نيروبي – اختتمت أعمال القمة الاستثنائية الـ41 لرؤساء دول وحكومات الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا (إيغاد) بشأن السودان، يوم الأحد 10 ديسمبر/كانون الأول الحالي، في جيبوتي بإعلان قرار حل اللجنة الرباعية بقيادة كينيا.

وكانت إيغاد شكلت اللجنة في يونيو/حزيران الماضي للبحث عن حلول لإنهاء الصراع المستمر في السودان، وكلفت كينيا برئاستها بمشاركة جنوب السودان وجيبوتي وإثيوبيا.

وأعلن البيان الختامي للقمة أن الرئيس الكيني وليام روتو قدم، بصفته رئيس اللجنة الرباعية، تقريرا حول الدور الذي لعبته اللجنة لإنهاء الصراع في السودان، مما يعني حلّها وعودة جهود فض النزاع الدائر في السودان إلى إيغاد.

البرهان (وسط) رفض رئاسة كينيا جهود الوساطة مع قوات الدعم السريع (تواصل اجتماعي) رفض وتهديد بالانسحاب

وكان رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان قد رفض مرارا رئاسة روتو جهود الوساطة، رغم إصرار هذا الأخير، واتهمه بدعم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وبأن علاقات شخصية تجمعهما، وطلب أن يقود العملية رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت.

كما كانت وزارة الخارجية السودانية قد هددت في وقت سابق بالانسحاب من منظمة إيغاد إذا لم يتم تغيير رئاسة كينيا.

وأيد بيان القمة الختامي مقترح الفريق أول عبد الفتاح البرهان القاضي بوقف غير مشروط لإطلاق النار. وأكد البيان قبول قائد قوات الدعم السريع مقترحات إيغاد لوقف إطلاق النار غير المشروط، وحل النزاع من خلال الحوار السياسي، وعقد لقاء ثنائي مع البرهان.

وفي هذا الصدد، أفاد رئيس قسم شرق أفريقيا في صحيفة "أفريكا إنتليجنس" أنطوان غاليندو -في تصريح للجزيرة نت- بأن أحد أهم أسباب فشل اللجنة تكمن في الخلافات والتنافس بين الرباعي المكون لها، إذ تحتفظ كل دولة من اللجنة بمصالح متباينة مع طرفي النزاع في السودان.

وأضاف أن منظمة إيغاد تيقّنت من أن فشل عمل اللجنة قد يفقدها دورها كلاعب رئيسي في حل الصراع السوداني لصالح جهات أخرى، لذا سعت إلى حلها قبل أن تخسر هذا الدور.

من جانبها، رحبت الولايات المتحدة بقرارات قمة إيغاد بما فيها حل اللجنة الرباعية، مؤكدة دعمها الكامل لما جاء في البيان الختامي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر "إننا نرحب بقيادة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية تجاه حل الصراع في السودان".

وأضاف ميلر أن بلاده ستواصل التعاون مع إيغاد والاتحاد الأفريقي ومنظمات أخرى لتحقيق الاستقرار السياسي في السودان.

"اللاعب الأبرز"

وشاركت الولايات المتحدة في اجتماع قمة إيغاد عبر مبعوثها الخاص لشؤون القرن الأفريقي مايك هامر، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والسعودية وقطر والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا.

وكان هامر قد أعلن سابقا توجهه إلى جيبوتي وقطر وإثيوبيا في الفترة من 7 إلى 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري للمشاركة -إضافة لقمة إيغاد في جيبوتي- في منتدى الدوحة في قطر. كما سيجتمع في إثيوبيا مع مسؤولي الاتحاد الأفريقي لتنسيق الجهود بشأن السودان، وسيناقش مع المسؤولين الإثيوبيين مواصلة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في شمال البلاد.

وفي إجابة على سؤال للجزيرة نت حول الدور الأميركي في الصراع السوداني، أشار أنطوان غاليندو إلى أن إصرار أميركا بزعامة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية "ماري كاثرين في" على مواصلة إحياء محادثات جدة يدل على عزم واشنطن أن تكون اللاعب الأبرز في الوساطة في هذا النزاع.

يذكر أن الولايات المتحدة تشرف، رفقة السعودية، على محادثات بين طرفي القتال في السودان فيما يعرف بمنبر جدة.

تحركات مفاجئة للبرهان

وكان عبد الفتاح البرهان قد استبق القمة بزيارة مفاجئة لكينيا يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. واستقبل الرئيس الكيني وليام روتو البرهان بالقصر الرئاسي في نيروبي. وتم الإعلان إثر ذلك الاجتماع عن الدعوة إلى عقد القمة الاستثنائية في جيبوتي.

كما زار البرهان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا، ثم التقى برئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله، وتم الاتفاق على عقد القمة.

لكن الصحيفة الكينية "إيست أفريكان" ذكرت في تقرير لها أن رئيس مجلس السيادة السوداني نجح، أثناء زيارته نيروبي، في إقناع روتو بتخلي كينيا عن قيادة جهود الوساطة لحل الأزمة في السودان، وإقناع بقية أعضاء لجنة إيغاد بفسح المجال أمام منبر جدة ليكون المسار الوحيد لإيجاد حل للأزمة السودانية.

في حين يرى رئيس قسم شرق أفريقيا في صحيفة "أفريكا إنتليجنس" أنطوان غاليندو أن استقبال روتو للبرهان في نيروبي كان طبيعيا باعتبار أن الرئيس الكيني هو رئيس اللجنة الرباعية.

ويقول المتحدث ذاته إنه بالنظر إلى الشكوك حول التحيز والتحفظات التي أبداها البرهان، يمكن النظر إلى هذه الزيارة أيضا على أنها رغبة من جانب روتو في إعادة التوازن لصورته ولمكانة كينيا كإحدى أهم القوى في المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: اللجنة الرباعیة فی السودان

إقرأ أيضاً:

وصفها الرئيس بالخيانة.. تفاصيل مظاهرات كينيا الدامية ضد زيادة الضرائب

نيروبي- لقي 13 متظاهرا كينيّا حتفهم وأصيب العشرات، أمس الثلاثاء، جراء إطلاق الشرطة النار، إثر محاولة اقتحام مقر البرلمان في العاصمة نيروبي خلال احتجاجات ضد مشروع قانون المالية (2024-2025) الذي يتضمن زيادة في الضرائب.

وصادق البرلمان بأغلبية الأصوات على القانون قبل سويعات من محاولة الاقتحام، وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الكيني تصاعد النيران في جزء من مقر البرلمان إثر الاقتحام، واحتراق عدد من المباني والسيارات المحيطة به.

وانطلقت الاحتجاجات مع بداية مداولات البرلمان حول مشروع قانون المالية الجديد قبل أسبوع، وذلك لتضمنه زيادة في الضرائب على المواد الأساسية كجزء من مساعي الحكومة لتخفيف عجز الموازنة المتزايد نتيجة الديون.

مقتل 13 متظاهرا كينيا وإصابة العشرات جراء إطلاق الشرطة النار عليهم (الأناضول) أسباب عميقة

وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، ألغت الحكومة، في بداية الأسبوع، بعض الزيادات وشملت ضريبة القيمة المضافة المقترحة بنسبة 16% على الخبز والضرائب على السيارات والزيوت النباتية، وتحويلات الأموال عبر الهاتف المحمول، إلا أن هذه التنازلات لم تكن كافية لإرضاء المحتجين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.

برأي الصحفي الكيني نوي ميشالون، فإن أسباب هذه الاحتجاجات "العنيفة" تعود لعدة تراكمات سابقة، حيث استمر التضخم في الارتفاع منذ جائحة كورونا.

وقال ميشالون للجزيرة نت، إنه في الوقت الذي يشهد فيه الكينيون تراجعا في مقدرتهم الشرائية، مررت الحكومة، للسنة الثانية على التوالي، قانون مالية ينص على زيادات ضريبية كبيرة على المواد الأساسية لزيادة إيرادات الدولة.

وباعتقاده، فإن المظاهرات التي انطلقت في البداية لمعارضة تمرير القانون، تحولت إلى تعبير شعبي عن السخط إزاء طبقة سياسية يُنظر إليها على أنها "فاسدة وتعيش في رفاهية بفضل الضرائب".

كما أشار ميشالون إلى الجدل الذي أثاره الرئيس الكيني وليام روتو، بسبب تعدد سفراته الخارجية مقارنة بأسلافه، وتخصيص أكثر من 7 ملايين دولار لتجديد القصر الرئاسي.

من يقف وراء هذه المظاهرات؟

وصف الرئيس روتو، في خطاب ألقاه مساء أمس الثلاثاء، الاحتجاجات ضد مشروع قانون المالية ومحاولة اقتحام البرلمان بأنها "خيانة"، مؤكدا أن الحكومة "لن تتهاون في الرد على أي تهديد للديمقراطية في كينيا، بما في ذلك المباني الحكومية". وقال إن "أشخاصا خطرين خطفوا الاحتجاجات من المتظاهرين السلميين".

وكان وزير الدفاع عدن دوالي قد أعلن، قبيل خطاب الرئيس، حالة الطوارئ الأمنية ونشر عناصر الجيش لمساعدة ضباط الشرطة في إدارة المظاهرات المستمرة، وحماية المنشآت الحكومية.

وأفاد ممثلو منظمة العفو الدولية في كينيا بأن الشرطة ألقت القبض قبل يوم من الاحتجاجات على عدد من صانعي المحتوى والمدونين على شبكات التواصل، ومدافعين على حقوق الإنسان من المجتمع المدني الذين دعوا إلى التظاهر.

من جانبه، دعا زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا إدارة الرئيس روتو إلى سحب مشروع قانون المالية "دون قيد أو شرط"، وإجراء حوار شامل حوله قبل تعديله، ومحاسبة مطلقي النار الذين تسببوا في مقتل وإصابة المتظاهرين. كما دعا الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا الحكومة إلى التهدئة وتبني الحوار مع المتظاهرين.

ويقول الصحفي ميشالون إن تنظيم هذه المظاهرات يُعد عملا غير مسبوق، إذ تم تشكيل حركة مواطنة لا علاقة لها بالأحزاب السياسية أو النقابات -كما يحدث عادة- لرفض القانون، ودون تحديد قائد رسمي، بل يقودها بشكل رئيسي شباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر.

ويتوقع أن تستمر هذه الحركة في الأيام المقبلة، إلا أنها قد تغير شكل الاحتجاجات، خصوصا بعد قمع الشرطة الذي أوقع قتلى، من خلال مقاطعة الاجتماعات السياسية أو تحويلها إلى الجامعات أو الكنائس وغيرها.

ما ردود الفعل الدولية؟

دوليا، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحكومة الكينية لاستخدامها "القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين"، واتهمها "بالفشل في حماية مواطنيها أثناء ممارسة حقوقهم الديمقراطية".

من جانبه، حث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي "جميع الأطراف المعنية على التزام الهدوء والامتناع عن المزيد من العنف"، كما أعربت 13 سفارة غربية بنيروبي، في بيان مشترك، عن قلقها العميق من "انتهاكات حقوق الإنسان" إزاء تعامل الحكومة مع الاحتجاجات.

وتأتي هذه الأحداث في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس روتو لاكتساب مكانة دولية، حيث أكد البيت الأبيض، الاثنين الماضي، أن الرئيس الأميركي جو بايدن وقع مرسوما بمنح كينيا صفة "الحليف الرئيسي خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)"، وهي المرة الأولى التي تحصل فيها دولة في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى على هذه الصفة.

كما شهد، أمس الثلاثاء، أيضا وصول أول دفعة من ضباط الشرطة الكينيين إلى عاصمة هايتي لقيادة مهمة متعددة الجنسيات لدعم الشرطة الوطنية الهايتية في محاربة العصابات التي سيطرت على جزء كبير من البلاد.

ماذا بعد؟

بعد أن صادق البرلمان الكيني على مشروع قانون المالية، سيتم عرضه على الرئيس روتو الذي لديه خياران: إما التوقيع عليه ليصبح قانونا في غضون 14 يوما، أو إعادته إلى البرلمان مع اقتراح مزيد من التعديلات.

وحسب الصحفي نوي ميشالون، فإن الرئيس روتو سيمرر القانون بالقوة، إلا أنه يخشى أن تصاحب هذه الإجراءات مزيد من عمليات الاعتقال والاختطاف والترهيب، التي طالت قيادات المجتمع المدني في الأيام الأخيرة، خصوصا بعد خطاب روتو إثر المظاهرات الذي توعد فيه "بعدم التسامح مستقبلا مع التهديدات التي تمس سيادة كينيا وديمقراطيتها".

مقالات مشابهة

  • نشطاء يدعون إلى احتجاجات جديدة في كينيا
  • كينيا تستعد لاحتجاجات جديدة رغم تراجع الرئيس عن زيادة الضرائب
  • الشعب قال كلمته.. لماذا رفض الرئيس الكيني قانونا للضرائب يؤيده؟
  • رئيس كينيا يعلن سحب مشروع قانون الموازنة بعد مقتل متظاهرين مناهضين له
  • بعد موجة احتجاجات دامية.. رئيس كينيا يعلن سحب مشروع قانون الموازنة بعد مقتل متظاهرين مناهضين له
  • بعد يوم دام.. رئيس كينيا يفهم المحتجين ويرفض توقيع قانون الضرائب
  • وصفها الرئيس بالخيانة.. تفاصيل مظاهرات كينيا الدامية ضد زيادة الضرائب
  • الرئيس الكيني يرضخ لاحتجاجات دامية.. ويتراجع عن رفع الضرائب
  • بعد احتجاجات دامية.. رئيس كينيا يسحب مشروع قانون لزيادة الضرائب
  • رئيس كينيا يعلن سحب مشروع قانون الموازنة