دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- رحب بعض الخبراء بما اعتبروه بداية نهاية عصر الوقود الأحفوري، حيث تضمنت المسودة الجديدة للاتفاقية المحورية في قمة المناخ "كوب 28" إشارة غير مسبوقة إلى التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري.

ولكن، لا تدعو المسودة الجديدة العالم إلى "التخلص التدريجي" من الفحم، والنفط، والغاز، كما أملت أكثر من 100 دولة، وهي تشمل "ثغرات" من شأنها السماح بمواصلة استخدام هذه المواد، حتّى بعد عام 2050.

وتدعو المسودة، التي يُحتَمل أن يستمر النقاش حولها، الدول إلى "المساهمة" بشكلٍ جماعي في الجهود العالمية للحدّ من تلوث المناخ، بالطريقة التي تراها مناسبة.

ويقدم النص 8 خيارات، منها "الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة.. وتسريع العمل في هذا العِقد الحَرِج، وذلك لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050".

ويمكن للبلدان أن تختار قرارات أخرى بدلاً من ذلك، بما في ذلك المساهمة في تحقيق الهدف العالمي المتمثل في مضاعفة الطاقة المتجددة إلى 3 أضعاف، ومضاعفة الكفاءة في استخدام الطاقة.

ورحب المدافعون عن المناخ وخبراء السياسة بالدعوة إلى التحوّل بعيدًا عن الوقود الأحفوري، وهو المحرك الرئيسي لأزمة المناخ، وقالوا إنّها ترسل إشارة إلى البلدان لوضع خطط للتخلص من الفحم، والنفط، والغاز، كما أنّها تعترف بأنّ هذا العِقد حاسم لاتخاذ الاجراءات.

وفي بيانٍ لها، قالت الرائدة العالمية في مجال العدالة المناخية في منظمة ActionAid، تيريزا أندرسون، إنّ المسودة "ترسل إشارة مفادها أنّ أيام صناعة الوقود الأحفوري أصبحت معدودة".

ولكن لفتت أندرسون إلى عدة نقاط ضعف في المسودة تشمل إشارات تتضمن تسريع النمو في "تقنيات الإزالة"، المعروفة أيضًا باحتجاز الكربون، والتي من شأنها السماح بمواصلة استخدام الوقود الأحفوري في حال إزالة التلوث الكربوني قبل دخوله الغلاف الجوي.

وأعرب العديد من العلماء عن قلقهم من كون احتجاز الكربون مكلفًا، وغير مثبت على نطاقٍ واسع، ويصرف الانتباه عن سياسات التقليل من استخدام الوقود الأحفوري.

وأفادت أندرسون أن "النص يتضمن العديد من الثغرات، ويقدم العديد من الميزات لمن يشاركون في ظاهرة الغسل الأخضر، لإشارته إلى احتجاز الكربون، وتخزينه، وما يسمى بالوقود الانتقالي، والطاقة النووية، وأسواق الكربون".

وبشكلٍ عام، يرسم النص "طريقًا وعرًا نحو مستقبلٍ خالٍ من الوقود الأحفوري"، وفقًا لما ذكرته.

ونُشِرت المسودة صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي، أي بعد أكثر من 12 ساعة من الموعد النهائي للقمة، حيث استمرت المحادثات لساعاتٍ طويلة في ظل تفاوض الدول على صيغة الحديث حول الوقود الأحفوري، والنقاط الشائكة الأخرى.

وستكون هناك رغبة كبيرة لإتمام المحادثات بحلول نهاية اليوم، الأمر الذي سيتطلب التصويت على المسودة في جلسةٍ عامة ستكون متاحة للجمهور عبر الإنترنت.

وكان ما يجب القيام به بشأن مستقبل الوقود الأحفوري القضية الأكثر إثارة للجدل في هذه المحادثات.

وأعربت بعض الدول الأكثر طموحًا والمجموعات المدافعة عن المناخ عن الشعور بالغضب والإحباط من إزالة مسودة سابقة الدعوة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

وإذا وافقت الدول على النص، فسيمثل ذلك "لحظة مهمة".

وقال النائب العالمي للمناخ والطاقة في الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، ستيفن كورنيليوس، في بيان: "لا يمكن لهذا أن يكون المعيار الذي نحكم من خلاله على نتائج مؤتمر الأطراف"، مضيفًا: "يجب على البلدان استخدام هذه الساعات الأخيرة للضغط من أجل نصٍ أكثر طموحًا يتماشى تمامًا مع منع العواقب الأكثر تدميراً لأزمة المناخ".

وغالبًا ما تكون محادثات المناخ السنوية مثيرة للانقسام، وتستغرق ساعاتٍ إضافية، ولكن كان مؤتمر "كوب 28" مشحونًا بشكلٍ خاص، مع وجود انتقادات مفادها أنّ المصالح النفطية أخرجت العملية عن مسارها.

ودعا الأمين العام لمنظمة أوبك المنتجة للنفط، هيثم الغيص، الأعضاء والحلفاء الأسبوع الماضي إلى "الرفض الاستباقي" لأي لغة تستهدف الحد من استخدام الوقود الأحفوري، مطالباً الأعضاء بدعم الصيغة التي تركز على "الانبعاثات" بدلاً من ذلك.

وأثناء حديثها مع الصحفيين في دبي، أفادت المؤسِّسة والمديرة التنفيذية في "Destination Zero"، كاثرين أبرو، أنّ المملكة العربية السعودية والعراق كانتا من بين الدول التي لم ترغب بالإشارة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في النص. وأكّدت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا" أنّ وفد البلاد إلى "كوب 28" رفض هذه الصياغة أيضًا.

وفي مؤتمرٍ صحفي، قال المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف، ماجد السويدي: "نحن بصدد البرنامج الأكثر تطلبًا على الإطلاق في مؤتمر الأطراف".

نشر الأربعاء، 13 ديسمبر / كانون الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

إقرأ أيضاً:

حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا

إبراهيم برسي
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤

إن الكتابة عن بولا أو عن كتابات بولا نفسها تحتاج إلى جُرأة وشجاعة، وقد ترددت كثيرًا في دخول مثل هذه المقامرة. و تذكرت مقولة الفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي عن حتمية انتهاء القديم وصعوبة ولادة الجديد: “تتجلى الأزمة تحديدًا في أن القديم آيل إلى الزوال، بينما لا يستطيع الجديد أن يولد.”
هذه المقولة تتناغم مع تأملات نص بولا، حيث نتعامل مع صراع جاد حول الهوية، التاريخ، والوجود.

“نسب شجرة الغول” هو نص لا يُقرأ، بل يُستشعر. كمن ينظر إلى مرآة غامضة تعكس ظلال الروح السودانية، حيث تتداخل الذكريات بالجروح، وتتمزق الهوية بين زوايا الماضي والحاضر.
عبد الله بولا لا يكتب هنا عن أزمة سياسية أو اجتماعية فحسب، بل يتجاوز ذلك ليغوص في صميم الصراع الإنساني: صراع الإنسان مع ذاته، مع الآخر، ومع المعنى الذي يصنعه أو يُفرض عليه.

الغول، الذي يتكرر ذكره في النص، ليس وحشاً أسطورياً من خيال جمعي، بل هو استعارة حية، مرنة، تأخذ شكلاً جديداً في كل مرة تُستدعى فيها.
الغول هو الهيمنة التي تختبئ وراء الأقنعة، حين تُحوّل التنوع إلى شتات، وحين تجعل من الجسد الواحد عدواً لنفسه. لكنه أيضاً الموروث الذي لم يختره أحد، الإرث الذي يُفرض علينا دون أن نستطيع التمرد عليه تماماً، تماماً كالأحلام التي تستدرج اللاوعي لتُفصح عما لا يُقال.

النص يتحدث عن السودان، لكن السودان هنا ليس مجرد بلد، بل هو صورة مصغرة للإنسانية في صراعها الأبدي مع الاختلاف. التنوع الثقافي الذي كان يمكن أن يكون ثروةً، تحوّل بفعل سياسات الهوية المهيمنة إلى عبء يثقل كاهل البلاد. ليس هذا صراعاً بين الهامش والمركز فقط؛ إنه صراع بين الأصوات التي تريد أن تتنفس، وبين سلطة تصر على أن تُعيد تشكيل كل ما حولها وفق صورتها الخاصة.

لغة عبد الله بولا تلتف حول القارئ كنسيم خفيف يخفي وراءه عاصفة. اللغة هنا ليست حيادية؛ إنها السلاح، الساحة، والجائزة.
اللغة العربية، بتغلغلها في المؤسسات التعليمية والإدارية، أصبحت كما يبدو في النص “اللغة السيدة”، بينما صارت اللغات الأخرى أصواتاً باهتة، مقيدة بالسياقات الخاصة، محرومة من الحضور الرسمي. لكن، كما أن الحلم يُظهر المكبوت، فإن النص يكشف عن مقاومة خفية، عن تلك الهويات التي لم تمت، بل تنتظر لحظة استعادة صوتها.

التاريخ في “نسب شجرة الغول” ليس سلسلة أحداث متتالية؛ إنه كيان حي يتنفس في كل زاوية من النص. يكتب عبد الله بولا عن الماضي لا ليفسره، بل ليحاكمه، ليعيد سؤاله عما فُعل باسمه.
الهوية السودانية، كما تبدو في النص، ليست حقيقة ثابتة، بل مشروعاً قيد التفاوض، مشروعاً حاولت الهيمنة أن تحسمه لصالح سردية واحدة، لكنها لم تفلح سوى في ترك جراح أعمق.

وهناك المثقفون. أولئك الذين كان يُفترض أن يكونوا حراس الوعي، لكنهم، كما يصوّرهم النص، وقعوا في فخ إعادة إنتاج الهيمنة.
في لحظات عديدة، يبدو النص كأنه حوار داخلي، حيث يتساءل الكاتب: كيف يمكن لمن يفكر أن يكون أداة في يد من يقمع التفكير؟
المثقف هنا ليس مجرد فرد، بل رمز لصراع أوسع: بين الفكر المستقل والسلطة التي تحاول أن تروضه.

ثم يأتي التحليل النفسي للهوية. في النص، الهوية ليست شيئاً نملكه، بل شيئاً يُفرض علينا. الهوية العربسلامية، كما يصورها النص، ليست مجرد اختيار، بل سلطة تحاول أن تُقصي كل ما لا يتماشى معها. إنها أشبه بظل طويل يخفي تحته التنوع، لكنه لا يستطيع محوه تماماً.
هذا الصراع بين المركز والهامش، بين اللغة السيدة واللغات المكبوتة، بين الماضي الذي يُعاد إنتاجه والحاضر الذي يبحث عن مخرج، هو ما يمنح النص قوته الفلسفية العميقة.

لكن النص ليس اتهاماً فارغاً؛ إنه أيضاً دعوة للتأمل. عبد الله بولا لا يقدم حلولاً جاهزة، لكنه يفتح نافذة على احتمالات جديدة. يدعو إلى القبول، ليس بمعنى الخضوع، بل بمعنى المصالحة مع الذات المتعددة، مع السودان كما هو، لا كما تريده السلطة أن يكون. النص يدعو القارئ إلى التوقف عن البحث عن إجابات سهلة، وإلى مواجهة التعقيد بجرأة.

“نسب شجرة الغول” هو نص يرقص على حافة الكلمة، يحفر في عمق المعنى، ويترك القارئ مسكوناً بأسئلة لا تنتهي. إنه كمن يسير على حبل مشدود بين الحلم واليقظة، بين الواقع والممكن، بين الذاكرة والنسيان. وفي النهاية، ربما لا يكون الغول إلا نحن، حين ننسى، حين نتجاهل، وحين نستسلم للهيمنة بدلاً من أن نقاومها.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • 5 رسائل خارجة عن النص من جمهور الأهلي للاعبيه
  • «المالية»: التطورات التكنولوجية تُثري قدراتنا في مسيرة التكامل الاقتصادي
  • الإدارة الجديدة في سوريا تصدر لائحة أسعار بيع المحروقات والغاز للمستهلكين
  • الحروب وتغير المناخ خلال 2024| الأوزون تتضرر من حرب الإبادة في غزة.. الولايات المتحدة الأمريكية الملوث الأكبر على مدى التاريخ.. أمريكا الشمالية سبب الإشعاع الحرارى المؤخر على الكوكب
  • كم عدد المرات الطبيعية للتبول يوميًا؟ إليك ما يقوله الخبراء
  • حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا
  • علماء يحذرون بشدة من استخدام الهاتف على مائدة العشاء… لماذا؟
  • ثنائية ترامب و ماسك.. امريكا الجديدة المختلفة
  • كيفية جدولة الرسائل على Instagram
  • وصفات علاج إكزيما الأطفال.. المرض الأكثر شيوعا في الشتاء