتداء الكوفية من يرتديها أيضًا لمشاعر معادية للفلسطينيين، أو الإسلاموفوبيا، إذ قال محامي الطلبة الذين تعرضوا لإطلاق النار في بيرلينغتون إنّه يعتقد أنّهم استُهدِفوا جزئيًا لارتدائهم الكوفية.
هل يمكن لأي شخص ارتداء الكوفية؟ودخلت الكوفية أيضًا عالم الموضة السائدة رُغم كونها رمزًا للهوية الوطنية، والمقاومة، ولكن قد يكون تجريد الكوفية من سياقها الأصلي مثيرًا للجدل.
في عام 2021، اتُّهِمت علامة "لويس فويتون" بالاستيلاء الثقافي عندما أطلقت وشاحًا يشبه الكوفية بقيمة 705 دولارات، وفقًا لما ذكرته تقارير متعددة.
وبحسب ما ورد، أَجبرت ردود الفعل العنيفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي العلامة التجارية الفاخرة على سحب المنتج من موقعها على الإنترنت.
ورفضت العلامة التجارية الإدلاء بتعليق لمنصات متعددة آنذاك، وتواصلت CNN معها مجددًا طلبًا للتعليق.
وقد يكون ارتداء الكوفية من قبل الفلسطينيين وغير الفلسطينيين طريقة رائعة "لإظهار التضامن" بشكل عام.
الأراضي الفلسطينيةالفلسطينيونالقضية الفلسطينيةمظاهراتنشر الأربعاء، 13 ديسمبر / كانون الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الأراضي الفلسطينية الفلسطينيون القضية الفلسطينية مظاهرات ارتداء الکوفیة Getty Images
إقرأ أيضاً:
هذه حقيقة فتيات الشاليه اللواتي يعتنين باحتياجات المتزلجين الأثرياء في أوروبا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في السابعة صباحًا من يوم شتوي قارس في يناير/كانون الثاني، في منتجع "لي جيه" للتزلج في جبال الألب الفرنسية، كانت صوفي كروذر، التي فاتها رنين المنبّه، تركض بسرعة عبر المسارات الجبلية المتجمدة لإعداد وجبة الفطور لـ25 ضيفًا من طبقة النخبة.
هكذا كان يومها الأول من العمل كطاهية في إحدى الشاليهات الفاخرة بين الجبال.
وقالت كروذر لـCNN: "كنت أتقيّأ حرفيًا أثناء إعداد البيض واللحم المقدد للجميع".
هذه هي حقيقة حياة "فتيات الشاليه" الفاخرة، وغير الفاخرة على حدٍ سواء، وهنّ الموظفات اللواتي يُلبّين جميع رغبات الأغنياء والمشاهير في أفخم شاليهات التزلج في أوروبا.
يُنظر إلى هؤلاء العاملات بازدراء في كثير من الأحيان، باعتبارهن فتيات أنيقات في عالم فاخر، حيث يتزلجن طوال اليوم، ويسهرن في الحفلات طوال الليل، لكن الواقع بالنسبة لغالبيتهن أقل بريقًا.
من هنّ "فتيات الشاليه"؟تُعدّ "فتيات الشاليه" من الأعمدة الأساسية في بعض من أفخم منتجعات التزلج في أوروبا. ورغم أنهنّ يشكّلن نسبة ضئيلة من ملايين العاملين في مجال الرياضات الشتوية، إلا أنّ حضورهنّ يرتبط مباشرةً بالشاليهات الفاخرة في "شاموني"، و"سانت أنطون"، و"كورشفيل".
نتيجةً لتزايد القدرة على تحمل تكاليف العطلات الخارجية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وتراجع قدرة الطبقة الأرستقراطية البريطانية على امتلاك عقارات كبيرة في جميع أنحاء أوروبا، أصبح عمل هؤلاء الفتيات كمضيفات في شاليه خلال موسم التزلج وسيلةً للمغامرة تحرّرهن من قيود أنظمة المدارس الداخلية البريطانية.
أصبح مصطلح "فتاة الشاليه" جزءًا من الثقافة الشعبية البريطانية، وارتبط بصورة نمطية لأسلوب حياة مُترف بين الحانات والنوادي الليلية في جبال الألب الفرنسية.
لا تزال هذه الوظيفة توفر فرصة لقضاء أشهر في التزلج بأرقى منتجعات العالم وكسب المال.
عند حديثها عن فترة عملها في شاليه فاخر في "Courchevel 1850" بفرنسا، قالت إنديا هوغ لـCNN إنّه "أمرٌ جنوني. أتذكر أن غوردون رامزي كان يقيم في الشاليه المقابل لديفيد بيكهام".
كما أضافت: "لقد كان عالمًا مختلفًا تمامًا".
ولكن، هل تستحق "فتيات الشاليه" الحاليات السمعة التي صنعتها أسلافهن؟
مصطلح عفا عليه الزمن؟يجسّد فيلم "فتاة الشاليه" (Chalet Girl) من عام 2011 نظرة الكثيرين تجاه هذه المهنة.
لعبت الممثلة تامسين إيغيرتون شخصية "جورجي" كفتاة شاليه نموذجية، فكانت أنيقة، وساذجة، وتُغازل الضيوف، ومهووسة بالشرب حتى ساعات الصباح الباكر.
وأكّد آندي ستورت من "VIP Ski"، لـ CNN: "ليس لهذا الفيلم علاقة إطلاقًا بصناعة الضيافة اليوم"، بينما وجد عدد من مضيفي الشاليهات، الحاليين والسابقين، في حديث مع CNN، أنّ النساء لا يزلن يهيمنّ على الوظيفة، لكن عدد الرجال العاملين فيها آخذ في الارتفاع.
كما أنّ زيادة مستوى الاحترافية والتنافس على هذا الدور أدّت إلى تراجع الصور النمطية المرتبطة بمضيفي الشاليه كمحبي الحفلات الصاخبة.
وقالت مضيفة تعمل حاليًا في شاليه فاخر بمنتجع فرنسي لـCNN: "قضيتُ أسبوعًا لم أنم فيه سوى ثلاث ساعات فقط"، وأضافت: "لا يُمكن أن تبدو بمظهرٍ سيء، وأن تفوح منك رائحة الكحول أمام هؤلاء الضيوف الرائعين.. يجب أن تكون مُتماسكًا، لذا هناك حدود لما يُمكنك القيام به".
لكن رأى موظفو الشاليهات أنّه رُغم تراجع الجوانب الممتعة في العمل، إلا أنّها لم تختف تمامًا.
وشرحت كروذر، التي عملت كطاهية سابقة في شاليه فرنسي فاخر، لـ CNN: "كنّا بحاجة إلى التنفيس عن بعض الضغوط بالتأكيد".
وظيفة مخصصة لأبناء الطبقة الراقية؟لطالما انحدرت "فتيات الشاليه" حصريًا من الطبقة الراقية، ولكن يصعب تحديد إلى أي مدى يظل الأمر قائمًا اليوم.
وذكرت المؤسِّسة المشاركة والمديرة الإدارية لشركة "Consensio Chalets"، سيري تينلي، لـ CNN: "هذه الصورة النمطية لا تتوافق مع تجربة التوظيف عندنا".
وقالت المضيفة التي تعمل في شاليه بفرنسا عن خلفية زملاء لها: "الكثير من الأشخاص ينحدرون من خلفيات مرموقة، خاصةً إذا كانوا من بريطانيا".
ماذا تفعل "فتيات الشاليه" على أرض الواقع؟يعيش ضيوف الشاليهات في رفاهية، ولكن لا ينطبق الأمر ذاته على المضيفات.
وأوضحت مضيفة شاليه حالية لـ CNN: "أنت تعمل في قطاع الرفاهية، لكنك لست ضيفًا".
يبدأ يوم الموظفين غالبًا بمشي صباحي شاق يدوم بين 20 و30 دقيقة صعودًا على الجبل وسط الثلوج.
وخلال فترة عملها كطاهية في شاليه فاخر بمنتجع "ليه جيه" الفرنسي، كانت كروذر تقيم في مساحة سكنية تقع أسفل حانة.