لن تنخرط دول مجلس التعاون الخليجي في إعادة إعمار قطاع غزة ولن تُقدم السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما لم تلتزم الأخيرة بالتفاوض على تنفيذ مبدأ حل الدولتين،  بحسب الكاتب الأمريكي توماس فريدمان في مقال بصحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post).

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الثلاثاء 18 ألفا و412 شهيدا و50 ألفا و100 جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.

فريدمان قال، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد": "بعد أن أمضيت للتو أسبوعا في  السعودية والإمارات، أشعر الآن بقلق أكبر.. بناءً على محادثاتي هنا، لن تأتي أي دولة خليجية عربية (ناهيك عن دول الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة) إلى غزة بأكياس من المال لإعادة إعمارها ما لم تلتزم إسرائيل بالتفاوض على حل الدولتين".

ولفت إلى تصريح سفيرة الإمارات لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة، في مؤتمر صحفي: "نحن بحاجة إلى رؤية خطة حل الدولتين القابلة للتطبيق.. خريطة طريق جادة قبل أن نتحدث عن اليوم التالي وإعادة بناء البنية التحتية في غزة".

اقرأ أيضاً

حرب غزة.. شعوب عربية تقاطع إسرائيل وحكومات تواصل التجارة معها

الشباب والمستثمرون

و"الشيء الأكثر تفاؤلا الذي يمكنني نقله من الرياض، ومن التحدث مع المسؤولين الأمريكيين في واشنطن قبل وصولي، هو أنه عندما تنتهي الحرب في غزة، تظل السعودية ملتزمة من حيث المبدأ باستئناف المفاوضات التي كانت جارية قبل 7 أكتوبر"، كما أضاف فريدمان.

وتابع: "وكان المفاوضون يناقشون صفقة كبرى تدخل بموجبها الولايات المتحدة في معاهدة أمنية مع السعودية، وفي الوقت نفسه، تقوم المملكة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة أن تلتزم الأخيرة بخطوات محددة للعمل مع السلطة الفلسطينية نحو تحقيق حل الدولتين".

ومن أصل 22 دولة عربية تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.

واستدرك فريدمان: "ولكن بقي لدي انطباع قوي للغاية هنا بأن السعوديين يريدون من الأمريكيين إنهاء الحرب في غزة في أقرب وقت ممكن؛ فالموت والدمار في غزة يؤديا إلى تطرف سكان المملكة الشباب".

وأردف: "كما أن الحرب تخيف المستثمرين الأجانب وتعرقل ما تريد المملكة التركيز عليه، وهو تنفيذ خطة رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

وهذه الخطة التنموية تهدف إلى تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة، بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات؛ في ظل تقلبات أسعاره وتحول العالم نحو الطاقة الجديدة غير الملوثة للبيئة.

وزاد فريدمان بأنه "في حين أن القادة هنا ليسوا متعاطفين على الإطلاق مع حماس (...)، إلا أنهم يشككون في قدرة إسرائيل على القضاء على حماس إلى الأبد، ويشعرون بالقلق من أن الضرر الذي يلحق بغزة، في محاولتها القيام بذلك، سيفاقم المشكلة".

ويُصر قادة الاحتلال على استمرار الحرب، على أمل إنهاء حكم "حماس" المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة، التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال وتدافع عن الفلسطينيين.

وردا على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط قطاع غزة.

وقتلت "حماس" في هجومها نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

اقرأ أيضاً

دور الوسيط المحنك.. حرب غزة تعزز مكانة قطر والعلاقات بين دول الخليج

قادة غير عاطفيين

وسيكون من الصعب على أي حكومة إسرائيلية معتدالة، بحسب فريدمان، الالتزام بالحوار الأمريكي الإسرائيلي الفلسطيني، "ناهيك عن مجموعة المتعصبين الذين يديرون إسرائيل حاليا، والملتزمون بضم الضفة الغربية ويتطلع أكثرهم جنونا إلى السيطرة أيضا على غزة".

واستدرك: و"لكن إذا لم تتوصل إسرائيل إلى رؤية سياسية طويلة الأمد لإغراء العالم لمساعدتها في تمويل إعادة بناء غزة، فستتعرض لكثير من الأذى الدبلوماسي والاقتصادي، وقد تتحول غزة إلى جرح كبير في الصدر يرهق إسرائيل عسكريا واقتصاديا ومعنويا".

فريدمان قال إن "استعداد السعودية، إذا صمد، للمضي قدما في الحوار الأمريكي السعودي الإسرائيلي الفلسطيني عندما تتوقف هذه الحرب أمر في غاية الأهمية، لكن هذا ليس مجرد عمل خيري".

وأوضح أن "هذا الجيل من القادة في السعودية والإمارات  والبحرين والمغرب (3 دول وقَّعت في 2020 اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل) غير عاطفي تماما عندما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ إذ سئم هؤلاء القادة من القول بأن عليهم تأجيل أولوياتهم وتركيز طاقتهم واهتمامهم ومواردهم على القضية الفلسطينية".

و"لكن هم أيضا مرعوبون من الخسائر المدنية في غزة، ويدركون فساد وعدم كفاءة السلطة الفلسطينية، ويكرهون فروع جماعة الإخوان المسلمين مثل حماس"، كما ختم فريدمان.

اقرأ أيضاً

بين شعوب غاضبة وحسابات استراتيجية.. هكذا يتعامل الخليج مع غزة

المصدر | توماس فريدمان/ ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إعمار غزة تطبيع إسرائيل الخليج فريدمان حماس حل الدولتین مع إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

وزير الحرب الإسرائيلي يقول إن جيشه يقّطع أوصال غزة وينفذ مخطط التهجير

أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، مساء الأربعاء، أن الجيش يعمل على تقطيع أوصال قطاع غزة وتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين منه.

جاء ذلك في كلمة متلفزة له خلال تفقده قوات الاحتلال الإسرائيلي فيما يسمى "محور موراج" بين مدينتي رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية ترتكبها تل أبيب منذ أكثر من عام ونصف.

وادعى كاتس أن "العملية (حرب الإبادة) في غزة تهدف إلى زيادة الضغط من أجل إطلاق سراح المختطفين (الأسرى الإسرائيليين) وهزيمة حماس".



وبدعم أمريكي أسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عن أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

وزعم كاتس أن "قوات الجيش تحقق إنجازات كبيرة، وكذلك فيما يتعلق بإجلاء الفلسطينيين (التهجير القسري) وتقطيع أوصال غزة بمحاور جديدة، بما في ذلك محور موراج".

وأردف: "سوف يتم قريبا إنشاء ممر جديد (موراج) مثل نتساريم (يفصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه)، وهو ما سيؤدي في الأساس إلى قطع الاتصال بين خان يونس ورفح، مما يجعل من الصعب على حماس العمل"، على حد تقديره.

والأربعاء، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن الجيش يستعد لضم منطقة رفح التي تشكل خمس مساحة قطاع غزة إلى منطقة عازلة بمساحة 75 كيلومترا مربعا تقع بين محوري فيلادلفيا وموراج، ويحظر على الفلسطينيين الوصول إليها، معتبرة الأمر بمثابة "إبادة" للمدينة.

ورأى كاتس أن "المنطقة العازلة بأكملها، بما فيها (محور) فيلادلفيا (على حدود غزة مع مصر وتسيطر عليه إسرائيل منذ أيار/ مايو 2024)، مهمة لحماية الجنود والبلدات الإسرائيلية ومنع التهريب".

واستطرد: "ولذلك سنسيطر عليها في كل الأحوال، حتى لو تم التوصل إلى صفقة (لوقف الإبادة وتبادل أسرى) وحتى بعد أن نهزم حماس"، وفق تعبيراته.

وبنهاية 1 آذار/ مارس 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" إسرائيل بدأ سريانه في 19 كانون الثاني/ يناير 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، تنصل من بدء مرحلته الثانية، واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 آذار/ مارس الجاري، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمنية، وفق إعلام عبري.

ومضى كاتس قائلا: "في الوقت نفسه، نعمل على دفع خطة الهجرة الطوعية (التهجير القسري) لسكان غزة وفق مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي نعمل على تحقيقه".



واعتمدت قمة عربية في 4 آذار/ مارس الماضي، ثم منظمة التعاون الإسلامي (57 دولة) بعد ثلاثة أيام، خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، ويستغرق تنفيذها خمس سنوات، وتتكلف نحو 53 مليار دولار.

لكن "إسرائيل" والولايات المتحدة رفضتا الخطة، وتمسكتا بمخطط ترامب لتهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: حماس وواشنطن كانتا تتوصلان لاتفاق لكن إسرائيل عرقلته
  • باسكال مشعلاني تكشف عن موقفها من الغناء في تل أبيب والتطبيع مع إسرائيل
  • حماس تطلب من البرلماني الدولي فرض عزلة على الاحتلال الإسرائيلي
  • صورة: الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد كتيبة الشجاعية في حماس
  • وزير الحرب الإسرائيلي:ندفع باتجاه تهجير سكان غزة وفقا لرؤية ترامب
  • وزير الحرب الإسرائيلي يقول إن جيشه يقّطع أوصال غزة وينفذ مخطط التهجير
  • إسرائيل تنشر فيديو لعمليتها في رفح وتعلن استهداف قيادي "بارز" في حماس
  • الجيش الإسرائيلي يعتزم تحويل مدينة رفح بأكملها لمنطقة عازلة
  • وزير الخارجية الإسرائيلي: الحرب ستتوقف إذا سلمت حماس سلاحها
  • حماس: التصعيد الإسرائيلي لن يعيد الأسرى أحياء