حكم الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف؟ حيث إن هناك من تأتي إليهم مكالمات على هواتفهم المحمولة أثناء الطواف بالبيت فيقومون بالرَّدِّ عليها؛ فهل هذا جائز شرعًا؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن مِن أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه عزَّ وجلَّ: الطواف بالبيت، فهو مِن أَجَلِّ العبادات وأعظمها، وقربةٌ مِن أفضل القُرُبات وأرفَعِها، وركنٌ في الحج والعمرة فلا يصحان إلا به، وهو أكثر المناسك عملًا في الحج والعمرة، وشعيرةٌ يُثاب عليها المسلم في جميع حالاته؛ سواء فعلها على سبيل الوجوب والفريضة أو على سبيل الندب والتطوع.
واستشهدت بقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
قال الإمام البيضاوي في "أنوار التنزيل" (1/ 115، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ أي: فعل طاعةً فرضًا كان أو نفلًا، أو زاد على ما فرض الله عليه مِن حج أو عمرة، أو طواف.. ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ مُثِيبٌ على الطاعة لا تَخْفَى عليه] اهـ.
حكم الكلام أثناء الطوافووَصَفَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الطوافَ بالبيت بأنه صلاة؛ لحُرمته ومكانتِه وفَضلِه وعَظَمتِه، وأجاز صلى الله عليه وآله وسلم الكلامَ فيه، إلا أنه نَهَى عن الإكثار مِنه، وحثَّ على الإقلال منه قَدْر الاستطاعة، فإن كان لا بد منه فلْيَكُن كلامًا بخَيْرٍ أو مَعروفٍ.
فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَكِنَّ اللهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الدارمي والبيهقي في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح"، وابن الجارود في "المنتقى" واللفظ له، والحاكم في "المستدرك" وغيرُهم.
وفي روايةٍ عنه رضي الله عنه رَفَعَهَا: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الترمذي والنسائي في "السنن"، وابن خزيمة في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وعنه أيضًا رضي الله عنه موقوفًا: "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ فِيهِ" أخرجه الأئمة: عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "المصنف"، والبيهقي في "السنن الصغرى".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "أَقِلُّوا الْكَلَامَ فِي الطَّوَافِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ" أخرجه الأئمة: النسائي والبيهقي في "السنن"، والفاكهي في "أخبار مكة".
حكم الكلام أثناء الطوافوقد نصَّ الحنفية والمالكية وعطاء على كراهة الكلام في الطواف إلا لحاجة، مع استحباب الإقلال منه حينئذٍ للانشغال بالدعاء والذكر، بل إذا كان الطواف واجبًا، فإنَّ تَرْكَ الكلام فيه بِالْكُلِّيَّةِ هو الأفضل والأَوْلَى.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز الكلام في الطواف مُطلقًا مِن غير كراهة، لكنَّ تَرْكَ الكلام أَوْلَى وأفضلُ إلا أن يكون كلامًا بخير؛ كنحو: ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهل.. ونحو ذلك.
حكم الكلام في الهاتف أثناء الطوافهذا، وإن كان بعضُ الفقهاء قد أجازوا الكلام في الطواف مطلقًا، وكرهه البعض إلا لحاجة، فإن ما عليه عامة أهل العلم وجرى عليه العمل: أنهم يَستحبون ألَّا يتكلم الرجل في الطواف إلا لحاجة، أو بذكر الله تعالى، أو مِن العِلم؛ كما قال الإمام الترمذي في "جَامِعِهِ" (3/ 284، ط. مطبعة الحلبي).
ومن ثَمَّ فإن الكلام عمومًا -أو في الهاتف المحمول خصوصًا- وإن كان جائزًا في الطواف، أو مكروهًا عند عدم الحاجة أو الضرورة، فإنَّ مِن كمال الأدب في الطواف أن يكون الطائفُ وقورًا، خاشعًا متخشعًا، حاضر القلب، مستحضرًا لعظمة المولى سبحانه وتعالى، خاضعًا له، مقبلًا عليه، مستشعرًا كونه بين يديه، متأدبًا بظاهره وباطنه، مقتديًا بهدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الإقلال من الكلام في الطواف، وعدم التمادي في الحديث فيما لا حاجة فيه أو ضرورة.
ويُضاف إلى ذلك: أنَّ كثرة الكلام لغير حاجة -سواء في الهاتف أو مع الصاحب في الطواف- يؤدي إلى التشويش على الطائفين العابدين الذاكرين، فكان الأَوْلَى لِمُؤَدِّي هذه الشعيرة العظيمة أن يشغل نفسه بالإقبال على ربه في طوافه، خاشعًا بقلبه، ذاكرًا بلسانه، يَطلب فضل مولاه، ويعتذر إليه عما جَنَت يداه، فإن كان كذلك، تَحَقَّقَ فيه قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ يُبَاهِي بِالطَّائِفِينَ» أخرجه الأئمة: الفاكهي في "أخبار مكة"، وابن راهويه وأبو يعلى في "المسند"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، مِن حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
وعنها أيضًا رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ لَيُبَاهِي بِالطَّائِفِينَ مَلَائِكَتَهُ» أخرجه الإمام ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال".
وأوضحت دار الإفتاء، أنه بناءً على ذلك: فقد رغَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عدم الإكثار من الكلام في الطواف لغير حاجة، وحثَّ على الإقلال منه قَدْر الاستطاعة؛ ولأجْل ذلك كَرِهَ بعضُ الفقهاء الكلام في الطواف إلا لحاجة، وأجازه البعض مطلقًا، والأَوْلَى تَرْكُهُ ما لم يكن كلامًا بخَيْرٍ أو معروفٍ؛ كنحو: ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي واقعة السؤال: لا مانع شرعًا من الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف عند الحاجة إليه من غير كراهة؛ رفعًا للحرج عن الطائفين، فإذا انتفت الحاجة فالأَوْلَى تَرْكُهُ إلا أن يكون بخير؛ كالذكر، وتلاوة القرآن، ونحو ذلك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الهاتف المحمول الطواف الطواف بالبيت النبی صلى الله علیه وآله وسلم فی الهاتف المحمول دار الإفتاء الله تعالى حکم الکلام ب ال ب ی ت رضی الله الله عن
إقرأ أيضاً:
كيفية صلاة العيد.. عدد التكبيرات لكل ركعة وطريقة أدائها
كيفية صلاة العيد وعدد التكبيرات في كل ركعة بيّنتها دار الإفتاء المصرية حيث إن صلاة عيد الفطر لها عدد ركعات كما وضّحت كذلك صيغة التكبير الصحيحة لصلاة عيد الفطر 2025، لافتة إلى أن صلاة العيد سُنة مؤكدة وواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بها الرجال والنساء بأن يخرجوا لصلاتها.
كيفية صلاة عيد الفطروكشفت دار الإفتاء، عبر موقعها، أن صلاة العيد ركعتان وينوي بها صلاة العيد، مبيّنة أن الركعة الأولى يكبر فيها سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرةِ القيام والركوع، والتكبيراتُ قبل القراءة.
واستشهدت دار الإفتاء، بـ "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا، فِي الأُولَى سَبْعًا، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا، سِوَى تَكْبِيرَةِ الصَّلاةِ" أخرجه الدارقطني، والبيهقي.
وأضافت أن السُنة أن تُصلى صلاة العيد في جماعة؛ وهي الصفة التي نَقَلها الخَلَفُ عن السلف، فإن حضر المصلي وسبقه الإمام بالتكبيرات أو ببعضها لم يقضِ؛ لأنه ذكر مسنون فات محلُّه.
وتابعت أن من السُنة أن يرفع المصلي يديه مع كل تكبيرة؛ لما روي عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الْجَنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ" أخرجه البيهقي.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن السُنة أن يقرأ بعد الفاتحة بـ"الأعلى" في الأولى، و"الغاشية" في الثانية، أو بـ"ق" في الأولى و"اقتربت" في الثانية؛ كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ثبت في صحيح مسلم، وأن يجهر فيهما بالقراءة لنقل الخلف عن السلف.
واستطردت الإفتاء "إذا فرغ المصلون من الصلاة أن يخطب على المنبر خطبتين، يَفْصِل بينهما بجَلْسة، والمستحب أن يستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبعٍ، ويذكرَ اللهَ تعالى فيهما، ويذكرَ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويوصي الناس بتقوى الله تعالى وقراءة القرآن، ويعلِّمهم صدقة الفطر، ويُسْتَحَبُّ للناس استماعُ الخطبة" لأن الخطبة من سنن العيد.
احذر .. خطأ شائع في صلاة العيد يبطلها ويضيع ثوابها
حكم صلاة الرجال إلى جوار النساء في صلاة العيد.. مركز الأزهر يجيب
ماذا أفعل إذا فاتتني صلاة العيد.. تعرف على الحكم والكيفية
بعيدا عن المخالفات الشرعية.. وزارة الأوقاف تطلق حملة إعلامية لضبط صلاة العيد
ووضحت دار الإفتاء، الصيغة الشرعية الصحيحة والتي وصفها الإمام الشافعي - رضي الله عنه - بالحُسْن.
نوهت بأن صيغة تكبيرات العيد تكون كالتالي: " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا ".
وقت صلاة عيد الفطرأشارت إلى أن وقتُ صلاة العيد عند جمهور العلماء يبدأ عند ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجردة -وهو الوقت الذي تحلُّ فيه النافلة- ويمتدُّ وقتُها إلى ابتداء الزوال.
صلاة العيد في البيتوكانت أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال يقول سائله "ما حكم صلاة العيد في البيت للمنفرد بدون خطبة؟ فكثيرًا ما تفوتني صلاة العيد في المصلى، فهل يجوز لي أن أصلي العيد بدون خطبة في البيت؟".
وأكدت دار الإفتاء، عبر موقعها، أن صلاة العيد سُنة مؤكدة ويستحب أن تكون في جماعةٍ مع الإمام سواء في المسجد أو الخلاء، موضحة أنه إذا لم يتمكن المرء من ذلك جاز له أن يُصلِّيها في البيت منفردًا بلا خطبةٍ تقليدًا لمن قال بذلك.