فلسطين تطالب المجتمع الدولي بوقف العدوان الصهيوني على غزة
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
موسكو: من المستحيل تحقيق السلام في غزة وسط دوي المدافع
الثورة / إسكندر المريسي
أظهر العدوان الصهيوني على قطاع غزة فشل المجتمع الدولي وعجزه عن إيقاف ذلك العدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ أكثر من شهرين .
حيث اتضح بما لا يدع مجال للشك بأن الشعارات والمهام والمبادئ التي قامت عليها منظمة الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية بهدف حماية السلم والأمن الدوليين إنما هي بالتأكيد عكس للتك الشعارات الزائفة ومجردة من كل قيم الإنسانية بدليل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة جماعية ودمار وتهجير على مرأى ومسمع المجتمع الدولي.
حيث طالب مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، المجتمع الدولي “بالتحرك لإنقاذ أرواح الفلسطينيين في قطاع غزة، ووقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل عليه، وإنهاء الحصار والسماح بوصول المساعدات إليه”.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، أن “منصور وجه رسائل إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول فشل مجلس الأمن الدولي في المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة جراء استخدام الولايات المتحدة “الفيتو”، ما سمح لآلة الحرب الإسرائيلية بمواصلة قتل الفلسطينيين مع الإفلات التام من العقاب”.
ولفت منصور، في رسائله، إلى أن “عرقلة مجلس الأمن عن الاضطلاع بواجباته بموجب الميثاق تتناقض بشكل صارخ مع النداءات العالمية لوقف إراقة الدماء وتتجاهل تفعيل الأمين العام للمادة 99 من الميثاق وتحذيره من خطورة هذا الوضع غير المسبوق، والذي قد يؤدي إلى تفاقم التهديدات على صون السلام والأمن الدوليين”.
وناشد منصور المجتمع الدولي الوفاء بالقول والفعل بالتزاماتهم القانونية والسياسية والإنسانية والأخلاقية، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني وشعوب العالم أجمع يتطلعون إلى تحرك الجمعية العامة من دون تأخير لاستعادة إيمانهم بسيادة القانون الدولي وبالإنسانية.
ونوه منصور بالرسالة غير المسبوقة التي أرسلها المفوض العام للأونروا إلى رئيس الجمعية العامة التي حث فيها الدول الأعضاء على التحرك الفوري لتنفيذ وقف إطلاق النار، وتطبيق القانون الدولي إلى جانب ضرورة منع التهجير القسري للفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية.
وفي سياق متصل أكد نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، علي فيصل، أن حديث وسائل الإعلام العدو عن قرب التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية في قطاع غزة، هو حديث يهدف للتخفيف من نقمة أهالي الأسرى الإسرائيليين، نظراً لوجود ضغوط كبيرة على حكومة بنيامين نتنياهو والجيش الإسرائيلي، الذي لم يوفر أي مناخ لإطلاق سراح رهائنه.
وقال فيصل: “جيش الاحتلال فشل في عمليته العسكرية على الرغم من استخدامه القوة المفرطة، ولا خيار أمامه سوى تبادل الأسرى مع “حماس”، مشيرًا إلى أن “المقاومة الفلسطينية قالت بصريح العبارة إن عملية التبادل يجب أن تكون مسبوقة بوقف كامل لإطلاق النار، وإدخال المواد الغذائية والطبية إلى غزة، فضلا عن إعادة انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع”.
وأكد أن “حماس” “تملك القدرة والجاهزية الكافيتين لمواجهة كل الاعتداءات الإسرائيلية والمجازر التي تُرتكب بحق المدنيين في قطاع غزة، وتوقع خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي، من خلال عمليات فدائية من خلف الخطوط وأخرى من المسافة صفر، كما لديها قدرة صاروخية تؤهلها لضرب جميع المدن الإسرائيلية”.
وأشار إلى أن “البيت الأبيض بقيادة الرئيس الأمريكي جو بايدن، يريد إعطاء فرص جديدة الكيان الاحتلال كي تستمر بعدوانها الذي يتناقض مع آراء الشعوب وكل المواثيق الدولية، مذكّرًا بأنها استخدمت الأسلوب ذاته خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وحربه على القطاع عام 2014.
ولفت إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يتبنى مفهوم “الصهيونية”، ويوقد الشموع في الاحتفالات لكسب الصوت “الصهيوني” في انتخاباته القادمة لتجديد ولايته، مؤكدًا أن “الخلافات الحالية في الولايات المتحدة تنعكس سلبا على الرأي العام الأمريكي، الذي يريد وقف إطلاق النار ووقف المجازر في غزة، إذ اكتشف الأمريكيون أن دولتهم عنصرية، ودولة عدوان وحرب وتجويع وقتل وإرهاب”.
وأشار إلى أن وجود ارتباك في الإدارة الأمريكية تُفسر باستقالة موظفين من وزارتي الدفاع والخارجية، لأن الأمريكيين باتوا يرَون أنهم ليسوا سوى أسرى لإسرائيل، التي تكبدها خسائر اقتصادية فادحة.
وجدد تأكيده أن الولايات المتحدة دولة إمبريالية واستعمارية وداعمة للإرهاب، وتستغل الحروب على حساب رفاهية سكانها، ولا تستجيب لأي مطالب دولية أو شعبية أو عربية.
إلى ذلك أفاد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أمس الثلاثاء، بأن استقرار الوضع الإنساني في قطاع غزة أمر مستحيل وسط “دوي المدافع” هناك، وستكون هناك حاجة إلى خطوات جادة لتقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين.
وقال بيسكوف للصحفيين، ردًا على سؤال ما إذا كان المجتمع الدولي لا يزال لديه أدوات التأثير على الوضع في قطاع غزة: “نرى أن الأعمال القتالية قد استؤنفت ولا تزال مستمرة. الوضع الإنساني الذي تشهده غزة محط اهتمام وقلق للعديد من بلدان العالم”.
وأضاف: “هذا سيتطلب جهودا فعالة للغاية جداً وخطوات جادة وسريعة من أجل تقديم المساعدة بسرعة للفلسطينيين، ومع دوي أصوات المدافع من المستحيل عمليا القيام بذلك.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
فلسطين تعرّي المفاهيم الأخلاقية للمجتمع الدولي
إذا أرادت واشنطن تطبيق القواعد التي تتحدّث عنها في إصرارها على بقاء النظام الدولي كما هو، فعليها أولا أن تفعل ذلك مع حلفائها الذين يتمتّعون بحصانة غير عادية تحُول دون مساءلتهم أو محاسبتهم على ما يأتون من فظائع. وأبرزهم إسرائيل التي ترتكب المجازر وحروب الإبادة والتهجير دون رادع قانوني.
إسرائيل تدرك جيدا حجم الخسائر البشرية في جنودها وتأثيرها المعنوي والميداني، المقاومة في لبنان وفي غزة تكبّد الاحتلال خسائر يومية في عتاده وجنوده. ولا يجد نتنياهو وحكومته المتطرّفة من حل لحفظ ماء الوجه أمام الجبهة الداخلية سوى قصف المدنيين كالعادة، وإيقاع القتلى والجرحى في صفوف الأبرياء في جباليا ومناطق أخرى من غزة وفي بيروت والضاحية الجنوبية.
وكما اعتقدوا أنّهم أنجزوه في غزة، فإنّ غاية إسرائيل الاستراتيجية من مواجهة المقاومة اللبنانية هي «تقليص الخطر الذي يشكله حزب الله على أمن إسرائيل وعلى استقرار المنطقة»، من خلال إضعاف قوّته وتحويله إلى لاعب هامشي غير ذي صلة تجاه المعادلات الإقليمية.
وبناء على هذه الرؤية الإسرائيلية المبتورة، يجب أن تتركز المعركة الفعالة لإضعاف حزب الله، في فصله عن مصادر قوته، وهنا تأتي عمليات القصف والترهيب وتهجير السكان في محاولة لتأليب العمق الشعبي ضد المقاومة، ناهيك من محاولات أمريكية إسرائيلية مشتركة لخلق جبهة سياسية داخلية قادرة على تهميش حزب الله وعزله سياسيا.
إسرائيل لا تتردّد في استغلال أي فرصة لتوسيع حدودها حتى تحول دون إمكانية قيام دولة فلسطينية، وهو ما تقوم به عمليا في سياق حرب الإبادة والإجرام والمجازر اليومية في غزة، ولربما تكون قد نجحت فعلاً في تحقيق تلك الغاية التوسعية في ظل صمت عربي، ودعم غربي يجعلها تتصرف بناء على منطق لا يعرف الشفقة. سياسة الأرض المحروقة التي لا تترك الشجر ولا البشر، ولا يهمّ تتالي المجازر في حق المدنيين بشكل يومي أمام عالم يتابع إجراما لا مثيل له في عصر «التقدم والحضارة الإنسانية»، التي قالوا إنها تطوّرت.
يحدث كل ذلك رغم أن هذه ليست هي سياسة الولايات المتحدة، على الأقل فيما يتعلق بدعم حل الدولتين، الذي تكرّره الإدارة الأمريكية، وكذلك قضية المستوطنات، إلا أن التوسع مستمر أسبوعا بعد آخر، وتحت أنظار أمريكا والعالم بمجالسه الأمنية وهيئاته التحكيمية، ولا يوجد في واشنطن من يجرؤ على عمل شيء لوقفه. لم يحصل ذلك في عهد جو بايدن، ولن يحصل مع دونالد ترامب أيضا هذا مؤكد. الرجل الذي يتصرف بالديمقراطية في وطنه لن يساهم أبدا في الحقوق والحريات السياسية للفلسطينيين، أو لأي شخص آخر بتأكيد صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نفسها.
أغلق ترامب البعثة الفلسطينية في واشنطن، وأنهى التمويل الأمريكي لوكالة الأونروا، وأعلن وزير خارجيته مايك بومبيو أن المستوطنات مجرد أمر عادي، ولا تشكل انتهاكا للقانون الدولي على الإطلاق. كما اعترف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وهي ليست خطوة معادية للفلسطينيين بشكل مباشر، ولكنها نذير لما يخطط للقيام به في ما يتعلق بالأراضي المحتلة في الضفة الغربية. لقد نقلت إدارته السفارة الأمريكية إلى القدس، معترفة فعليا بسيادة إسرائيل على المكان بأكمله دون أن تعلن ذلك. وقد أدت هذه الخطوة إلى تدمير الفلسطينيين وتدمير دعمهم لحل الدولتين.
لقد صُمّمت «اتفاقيات أبراهام» لتجعل من إسرائيل المفوض الإقليمي المعلن للولايات المتحدة
لقد صُمّمت «اتفاقيات أبراهام» لتجعل من إسرائيل المفوض الإقليمي المعلن للولايات المتحدة. وها هو دونالد ترامب يتمكن من ضمان فترة رئاسية أخرى، وبالتالي سيكون لتلك السياسة عواقب كارثية على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إسرائيل تعتقد فعليا بأن لديها الحق في الاعتراض على القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة داخل المنطقة. إذن، في ما لو قيض لسياسة ترامب أن تتكرس من جديد، ستصبح إسرائيل بالفعل هي المفوضة بها والمسؤولة عنها، بما يعني استمرار الصراع الذي تشعل نيرانه قوة عسكرية لطالما كانت هي المبادرة بالعدوان.
ظهرت اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، وهي شكل خيالي من أشكال السلام كان المقصود منه، على الأقل بالنسبة لبنيامين نتنياهو وترامب، الالتفاف على الفلسطينيين وتركهم بلا دولة. وكانت التداعيات شعورا فلسطينيا عاما بالتخلي. وبالنسبة لحماس، غضبا من احتمالية صفقات التطبيع المستقبلية. دفعت إسرائيل ثمن هذا الغضب في السابع من أكتوبر. ويدفع الفلسطينيون ثمن رد فعل إسرائيل.
صحيح أن الحرب لم تبدأ في عهد ترامب. لقد أشعل النار فقط حتى «اشتعل المبنى بالكامل» تحت إشراف شخص آخر ليس بريئا. حان الوقت لكي يحدد المستوى السياسي خطة إنهاء الحرب في غزة وفي الشمال «قبل أن نغرق في الوحل» كما جاء في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أيضا. رئيس الموساد ديدي برنيع يصرّ على ضرورة ربط الساحات. وفي كلا الساحتين صُوّر انتصار جزئي لاسترضاء قاعدة كل طرف، من القضاء على السنوار، إلى أوهام رفع العلم الإسرائيلي على أنقاض عيتا الشعب. الآن بعد كل هذا، كل شيء في أيدي المستوى السياسي.
أمريكا التي تدعم إسرائيل في أعمالها العدوانية وإجرامها المطلق، تشير إخفاقاتها في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا والعديد من البلدان الأخرى، إلى أنها ستلقى مع كيانها الصهيوني المصير نفسه في غزة وفي لبنان.
وهي دلائل تاريخية على إخفاقات الولايات المتحدة المخزية، وتكاليف التدخل الخارجي وعقدة التوسع الامبراطوري. وسيكون لهذه الحروب في الشرق الأوسط انعكاسات كبرى على النظام الدولي المترنح، هذا «النظام الدولي القائم على قواعد» الذي انتهى في نظر بكين وموسكو تحديدا، بعد أن أصبح مكشوفا حجم الانتهازية والمعايير المزدوجة المتبعة من قبل القائمين عليه.
وكيف أنّ المصالح والرغبة في تواصل النفوذ هو ما ينطبق على استراتيجية واشنطن في المنطقة، وفي غيرها من مناطق العالم. لعبة القواعد وتغيير الأنظمة التي مارستها واشنطن مع حفنة من البلدان الأوروبية لن تقودهم إلى أي مكان بعد الآن. وهو ما يعني تمسك الدول العظمى الصاعدة بإعادة توزيع القوة الاستراتيجية، وهي دول تدعو في كل مرة واشنطن وحلف الناتو إلى الاستماع جيدا إلى الصوت العادل للمجتمع الدولي. والتوقف عن التحريض على المواجهة والتنافس، وأن يساهموا بشكل حقيقي في السلام والاستقرار في العالم. وبالتالي تدارك سقوط الضمائر وتهاوي المفاهيم الحقوقية لعالم تعرّى إنسانيا وأخلاقيا أمام اختبار الحق الفلسطيني وحجم الجرائم ضد الإنسانية.
القدس العربي