سودانايل:
2025-04-29@12:37:16 GMT

يقظة العقل من فرش الملاية للتصورات الخلاقة

تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT

أن الأزمة السياسية التي تحدثت بعد ثورة ديسمبر 2018م، تؤكد حالة من التوهان تعيشها القوى السياسية، و انعكست بصورة تلقائية على النخب السياسية و المثقفة و حتى الذين يقع عيهم عبء التنوير في المجتمع، و تعود لضعف الثقافة الديمقراطية التي تسببت فيها طول فترة النظم الشمولية. يقول عنها المفكر السوداني محمد بشير " عبد العزيز حسين الصاوي" في كتابه "الديمقراطية المستحيلة" يقول ( أن تراجع ديمقراطي يؤدي لتراجع تنويري و يوضح ذلك استطالت أعمار النظم الاستبدادية.

. تتزايد فيه خصائص الشمولية و يتبخر الرصيد الاستناري و رصيده الديمقراطي) و حالة التراجع الديمقراطي أمام الرصيد الاستبدادي تعكس حالة ضعف القدرة الاستنارية للفئة المؤثرة في الرأي العام السوداني، لأنها هي نفسها تقع فريسة إلي عملية الاستقطاب الحادة في المجتمع، تصبح بدلا أن تكون مع التنوير الذي يقود الجميع إلي عملية التحول الديمقراطي.
أن ثقافة فرش الملاية السائدة الآن في الساحة السياسية السودانية، تبين أن الفئة التي يقع عيها عملية توعية الجماهير تعاني ن إشكالية عدم الإتزان. و "ثقافة فرش الملاية" هي ثقافة شعبية مصرية عندما يقع خلاف في المناطق الشعبية و تكون المرأة أحد أطرافة تفرش الملاية التي تتغطى بها في الأرض، و تبدأ تردح و تشتم في الجانب الأخر.. و لا يسمع المارة في الشارع غير صوتها فقط، و يغيب صوت الجانب الأخر. و بعد ما تنتهي لا تعرف نتيجة الذي حصل غير أنه كان خناق. بدأت هذه الحالة تتغير من خلال بعض نخب قادة الرأي في أعمال العقل، بأن ينقلوا حالة الصراع من الأفق المسدود إلي الفضاء المفتوح . و تقديم أفكار و تصورات يفكر فيها الراغبين في أن تسلك الأحداث طريق الحوار و العقل.
كتب الدكتور الواثق كمير مقالا نشره في جريدة " سودانيل" بعنوان " سودان ما بعد الحرب.. ملامح من رؤية" و المقال هو امتداد لمقال صوتي أخر أجاب فيه الكاتب على سؤالٍ مُهمٍ يطرحه كثيرون عن: كيفية وقف الحرب ومصير مليشيا الدعم السريع، وفي هذا المقال المكتوب يحاول الكاتب الإجابة على سؤالٍ: ما هي ملامح الروية للسودان بعد أن تضع الحرب أوزارها؟ و يقول الكاتب الإجابة على السؤال ( أن الرؤية لا يمكن فصلها أو فهمها بِمعزلٍ عن كيفية إيقاف الحرب ومستقبل الدعم السريع. فرؤيتي لسودان ما بعد الحرب، التي يُشاركني فيها كثيرون استأذنتهم في الحديثٍ عن ملامحها ، ولها ركيزتان، أولاهما: لا أحدٌ يريد لهذه الحرب أن تستمر، بإستثناء تجارها وسماسرتها، ونعم للتفاوض حول الترتيبات الأمنية الذي لا يعيد انتاج المليشيا الموازية للجيش، ويُنهي الحرب بمُخاطبةِ ومُعالجةِ مُسبباتها، ويُحسم قضية تشكيل الجيش الوطني الواحد والقيادة الموحدة، وتكوين جيش مهني يستبعد وجود أي تنظيم سياسي داخله.. الركيزة الثانية للرؤية تقوم على ضرورة مراجعة منهج القوى السياسية والمدنية في التعامل مع الفترات التي تعقُب الثورات (1954، 1985، 2018) وتغيير الهدف من "انتقال السلطة" إلى هدفِ "تأسيس الدولة) نأسف للإطالة؛ و الهدف منها التوضيح. أن الرؤية تحمل شقين كما هو مبين، أهم أعمدة الحل أن إنهاء الحرب إذا كانت عبر طريق التفاوض أو الحوار الجامع أو عسكريا يجب أن لا تكون هناك أي قوى عسكرية في البلاد غير الجيش الواحد الموحد بعد الحرب، و كما قال الدكتور الواثق أن محاولة إبقاء الميليشيا يعني الرجوع مرة أخرى للحرب، و التي سوف تكون أشرس من الدائرة الآن. القضية الثانية: تجاوز بدعة الحاضنة السياسية للفترة الانتقالية، و التي يجب أن تترك لحكومة يتم الاتفاق عليها في حوار شامل، حكومة تكون بعيدة عن المحاصصات و الانتماءات السياسية. بدلا عنها يفتح حوارا جامعا " مؤتمر دستوري" ليس فيه إقصاء لأي قوية سياسية بهدف صناعة الدستور الدائم للبلاد، و معالجة الجذور التاريخية للأزمة. و التي قال عنها الدكتور الواثق كمير في مقاله (ترجع الدوافع الرئيسة والأسباب الجوهرية لهذه الحروب إلى الاختلال الهيكلي في دولة ما بعد الاستقلال التى اخفقت في مخاطبة القضايا التأسيسية والمباديء الدستورية وأُسس بناء دولة المواطنة السودانية.) أن مشاركة كل السودانيين في كيفية وقف الحرب الدائرة الآن، و معالجة إختلالات الدولة و صناعة الدستور مسألة مهمة، لأنها تفتح أفاقا جديدة للحل، دون فرض الشروط المسبقة من أي قوى سياسية، إذا كان الكل بالفعل ساعي لبناء دولة موحدة و ديمقراطية، أما إذا كانت هناك قوى عندها أهداف أخرى غيرها، لا اعتقد أنها سوف تقف في الجانب الصواب من العملية السياسية.
معلوم هناك تغيرات جوهرية يجب أن تطال منظومة النظام السابق، مثل تفكيك دولة الحزب لمصلحة الدولة التعددية، و محاسبات قد توسعت دائرتها بعد الحرب، و يجب أن تطال كل الذين ارتكبوا جرائم ضد الدولة و مؤسساتها و ضد المواطنين في اعراضهم و ممتلكاتهم، و أيضا محاسبة المفسدين، و كلها يجب أن تكون عبر المؤسسات العدلية التي كتفل العدالة للجميع. أن عملية التحول الديمقراطي تتطلب؛ كلما كان هناك إصلاحا أو محاسبة يجب أن ترسى فيها القيم العدلية التي تعتبر من أهم ركائز الديمقراطية. و أن عملية التحول الديمقراطية تؤسس على ركيزتين؛ الأول الممارسة التي لا تتجاوز القانون و اللوائح و التي ينتج عنها ثقافة ديمقراطية تعزز تنوع ثقافة المجتمع و أعرافه. و الثاني إصدار تشريعات تتوافق مع الديمقراطية و لا تتعارض مع قيم المجتمع. إلي جانب أن إصلاح الجيش و المؤسسات الأمنية و الشرطة قضية وطنية يجب أن لا يتم تناولها في المنابر العامة، بل هي قضية يجب مناقشتها بين السلطة المدنية المنتخبة و قيادة هذه المؤسسات بعيدا عن السابلة.
أن القوى السياسية يجب أن تحدد أولوياتها و ترتب أجندتها وفقا للأولويات، إذا كان على رأس الأجندة عملية التحول الديمقراطي يجب أن لا يكون أختلافا البت، لآن شروط التحول الديمقراطي أن تفتح الأبواب لكل من يريد أن يكون جزءا من العملية السياسية التي تفضي إلي التحول الديمقراطي، و أصحاب هذه الرؤية دائما مرنين و متسامحين لأنهم يريدون جمع أكبرقاعدة اجتماعية داعمة للتحول الديمقراطي، و في نفس الوقت متمسكين بمبدأ و شروط التحول الديمقراطي.. أما إذا كان سعيهم من أجل السلطة هؤلاء دائما يضيقون الواسع بهدف تحقق أكبر مكاسب حزبية و شخصية، و ممارستهم سوف تفضح شعاراتهم. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com
/////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بعد الحرب إذا کان یجب أن

إقرأ أيضاً:

العراق بين عقلية الحكم وحكم العقل

28 أبريل، 2025

بغداد/المسلة:

محمد حسن الساعدي

الملتقى الذي عقد في السليمانية مؤخراً، تحدث السيد عمار الحكيم وهو سياسي ورجل دين عن ملف السلاح في العراق،حيث اكد على أن السلاح ينبغي أن يتم حصره بيد الدولة،وهو أمر مختلف عليه في الاوساط السياسية والحزبية،إذ أن هناك عدد من القوى التي تمتلك السلاح في العراق وهي تقوده خارج أطار الدولة،وهنا لا نتحدث عن قوى الحشد الشعبي التي قارعت وساندت ووقفت في سبيل تحرير أرضها من داعش،وحسب قوله فان مسألة حصر السلاح بيد الدولة ليست بالأمر الهين،وهي مسألة تحتاج تكاتف القوى السياسية جميعها وبدون استثناء سواءً من كان داخل أطار الدولة والحكومة أو من كان خارج أطر الحكومة،على أن يتفق الجميع بأن يكونوا مواطنين يخضعون لسلطة الدولة والقانون لا سلطة السلاح.

حصر السلاح ليد الدولة يحتاج الى وقفة جادة من الجميع،فهو يواجه تحديات سياسية وأمنية وقانونية معقدة وقد يستغرق هذا الامر وقتاً طويلاً من أجل تنفيذه والانتهاء منه، فمظاهر السلام المنتشرة لا تعكس سوى ضعف بسط القانون وسيطرة الحكومة،وبالرغم من كل الجهود الامنية التي تبذلها السلطات والقوى الامنية في هذا المجال، الا انه من الممكن أن يحترق الاخضر واليابس من خلال مشاجرة بين عشيرتين أو شخصين في أحد النواحي الشرقية لمدينة بغداد،وقد يسقط فيها قتلى وجرحى وعلى أتفه الاسباب، ما يعني ان العقلية العراقية ما زالت تحكمها عقلية العشيرة أو الجهل الذي غير مجرى العلاقة بين المواطنين،وتقلل فرص التعايش السلمي فيما بينهم.

التأخر في عملية حصر السلاح بيد الدولة كلما تأخرت،كلما سيطرت العقلية الجاهلة بالسيطرة على الحياة في العراق،وأخذت مدياتها تتسع لتحكم وتسيطر على مجريات الحياة في مدن متعددة منه ما قد يؤثر على الوضع الامني برمته ويهدد السلم الاهلي،خصوصاً مع الاحداث السريعة والغير مستقرة التي تفرضها المنطقة على العراق وتجعله تحت التهديد لأكثر من صورة ومرة، والتهديدات المستمرة التي يطلقها الكيان الاسرائيلي بين الحينة والاخرى هي الاخرى تلقي بظلالها على المشهد وتجعله أكثر سخونة ومهدد بالتصعيد.

حكومة السوداني اتخذت التدابير اللازمة وموقفاً حازماً بهذا الاتجاه،وعقدت الكثير من الجلسات الحوارية مع القوى السياسية من أجل دعم الحكومة بهذا الاتجاه،وبحسب الاخبار فأن الحكيم وبعض قوى الاطار التنسيقي كان لهم دور فاعل ومهم في تقوية الدولة وتهدئة التوترات ومنع الضربات الامريكية والاسرائيلية على العراق، وهو بحد ذاته نصراً في حكم العقل ومنع سيطرة عقلية الحكم والتي أستطاعت أن تكون حلقة وصل بين الدول المتصارعة وأقامت حوارات مهمة بين هذه الدول من أجل أدارة الازمة وقيادة الازمة نحو إبعاد المنطقة من أي خطر وتهديد .

الخطاب المتشدد والطائفي الذي تعالى ضد العراقيين عموماً كان عاملاً مساعداً في تهدئة الموقف وإبعاد العراق من المواجهة وذلك من خلال استشعار القوى السياسية بأن هذا الخطاب قد يعيد أحداث عصابات داعش الى الواجهة،خصوصاً مع التصريحات النارية التي يطلقها البعض والتي تحرض ضد النظام السياسي في البلاد لذلك العقلية السياسية العراقية استخدمت حكم العقل بدل عقلية الحكم في إدارة الازمة،وأن هذه الجهود ستساهم في فرض القانون وتحييد أي تهديد يمكن أن يسبب عدم استقرار في البلاد،خصوصاً مع الاستقرار السياسي الذي حظي بدعماً أقليمياً ودولياً وبرز ذلك من خلال المؤتمرات التي تقام في العراق وآخرها القمة العربية المزمع أقامتها في بغداد قريباً، وهو بهد ذاته نصراً لحكم العقل لاعقلية الحكم.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • عندما تكون أقصي الطموحات هي إيقاف الحرب !!..
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • الخارجية: الحرب التي تخوضها ميليشيا الجنجويد بالوكالة عن راعيتها الإقليمية موجهة ضد الشعب السوداني ودولته الوطنية
  • العراق بين عقلية الحكم وحكم العقل
  • الطالبي العلمي: “الأحرار” الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة
  • التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” يدين الجريمة التي ارتكبها الدعم السريع بامدرمان وأدت لمقتل 31 مواطنا
  • محمد الفيومي: منح العقار رقما قوميا يسهم في تجاوز التحديات التي تواجهها المنظومة
  • احذروا القوي السياسية التي تعبث بالأمن
  • «ما عرفتكيش».. نجلاء بدر تثير الجدل بعد إجراء عملية تجميل وتغيير ملامحها |شاهد
  • موقع الحرب الأمريكي: ما هي الدفاعات الجوية التي يمتلكها الحوثيون في اليمن فعليًا؟ (ترجمة خاصة)