13 ديسمبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث:
رياض الفرطوسي
تختلف طبيعة الاحلام من شخص لاخر ومن امة لاخرى ومن شعب لاخر ‘ مثلا الاحلام في بلداننا تدور حول الحرية والبحث عن السعادة ‘ والذكريات القديمة . وهي عادة احلام مركبة من عناصر مختلفة تدخل فيها الاساطير والقصص . تساهم الثقافة المحلية في عناصر اي حلم من حيث البنية السياسية والاجتماعية وما ينقله الاهل والاقرباء من احداث قديمة ومواقف تتحول في لاوعي الاجيال الجديدة الى احلام هي نسخ اخرى من احلام ابائهم وامهاتهم.
مع ذلك لم ينفك العراقي عن حلمه وليس امامه الا ان يحلم كي يتعرف على نفسه من جديد . ربما واحدة من اهم الاخطاء التي وقع فيها العقل الغربي انه عجز عن فهم عقولنا وكيف نفكر ونحلم . تشكل الاحلام عناصر مهمة في مفاهيمنا الثقافية والاجتماعية والسياسية والنفسية حيث تتداخل الرغبات والهواجس مع الصدف لتشكيل عناصر علاقتنا مع الواقع . في حين لا توجد مثل هذه المفاهيم في العقل الغربي الذي هو عقل تحليلي ( علمي ).
كثيرة هي احلامنا وقد يصلح بعضها ان يكون مسلسلات تلفزيونية ‘ وقد اختلطت بعض الاحلام مع حدود الواقع . احيانا نقع ضحايا احلامنا المفرطة لان الواقع لا يخضع للاحلام والمشاعر والاحاسيس في كثير من الاحيان.
في غياب سلطة الثقافة والمعرفة التي تحمي التفكير والاختلاف والابتكار والخيال سيكون من الصعوبة بمكان ان نحلم بولادة جيل جديد او امل جديد.
يذهب بعض الفلاسفة للقول ان الحلم يتناقض مع السلطة لان الحلم حالة فردية منفصلة والسلطة عملية احتواء ودمج والذي يحلم ان يصبح نابليون ويتحدث عن المجتمع العصري والدولة الحضارية والقضاء على الفساد عليه ان يتحمل الرذاذ المتطاير من افواه بعض الناس.
لكننا لو تعودنا على الاحلام هل سندمنها هل سنكون بحاجة الى بدائل عملية.
ما هو شكل الدولة الكريمة التي نحلم بها ؟ جل ما نفتقده هي الحكمة لان وجودها يجعل الناس تعيش في سعادة من دون ان نكون مرة ضحايا واخرى جلادين وفي كل حقبة تتكرر الدوامة.
مما جعل البلاد مزروعة بالموت بدل الحب وبالقسوة بدل التسامح وبالكذب والصلافة بل الوضوح والعفوية والصدق.
ولان الوطن يتسع للجميع حيث تتشابك فيه الروابط الاجتماعية والانسانية فضلا عن العقائد والاديان والارض والمستقبل والذاكرة والبيئة ‘ لابد ان تكون احلامنا بمستوى هذه الاواصر القوية والمتينة ‘ حيث الحب ممكن والسلام ممكن والخير ممكن.
نتعلم من بعضنا كيف نبني وكيف نترك مسافة مع الاخر المختلف وكيف نرى ونحلم بصورة عراقنا المستقبلي . في دولتنا المتخيلة الكريمة سيشعر الجميع انهم في حالة من الطمأنينة والسعادة والنقاء والامان والاخوة والتضامن وراحة البال.
ومن يريد ان يتعلم ‘ كل ما عليه هو ان يأتي الينا ليرى ان الحلم قد تحقق . لست بحاجة الى ان تذهب الى الجامعات او المعاهد.
في دولتنا الكريمة تسمع المؤذن وهو ينادي للخير والمحبة ‘ واجراس الكنائس تدعو للسلام .الكل شركاء في الاحتفالات والمناسبات العامة والخاصة ( من دون هويات فرعية ). ممكن ان نخرج من الحلم الى الحياة مع الرهان على الامل في بناء الدولة الكريمة التي يعز فيها الانسان المخلص والشريف ويذل فيها المنافق والمختلس والسارق ويكون فيها المخلصون قادة وفرسان نبلاء.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الحلم أكسجين الحياة
#الحلم #أكسجين_الحياة
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ ٢٣ – ٢ – ٢٠٢١
أحمدُ الله كثيراً أن الدماغ هو الجغرافيا الوحيدة التي لا تخضع لتحديثات “جوجل”، والذكريات القديمة هي الحارات الغائبة عن “جي بي أس” الأحداث الآنية…
في الحلم تأتيني الطفولة بكل تفاصيلها ، برائحتها،بعفويتها، ببساطة همومها، ترسم لنا دارنا، عندما كانت شجرة التوت طفلة مثلي ،وبيتنا الطيني له رائحة خُمرة العجين ، في الحلم أرى أخوتي جميعاً قُربي ، أرى ابريق الكاز الحديدي،وصوبة البواري والشبّاك الشمالي ،و”منسفة الخبز” والبنّورة البيضاء ، أرى وجه أمي الصافي كماء البئر ،شعرها الموشّح بالشيب الطفيف ،وأسمع صوتها وهي تقرأ المعوذات قبل النوم ،أرى أمي المقاتلة التي لا تمرض ،ولا تضعف،ولا تتعب، ولا تستسلم، ولا تموت …في الحلم أرى مرآة أبي الصغيرة “وعدّة الحلاقة”، أرى فروته “بنيّة اللون” ذات البطانة الممزقة ، أرى مصحفه الأخضر وحروفه الكبيرة المخصص لــ”بُعد النظر”، أرى برواز لمدينة بيروت بالأبيض والأسود ، وبرواز آخر لشجرة أرز عالية تحتها سيّارة قديمة ،لا أعرف من أهدانا هذين البروازين لكنهما كانا بمثابة “ناسا فضائنا وخيالنا” قبل النوم…
في الحلم ما زال جيراننا القدامى أحياء يرزقون ،بيوتهم الدافئة تحيط بنا، مداخن صوباتهم ، تبغ طوابينهم ، حتى أقنية الماء التي كانت تشق الطرق فوق بيتنا أذكرها جيداً، في الحلم لا وجود للبيوت الجديدة ،ولا للإسمنت الذي قطع شريان الأرض ،ولا لضجيج الحياة ونزق الناس..
مقالات ذات صلة الأمن: مطلق العيارات النارية لديه سجل جرمي ومطلوب على قضايا عدة أبرزها المخدرات 2024/11/24في الحلم أرى ساحة دارنا، ودجاجات البيت المرقّطات ،أرى الديوك الحمراء الملوّنة،وهديل الحمام فوق الغرف ، أين اختفت سلالات كل هذه الكائنات لا أعرف؟؟…في الحلم أرى العشب الطويل في الحاكورة، سطح الغرف المشرّب بالماء ، اللوزة المغرورة ، في الحلم أسمع اهتزاز “الخويّخة” ، وحفيف شجرة الليمون على زجاج الغرفة الشمالية ، أرى دفاتر النسخ التي كانت في حقيبتي وخطّي الغليظ المقطّع بين الكلمات ،وأشتمّ دفاتري ،وأشتم خشب أقلم الرصاص..
في الحلم ، لا يتعكّر صفوي أبداً، لا أذكر أني بكيت في حلم ، لكني في الواقع أبكي كل يوم ، في الحلم أعيش حياتي مرّة أخرى ، وسادتي شهادة ولادتي ،هي أملي الأوحد، فهي التي تجمعني بكل الذين رحلوا بالصوت والصورة والرائحة والعمر البعيد، وسادتي هي النافذة الوحيدة التي لا تأخذ مني تذكرة لفرحي..تمنحني أكسجين الحياة ،مجرّد أن أغمض عيني على بقايا الرضا…
أيها الحلم الأصيل ، يا ذاكرة الماضي ، ابق كما أنت..كي لا نموت مرتين!.
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#146يوما
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي