نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، مقالا لمجموعة من رؤساء المنظمات الإنسانية هم: ميشيل نان،  وتجادا دوين ماكينا، وجان إيغلاند، وآبي ماكسمان، وجيريمي كونينديك، وجانتي سويريبتو، أشاروا فيه إلى إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال مرة إن استهداف التدفئة والمياه والكهرباء في أوكرانيا كان بمثابة "تعامل وحشي مع شعب أوكرانيا" و"همجية".

ويجب على إدارة بايدن أن تعترف بأن الأمر نفسه ينطبق على غزة وتغير مسارها ابتداء بالتوقف عن معارضة وقف إطلاق النار في مجلس الأمن.

وطالب رؤساء المنظمات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بإنهاء تدخلاتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة، وعرقلة الدعوات لوقف إطلاق النار إنساني فوري في القطاع الذي يشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء تواصل العدوان.

وشددوا على أن الدبلوماسية الأمريكية لم تحقق حتى الآن في الحرب الدائرة بقطاع غزة، الأهداف التي نقلها بايدن وهي؛ حماية المدنيين الأبرياء، والالتزام بالقانون الإنساني، وتقديم المزيد من المساعدات.

وأشاروا إلى ضرورة اتخاذ إدارة بايدن تدابير ملموسة كما تفعل في صراعات أخرى من أجل وقف السقوط الحر المروع في قطاع غزة.


ونوه رؤساء المنظمات الإنسانية، إلى أن أكثر من 80 بالمئة من سكان قطاع غزة  البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أصبحوا نازحين، في حين يجبرهم الهجوم الإسرائيلي الأخير على التجمع في قطعة صغيرة من الأرض، بحسب تعبيرهم.

ولفتوا إلى أن موظفي المنظمات الحقوقية في غزة ليسوا آمنين جراء قصف الاحتلال المتواصل، موضحين أن زملائهم في القطاع  يتخذون القرار بالبقاء مع عائلاتهم في مكان واحد حتى يتمكنوا من الموت معا أو الخروج للبحث عن الماء والطعام.

وتاليا ترجمة نص المقال الذي كتبه رؤساء المنظمات الإنسانية كاملا:
نحن لسنا غرباء على المعاناة الإنسانية - الصراعات، والكوارث الطبيعية، وبعض من أكبر وأخطر الكوارث في العالم. كنا هناك عندما اندلع القتال في الخرطوم، السودان. ومع سقوط القنابل على أوكرانيا. وعندما ضربت الزلازل جنوب تركيا وشمال سوريا. وعندما واجه القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف منذ سنوات والقائمة تطول.

ولكن باعتبارنا قادة بعض أكبر المنظمات الإنسانية العالمية في العالم، فإننا لم نر شيئا مثل الحصار المفروض على غزة. في أكثر من شهرين منذ الهجوم المروع على إسرائيل والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص وأدى إلى اختطاف حوالي 240 شخصا، قُتل حوالي 18000 من سكان غزة – بما في ذلك أكثر من 7500 طفل – وفقا لوزارة الصحة في غزة. وقد تم الإبلاغ عن مقتل عدد أكبر من الأطفال في هذا الصراع مقارنة بجميع الصراعات العالمية الكبرى مجتمعة في العام الماضي.

إن الفظائع التي ارتكبتها حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كانت غير معقولة ومنحرفة، كما أن احتجاز الرهائن أمر بغيض. إن المطالبات بالإفراج عنهم عاجلة ومبررة. لكن الحق في الدفاع عن النفس لا يتطلب ولا يمكن أن يتطلب إطلاق العنان لهذا الكابوس الإنساني على ملايين المدنيين. إنه ليس طريقا إلى المساءلة أو التعافي أو السلام. لم تشهد أي حرب أخرى يمكن أن نفكر فيها في هذا القرن أن يكون المدنيون محاصرين إلى هذا الحد، دون أي وسيلة أو خيار للهروب لإنقاذ أنفسهم وأطفالهم.

تعمل معظم منظماتنا في غزة منذ عقود. ولكننا لا نستطيع أن نفعل شيئا كافيا على الإطلاق لمعالجة مستوى المعاناة هناك دون وقف فوري وكامل لإطلاق النار وإنهاء الحصار. لقد جعل القصف الجوي مهمتنا مستحيلة. وقد أدى حجب المياه والوقود والغذاء والسلع الأساسية الأخرى إلى خلق حجم هائل من الاحتياجات التي لا يمكن للمساعدات وحدها تلبيتها.

ويجب على زعماء العالم - وخاصة حكومة الولايات المتحدة - أن يفهموا أننا لا نستطيع إنقاذ الأرواح في ظل هذه الظروف. هناك حاجة اليوم إلى تغيير كبير في نهج الحكومة الأمريكية لانتشال غزة من هذه الهاوية.

بداية، يجب على إدارة بايدن وقف تدخلاتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة، وعرقلة الدعوات لوقف إطلاق النار.

منذ انتهاء وقف القتال، نشهد مرة أخرى مستوى عالٍ بشكل استثنائي من القصف، وبضراوة متزايدة. إن المناطق القليلة المتبقية في غزة والتي لم يطالها القصف تتقلص كل ساعة، مما يجبر المزيد والمزيد من المدنيين على البحث عن الأمان الذي لا وجود له. وقد أصبح الآن أكثر من 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نازحين. الهجوم الإسرائيلي الأخير يجبرهم الآن على التجمع في قطعة صغيرة من الأرض.

وليس القصف هو الشيء الوحيد الذي يقطع حياة الناس بوحشية. أدى الحصار المفروض على غزة والحصار المحيط بها إلى ندرة حادة في الغذاء، وعرقلة الإمدادات الطبية والكهرباء، ونقص المياه النظيفة. ولا تكاد تتوفر أي رعاية طبية في هذا الجيب، كما يوجد القليل من الأدوية. يعمل الجراحون على ضوء هواتفهم المحمولة، دون تخدير. إنهم يستخدمون مناشف الأطباق كضمادات. ولن يتزايد خطر حدوث موجات من الأمراض المنقولة بالمياه والأمراض المعدية إلا في ظل الظروف المعيشية المكتظة بشكل متزايد للنازحين. 

وصف أحد زملائنا في غزة مؤخرا كفاحهم من أجل إطعام رضيعة يتيمة تم إنقاذها من تحت أنقاض غارة جوية. ولم ترضع الطفلة لعدة أيام بعد وفاة والدتها. لم يكن بمقدور زملائنا سوى الحصول على الحليب المجفف - وليس الحليب الخاص بالرضع، ولا حليب الثدي، وهو ليس طعاما مناسبا من الناحية التغذوية للأطفال - كي لا تموت جوعا.


قبل الحرب، كانت هناك حاجة لمئات الشاحنات المحملة بالمساعدات يوميا لدعم الحياة اليومية لسكان غزة. ولم يصل إلى غزة سوى قدر ضئيل من المساعدات المطلوبة خلال الشهرين الماضيين منذ بدء الحرب. ولكن حتى لو سمح بدخول المزيد، فإن عملنا في غزة يعتمد على ضمان قدرة فرقنا على التحرك بأمان لإنشاء المستودعات والملاجئ والعيادات الصحية والمدارس والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي والنظافة.

اليوم موظفينا ليسوا آمنين. يخبروننا أنهم يتخذون القرار اليومي بالبقاء مع عائلاتهم في مكان واحد حتى يتمكنوا من الموت معا أو الخروج للبحث عن الماء والطعام.

بين القادة في واشنطن، هناك حديث مستمر عن الاستعداد لـ "اليوم التالي". ولكن إذا استمر هذا القصف والحصار بلا هوادة، فلن يكون هناك "يوم تالي" في غزة. سيكون متاخرا جدا. مئات الآلاف من الأرواح في خطر اليوم.

حتى الآن، لم تحقق الدبلوماسية الأمريكية في هذه الحرب الأهداف التي نقلها الرئيس بايدن: حماية المدنيين الأبرياء، والالتزام بالقانون الإنساني، وتقديم المزيد من المساعدات. ولوقف السقوط الحر المروع في غزة، يجب على إدارة بايدن اتخاذ تدابير ملموسة كما تفعل في صراعات أخرى لرفع مستوى الرهان مع جميع أطراف الصراع والدول المجاورة. 

قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن ذات مرة عن الحرب في أوكرانيا إن استهداف التدفئة والمياه والكهرباء كان بمثابة "تعامل وحشي مع شعب أوكرانيا" و"همجية". ويجب على إدارة بايدن أن تعترف بأن الأمر نفسه ينطبق على غزة. وبينما أعلنت عن إجراءات لردع العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، يجب على بلينكن وزملائه ممارسة ضغوط مماثلة لوقف العنف ضد المدنيين في غزة أيضا.

إن الأحداث المروعة التي تتكشف أمامنا تشكل سردية عالمية، إذا لم يتغير، فسوف يكشف عن إرث من اللامبالاة في مواجهة معاناة لا توصف، والتحيز في تطبيق قوانين النزاع، وإفلات الجهات الفاعلة التي تنتهك القانون الإنساني الدولي من العقاب. 

يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تتحرك الآن – وأن تناضل من أجل الإنسانية. 

كتاب المقال هم: 
ميشيل نان: الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة كير بالولايات المتحدة الأمريكية. 
تجادا دوين ماكينا: الرئيسة التنفيذية لمؤسسة ميرسي كوربس. 
جان إيغلاند: الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين.  
آبي ماكسمان: الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الأمريكية.  
جيريمي كونينديك: رئيس منظمة اللاجئين الدولية.  
جانتي سويريبتو: الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة إنقاذ الطفولة الأمريكية. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن غزة امريكا غزة الاحتلال الإسرائيلي بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المنظمات الإنسانیة وقف إطلاق النار رؤساء المنظمات على غزة أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي يتحدث عن "أكبر الهزائم" التي منيت بها موسكو

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، أن توقف تصدير الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية يشكل أكبر الهزائم التي منيت بها موسكو. 

وقال زيلينسكي في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "عندما تولى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين السلطة في روسيا قبل 25 عاما، كان يُضخ أكثر من 130 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى أوروبا عبر أوكرانيا".

وأضاف: "اليوم، باتت هذه الكمية صفر. يعد ذلك من بين أكبر الهزائم التي منيت بها موسكو".

كانت شركة غاز بروم الروسية قد أوقفت إمدادت الغاز إلى أوروبا، عبر أراضي أوكرانيا، وأرجعت الشركة، الخطوة لانتهاء عقد مرور الغاز، الموقع مع كييف عام 2019، ورفض الأخيرة تجديده.

وأمضت روسيا ومن قبلها الاتحاد السوفياتي 50 عاما تقريبا في بناء حصة رئيسية من سوق الغاز الأوروبية، والتي بلغت في ذروتها 35 بالمئة، ولكن الحرب في أوكرانيا دمرت كل هذا العمل لشركة غازبروم العملاقة للغاز التي تسيطر عليها الدولة الروسية.

وفقدت موسكو حصتها أمام منافسين مثل النرويج والولايات المتحدة وقطر منذ حربها ضد أوكرانيا في عام 2022، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى خفض اعتماده على الغاز الروسي.

وأدى انخفاض إمدادات الغاز الروسي لأوروبا إلى ارتفاع أسعاره إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق وزيادة التضخم ورفع تكاليف المعيشة في أنحاء أوروبا.

 

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي إنه لم يتبق وقت كاف هذا العام لتوقيع اتفاق جديد لنقل الغاز عبر أوكرانيا، واتهم كييف بالمسؤولية عن ذلك لرفضها تمديد الاتفاق.

وكانت شركة غازبروم سجلت خسائر صافية قدرها سبعة مليارات دولار في عام 2023، وهي أول خسارة سنوية لها منذ عام 1999 بسبب تراجع شحناتها لأسواق الغاز في الاتحاد الأوروبي.

وذكر زيلينسكي في وقت سابق من هذا الشهر أن أوكرانيا قد تفكر في استمرار نقل الغاز الروسي لأوروبا بشرط ألا تتلقى موسكو أموالا مقابل هذه الشحنات إلا بعد انتهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • إعلام فلسطيني: غارات الاحتلال تستهدف المدنيين العزل في محافظات غزة
  • وزارة الخارجية: المملكة تأسف لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة سيتينيي بالجبل الأسود
  • عاجل المملكة تأسف لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة سيتينيي بالجبل الأسود
  • أبو مرزوق: سيتم غدًا عقد مشاورات في الدوحة بِشأن وقف إطلاق النار بغزة
  • أعضاء كنيست يطالبون بتدمير جميع مصادر الطاقة والغذاء والمياه بغزة
  • زيلينسكي يتحدث عن "أكبر الهزائم" التي منيت بها موسكو
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: 20 شهيدا جراء الاستهدافات الإسرائيلية بغزة مع بداية العام
  • صحيفة أميركية: محادثات وقف إطلاق النار بغزة وصلت طريقا مسدودا
  • طالبان تقرر إغلاق المنظمات غير الحكومية التي توظف النساء
  • طالبان: سنغلق جميع المنظمات غير الحكومية التي توظف النساء