ويجب على إدارة بايدن أن تعترف بأن الأمر نفسه ينطبق على غزة وتغير مسارها، ابتداء بالتوقف عن معارضة وقف إطلاق النار في مجلس الأمن. وطالب رؤساء المنظمات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بإنهاء تدخلاتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة، وعرقلة الدعوات لوقف إطلاق النار إنساني فوري في القطاع الذي يشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء تواصل العدوان.

وشددوا على أن الدبلوماسية الأمريكية لم تحقق حتى الآن في الحرب الدائرة بقطاع غزة، الأهداف التي نقلها بايدن وهي؛ حماية المدنيين الأبرياء، والالتزام بالقانون الإنساني، وتقديم المزيد من المساعدات.

وأشاروا إلى ضرورة اتخاذ إدارة بايدن تدابير ملموسة -كما تفعل في صراعات أخرى- من أجل وقف السقوط الحر المروع في قطاع غزة.

ونوه رؤساء المنظمات الإنسانية إلى أن أكثر من 80 بالمئة من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أصبحوا نازحين، في حين يجبرهم الهجوم الإسرائيلي الأخير على التجمع في قطعة صغيرة من الأرض، بحسب تعبيرهم.

ولفتوا إلى أن موظفي المنظمات الحقوقية في غزة ليسوا آمنين جراء قصف الاحتلال المتواصل، موضحين أن زملاءهم في القطاع يتخذون القرار بالبقاء مع عائلاتهم في مكان واحد، حتى يتمكنوا من الموت معا أو الخروج للبحث عن الماء والطعام.

وتاليا ترجمة نص المقال الذي كتبه رؤساء المنظمات الإنسانية كاملا: نحن لسنا غرباء على المعاناة الإنسانية - الصراعات، والكوارث الطبيعية، وبعض من أكبر وأخطر الكوارث في العالم. كنا هناك عندما اندلع القتال في الخرطوم، السودان.

ومع سقوط القنابل على أوكرانيا. وعندما ضربت الزلازل جنوب تركيا وشمال سوريا. وعندما واجه القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف منذ سنوات والقائمة تطول.

ولكن باعتبارنا قادة بعض أكبر المنظمات الإنسانية العالمية في العالم، فإننا لم نر شيئا مثل الحصار المفروض على غزة. في أكثر من شهرين منذ الهجوم المروع على إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص وأدى إلى اختطاف حوالي 240 شخصا، قُتل حوالي 18000 من سكان غزة – بما في ذلك أكثر من 7500 طفل – وفقا لوزارة الصحة في غزة. وقد تم الإبلاغ عن مقتل عدد أكبر من الأطفال في هذا الصراع مقارنة بجميع الصراعات العالمية الكبرى مجتمعة في العام الماضي.

إن الفظائع التي ارتكبتها حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كانت غير معقولة ومنحرفة، كما أن احتجاز الرهائن أمر بغيض. إن المطالبات بالإفراج عنهم عاجلة ومبررة.

لكن الحق في الدفاع عن النفس لا يتطلب ولا يمكن أن يتطلب إطلاق العنان لهذا الكابوس الإنساني على ملايين المدنيين.

إنه ليس طريقا إلى المساءلة أو التعافي أو السلام. لم تشهد أي حرب أخرى يمكن أن نفكر فيها في هذا القرن أن يكون المدنيون محاصرين إلى هذا الحد، دون أي وسيلة أو خيار للهروب لإنقاذ أنفسهم وأطفالهم.

تعمل معظم منظماتنا في غزة منذ عقود. ولكننا لا نستطيع أن نفعل شيئا كافيا على الإطلاق لمعالجة مستوى المعاناة هناك دون وقف فوري وكامل لإطلاق النار وإنهاء الحصار. لقد جعل القصف الجوي مهمتنا مستحيلة.

وقد أدى حجب المياه والوقود والغذاء والسلع الأساسية الأخرى إلى خلق حجم هائل من الاحتياجات التي لا يمكن للمساعدات وحدها تلبيتها.

ويجب على زعماء العالم - وخاصة حكومة الولايات المتحدة - أن يفهموا أننا لا نستطيع إنقاذ الأرواح في ظل هذه الظروف.

هناك حاجة اليوم إلى تغيير كبير في نهج الحكومة الأمريكية لانتشال غزة من هذه الهاوية. بداية، يجب على إدارة بايدن وقف تدخلاتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة، وعرقلة الدعوات لوقف إطلاق النار.

منذ انتهاء وقف القتال، نشهد مرة أخرى مستوى عالٍ بشكل استثنائي من القصف، وبضراوة متزايدة.

إن المناطق القليلة المتبقية في غزة والتي لم يطالها القصف تتقلص كل ساعة، مما يجبر المزيد والمزيد من المدنيين على البحث عن الأمان الذي لا وجود له.

وقد أصبح الآن أكثر من 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نازحين. الهجوم الإسرائيلي الأخير يجبرهم الآن على التجمع في قطعة صغيرة من الأرض. وليس القصف هو الشيء الوحيد الذي يقطع حياة الناس بوحشية. أدى الحصار المفروض على غزة والحصار المحيط بها إلى ندرة حادة في الغذاء، وعرقلة الإمدادات الطبية والكهرباء، ونقص المياه النظيفة.

ولا تكاد تتوفر أي رعاية طبية في هذا الجيب، كما يوجد القليل من الأدوية. يعمل الجراحون على ضوء هواتفهم المحمولة، دون تخدير. إنهم يستخدمون مناشف الأطباق كضمادات.

ولن يتزايد خطر حدوث موجات من الأمراض المنقولة بالمياه والأمراض المعدية إلا في ظل الظروف المعيشية المكتظة بشكل متزايد للنازحين.

وصف أحد زملائنا في غزة مؤخرا كفاحهم من أجل إطعام رضيعة يتيمة تم إنقاذها من تحت أنقاض غارة جوية. ولم ترضع الطفلة لعدة أيام بعد وفاة والدتها.

لم يكن بمقدور زملائنا سوى الحصول على الحليب المجفف - وليس الحليب الخاص بالرضع، ولا حليب الثدي، وهو ليس طعاما مناسبا من الناحية التغذوية للأطفال - كي لا تموت جوعا.

كانت هناك حاجة لمئات الشاحنات المحملة بالمساعدات يوميا لدعم الحياة اليومية لسكان غزة. ولم يصل إلى غزة سوى قدر ضئيل من المساعدات المطلوبة خلال الشهرين الماضيين منذ بدء الحرب.

ولكن حتى لو سمح بدخول المزيد، فإن عملنا في غزة يعتمد على ضمان قدرة فرقنا على التحرك بأمان لإنشاء المستودعات والملاجئ والعيادات الصحية والمدارس والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي والنظافة.

اليوم موظفينا ليسوا آمنين. يخبروننا أنهم يتخذون القرار اليومي بالبقاء مع عائلاتهم في مكان واحد حتى يتمكنوا من الموت معا أو الخروج للبحث عن الماء والطعام.

بين القادة في واشنطن، هناك حديث مستمر عن الاستعداد لـ "اليوم التالي".

ولكن إذا استمر هذا القصف والحصار بلا هوادة، فلن يكون هناك "يوم تالي" في غزة. سيكون متأخرا جدا. مئات الآلاف من الأرواح في خطر اليوم.

حتى الآن، لم تحقق الدبلوماسية الأمريكية في هذه الحرب الأهداف التي نقلها الرئيس بايدن: حماية المدنيين الأبرياء، والالتزام بالقانون الإنساني، وتقديم المزيد من المساعدات.

ولوقف السقوط الحر المروع في غزة، يجب على إدارة بايدن اتخاذ تدابير ملموسة كما تفعل في صراعات أخرى لرفع مستوى الرهان مع جميع أطراف الصراع والدول المجاورة.

قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن ذات مرة عن الحرب في أوكرانيا إن استهداف التدفئة والمياه والكهرباء كان بمثابة "تعامل وحشي مع شعب أوكرانيا" و"همجية".

ويجب على إدارة بايدن أن تعترف بأن الأمر نفسه ينطبق على غزة. وبينما أعلنت عن إجراءات لردع العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، يجب على بلينكن وزملائه ممارسة ضغوط مماثلة لوقف العنف ضد المدنيين في غزة أيضا.

إن الأحداث المروعة التي تتكشف أمامنا تشكل سردية عالمية، إذا لم يتغير، فسوف يكشف عن إرث من اللامبالاة في مواجهة معاناة لا توصف، والتحيز في تطبيق قوانين النزاع، وإفلات الجهات الفاعلة التي تنتهك القانون الإنساني الدولي من العقاب. يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تتحرك الآن – وأن تناضل من أجل الإنسانية.

كتاب المقال هم: ميشيل نان:

الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة كير بالولايات المتحدة الأمريكية.

تجادا دوين ماكينا: الرئيسة التنفيذية لمؤسسة ميرسي كوربس. جان إيغلاند: الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين.

آبي ماكسمان: الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الأمريكية. جيريمي كونينديك: رئيس منظمة اللاجئين الدولية.

جانتي سويريبتو: الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة إنقاذ الطفولة الأمريكية

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: المنظمات الإنسانیة وقف إطلاق النار على غزة أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

مناظرة بايدن - ترامب 2024.. مواجهة بين أكبر رئيسين سنا في تاريخ الولايات المتحدة

ينتظر العالم المُناظرة المرتقبة بين الرئيس الحالي والمرشح للانتخابات الأمريكية الديمقراطي جو بايدن والرئيس السابق ومنافسه دونالد ترامب، وهي مناظرة تاريخية بين أكبر مرشحين سنًا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يبلغ «بايدن» من العمر 81 عامًا، بينما «ترامب» 78 عامًا.

مناظرة ترامب وبايدن

وخلال المناظرة التي أعدتها شبكة «CNN» الأمريكية ومذيعيها، جيك تابر، الذي يتميز بالحزم، ودانا باش، المتميزة بالهدوء، سيتم كتم صوت الميكروفونات الخاصة بالمرشحين طوال المناظرة، باستثناء وقت تحدث أحدهم، وهي مٌحاولة للحد من المقاطعات التي لوحظت في المناظرات السابقة، وقالت شبكة «CNN»، إن المشرفين على المناظرة سيستخدمان كل الأدوات المتاحة لفرض التوقيت وضمان مناقشة حضارية، والتي تصل مدتها إلى 90 دقيقة.

وبحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، قد تكون المناظرة بين جو بايدن ودونالد ترامب، الأقل فوضى من سابقيها، وذلك بفضل القواعد الجديدة.

وتعد المناظرة هي الأولى التي تجمع الرئيسين بايدن وترامب وجهاً لوجه على منصة مشتركة في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية، منذ مناظرتين جمعت بينهما عن بعد في انتخابات 2020، وبحسب شبكة CNN من المقرر أن يتم تنظيم مناظرة رئاسية ثانية تضم مرشحي الأحزاب الرئيسية في التاريخ الحديث.

السجل الجنائي للرئيس الأمريكي وترامب

يخوض بايدن مناظرة ولديه سجل خاص به يتم تدقيقه، كما أن أحد أبنائه، هانتر بايدن، البالغ من العمر 54 عامًا، لديه سجل إجرامي بعد إدانته بتهم حيازة أسلحة وتعاطي المخدرات، أما بالنسبة للرئيس السابق ترامب فلديه سجل جنائي، يتضمن إدانته في نيويورك بتزوير السجلات التُجارية المُتعلقة بقضية «أموال الصمت»، واثنين من الاتهامات تتعلق بمحاولته عرقلة نتيجة انتخابات 2020، وتهم أخرى تتعلق بطريقة تعامله مع الوثائق السرية بعد مغادرته المنصب.

وتجري المناظرة، التي تستضيفها شبكة CNN في مقرها الرئيسي بمدينة أتلانتا، على بعد حوالي 4.8 كيلومتر من المكان الذي التُقطت فيه الصورة الجنائية الأولى لترامب، بعد اتهامه بمحاولة التدخل في نتائج التصويت بولاية جورجيا بانتخابات عام 2020.

قواعد المناظرة التاريخية

وفيما يلي، قواعد وتفاصيل المناظرة التاريخية بين جو بايدن ودونالد ترامب:

- اتفق المرشحان على الظهور على منصة موحدة.

- تم تحديد مواقعهم على المنصة من خلال «القرعة»، واختارت حملة «بايدن» موقع المنصة الأيمن، وهو ما يعني أن الرئيس الديمقراطي سيكون على الجانب الأيمن من شاشات مشاهدي التلفزيون ومنافسه الجمهوري سيكون على يسار المشاهدين.

- واختارت حملة دونالد ترامب بعد ذلك أن يلقي الرئيس السابق البيان الختامي الأخير، وهو ما يعني أن جو بايدن سيبدأ أولًا في ختام المناظرة.

- سيتم كتم صوت الميكروفونات طوال المناظرة باستثناء المرشح الذي جاء دوره للتحدث.

- على الرغم من أنه لن يُسمح بأي ملاحظات مكتوبة مسبقًا على المسرح، فسيتم منح المرشحين قلمًا وورقة وزجاجة ماء.

- سيغيب الجمهور في الاستوديو، وهو ما يشكل اختلافًا واضحًا عن المناظرات السابقة.

مقالات مشابهة

  • فتح: انضمام إسبانيا إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل انتصار لقيم الإنسانية
  • السيسي يحذّر من توسع الصراع بالمنطقة ويطالب بوقف إطلاق النار
  • رسالة مصرية قوية لرئيسة المفوضية الأوروبية بشأن وقف إطلاق النار بغزة
  • أكسيوس: واشنطن غيرت لهجتها بشأن بعض أجزاء مقترح وقف إطلاق النار بغزة
  • ‏أكسيوس: إدارة بايدن قدمت صيغا جديدة لبنود من صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار المقترحة بين إسرائيل وحماس
  • واشنطن تقترح صياغة جديدة لبنود باتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • أمواج غزة تفكك رصيف بايدن البحري للمرة الثالثة
  • مناظرة بايدن - ترامب 2024.. مواجهة بين أكبر رئيسين سنا في تاريخ الولايات المتحدة
  • نائب المكتب السياسي لحماس: تصريحات نتنياهو الأخيرة تلقي بمقترح بايدن في القمامة
  • غريفيث: وضع الأمن الغذائي في غزة لا يحتمل ولا بد من وقف إطلاق النار وتدفق المساعدات