دمشق- ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن أكثر من 135 ألف سوري معتقل ومختف قسريا أصبحوا ضحايا أو ضحايا محتملين لقانون "إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم"، والذي أقره مجلس الشعب السوري بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأضافت الشبكة في تقرير لها أن القانون يطال شريحة واسعة من السوريين، في مقدمتهم المحتجزون تعسفيا والمختفون قسريا في سجون النظام السوري ممن صدرت بحقهم أحكام مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، والتي في معظمها كانت أحكاما مضافة إلى عقوبتهم الأصلية بالسجن أو الإعدام.

ويطال القانون أيضا مئات الآلاف من المطلوبين والملاحقين من المهجرين السوريين، وذلك من خلال إصدار قرارات حجز ومصادرة إدارية وقضائية مكثفة لأموالهم.

وبحسب التقرير، فإن الأغلبية العظمى ممن شملتهم قرارات الحجز الاحتياطي لن يتمكنوا من سلوك الطرق القانونية لإزالة الحجز قبل انتهاء مدة الطعن المحددة بـ8 أيام فقط، حيث تتحول هذه القرارات -التي صدرت طوال السنوات السابقة- إلى أحكام قضائية مبرمة.

شرعنة للشمولية

واعتبر التقرير أن قانون إدارة واستثمار الأموال المصادرة "شرعنة من قبل النظام السوري للممارسات الشمولية والدكتاتورية التي يمارسها عبر نصوص دستورية وقوانين تخالف القواعد الآمرة في القانون الدولي، وتنتهك حقوق الإنسان".

وأرجع التقرير سبب ذلك إلى تغول السلطة التنفيذية عبر الأجهزة الأمنية على صلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية وتحكّمها بشكل مطلق بإصدار القوانين.

وأضاف التقرير أن "مجلس الشعب في سوريا أشبه ما يكون بمجلس حرب لصالح دعم النظام السوري، إذ لم يوجه أي نقد أو مساءلة للنظام على مدى كل سنوات حكمه، وبشكل خاص بعد عام 2011، ولم تتم مساءلة وزير واحد أو عزله، بل على العكس أيد المجلس الحكومات ورئيس الجمهورية في كافة القرارات والانتهاكات والجرائم التي مارسوها بحق المجتمع السوري".

وأشار التقرير إلى أن أحكام القانون ستطبق بأثر رجعي، سواء صدرت قبل نفاذ هذا القانون أم بعده، مؤكدا أنه في فترات النزاع كما في سوريا يجب أن يزداد التشدد في عدم رجعية القوانين وصون هذا المبدأ، وليس تطبيقه كما نص القانون الجديد، لما في ذلك من خرق لكافة الأعراف القانونية.

ووثق التقرير ما لا يقل عن 68 جهة تنفيذية وقضائية أصدرت قرارات خاصة بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة، وقرارات حجز تنفيذي أو حجز احتياطي، وقرارات منع التصرف، وأخرى لوضع إشارة حجز وتجريد للأموال المصادرة المنقولة وغير المنقولة.

سياسة العقاب الجماعي

وخلص التقرير إلى أن "سياسة التشريع في سوريا جُردت من كافة المعايير الضابطة لها، خاصة تلك المرتبطة بالنزاع، وانتهكت القواعد الدستورية والقانونية في كثير من التشريعات"، وأن السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس الشعب تفتقر إلى الاستقلالية وتتحكم بها بشكل كامل السلطة التنفيذية حتى على صعيد اختيار أعضائها، إضافة إلى التحكم في القوانين الصادرة عنها.

وأشار إلى أن القانون ينتهك التشريعات المحلية والدولية "ويطلق يد النظام السوري في تجريد الضحايا من حقوقهم في الملكية وحرمانهم منها بشكل نهائي"، مؤكدا أن القانون يرسخ سياسة العقاب الجماعي "التي ينتهجها النظام السوري ضد الشعب كافة، ويرمي به نحو مزيد من الفقر وانعدام كافة أشكال الحماية القانونية".

الاستيلاء على الأموال

وأقر مجلس الشعب القانون في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتتولى وزارة المالية بموجبه إدارة واستثمار الأموال المصادرة المنقولة وغير المنقولة، مبينا أنه في حال كانت الأموال عبارة عن شركة أو أسهم أو حصص في شركة تبقى هذه الشركة خاضعة لأحكام قانون الشركات وتتم إدارتها واستثمارها من قبل وزارة المالية.

ويمنح القانون رئيس مجلس الوزراء صلاحية تخصيص جزء من الأموال لأي من الجهات العامة بناء على طلب الوزير المختص.

وفي ما يتعلق بهدف القانون قال وزير المالية في حكومة النظام كنان ياغي إنه تم إعداده لضمان تحقيق المنفعة العامة والمساهمة في تأمين احتياجات سير المرافق العامة للدولة، وذلك "بما يضمن وحدة تبعية الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم وعدم تشتت إدارتها واستثمارها بين أكثر من جهة عامة".

ويرى مراقبون أن هذا القانون يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات والقوانين السابقة التي فرضها النظام السوري منذ سنوات للاستيلاء على أملاك السوريين من المهجرين والمعتقلين قسريا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المنقولة وغیر المنقولة النظام السوری مجلس الشعب

إقرأ أيضاً:

قيصر يكشف هويته.. أطالب برفع العقوبات التي ساهمت صوري بفرضها

دمشق-سانا

كشف الرجل الذي سرب عشرات آلاف الصور والوثائق التي توثق جرائم النظام المخلوع بحق المعتقلين عن هويته لأول مرة، وهو المساعد أول فريد المذهان، رئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، وينحدر من مدينة درعا، بعد أن تخفى لسنوات تحت اسم قيصر.

وفي مقابلة مع قناة الجزيرة، روى المذهان الذي ساهم بوضع “قانون قيصر” الذي نص على فرض عقوبات على النظام المخلوع، تفاصيل مروعة عن جرائم القتل والتعذيب التي ارتكبها النظام في الأقبية والسجون، وعن رحلة تهريب أكثر من 27 ألف صورة لمعتقلين سوريين قتلوا تحت التعذيب.

وتحدث المذهان عن جمع الأدلة والبيانات التي سربها خارج سوريا، وشكلت نواة ملفات قانون قيصر، موضحاً أن أوامر التصوير وتوثيق جرائم النظام كانت تصدر من أعلى هرم السلطة للتأكد من أن القتل ينفذ فعلياً، وأن قادة الأجهزة الأمنية كانوا يعبرون عن ولائهم المطلق للنظام المجرم عبر صور جثث ضحايا الاعتقال.

وبين المذهان أن أول تصوير لجثث معتقلين كان في مشرحة مستشفى تشرين العسكري بدمشق لمتظاهرين من درعا في آذار 2011، لافتاً إلى أن الموقوف بمجرد دخوله المعتقل يوضع رقم على جثته بعد قتله، فيما كانت أماكن تجميع وتصوير جثث ضحايا الاعتقال في مشرحة مستشفيي تشرين العسكري وحرستا، إضافة إلى تحويل مرآب السيارات في مستشفى المزة العسكري إلى ساحة لتجميع الجثث لتصويرها مع ازدياد عدد القتلى.

ووفق المذهان فإن عدد الجثث في بداية الثورة السورية كان يتراوح بين 10 و 15 يومياً، ليصل لاحقاً إلى 50 في اليوم، وإن النظام كان يكتب أن سبب وفيات من قتلهم توقف القلب والتنفس، بينما يمارس أركان النظام عمليات ابتزاز ممنهجة ضد الآلاف من أهالي المعتقلين من دون الحصول على أي معلومات.

وأوضح المذهان أنه كان يخفي وسائط نقل الصور في ثيابه وربطة الخبز وجسده، خوفاً من التفتيش على الحواجز الأمنية، حيث كان يتعرض للتفتيش في مناطق سيطرة النظام وفي منطقة سيطرة الجيش الحر، مشيراً إلى أنه كان يملك هوية رسمية عسكرية وهوية مدنية مزورة للتنقل بين مقر عمله بدمشق وإقامته في مدينة التل بريف دمشق، وأن عملية تهريب الصور كانت تتم بشكل شبه يومي من مقر عمله إلى مقر سكنه، وامتدت لنحو 3 سنوات.

وأكد المذهان أن قرار الانشقاق عن النظام كان لديه منذ بداية الثورة السورية، لكنه فضل تأجيله حتى يتمكن من جمع أكبر عدد من الصور والأدلة، معرباً عن أمله بأن تفتح الحكومة الجديدة محاكم وطنية تقوم بملاحقة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين، والذين وثقت منظمات حقوقية عددهم بأكثر من 16 ألف مجرم.

وطالب المذهان الولايات المتحدة الأمريكية بإلغاء “قانون قيصر” ورفع العقوبات عن الشعب السوري، بعد انتفاء الحاجة لها عقب سقوط النظام المجرم.

وختم المذهان بالقول: “ما خرجنا إلا من أجل الحقيقة، والذي منّ علينا بالنصر، سيمنّ علينا بالوصول إلى الحقيقة، والحقيقة أن نرى “بشار الأسد” المجرم يلقى جزاءه الذي يستحقه في ساحة المرجة”.

مقالات مشابهة

  • قيصر يكشف هويته.. أطالب برفع العقوبات التي ساهمت صوري بفرضها
  • أستاذ قانون دولي: تصريحات الحكومة الإسرائيلية بشأن التهجير تشكل جريمة حرب
  • لجنة أممية توثق نهبا "منهجيا" لممتلكات نازحين خلال النزاع السوري  
  • تحريات تقود إلى تفكيك شبكة دولية لغسل الأموال بين المغرب وإسبانيا
  • مشروع قانون يثير جدلاً في المغرب.. ما القصة؟
  • ردا على مخطط التهجير والمنتجعات.. أستاذ قانون دولي: غزة أرض فلسطينية ومصر لن تقبل المساومة
  • وعد بلفور جديد.. خبير قانون دولي: مخططات تهجير الفلسطينيين تهديد للأمن القومي المصري والعربي
  • أستاذ قانون دولي بعد تصريحات «ترامب»: مصر ترفض التهجير .. والشعب الفلسطيني متجذر في أرضه كـ "الزيتون"
  • منظمة انتصاف: أكثر من 14 ألف امرأة وطفل ضحايا العدوان الأمريكي السعودي خلال 3600 يوم
  • أكثر من 14 ألف امرأة وطفل ضحايا العدوان الأمريكي السعودي على اليمن خلال 3600 يوم