رشا عوض: حركات الهامش تمردات مسلحة لا ثورات مسلحة (1-2)
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
ROMANCING THE GUN
رشا عوض عندي ممن عاطفتهم في المكان الصحيح إلا أن سياستهم فمرتبكة إن لم نقل بلا دفة. فرحبت رشا مؤخراً بخروج نقد مخلص لحركات دارفور المسلحة وقادتها طالب بتصحيح مسار ثورتهم المسلحة. وقالت "وش" إن التصحيح في واقع الحال يقع بوجود الحركة المرغوب تصحيحها ولا يصح في حالة حركات دارفور لأنها في حكم العدم.
وهنا مربط الفرس. فقالت رشا إنها شخصيا كانت "من أشرس المدافعين عن هذه الحركات المسلحة من باب الانحياز الصادق للمهمشين" لتعترف، وقد رأت مآلات الحركات المسلحة، بأنها أخطأت في الدفاع عنها في الماضي دون أن "تتفحص بدقة مدى تأهيلها الأخلاقي والفني لنصرة قضايا المهمشين". فهي، أي رشا، ملومة بخطأ تقديراتها على إيمانها بقضية الهامش ما يزال وأبداً.
لا أعتقد بأن مثل هذا الاعتذار كاف عن خطأ دام لعقود ولم يكبد البلاد وأهلها الويلات فحسب، بل وهذه الحرب العبثية أيضاً التي هي من ثمارها المرة البليغة. وأكثر سبب رشا لهذا الانقلاب على المسلحين أنه ساءها، كما ساء جماعات معارضة الإنقاذ، من حركات دارفور أنها لم تعتزل الثورة، ولم يكن هذا المنتظر منها بعد عشرة عقود في معارضة الإنقاذ، بل جاءت للدولة ووجاهتها في ركاب العسكريين من جيش ودعم سريع. وما زاد طين خذلان الحركات لقوى الحرية والتغيير أنهم كانوا علقوا عليها أن يقع تغيير نظام لإنقاذ بسلاحها فيما عرف ب"الانتفاضة المحمية". وجرى التركيز في أدب المعارضة مع ذلك على "المحمية" في المعادلة لأن المعارضة المدنية كانت غادرت مواقعها في العمل النقابي متذرعة ببطلان مثله في دولة للإنقاذ لكادرها خبرة شراسة معروفة في "فرتقة حافله". ولما أزف يوم التغيير كان وقع بلا "محمية" سوى من أمان الله وعزيمة شباب المقاومة.
اعتذار رشا تملص لا مواجهة للنفس بصورة لوامة عن خطأ كبير فادح كهذا. ولو صدقت رشا مع نفسها وجيلها لحاكمت تكتيكاتهم خلال معارضتهم للإنقاذ بأذكى مما فعلت وبغير رحمة. وليس المطلب هنا التبكيت ولا عض أصبع الندم، بل للنفاذ إلى علل جوهرية في العمل المعارض للإنقاذ نشبت أنيابها في الحكومة الانتقالية وأوردتها، مع شدة الخصوم في الثورة المضادة، موارد الهلاك. وهذا باب للنقد الذاتي طلباً للشفافية لإصلاح حركة سياسية حداثية مدنية ديمقراطية تاريخية أمامها ليومنا خياران: أن تستنقذ نفسها من ركاكتها طوال عقود الإنقاذ وما قبلها مما اعتذرت عنه رشا، أو الانتحار. وأخشى أن تكون هذه الحركة منخرطة ليومنا في ارتكاب الخيار الأخير.
لم يغب نقد الحركات المسلحة طوال ما ناضلت الإنقاذ. وكان هناك من ظل يلح على معارضي الإنقاذ أن يأخذوا الحركات المسلحة بالشدة بعد التضامن معها. أنا مثلاً. قلت لهم للجنوب قضية لا شك في ذلك، ولكن الحركة الشعبية لتحرير السودان مجرد منظمة واحدة من بؤر النضال من أجلها. أي أنها لا تحتكرها. ولم يتفق معارضو الإنقاذ معي في ذلك وصارت الحركة الشعبية، والعقيد جون قرنق بالذات، مبلغ علمهم عن قضية الجنوب. ولم أتأخر عن بيان انتهاكات حركات دارفور المسلحة لحقوق بعض أهلها، وحقوق الحركة منهم على الحركة، وحقوق طوائف من العضوية فيها الذين خضعوا لعنف مؤكد بعد انقسامات الحركات الأميبية.
وأنشر هنا الكلمة في الإنجليزية كتبتها لدى سماعي عن زيارة السيد مني مناوي، قائد حركة تحرير السودان، جناح مني، إلى فرنسا وهولندا في إبريل ٢٠١٤. وكان قبل سفره لهما أحدثت قواته خراباً كثيراً في شمال دارفور. فكتبت احتج باسم الديمقراطيين السودانيين على البلدين الأوربيين ترحيبهما بمثله وهو من تضرر أهله بحربه أكثر من الحكومة. وذكرت في السياق احتجاجي في ١٩٨٨ على ألمانيا الاتحادية لدعوتها للعقيد جون قرنق لمخاطبة برلمانها وهو الذي لم يكلف خاطره النزول في انتخابات لبرلمان بلده في ١٩٨٦ بذرائع. وسميت ترحاب الغرب بمسلحين مثل قرنق ومناوي "الفرح بالسلاح" المغامر وعواقبه وخيمة. وأردت نشر كلمتي عن مني بالواشنطن بوست ولم أوفق.
وسيأتي نص الكلمة تالياً.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکات المسلحة حرکات دارفور
إقرأ أيضاً:
مشاركة الإمارات في مؤتمر خاص بالسودان تفجر الأزمات.. وتحذير شديد اللهجة لـ”الحكومة البريطانية”
متابعات ـ تاق برس أبدى تجمع روابط دارفور بالمملكة المتحد قلقه واستنكاره إزاء “الخطوة غير المسؤولة “التي اتخذتها الحكومة البريطانية بدعوة “الإمارات”، للمشاركة في المؤتمر الوزاري المرتقب فى الشهر الجارى بشأن الوضع الإنساني في السودان، واعتبر دعوتها خيانة لضحايا الإبادة الجماعية في دارفور واستهانة بمآسي الشعب. وشدد تجمع دارفور فى لندن،إن إشراك “دولة تتحمل شراكة فعلية في جرائم الإبادة الجماعية في مؤتمر” يُفترض أن يناقش سُبل حماية المدنيين وإغاثة المنكوبين، يطرح تساؤلات خطيرة حول مصداقية المؤتمر وجدوى انعقاده، بل ويثير شكوكاً حول وجود أجندات غير معلنة تتعارض مع المبادئ الأساسية للعدالة الإنسانية”. واضاف التجمع ان دعوة الامارات تاتى في وقتٍ يتعرض فيه المدنيون السودانيون، سيما في دارفور، لأبشع الجرائم والانتهاكات على يد ماسماه مليشيا الدعم السريع المدعومة عسكرياً ولوجستياً من الإمارات. ونوه التجمع فى بيان له اليوم، إلى إن جرائم ما اسماها المليشيا في السودان، والتي بلغت ذروتها في مدينة الجنينة، وصلت حد الإبادة الجماعية ضد القبائل الأفريقية، وهو ما وثقته منظمات حقوقية دولية، ووسائل إعلام عالمية، وشهادات موثوقة من الناجين. واشار الى اتساع رقعة هذه الجرائم شمل مدينة الفاشر، المحاصَرة منذ عام كامل، دون أن يتحرك المجتمع الدولي، وعلى رأسه المملكة المتحدة، لتنفيذ القرار الذي تبنّاه مجلس الأمن بطلب من بريطانيا تحت رقم 2736، والذي يقضي برفع الحصار عن المدينة و الحماية للمدنيين. واضاف البيان :” رغم مناشداتنا المتكررة ومطالباتنا الواضحة للحكومة البريطانية بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية تجاه الأزمة السودانية، قُوبلت هذه النداءات بتجاهل مقلق”. ونبه تجمع دارفور، انه سبق و التقى بمندوب وزارة الخارجية البريطانية، ( روب وينتر)،و جددنا رفضنا لمشاركة الإمارات في أي فعالية تتعلق بالوضع الإنساني في السودان،وكذلك أثناء رد وزير شؤون إفريقيا على خطاب مظاهرتنا بتاريخ 22 فبراير 2025، والذي طالبنا فيه الحكومة بالضغط على دولة الإمارات لوقف دعمها لما اسماها التجمع المليشيات. ودان التجمع بأشد العبارات تجاهل الحكومة البريطانية المتعمد لصرخات الضحايا و ناجي الإبادة الجماعية ببريطانيا، واكد مواصلته العمل مع شركائه الدوليين ومنظمات حقوق الإنسان لفضح أي تحركات مشبوهة. وحذر من تحويل المؤتمر إلى منصة لتسويق مصالح اقتصادية ضيقة على حساب دماء الأبرياء، ونبه الى تاريخ بريطانيا العريق في دعم قضايا الحقوق والعدالة ،ودعاها لموقف أخلاقي واضح لا يقبل المواربة ولا التواطؤ. واضاف تجمع دارفور :”وسيظل صوتنا عالياً في وجه كل من يساوم على كرامة الإنسان أو يحاول التلاعب بمأساته لتحقيق مكاسب آنية”. الإماراتالحكومة البريطانية