الأربعاء, 13 ديسمبر 2023 9:06 ص
وجدان عبدالعزيز
لا بدَّ لنا من الإحاطة بماهية الأخلاق، كي نؤكد أهمية التربية الأخلاقيَّة في مناهجنا التربويَّة، كونها منظومة قيم يتميز بها الإنسان عن غيره، وهذه القيم جالبة للخير وطاردة للشر، فهي محرّك للوعي الإنساني، لتكوين مبادئ، كالعدل والحرية والمساواة، وبعدها تصبح مرجعيَّة ثقافيَّة للشعب بشكلها العام، ثم أنّها تكون قاعدة للأنظمة والقوانين، أي مرجعيَّة ثقافيَّة للتشريع، بهكذا تحديد.
. تجدنا قد أدركنا ماهية
الأخلاق في ضبط السلوك للفرد والجماعة بتأسيسنا مرجعيَّة ثقافيَّة للمجتمع، ونحن ندرك أن التطور التكنولوجي والصراعات السياسيَّة اجتمعت بعيداً عن الأخلاق، فجاءت بصناعة آلات الدمار، التي فتكت بالإنسان قبل غيره، وجعلت المجتمع الإنساني يتناسى أنّ الضابط للعلوم والصناعات، هو الأخلاق، والدليل أن هذه الآلات المدمّرة للناس ولكل شيء، تؤدي إلى إرجاع العجلة الزمنيّة بالإنسان إلى التخلّف والجهل والمجاعة، اذا ما وضعت بيد الرعونة السلطويَّة، فلو كانت النية سليمة سائرة بركب التقدم لخدمة الإنسانيّة لما وجِدَ الفقراء والمحرومون في العالم، فلا بدَّ من الإشارة بأنّ فطرة الإنسان هي الخير، بمعنى الأخلاق، استناداً إلى قول نبينا نبي الرحمة محمد المصطفى «ص»: (إنَّما بُعثتُ لأتممَّ مكارم الأخلاق!)، بمعنى أكمل وأحافظ على الأخلاق، ومن هنا تبدأ عملية استثمار التقدم الإنساني العلمي، حاملاً معه روح الفطرة الإنسانيّة، فيكون التقدم العلمي مستثمراً بدالة الاخلاق، سعادةً للإنسان واستقراره في الحياة، وعكس هذا نجد الدمار لهذا الإنسان ولحقول أسباب عيشه في هذه الحياة، كما في اختراع أسلحة الدمار الشامل وغيرها من آلات الدمار، يقول الكاتب علاء شدهان القرشي: (فمن جهةٍ؛ تشير معطيات التاريخ، بوضوحٍ، إلى العلاقة الجدليَّة بين التغيُّر السياسي، والتغيّر التربوي والتعليمي، إذ تعمد الدول النابهة وغيرها، بمؤسساتها المختصة، إلى تطوير، وتصحيح، وإعادة تصميم المناهج التعليميّة في الفترات المضطربة، والحرجة التي تمر بها، لمواءمة المؤسسة التعليميّة مع التحديات والظروف والشروط الجديدة.
وتشير أيضاً، إلى العلاقة الجدليّة بين ديناميكيّة العلوم، وتطورها، وبين إعادة انتاجِ سياسةٍ تعليميّةٍ وتربويّةٍ أحدث وأكثر مواكبة للمرحلة الحديثة، التي تفرضها طبيعة العلوم على اختلافها وتنوعها)، ولدينا مصادرنا، التي تحمل دالة الأخلاق في العراق كبلد مسلم، وهي القرآن والسنة النبويَّة الطاهرة، المتجلية بسيرة الأئمة الأطهار، والتي تجعل من القيم الأخلاقيَّة تصاحب مسيرة الحياة، وتجعلها مسيرة سليمة قائمة على الحب وجمال الحياة، وبمعنى آخر استثمار التقدم العلمي في الإعمار والبناء، وإحياء الأرض بعد موتها، وهذا التقدم مصحوباً بترسيخ قيم الأخلاق وفضيلة السلوك من
خلال دروس القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، بمعنى أنكم لديكم سيرة وسلوك محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهي عبارة عن حياة كاملة سليمة من كل الأمراض الاجتماعيّة، متطلعة لأفق حياة مستقرة شعارها السعي والعمل الجاد، حيث قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور)، وحينما نتسلّح بالأخلاق وهي سيرة خاتم الأنبياء والرسل، ننزل لساحة العمل، وهي الأرض، الذي أتاح الله بها سبل العيش من خلال السعي في مناكبها، بمعنى أن الأرض لا تعطي خيراتها، إلا من خلال العمل، ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، إنّما ذهب إلى التفكير في كيفية السعي وإخراج الخيرات، وذلك بالتفكير في عملية تطور مستمر، وطبعاً من خلال السعي المتواصل يتولد التفكير في تطوير وسائل السعي.. إذن العمل والحركة مقرونان بالتسلّح بقيم الأخلاق، وهكذا حاول الرسول الكريم إتمام مكارم السلوك الحميد، فلا بدَّ أن تكون محاولاتنا العملية مقرونة بتلك الأخلاق السامية في المحبة والتعاون، دليلنا القرآن الكريم بقوله تعالى: (وأنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفِرَّقَ بِكُم عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمُ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ)، ومن خلال هذه المعطيات المثمرة يجب أن تكون مناهج التربية الأخلاقيَّة في مدارسنا، واقترح أن تكون هذه المعطيات ممنهجة، إما ضمن كتاب التربية الإسلاميَّة، أو استحداث كتاب التربية الأخلاقيَّة، وبهذا أدخلنا لمنهجنا التربوي مادة الأخلاق، وما أحوجنا للأخلاق في حياتنا الآن، والتي باتت تتحول إلى شريعة الغاب لاستعمال القوة المتعسّفة، ومن ثم أنقذنا أجيالنا المقبلة من متاهات الضياع، ولا تقف الأخلاق عند السعي والعمل، إنّما السلوك الذي يتضمن الحفاظ على الممتلكات العامة ابتداءً من الشارع ونظافته إلى البناية والخ.. ومن هنا نستطيع تعريف الأخلاق، بأنّها مجموعة الأقوال والأفعال، التي يجب أن تقوم على أصول وقواعد وفضائل مرتبطة بالعقيدة من خلال القرآن والسنة النبويَّة الطاهرة.
وبكل تأكيد بعيداً عن التسميات الطائفيَّة التي أوجدها أعداء الإسلام بعد وفاة الرسول الكريم، إنّما مستلة من روح القرآن وسيرة الرسول الناصعة البياض الواضحة المعالم.
المصدر: المركز الخبري الوطني
كلمات دلالية:
من خلال
إقرأ أيضاً:
تحقيق يكشف شبكة غامضة لتهجير الفلسطينيين تحت غطاء الإجلاء الإنساني
غزة|يمانيون
فتحت جهاتُ تحقيقٍ دولية ملفّ منظمة تُدعى “المجد أوروبا” بعد تنظيمها رحلات جوية من قطاع غزة إلى جنوب أفريقيا، وسط شبهات تتعلق بالاتجار بالبشر تحت غطاء العمل الإنساني، وفق ما كشفه تقريرٌ مصوَّر بثّتْه قناة الجزيرة الإنجليزية.
وأبرز التقرير معطياتٍ مثيرة للقلق حول هذه الجهة التي قدّمت نفسها كمنظمة إنسانية، فيما تشير الدلائل إلى انخراطها في نشاطات غير قانونية.
وبحسب التحقيق، نظّمت “المجد أوروبا” في 13 نوفمبر رحلةً جوية لنقل 153 فلسطينيا من غزة إلى جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، في وقت يعيش فيه القطاع حصاراً خانقاً وظروفاً إنسانية متدهورة. وكانت تلك الرحلة هي الثانية خلال أسبوعين التي تُقلّ أشخاصاً من غزة باتجاه جنوب أفريقيا.
ويقول رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في التقرير إن “بلاده فوجئت بالرحلة”، موضحاً: “هؤلاء أناس من غزة، وُضعوا بطريقة ما غامضة على متن طائرة عبرت نيروبي ووصلت إلى هنا، وقد علمتُ بها من وزير الداخلية”.
ويضيف أنه عندما سأله الوزير عن كيفية التعامل مع الوضع، أجابه: “لا يمكننا إعادتهم. ورغم أنهم لا يحملون الوثائق اللازمة، فإنهم جاؤوا من بلد مزقته الحروب والصراعات، ومن باب الرحمة والتعاطف علينا استقبالهم”.
وذكر ركّابٌ –وفق التقرير– أن الطائرة أقلعت من الكيان الإسرائيلي بعد نقلهم إليها من غزة، مشيرين إلى أنهم قدّموا طلباتهم عبر الإنترنت ودفَع كلٌّ منهم خمسة آلاف دولار.
ويظهر التحقيق أن المنظمة تعتمد على موقع إلكتروني مسجّل في آيسلندا، وتعرض عليه ما تسميه “الإجلاء الإنساني” للمدنيين. غير أن الجهات الرقابية في جنوب أفريقيا بدأت تطرح تساؤلات حول طبيعة هذه العمليات، وتمويلها، والجهات التي تقف وراءها، بعد سلسلة من المؤشرات المقلقة.
ويكشف التحقيق أيضاً أن المنظمة لا تقبل التبرعات إلا عبر العملات الرقمية، ما يعقّد تتبّع مصادر تمويلها، كما تبيّن أن الصور المنشورة على موقعها لأشخاص يُفترض أنهم مديرون تنفيذيون هي صورٌ مُنتَجة بالذكاء الاصطناعي، مما أثار شكوكا إضافية حول مصداقيتها.
ولم تستجب المنظمة المزعومة لطلب التعليق رغم تكرار محاولات التواصل معها، الأمر الذي زاد من الغموض المحيط بها.
ويشير التقرير إلى أن التحقيقات تتركّز حالياً على ما إذا كانت هذه الرحلات قد استُخدمت لنقل أشخاص بطرق غير قانونية، مستغلةً حالة الطوارئ الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة.
كما يسلط التحقيق الضوء على التحديات التي تواجهها الجهات الرقابية في التعامل مع منظمات تنشط داخل مناطق الحرب، خاصة باعتمادها أدوات رقمية متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وهي تقنيات قد تُستخدم للتمويه أو الاحتيال، ما يستدعي تعزيز آليات التدقيق والمساءلة.
ويأتي هذا الملفّ في ظل تصاعد المخاوف من استغلال الأزمات الإنسانية لأغراض مشبوهة، في غياب رقابة دولية فعّالة على بعض الجهات التي تعمل تحت مظلّة العمل الإغاثي.
ويختتم التقرير بطرح أسئلة جوهرية حول مسؤولية الدول والمنظمات الدولية في ضمان أن تبقى المساعدات الإنسانية
منصة “الحارس” التابعة لأمن المقاومة الفلسطينية، وصفت المنظمة بأنها “أداة استخباراتية معادية” تجمع بيانات المواطنين، وتستغل جراحهم لخدمة أجندة الاحتلال، مشيرة إلى أن التعامل معها يُعد “تعاونًا مباشرًا مع جهاز تهجير يُديره العدو”.