الاشتباك السياسي الداخلي اندلع على وقع تطورات تصعيدية في الجنوب، كما على وقع تواصل التحذيرات الغربية للبنان من الانزلاق الى حرب مع إسرائيل.
وفي هذا السياق أفادت مراسلة "النهار" في باريس رندة تقي الدين ان وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا تصل الى لبنان يوم الجمعة وتنتقل الى جنوب لبنان لزيارة القوات الفرنسية العاملة ضمن "اليونيفيل".

كما انها تعتزم توجيه الرسائل نفسها التي سبق ان نقلها رئيس الاستخبارات الفرنسية السفير برنار ايمييه ووفده الى المسؤولين اللبنانيين و"حزب الله" حيال ضرورة تنفيذ القرار ١٧٠١ ثم تنتقل كولونا الى تل ابيب ثم رام الله وتبحث موضوع الحرب على غزة والسعي الى هدنة انسانية وادخال المساعدات، وايضا اعطاء رسائل حول عدم التصعيد في الجبهة الشمالية مع لبنان. الى ذلك ما زالت زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون للقوات الفرنسية في جنوب لبنان غير مؤكدة، وهي ما زالت قيد الدرس من بين عواصم اخرى توجد فيها قوات لفرنسا. فزيارة كولونا ليست مرتبطة كما قيل باحتمال زيارة ماكرون التي هي حتى الآن غير مؤكدة . وقد زار بيروت وتل ابيب قبل كولونا وفد رفيع ضم مدير الشؤون السياسية في الخارجية الفرنسية فريديريك موندولوتي ورئيسة قسم العلاقات الدولية في وزارة الدفاع الفرنسية اليس روفو للهدف نفسه ولنقل الرسائل نفسها .

وكتبت" الاخبار": مستشار الرئيس الأميركي لأمن الطاقة عاموس هوكشتين ينقل عنه «أصدقاؤه» في لبنان اهتماماً خاصاً بوضع الجنوب لأسباب شخصية وسياسية. فالوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و«إسرائيل» يعرِف تماماً أن أي حرب لاحقة على لبنان من شأنها أن تنسف اتفاق الترسيم الذي يعتبره هوكشتين من «أكبر إنجازاته»، باعتبار أن مصافي النفط والحقول التي يستولي عليها العدو الإسرائيلي ستكون ضمن قائمة الأهداف.
و«حمايةً لهذا الإنجاز» كما يقول، يحاول هوكشتين إقناع مسؤولين في الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية بأن العقدة مع لبنان «لن تُفكّ إلا بتكرار التجربة البحرية إنما براً»، لأن الحرب ستنسف الاتفاق البحري، ثمَّ إنها لن تكون سهلة فـ«حزب الله ليس في وضع «حماس» المحاصرة، وهو يمتلك سلاحاً وقدرات ومدى مفتوحاً قادراً على إلحاق خسائر كبيرة بإسرائيل رغم كل الدمار الذي ستلحقه الأخيرة بلبنان».   يتحدّث هوكشتين عن سلّة إجمالية أو صفقة كبيرة ويذهب أبعد من القرار 1701، باعتبار أن بنودها تعني تطبيقاً تلقائياً لبنوده. وتقوم هذه الصفقة كما ينقلها مطّلعون على النقاشات الدائرة في هذا الشأن على عدة نقاط:
أولاً: تثبيت ملكية لبنان للنقطة «ب 1» الواقعة في خليج الناقورة على أن تكون منطلقاً لترسيم الحدود البرية.
ثانياً: حلّ النقاط الـ 13 المتنازع عليها وهي نقاط التحفّظ الـ13 التي سجّلها لبنان رسمياً على ما عُرف بـ«الخطّ الأزرق» الذي حدّدته الأمم المتحدة عام 2000.
ثالثاً: انسحاب «إسرائيل» من الشطر اللبناني لقرية الغجر.
رابعاً: انسحاب العدو الإسرائيلي من مزارع شبعا وتسليمها إلى قوات دولية باعتبارها متنازعاً عليها.
هذا باختصار، ما نقله أصدقاء الرجل إلى مسؤولين في لبنان وما ردّده أيضاً بعض «الوسطاء» الذين أتوا للتحذير من التصعيد. ويعتقد هوكشتين أن استكمال الترسيم البحري بترسيم بري هو «الحل الواقعي الذي يلبّي كل المطالب لإقفال الصراع بينهما»، ونكون «بذلك قد سحبنا من حزب الله كل أوراقه»، وبالتالي بدلَ أن تكون مهمة اقتطاع جزء من الجنوب وتحويله إلى منطقة عازلة مهمة شبه مستحيلة لأنها مستفزّة للحزب وستكون لها عواقب وخيمة، يُصبح اتفاق البر هو الحل الوحيد لإخراج إسرائيل من أزمتها بوصفه اتفاقاً أمنياً».
وقالت مصادر مطّلعة إن مسار هوكشتين هو واحد من «الحلول الدبلوماسية التي يتحدث عنها المسؤولون الإسرائيليون بمعزل عن الموقف اللبناني الرسمي أو حتى موقف المقاومة من هذا الأمر»، مع علمه أن «العملية ستأخذ وقتاً طويلاً ليسَ مرتبطاً وحسب بما يحصل في غزة»، مع «إمكانية بدء البحث فيها في حال أبدى الحزب استعداداً للتجاوب».
وقد بدا هوكشتين، كما تقول مصادر مطّلعة واضحاً في ربطه هذا الاتفاق بما قد تُقبِل عليه المنطقة من «إحياء لاتفاقات التطبيع والسلام بعد وقف إطلاق النار في غزة»، وبذلك يكون لبنان جزءاً منها ولو بشكل غير مباشر. لكن ثمة في المقابل من نصح الرجل بـ «التريث» على اعتبار أن اتفاقاً بهذا الحجم يحتاج إلى وجود دولة تفاوض، أي رئيس جمهورية وحكومة أصيلة كما حصل في الاتفاق البحري، ويومها قال الحزب إنه يقف وراء الدولة في ما تقرّره.
أما الزعم أو حتى التفاؤل بأن يكون حزب الله مستعداً في هذه اللحظة للدخول في اتفاقات كهذه هو «مراهنة خاسرة» على المستويين السياسي والعسكري، فهو «يعرف كيف يتعامل مع حرب الأفكار كما يتعامل مع حرب الأسلحة». وبالتالي، بالنسبة إليه، لا كلام في أي حل في لبنان بمعزل عن ما سيحصل في غزة، ولا وقف لإطلاق النار على الجبهة الجنوبية قبل وقف العدوان على غزة، خاصة مع اتضاح أن الولايات المتحدة الأميركية ماضية في السعي إلى أن تحقّق إسرائيل «انتصاراً عسكرياً» مهما بلغت الضغوطات من المجتمع الدولي، وبالتالي فإن الحديث عن اتفاقات وتسويات يبقى «اجتهادات شخصية» يجري التداول فيها في الكواليس، لكن لا مجالَ لترجمتها قريباً.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله فی لبنان

إقرأ أيضاً:

حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة

تفاقم الأزمات في لبنان بعد اتساع الهجمات بين حزب الله وإسرائيلالاحتلال يستهدف معظم قادة الجماعة اللبنانية بقوةالانتهاكات تستمر رغم دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ في 26 نوفمبر 


مع بداية عام 2024، تلقت جماعة حزب الله اللبنانية إنذارًا إسرائيليًا يهددها بأنها إذا لم تنسحب على الفور من الحدود الإسرائيلية اللبنانية وتوقف هجماتها الصاروخية، فإن حربًا شاملة باتت وشيكة. وكان هذا التهديد هو الذي سبق العاصفة.

وفي اليوم التالي، تحولت النيران الإسرائيلية، التي كانت تقتصر في السابق على تبادل إطلاق النار عبر الحدود منذ 8 أكتوبر 2023، إلى الضاحية الجنوبية لبيروت لأول مرة.

ومن هنا بدأ الاحتلال هجماته، فاستهدفت طائرة بدون طيار إسرائيلية مكتبًا لحماس في حارة حريك، مما أسفر عن استشهاد الرجل الثالث بحزب الله، صالح العاروري. وفي الوقت نفسه، زادت عمليات قتل قادة حزب الله في جنوب لبنان بشكل كبير.

تفاقم الأزمات في لبنان

وحسب موقع "أراب نيوز"، أدت هذه الحرب إلى تفاقم الأزمات القائمة في لبنان، إذ دخل عام 2024 وهو يعاني من تفاقم الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن عانى بالفعل من الانهيار المالي في عام 2019، خاصة مع فشل تعيين رئيس للبلاد بسبب الانقسامات الدائرة، ما أدى إلى شلل الحكومة منذ أكتوبر 2022.

ومع اندلاع الاشتباكات على الحدود في البداية، أدى الأمر إلى نزوح 80 ألف شخص من قراهم، مما زاد من الضغط على اقتصاد البلاد وزاد من الفقر.

وفي منتصف ديسمبر 2023، أبلغت الدول المانحة لبنان بخطط لتقليص المساعدات للحماية الاجتماعية في بداية عام 2024.

لكن تصاعدت المواجهات العسكرية بسرعة، وحافظ حزب الله على استراتيجية "الجبهات المرتبطة"، وأصر على أنه سيواصل هجماته حتى انسحاب الاحتلال من غزة، بينما أصرت إسرائيل على امتثال حزب الله للقرار 1701 وسحب قواته شمال نهر الليطاني.

وبين 8 أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024، شن حزب الله 1900 هجوم عسكري عبر الحدود، بينما ردت إسرائيل بـ 8300 هجوم على جنوب لبنان، وقد تسببت هذه الضربات في مقتل المئات ونزوح مجتمعات بأكملها في جنوب لبنان وشمال إسرائيل.

ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة ــ وخاصة من جانب فرنسا والولايات المتحدة ــ لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال هذه الفترة.

وتصاعدت حدة المواجهات، حيث وسع الاحتلال نطاق غاراته وأهدافه إلى منطقة بعلبك، في حين كثف حزب الله نطاق ضرباته لتتسع إلى مواقع عسكرية إسرائيلية عميقة.

ولم تسلم قوات اليونيفيل الدولية في المواقع الأمامية من إطلاق النار المتبادل، حيث تصاعدت الهجمات بعد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى مناطق عمليات القوة الأممية.

وبحلول منتصف يوليو الماضي، كانت السفارات الغربية في لبنان تحث رعاياها على مغادرة البلاد فورًا، مدركة تهديد إسرائيل بتوسيع الصراع إلى حرب شاملة على لبنان.

استهداف قادة حماس

وتكثفت الضربات الإسرائيلية على قيادة حزب الله، وبلغت ذروتها بقتل قائد فرقة الرضوان فؤاد شكر بجنوب بيروت في يوليو.

وفي اليوم التالي، تم استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين إسرائيل وإيران.

وتعمقت الضربات الجوية الإسرائيلية عبر جنوب لبنان ووادي البقاع، في حين وسع حزب الله هجماته إلى مستوطنات كريات شمونة وميرون وضواحي حيفا وصفد.

وفي17 و18 سبتمبر، شن الاحتلال الإسرائيلي هجومًا منسقًا على آلاف أجهزة النداء واللاسلكي التابعة لحزب الله، مما تسبب في انفجارات أسفرت عن مقتل 42 شخصًا وإصابة أكثر من 3500 آخرين، ورغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها، فإن الهجوم كان بمثابة تصعيد كبير.

وبحلول 27 سبتمبر، كان استشهاد زعيم حزب الله حسن نصر الله وغيره من كبار قادة الجماعة اللبنانية في حارة حريك إيذانًا ببدء حرب أوسع نطاقًا، خاصة مع استخدام قوات الاحتلال صواريخ دقيقة التوجيه لضرب المباني والمخابئ، مما أسفر عن مقتل قادة حزب الله وإجبار الضاحية الجنوبية لبيروت على إخلاء أعداد كبيرة من سكانها.

ورداً على ذلك، أكد حزب الله التزامه بربط أي وقف لإطلاق النار في لبنان بوقف النار في قطاع غزة، ومع ذلك، بحلول الأول من أكتوبر، كثفت الاحتلال الإسرائيلي غاراته، فدمرت المباني السكنية وحتى المواقع الأثرية في صور وبعلبك.

كما بدأ الجيش الإسرائيلي هجومًا بريًا في جنوب لبنان، ودمر قرى حدودية وقطع المعابر البرية مع سوريا لتعطيل خطوط إمداد حزب الله.

التوصل لاتفاق وقف النار

في 26 نوفمبر الماضي، توصل رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوساطة أمريكية، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، سبق الاتفاق تصعيد إسرائيلي هائل في بيروت.

ودخل القرار حيز التنفيذ، لكن على الرغم من وقف إطلاق النار، استمرت الانتهاكات. وفي الوقت نفسه، أصبحت الخسائر الاقتصادية للحرب واضحة.

وقدر وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، الخسائر الأولية بنحو 15 إلى 20 مليار دولار، مع فقدان 500 ألف وظيفة، وإغلاق الشركات على نطاق واسع، فيما أثر الدمار الزراعي على 900 ألف دونم من الأراضي الزراعية.

ورغم أن قيادة حزب الله وترسانته القوية قد تقلصت بشكل كبير مع استمرار الحرب في غزة، فإن حقيقة نجاة الجماعة من الصراع منذ العام الماضي تُظهِرها باعتبارها انتصاراً في حد ذاتها.

مقالات مشابهة

  • الانسحاب من المناطق المحتلة.. رئيس وزراء لبنان يطالب إسرائيل بتنفيذ بنود الاتفاق
  • خبير عسكري: إسرائيل تحاول الالتفاف على بنود اتفاق وقف النار مع لبنان
  • خبير عسكري: إسرائيل تحاول الالتفاف على بنود اتفاق وقف النار مع لبنان| فيديو
  • ‏وزير الخارجية الإسرائيلي يوجه البعثات الدبلوماسية في أوروبا للسعي لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية
  • ميقاتي يزور قوات اليونيفيل ويدعو لتطبيق القرار 1701
  • وزير الخارجية اللبناني الأسبق: حزب الله تلقى ضربات قوية ولا يزال موجودا على الأرض
  • حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة
  • إسرائيل تستدرج حزب الله وتمدّد سيطرتها
  • اقتلعنا أنياب الأفعى..إسرائيل تهدد بسحق حزب الله
  • «لوصفه لها بالوحشية».. إسرائيل تتّهم البابا فرنسيس بـ«ازدواجية المعايير»