سودانايل:
2024-07-12@02:01:12 GMT

يقظة العقل من فرش الملاية للتصورات الخلاقة

تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT

أن الأزمة السياسية التي تحدثت بعد ثورة ديسمبر 2018م، تؤكد حالة من التوهان تعيشها القوى السياسية، و انعكست بصورة تلقائية على النخب السياسية و المثقفة و حتى الذين يقع عيهم عبء التنوير في المجتمع، و تعود لضعف الثقافة الديمقراطية التي تسببت فيها طول فترة النظم الشمولية. يقول عنها المفكر السوداني محمد بشير " عبد العزيز حسين الصاوي" في كتابه "الديمقراطية المستحيلة" يقول ( أن تراجع ديمقراطي يؤدي لتراجع تنويري و يوضح ذلك استطالت أعمار النظم الاستبدادية.

. تتزايد فيه خصائص الشمولية و يتبخر الرصيد الاستناري و رصيده الديمقراطي) و حالة التراجع الديمقراطي أمام الرصيد الاستبدادي تعكس حالة ضعف القدرة الاستنارية للفئة المؤثرة في الرأي العام السوداني، لأنها هي نفسها تقع فريسة إلي عملية الاستقطاب الحادة في المجتمع، تصبح بدلا أن تكون مع التنوير الذي يقود الجميع إلي عملية التحول الديمقراطي.
أن ثقافة فرش الملاية السائدة الآن في الساحة السياسية السودانية، تبين أن الفئة التي يقع عيها عملية توعية الجماهير تعاني ن إشكالية عدم الإتزان. و "ثقافة فرش الملاية" هي ثقافة شعبية مصرية عندما يقع خلاف في المناطق الشعبية و تكون المرأة أحد أطرافة تفرش الملاية التي تتغطى بها في الأرض، و تبدأ تردح و تشتم في الجانب الأخر.. و لا يسمع المارة في الشارع غير صوتها فقط، و يغيب صوت الجانب الأخر. و بعد ما تنتهي لا تعرف نتيجة الذي حصل غير أنه كان خناق. بدأت هذه الحالة تتغير من خلال بعض نخب قادة الرأي في أعمال العقل، بأن ينقلوا حالة الصراع من الأفق المسدود إلي الفضاء المفتوح . و تقديم أفكار و تصورات يفكر فيها الراغبين في أن تسلك الأحداث طريق الحوار و العقل.
كتب الدكتور الواثق كمير مقالا نشره في جريدة " سودانيل" بعنوان " سودان ما بعد الحرب.. ملامح من رؤية" و المقال هو امتداد لمقال صوتي أخر أجاب فيه الكاتب على سؤالٍ مُهمٍ يطرحه كثيرون عن: كيفية وقف الحرب ومصير مليشيا الدعم السريع، وفي هذا المقال المكتوب يحاول الكاتب الإجابة على سؤالٍ: ما هي ملامح الروية للسودان بعد أن تضع الحرب أوزارها؟ و يقول الكاتب الإجابة على السؤال ( أن الرؤية لا يمكن فصلها أو فهمها بِمعزلٍ عن كيفية إيقاف الحرب ومستقبل الدعم السريع. فرؤيتي لسودان ما بعد الحرب، التي يُشاركني فيها كثيرون استأذنتهم في الحديثٍ عن ملامحها ، ولها ركيزتان، أولاهما: لا أحدٌ يريد لهذه الحرب أن تستمر، بإستثناء تجارها وسماسرتها، ونعم للتفاوض حول الترتيبات الأمنية الذي لا يعيد انتاج المليشيا الموازية للجيش، ويُنهي الحرب بمُخاطبةِ ومُعالجةِ مُسبباتها، ويُحسم قضية تشكيل الجيش الوطني الواحد والقيادة الموحدة، وتكوين جيش مهني يستبعد وجود أي تنظيم سياسي داخله.. الركيزة الثانية للرؤية تقوم على ضرورة مراجعة منهج القوى السياسية والمدنية في التعامل مع الفترات التي تعقُب الثورات (1954، 1985، 2018) وتغيير الهدف من "انتقال السلطة" إلى هدفِ "تأسيس الدولة) نأسف للإطالة؛ و الهدف منها التوضيح. أن الرؤية تحمل شقين كما هو مبين، أهم أعمدة الحل أن إنهاء الحرب إذا كانت عبر طريق التفاوض أو الحوار الجامع أو عسكريا يجب أن لا تكون هناك أي قوى عسكرية في البلاد غير الجيش الواحد الموحد بعد الحرب، و كما قال الدكتور الواثق أن محاولة إبقاء الميليشيا يعني الرجوع مرة أخرى للحرب، و التي سوف تكون أشرس من الدائرة الآن. القضية الثانية: تجاوز بدعة الحاضنة السياسية للفترة الانتقالية، و التي يجب أن تترك لحكومة يتم الاتفاق عليها في حوار شامل، حكومة تكون بعيدة عن المحاصصات و الانتماءات السياسية. بدلا عنها يفتح حوارا جامعا " مؤتمر دستوري" ليس فيه إقصاء لأي قوية سياسية بهدف صناعة الدستور الدائم للبلاد، و معالجة الجذور التاريخية للأزمة. و التي قال عنها الدكتور الواثق كمير في مقاله (ترجع الدوافع الرئيسة والأسباب الجوهرية لهذه الحروب إلى الاختلال الهيكلي في دولة ما بعد الاستقلال التى اخفقت في مخاطبة القضايا التأسيسية والمباديء الدستورية وأُسس بناء دولة المواطنة السودانية.) أن مشاركة كل السودانيين في كيفية وقف الحرب الدائرة الآن، و معالجة إختلالات الدولة و صناعة الدستور مسألة مهمة، لأنها تفتح أفاقا جديدة للحل، دون فرض الشروط المسبقة من أي قوى سياسية، إذا كان الكل بالفعل ساعي لبناء دولة موحدة و ديمقراطية، أما إذا كانت هناك قوى عندها أهداف أخرى غيرها، لا اعتقد أنها سوف تقف في الجانب الصواب من العملية السياسية.
معلوم هناك تغيرات جوهرية يجب أن تطال منظومة النظام السابق، مثل تفكيك دولة الحزب لمصلحة الدولة التعددية، و محاسبات قد توسعت دائرتها بعد الحرب، و يجب أن تطال كل الذين ارتكبوا جرائم ضد الدولة و مؤسساتها و ضد المواطنين في اعراضهم و ممتلكاتهم، و أيضا محاسبة المفسدين، و كلها يجب أن تكون عبر المؤسسات العدلية التي كتفل العدالة للجميع. أن عملية التحول الديمقراطي تتطلب؛ كلما كان هناك إصلاحا أو محاسبة يجب أن ترسى فيها القيم العدلية التي تعتبر من أهم ركائز الديمقراطية. و أن عملية التحول الديمقراطية تؤسس على ركيزتين؛ الأول الممارسة التي لا تتجاوز القانون و اللوائح و التي ينتج عنها ثقافة ديمقراطية تعزز تنوع ثقافة المجتمع و أعرافه. و الثاني إصدار تشريعات تتوافق مع الديمقراطية و لا تتعارض مع قيم المجتمع. إلي جانب أن إصلاح الجيش و المؤسسات الأمنية و الشرطة قضية وطنية يجب أن لا يتم تناولها في المنابر العامة، بل هي قضية يجب مناقشتها بين السلطة المدنية المنتخبة و قيادة هذه المؤسسات بعيدا عن السابلة.
أن القوى السياسية يجب أن تحدد أولوياتها و ترتب أجندتها وفقا للأولويات، إذا كان على رأس الأجندة عملية التحول الديمقراطي يجب أن لا يكون أختلافا البت، لآن شروط التحول الديمقراطي أن تفتح الأبواب لكل من يريد أن يكون جزءا من العملية السياسية التي تفضي إلي التحول الديمقراطي، و أصحاب هذه الرؤية دائما مرنين و متسامحين لأنهم يريدون جمع أكبرقاعدة اجتماعية داعمة للتحول الديمقراطي، و في نفس الوقت متمسكين بمبدأ و شروط التحول الديمقراطي.. أما إذا كان سعيهم من أجل السلطة هؤلاء دائما يضيقون الواسع بهدف تحقق أكبر مكاسب حزبية و شخصية، و ممارستهم سوف تفضح شعاراتهم. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com
/////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بعد الحرب إذا کان یجب أن

إقرأ أيضاً:

حرب غزة وتغيّر المعادلات السياسية

من يومٍ إلى آخر، يختلف تقدير الموقف وموازين القوى، مع تصاعد مراحل الحرب في قطاع غزة. فمواقف الدول المعنية تختلف مع التطورات على الأرض، وتغير اتجاهات الرأي العام، مما يجعل تقدير الموقف السياسي عملية متجددة تتطلب مراجعة مستمرّة.

ولكن هناك سمات لم تتغير على مدار الحرب، إذ يمكن القول إن المقاومة احتفظت بزمام المبادرة طوال الوقت، وبقيت يدها هي العليا، متفوقة في الحرب البرية.

سمة أخرى لم تتغير، هي وجود مسارين منفصلين في هذه الحرب، أحدهما الحرب البرية بين المقاومة، والجيش الصهيوني، والثاني هو مسار حرب الإبادة الإنسانية التي يشنها جيش الاحتلال ضد المدنيين. هاتان حربان تسيران في مسارين متوازيين، وحرب الإبادة هي جريمة قائمة بذاتها، ولا صلة لها بالحرب التي تخوضها إسرائيل ضد المقاومة، ولا تحقق أيًا من أهدافها.

هذه الجريمة ضد الإنسانية، استفزت الضمير العالمي، فثار ضدها، كما أدت لزيادة تعاطف الرأي العام مع المقاومة والشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية. واستمر هذا ثابتًا طوال الأشهر التسعة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

أما المتغير الأبرز، فهو تبدل المواقف بين يوم وآخر. على سبيل المثال، خلال الأسبوع الأول من يوليو/تموز الجاري، توقف الحديث عن مفاوضات بين أميركا ومصر وقطر لمتابعة دفع اتفاق الهدنة المتعثر.

قبلها بأسبوع أو أكثر، كانت أميركا قد سحبت مشروعها لاتفاق الهدنة الذي حمل توقيع عدة دول، واتهمت حماس بأنها المسؤولة الوحيدة عن فشل ذلك الاتفاق، وبرأت نتنياهو من أي مسؤولية عن ذلك، وزعمت أنه كان موافقًا عليه.

والمفارقة، أن حماس كانت هي من وافقت علنًا ورسميًا على مشروع الاتفاق، فيما طلب نتنياهو إجراء تعديلات تعجيزية عليه، واستخدم التحفظ على تعديلاته حجة للانسحاب الصامت، وهو الذي لم يعلن أبدًا في أي لحظة أنه كان موافقًا على الاتفاق.

كان سحب أميركا مشروعها يعني إعفاء نتنياهو من أي ضغوط أميركية أو أوروبية تثنيه – ولو جزئيًا- عن قراره الثابت باستمرار الحرب حتى النهاية. وتحميل المسؤولية لحماس عن استمرار تلك الحرب. وبهذا حظي نتنياهو بالحسنيين، وهما: وقف الضغوط عليه لإيقاف الحرب، وإعفاؤه في نفس الوقت من أي مسؤولية عن استمرارها، وهذا هدفه الأسمى. وفيما كان بايدن منشغلًا بهزيمته في المناظرة أمام ترامب، مضى الجيش الصهيوني، بأوامر مباشرة من نتنياهو، مطلق اليد في حرب الإبادة ضد الإنسان والبيوت المأهولة، مركزًا على توسيع المجاعة، ووقف دخول المساعدات في حدها الأدنى.

لكن المفارقة اللافتة كانت قدرة المقاومة على تصعيد عملياتها، لتنزل خسائر فادحة بالجيش الصهيوني، ضباطًا وجنودًا ودبابات ومعدات، وكأنها عادت أقوى مما كانت عليه طوال تسعة أشهر.

لا ينشغل نتنياهو كثيرًا باحتساب خسائره في الميدان، سواء في غزة أو على الحدود مع لبنان، أو بسبب الحصار البحري الذي يقوده ضده الحوثيون. فأولويته هي البقاء في السلطة؛ خوفًا من الخروج منها إلى السجن إذا ما انتهت الحرب، وأهم ما يحرص عليه لتحقيق هذا الهدف هو الحفاظ على أغلبية أربعة أصوات في الكنيست ليبقى في السلطة، وهو ما يؤمنه له التحالف مع بن غفير، وسموتريتش.

كل التطورات التي حدثت منذ بدأت هذه الحرب كانت في غير مصلحة الكيان الصهيوني وجيشه، فهو يدفع فاتورة باهظة في الميدان العسكري سواء في غزة أو الميادين الأخرى المساندة للمقاومة، ويخسر معركة الرأي العام داخليًا وخارجيًا، وتتآكل مصداقيته السياسية والأخلاقية على المستوى العالمي.

بضعة أشهر من هذه الخسائر كانت كافية لاتخاذ قرار وقف العدوان، والاعتراف ولو ضمنيًا بالهزيمة، لكن ذلك لم يحدث بسبب حسابات لا علاقة لها بالحرب، ولا بأصول إدارة الصراع، وإنما إرضاء للغرور وشهوة الانتقام، والخوف من نتائج إعلان الهزيمة.

قبل أن ينتهي الأسبوع الأول من يوليو/تموز 2024، تقدّمت قيادة حماس، بتفاهم مع قيادة الفصائل المقاومة الأخرى في غزة، بمقترحات جديدة للخروج بمفاوضات الهدنة من مأزقها، فغيرت هذه المبادرة على الفور معادلة الحراك السياسي التي كانت دخلت مرحلة الاختناق.

والأهم أنها شكلت، إرباكًا للأميركيين الذين حاولوا إلقاء الكرة في ملعب حماس بتحميلها المسؤولية عن فشل المفاوضات ولنتنياهو الذي اطمأن إلى ذلك، فإذا بها تعيد الكرة إلى ملعبهم وتحملهم مسؤولية أفعالهم وقراراتهم.

أثبتت قيادة المقاومة في قطاع غزة، مهارة فائقة في إدارة الصراع السياسي، بقدر مهارتها في ميدان الحرب البرية، الذي حولته إلى شبكة من الأفخاخ تحيط بالجيش الصهيوني حيث ذهب، ولعله من غير المبالغة أن نقول إن ذكاءهم وتكتيكهم القتالي الدفاعي والهجومي، أضافا فصولًا جديدة إلى علم الحروب غير المتكافئة وقتال المدن.

وهكذا، بكلمة من حماس وقادة المقاومة، تغيّر المشهد الدولي في أقلَّ من 24 ساعة، وأصبحت العيون مشدودة إلى مفاوضات الدوحة، في انتظار ردّ نتنياهو ومَن وراءه، وعندها ستتغير المعادلة مرّة أخرى سلبًا أو إيجابًا. هذا التغيير من يوم إلى يوم، هو السمة التي رأيناها تتكرّر خلال الأشهر التسعة من الحرب في غزة.

تبقى ملحوظة أخيرة على هامش ما سبق، وهي أنّ نظرة متأنية إلى أحوال القيادة في أميركا والكيان الصهيوني والعالم الغربي عمومًا، تكشف أنها تتجه يومًا بعد يومٍ نحو مزيد من التدني والتراجع وانحطاط المستوى، وعلى العكس من ذلك، فلو نظرنا إلى مستوى قيادة المقاومة وجنودها لوجدناه يسير نحو النمو والازدهار.

نحن أمام وليدٍ ينمو ويشبّ ويزداد فتوة في ناحية، وشيخ هرم تزيده الأيام ضعفًا كلما مرّت.. وفي هذا وحده بابٌ للأمل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • القصة الحقيقية لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين في غزة
  • تغيرات المشهد السياسي في السودان
  • عنترة بن شداد والولايات المتحدة الأمريكية
  • حجوا إلى جدة ولا تسعوا بين أديس والقاهرة
  • حرب غزة وتغيّر المعادلات السياسية
  • مجلس الحرب الإسرائيلي.. حكومة طوارئ مصغرة أملتها عملية طوفان الأقصى
  • الهدهد 2.. ماذا يعني أن تكون عيون إسرائيل تحت أنظار حزب الله؟
  • إعادة تأسيس الحزب الشعبي الاشتراكي الديمقراطي بعد 14 عامًا
  • عزمي عبد الرازق: يبدو أن المرحلة المقبلة في الحرب لن تكون عسكرية
  • مؤتمر القاهرة.. اختراق إيجابي رغم الخلافات