لإعمار غزة والتطبيع مع إسرائيل.. فريدمان: هذا ما يطلبه الخليج
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
لن تنخرط دول مجلس التعاون الخليجي في إعادة إعمار قطاع غزة ولن تُقدم السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما لم تلتزم الأخيرة بالتفاوض على تنفيذ مبدأ حل الدولتين، بحسب الكاتب الأمريكي توماس فريدمان في مقال بصحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post).
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الثلاثاء 18 ألفا و412 شهيدا و50 ألفا و100 جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.
فريدمان قال، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد": "بعد أن أمضيت للتو أسبوعا في السعودية والإمارات، أشعر الآن بقلق أكبر.. بناءً على محادثاتي هنا، لن تأتي أي دولة خليجية عربية (ناهيك عن دول الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة) إلى غزة بأكياس من المال لإعادة إعمارها ما لم تلتزم إسرائيل بالتفاوض على حل الدولتين".
ولفت إلى تصريح سفيرة الإمارات لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة، في مؤتمر صحفي: "نحن بحاجة إلى رؤية خطة حل الدولتين القابلة للتطبيق.. خريطة طريق جادة قبل أن نتحدث عن اليوم التالي وإعادة بناء البنية التحتية في غزة".
اقرأ أيضاً
حرب غزة.. شعوب عربية تقاطع إسرائيل وحكومات تواصل التجارة معها
الشباب والمستثمرون
و"الشيء الأكثر تفاؤلا الذي يمكنني نقله من الرياض، ومن التحدث مع المسؤولين الأمريكيين في واشنطن قبل وصولي، هو أنه عندما تنتهي الحرب في غزة، تظل السعودية ملتزمة من حيث المبدأ باستئناف المفاوضات التي كانت جارية قبل 7 أكتوبر"، كما أضاف فريدمان.
وتابع: "وكان المفاوضون يناقشون صفقة كبرى تدخل بموجبها الولايات المتحدة في معاهدة أمنية مع السعودية، وفي الوقت نفسه، تقوم المملكة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة أن تلتزم الأخيرة بخطوات محددة للعمل مع السلطة الفلسطينية نحو تحقيق حل الدولتين".
ومن أصل 22 دولة عربية تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.
واستدرك فريدمان: "ولكن بقي لدي انطباع قوي للغاية هنا بأن السعوديين يريدون من الأمريكيين إنهاء الحرب في غزة في أقرب وقت ممكن؛ فالموت والدمار في غزة يؤديا إلى تطرف سكان المملكة الشباب".
وأردف: "كما أن الحرب تخيف المستثمرين الأجانب وتعرقل ما تريد المملكة التركيز عليه، وهو تنفيذ خطة رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان".
وهذه الخطة التنموية تهدف إلى تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة، بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات؛ في ظل تقلبات أسعاره وتحول العالم نحو الطاقة الجديدة غير الملوثة للبيئة.
وزاد فريدمان بأنه "في حين أن القادة هنا ليسوا متعاطفين على الإطلاق مع حماس (...)، إلا أنهم يشككون في قدرة إسرائيل على القضاء على حماس إلى الأبد، ويشعرون بالقلق من أن الضرر الذي يلحق بغزة، في محاولتها القيام بذلك، سيفاقم المشكلة".
ويُصر قادة الاحتلال على استمرار الحرب، على أمل إنهاء حكم "حماس" المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة، التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال وتدافع عن الفلسطينيين.
وردا على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط قطاع غزة.
وقتلت "حماس" في هجومها نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
اقرأ أيضاً
دور الوسيط المحنك.. حرب غزة تعزز مكانة قطر والعلاقات بين دول الخليج
قادة غير عاطفيين
وسيكون من الصعب على أي حكومة إسرائيلية معتدالة، بحسب فريدمان، الالتزام بالحوار الأمريكي الإسرائيلي الفلسطيني، "ناهيك عن مجموعة المتعصبين الذين يديرون إسرائيل حاليا، والملتزمون بضم الضفة الغربية ويتطلع أكثرهم جنونا إلى السيطرة أيضا على غزة".
واستدرك: و"لكن إذا لم تتوصل إسرائيل إلى رؤية سياسية طويلة الأمد لإغراء العالم لمساعدتها في تمويل إعادة بناء غزة، فستتعرض لكثير من الأذى الدبلوماسي والاقتصادي، وقد تتحول غزة إلى جرح كبير في الصدر يرهق إسرائيل عسكريا واقتصاديا ومعنويا".
فريدمان قال إن "استعداد السعودية، إذا صمد، للمضي قدما في الحوار الأمريكي السعودي الإسرائيلي الفلسطيني عندما تتوقف هذه الحرب أمر في غاية الأهمية، لكن هذا ليس مجرد عمل خيري".
وأوضح أن "هذا الجيل من القادة في السعودية والإمارات والبحرين والمغرب (3 دول وقَّعت في 2020 اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل) غير عاطفي تماما عندما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ إذ سئم هؤلاء القادة من القول بأن عليهم تأجيل أولوياتهم وتركيز طاقتهم واهتمامهم ومواردهم على القضية الفلسطينية".
و"لكن هم أيضا مرعوبون من الخسائر المدنية في غزة، ويدركون فساد وعدم كفاءة السلطة الفلسطينية، ويكرهون فروع جماعة الإخوان المسلمين مثل حماس"، كما ختم فريدمان.
اقرأ أيضاً
بين شعوب غاضبة وحسابات استراتيجية.. هكذا يتعامل الخليج مع غزة
المصدر | توماس فريدمان/ ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إعمار غزة تطبيع إسرائيل الخليج فريدمان حماس حل الدولتین مع إسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
حماس: منع إدخال المساعدات لغزة إبادة جماعية يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي
اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجمعة، أن إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعابر غزة لليوم السادس على التوالي ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، أحد "أشكال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة" بحق الشعب الفلسطيني في القطاع، واصفة ذلك بأنه "جريمة حرب" تستدعي تدخلاً دوليًا عاجلاً.
وقال المتحدث باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع، في بيان: "تشديد الحصار على قطاع غزة وإغلاق المعابر لليوم السادس ومنع إدخال المساعدات أحد أشكال حرب الإبادة التي لم تتوقف بحق شعبنا".
وأضاف أن سياسة التجويع والعقاب الجماعي التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي تمثل "انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية والإنسانية وجريمة حرب يستوجب على العالم وقفها ومحاسبة مرتكبيها".
وجدد القانوع مطالبته للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية بـ"إجبار الاحتلال على فتح المعابر وإدخال المساعدات الإغاثية والطبية وإنهاء معاناة الفلسطينيين بغزة".
يأتي ذلك بعد أن أوقف الاحتلال الإسرائيلي، الأحد الماضي، إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في محاولة للضغط على حركة حماس، مما تسبب في انتقادات دولية واسعة لتل أبيب.
وكانت المساعدات تدخل إلى غزة عبر ثلاثة معابر: معبر كرم أبو سالم جنوب القطاع، ونقطة "زيكيم" التي استحدثتها الاحتلال شمال غرب القطاع خلال الحرب، وحاجز بيت حانون "إيرز" شمالي القطاع.
وعند منتصف ليل السبت/الأحد الماضيين، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة رسميًا بعد 42 يومًا، دون موافقة الاحتلال على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ويريد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية التي نص عليها الاتفاق.
من جانبها، ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام الاحتلال بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورًا بمفاوضات المرحلة الثانية، والتي تشمل انسحابًا إسرائيليًا كاملاً من القطاع ووقف الحرب بشكل نهائي.
تكريس التجويع
وتأثر قطاع غزة بشكل فوري وحاد جراء منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية، في إجراء تصعيدي وعقاب جماعي، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن تل أبيب تسعى من خلاله إلى "تكريس التجويع كأداة إبادة جماعية".
وأدى وقف إدخال المساعدات إلى ارتفاع كبير في أسعار البضائع بسبب ندرتها، حيث وصلت أسعار بعض السلع إلى عشرات الأضعاف، بينما اختفت سلع أخرى تمامًا من الأسواق بعد نحو ثلاثة أيام فقط من إغلاق المعابر.
وحولت الإبادة الإسرائيلية جميع الفلسطينيين في قطاع غزة إلى فقراء، وفقًا لبيانات البنك الدولي، حيث باتت الغالبية العظمى منهم تعتمد بشكل كامل على المساعدات الإنسانية والإغاثية الواصلة.
يُذكر أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب بدعم أمريكي، بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/ يناير الماضي إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 160 ألف بين شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.