صوت لبناني من قلب كوب 28.. مايكل حداد يحقّق بخطواته أهدافاً محقّة
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
لا مستحيل أمام إرادة وطموح محترف رياضات التحمّل وسفير النوايا الحسنة الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعمل المناخي، مايكل حداد؛ فبهيكل حديدي خارجي بسيط يتحدّى هذا البطل اللبناني العِلمَ، حاملاً رايتين وصرخة أطلقها هذه المرّة من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ بنسخته الثامنة عشر (كوب 28)، المنعقد في دبي.
صوت "الأكثر تضرراً" من قلب "كوب 28"
بمسيرة رمزية قصيرة في المنطقة الخضراء ومن خلال الربط بين التغيير المناخي ومعاناة من يعانون من إعاقات جسدية، تمكّن حداد من إيصال صوت ذوي الحاجات الخاصة الى قلب المؤتمر المناخي، مبيّناً أن "التغير المناخي يؤثر بطريقة مختلفة على الأشخاص وهناك من يدفع ثمناً أكثر من سواه ومن هذه الفئة هي الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية". ويقول مستشهداً بأحداث تسبّب بها التغير المناخي، لـ"لبنان 24"، إنه "جرّاء الفيضانات لاقى أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة حتفهم لعدم تمكّنهم من الخروج من سياراتهم، لذلك علينا الاستثمار بالدراسات المتعلقة بهذه الفئة من الأشخاص ووضع خطط تلائم حاجاتهم في ظل تفاقم الأزمات المناخية".
وفي سياق حديثه ، يوضح السفير الأممي أن الهدف من مشاركته في فعاليات "كوب 28" هو تسليط الضوء على تأثير التغير المناخي على ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيراً الى أن "16 في المئة من سكان العالم يعانون من إعاقة معيّنة والتغيير المناخي يؤثّر بطريقة مباشرة وغير مباشرة على هذه الفئة التي تمثّل 1.3 مليار شخص" وداعياً العالم لشمول هذه الفئة من الأشخاص في البرامج التنموية والخطط المناخية.
خطوات تسطّر رسائل عدّة
حدّاد الذي بدأ مسيرته بستين ألف خطوة من "أرز بشري الى أرز تنورين"، متحدّياً الشلل الذي رافقه منذ عمر الستّ سنوات جرّاء حادث بحري، يشير الى أنه "يواجه كل التحديات لسببين، الأول حثّ المجتمع العلمي على انتاج وتطوير ما يساعد من يعاني من الشلل الكلي والثاني التوعية لمخاطر التغير المناخي وشمل ذوي الاحتياجات الخاصة بالخطط المناخية".
ويقول الرياضي الذي يعاني من الشلل الكلي من الخصر إلى أسفل الجسم، لـ"لبنان 24": "من يعاني من الشلل الكلي من الخصر للأسفل لا يمكنه السير، لذا فإن الطريقة التي استخدمتها للوقوف منتصباً والمشي استحوذت على اهتمام المجتمع العلمي وبات السؤال الأبرز كيف تمكّن رجل يعاني من الشلل، من السير بمساعدة العصي، وهكذا تطوّر البحث الذي بدأ في جامعتي الـAUB والـLAU وامتدّ الى كل العالم". وأضاف: "هذا التحدي هو مصدر قوة، فأنا أتحدّى نفسي وأحمل جسدي لخطوات عديدة تدعو المجتمع العلمي لدراسة النشاط الذي أقوم به".
وعن تجربته المحفوفة بالصعاب والإنجازات، يروي حداد: "بدأت مسيرتي عندما قمت بالسير من أرز بشري الى أرز تنورين، تسلقت صخرة الروشة ثم القمة السوداء، ذهبت بعدها الى سفالبارد، قمت بمسيرة في الأهرامات بمصر، مشيت في "الكوب 20" ثمّ في "الاكسبو 20"، مشيراً الى أن "لكلّ تحدي نكهة وصعوبة مختلفة، فأنا أرتدي جهازا تقويميا من الصدر وأحمل جسدي الذي يتخطّى وزنه الـ105 كيلوغرامات، ومع كل خطوة أقوم بها أرفع هذا الوزن. كل متر أمشيه هو بمثابة خطوتين بمعنى أني إذا مشيت كيلومتراً واحداً أكون قد حملت جسدي الـ105 كلغ، ألفين مرة، 5 الاف مرة، 12 ألف مرة.. حسب المسافة التي أسيرها".
أما الرسالة التي ينوي ايصالها من خلال هذه المسيرة الحافلة، فهي أوّلاً فتح المجال أمام المجتمع العلمي كي يطوّر نفسه. فوفقاً لحداد، لم يكن يتوقّع العلماء أن يصل الإنسان لهذا المستوى من الأداء. والرسالة الثانية تختصّ بالمناخ وشمل ذوي الهمم وهذا ما سعينا له في "كوب 28".
قريباً.. التحدّي الأكبر من القطب الشمالي
يستعدّ حدّاد حالياً لأكبر تحدّ يشرع فيه حتى الآن، وهو السير لمسافة 100 كيلومتر في الدائرة القطبية الشمالية للفت الانتباه إلى ذوبان الغطاء الجليدي في القطب الشمالي وتبعاته الخطرة، إضافة الى فتح المجال لمزيد من الدراسات العلمية حول الشلل.
في هذا الشأن يقول لـ"لبنان 24": "لهذه اللحظة لا أزال أتحضّر لتحدي المئة كيلومتر في القطب الشمالي، وهذا أمر صعب وسيعطي العلماء المزيد من الدفع لأنها تجربة فريدة من نوعها. نحن نتحدّى القواعد العلمية، فأن يقف شخص يعاني من حالتي الصحية في القطب الشمالي أمر يتطلّب أدمغة كبيرة". ويكمل: "هذا تحدي للمجتمع العلمي والهدف منه تمكين الكثيرين من التقدّم والسير".
ويلفت حداد الى أن "اختيار سفالبارد، آخر مدينة في القطب الشمالي وفيها أكبر بنك غذائي في العالم، كمرحلة للانطلاق بهذا التحدي يهدف لإيصال رسالة ان التغير المناخي حقيقي، اذا ان هذه المنطقة تعاني من الذوبان وهي دليل على ان مصيرنا بخطر".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
القلب النابض للنظام المناخي.. ماذا يحدث في المحيطات؟
يركز تناول ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي عادة على ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي، ولكن أغلب ظاهرة الاحتباس الحراري تحدث في الواقع في المحيطات، التي تعد "رئة الكوكب".
وتلعب المحيطات دورا حيويا في تنظيم مناخ الأرض، فهي تُعتبر "القلب النابض" للنظام المناخي بسبب تفاعلها المعقد مع الغلاف الجوي واليابسة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بريطانيا تلجأ للصين لمواجهة سياسات ترامب المعادية للمناخlist 2 of 2الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخend of listوتشكل المحيطات مصدرا هائلا للحرارة. فهي تغطي ثلثي سطح الأرض، ويمكن للمياه أن تمتص قدرا كبيرا من الحرارة مقارنة بالهواء، وعلى هذا فإن المحيطات تمتص نحو 90% من الحرارة الزائدة التي تحتجزها الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
ولولا المحيطات لكانت درجة حرارة الغلاف الجوي قد ارتفعت إلى أكثر كثيرا من 1.2 درجة مئوية التي سجلتها منذ أواخر القرن الـ19، كما تعمل التيارات على توزيع حرارة المحيطات في مختلف أنحاء العالم، فتلعب دورا بالغ الأهمية في تنظيم المناخ.
ولكن ارتفاع درجة حرارة المحيطات كان سببا في إحداث مشاكله الخاصة. فالمياه تتمدد عندما ترتفع درجة حرارتها، وهو ما يساهم في ارتفاع مستويات سطح البحر.
كما يتسبب ذلك في موت الشعاب المرجانية، وإضافة الطاقة إلى الأعاصير، الأمر الذي يجعلها أكثر تدميرا، وإذابة الحواف الأمامية للصفائح الجليدية في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية من تحتها.
إعلانوكما يحدث مع الحياة البرية، فقد أثر ارتفاع درجات الحرارة في المحيطات على نطاق وتوزيع عديد من أنواع الأسماك والمحاريات. فالمحيطات لا تمتص الحرارة فحسب، بل إنها تمتص ثاني أكسيد الكربون أيضا، فالتيار الضخم الذي يحيط بالقارة القطبية الجنوبية يزيل كثيرا من ثاني أكسيد الكربون الذي كان ليبقى في الغلاف الجوي لولا ذلك ويحتجز مزيدا من الحرارة.
ولكن مع زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في المحيطات، تصبح المياه أكثر حمضية. ويضر هذا التغير في كيمياء المياه بعديد من الكائنات الحية الصغيرة في المحيطات التي تشكل جزءا أساسيا من سلسلة الغذاء البحرية.
يصف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة المحيطات بكونها الحليف الأعظم ضد تغير المناخ، نظرا للأدوار التي تقوم بها في السياق، ومن بينها:
امتصاص الحرارة: تمتص المحيطات نحو 90%من الحرارة الزائدة الناتجة عن الاحتباس الحراري، مما يبطئ ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي. توزيع الحرارة عبر التيارات: تنقل التيارات البحرية (مثل تيار الخليج) الحرارة من المناطق الاستوائية إلى القطبية، مما يُنعش مناخ مناطق مثل أوروبا الشمالية. مصيدة للكربون: تمتص المحيطات حوالي 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية عبر عملية الذوبان والتمثيل الضوئي للعوالق النباتية، لكن زيادة ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى حموضة المياه، مما يهدد بشكل ما الحياة البحرية.ويمكن للموائل في المحيطات مثل الأعشاب البحرية وأشجار المانغروف، والشبكات الغذائية المرتبطة بها، عزل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بمعدلات تصل إلى 4 أضعاف ما تستطيعه الغابات في البر. تبخير المياه: تعد المحيطات مصدر 85% من بخار الماء في الغلاف الجوي، الذي يتكثف ليشكل السحب والأمطار، كما تزود المحيطات الدافئة (مثل المحيط الأطلسي) الأعاصير بالطاقة عبر تبخير المياه السطحية. مصدر للأكسيجين: تنتج المحيطات 50% من الأكسيجين الذي نحتاجه. إعلان
وفي المقابل، تؤدي المحيطات أيضا إلى التقلبات المناخية الطبيعية مثل ظاهرة النينيو، وهي ارتفاع حرارة سطح المحيط الهادي الاستوائي، مما يؤدي إلى اضطرابات عالمية، وكذلك ظاهرة النينيا التي تعني تبريد المنطقة نفسها، مما يتسبب في عواصف أكثر في بعض المناطق.
من جهة أخرى، يؤدي تسخين مياه المحيطات إلى تمددها، مما يساهم في 40% من ارتفاع مستوى البحر، كما يؤدي ارتفاع الحرارة إلى تسريع ذوبان الصفائح الجليدية (مثل غرينلاند)، مما يضيف مياها عذبة إلى المحيطات.
وتطرح التحديات الحالية بسبب تغير المناخ عدة إشكالات بالنسبة للمحيطات، مثل تباطؤ التداول الحراري-ملحي (AMOC)، إذ إن ذوبان الجليد يقلل ملوحة المياه في المحيطات، مما يهدد بإبطاء التيارات المحيطية التي تنقل الحرارة (مخاطر تجمد مناطق في الشمال). كما يؤثر ارتفاع درجة حرارة المحيطات على اختفاء الشعاب المرجانية، مما يهدد التنوع البيولوجي وتوازن النظم البيئية.
وتؤثر زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على صحة المحيط، مع ارتفاع درجة حرارة مياه البحر وزيادة حمضيتها، مما يتسبب في تغييرات ضارة بالحياة تحت الماء وعلى الأرض، وتقليص قدرة المحيط على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وحماية الحياة على الكوكب.
وبذلك، فإن المحيطات ليست مجرد ضحية لتغير المناخ، بل هي عنصر فاعل رئيسي في استقراره. وأي اختلال في توازنها (مثل ارتفاع الحرارة أو التحمض) قد يُطلق تأثيرات متتالية تعقّد أزمة المناخ، لذلك يعتمد مستقبل المناخ العالمي بشكل كبير على صحة المحيطات وقدرتها على الاستمرار في أداء وظائفها الطبيعية.