الحجاج وحكام العرب جمعهم الظلم وفرقتهم النخوة
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
قبل 1308 أعوام، وتحديدا في عام 96هـ الموافق لـ715 ميلادي، حرك والي الدولة الأموية في العراق الحجاج بن يوسف الثقفي جيوشه لفتح بلاد السند (باكستان) استجابة لنداء امرأة مسلمة صاحت بعد أن أسرها قراصنة هاجموا سفن تجار مسلمين: "يا حجَّاج أغثني".
لقد كان الحجاج مشهورا بسفك الدماء كمعظم حكامنا اليوم، حتى أنه لم يتورع عن رمي الكعبة بالمنجنيق، ورغم كل هذا أبت عليه مروءته كعربي أن تستغيث به امرأة دون أن يجيبها، فرد قائلا "يا لبيك"، وأرسل جيشا بقيادة محمد بن القاسم الثقفي، وأمره بالتوجه نحو بلاد السند.
والآن وبعد مرور أكثر من شهرين على الحرب الإسرائيلية ضد أهالي غزة والتي تسببت في استشهاد أكثر من 18 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، لم نرَ أي حاكم عربي أتخذ موقفا حاسما أو جادا لوقف شلال الدماء والمجازر في غزة.
شاهدنا عشرات الفيديوهات لنساء ورجال وأطفال يستغيثون في غزة، ويطالبون حكام العرب والمسلمين بالتدخل لإنقاذهم، أو حتى على الأقل فتح معبر رفح والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، لكن معظم هؤلاء الحكام قرروا أن يتركوا أهل غزة لمصيرهم إما تآمرا مع الاحتلال الإسرائيلي أو خوفا من أمريكا أو عجزا وقلة حيلة
وخلال هذه المدة شاهدنا عشرات الفيديوهات لنساء ورجال وأطفال يستغيثون في غزة، ويطالبون حكام العرب والمسلمين بالتدخل لإنقاذهم، أو حتى على الأقل فتح معبر رفح والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، لكن معظم هؤلاء الحكام قرروا أن يتركوا أهل غزة لمصيرهم إما تآمرا مع الاحتلال الإسرائيلي أو خوفا من أمريكا أو عجزا وقلة حيلة.
والأدهى من كل هذا تخلي مصر عن سيادتها على معبر رفح، فقد خرج علينا وزير خارجيتها سامح شكري ليقول بكل وقاحة إن إسرائيل هي التي تسمح بخروج من تشاء من غزة إلى مصر عبر المعبر، وأنها تفتش المساعدات الإنسانية قبل دخولها.
موقف آخر لا يقل وقاحة هو موقف الإمارات التي وصفت وزيرتها ريم الهاشمي في مجلس الأمن الدولي، هجمات المقاومة الفلسطينية يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر بالهجمات البربرية والوحشية، ولم تكتف بهذا فقد قررت إقامة جسر شحن بري بين دبي وميناء حيفا الإسرائيلي، لتجاوز حظر الحوثيين للسفن الإسرائيلية من الملاحة في البحر الأحمر، ناهيك عن بلاد الحرمين التي قررت مواصلات حفلات الرقص والطرب في موسم الرياض، في تجاهل تام لما يجري في قطاع غزة، كما سارعت لاعتقال معتمرين بتهمة الدعاء لغزة أمام الكعبة المشرفة، قبل أن يسارع مسؤول هيئة الترفيه تركي آل الشيخ لتسجيل مقطع دعائي لمطعم ماكدونالدز رغم حملات مقاطعة للمنتجات الداعمة لإسرائيل.
ونحن كما قال أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، لا نطالب هؤلاء الحكام -لا سمح الله- بأن يرسلوا جيوشهم وطائراتهم ودباباتهم للدفاع عن غزة وتحرير المسجد الأقصى، ولكننا ندرك أن لديهم الكثير من أوراق الضغط التي إذا أرادوا استخدامها لأوقفت إسرائيل حربها المدمرة على غزة خلال ساعات قليلة.
إنني أتساءل حقا: هل يراجع هؤلاء الحكام أنفسهم؟ هل يستطيع أحدهم أن ينظر لنفسه في المرآة؟ هل يستطيع أن ينام مطمئنا وإخوانه في غزة يموتون من القصف والجوع والعطش والمرض؟
وليس أدل على صحة كلامي من موقف الرئيس المصري الراحل محمد مرسي رحمة الله عليه، والذي أعلن بكل صراحة أن العدوان الإسرائيلي على غزة في 2012 هو عدوان على مصر، وقرر فتح معبر رفح بشكل كامل لإدخال المساعدات ونقل الجرحى والمصابين، بل أرسل رئيس وزرائه هشام قنديل إلى غزة في رسالة تحد ودعم واضح لأهالي غزة.
إنني أتساءل حقا: هل يراجع هؤلاء الحكام أنفسهم؟ هل يستطيع أحدهم أن ينظر لنفسه في المرآة؟ هل يستطيع أن ينام مطمئنا وإخوانه في غزة يموتون من القصف والجوع والعطش والمرض؟ ألا يخشى هؤلاء على أنفسهم من مصير بدر الدين لؤلؤ وابن العلقمي وغيرهم من الخونة؟
وأخيرا أقول: "يا أهلنا في غزة لا ترفعوا أصواتكم بالنداء عليهم لنصرتكم، فمعظم حكام العرب والمسلمين أموات والأموات لا تجيب النداء، وعند الله تجتمع الخصوم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطيني فلسطين غزة مجازر العالم العربي الاستبداد مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة اقتصاد سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هؤلاء الحکام هل یستطیع معبر رفح فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل يستطيع ترامب أن يفرق بين الصين وروسيا؟
ترجمة: نهى مصطفى -
في مقابلة في أكتوبر الماضي تفاخر دونالد ترامب قائلا: «الشيء الوحيد الذي لا تريد حدوثه أبدًا هو أن تتحد روسيا والصين. سأضطر إلى فك وحدتهما، وأعتقد أنني أستطيع أن أفعل ذلك». خلال حملته الانتخابية، قال الرئيس المنتخب إنه سيوقف الحرب في أوكرانيا «في غضون 24 ساعة» وأنه سيكون أكثر صرامة من الرئيس بايدن مع الصين.
لم يوضح ترامب قط خطته بالضبط لـ«تفكيك» هاتين الدولتين، وبناءً على تاريخه، وقد يضطر لابتكار خطة فورية. لكن المؤشرات المبكرة تشير إلى أن الإدارة المقبلة قد تسعى إلى الإضرار بالشراكة الصينية الروسية من خلال الحد من التوترات (وحتى تحسين العلاقات) مع موسكو من أجل الضغط على بكين ــ وهو عكس ما خطط له وزير الخارجية هنري كيسنجر منذ أكثر من خمسين عاما، عندما سعت الولايات المتحدة إلى تحقيق الوفاق مع الصين لاستغلال الانقسام الصيني السوفييتي.
يبدو أن هذه المدرسة الفكرية تحظى بشعبية كبيرة في عالم ترامب، بما في ذلك أولئك الذين تم ترشيحهم لفريق الأمن القومي الخاص به.على سبيل المثال، دعا مايكل والتز، عضو الكونجرس الذي اختاره ترامب ليشغل منصب مستشاره للأمن القومي، إلى مساعدة الولايات المتحدة في إنهاء الحرب في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن ثم تحويل الموارد إلى «مواجهة التهديد الأكبر من الحزب الشيوعي الصيني».
في بكين وموسكو، يترقب القادة فترة الفراغ الرئاسي التي ستستمر بضعة أسابيع وبداية ولاية ترامب الجديدة. وتتمثل الأولوية القصوى للكرملين في اجتياز هذه الفترة بأمان وتجنب التصعيد مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا قبل انتقال ترامب إلى البيت الأبيض. ويأمل الرئيس بوتن أن تؤدي ولاية ترامب الجديدة إلى خفض الدعم الغربي لكييف، إذا لعبت موسكو أوراقها بشكل جيد، حتى لو لم يتم التوصل إلى إنهاء رسمي للعدوان في أوكرانيا.
لكن مخاوف بكين عكس ذلك تمامًا. أشار اجتماع الرئيس الصيني شي جين بينج مع بايدن في نوفمبر خلال قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ إلى أن الإدارة الديمقراطية لن تعطل بشكل كبير العلاقات الأمريكية مع الصين في طريقها إلى الخروج، أما بالنسبة للفريق الجمهوري القادم، فلدى بكين أسباب للقلق ــ سواء من خطاب حملته أو من مجموعة الشخصيات التي رشحها ترامب لشغل وظائف رئيسية في حكومته.
لا يوجد الكثير من التفاصيل حول «خطة السلام» التي يعتزم ترامب تنفيذها في أوكرانيا. لكن حتى قبل الدخول في محادثة رسمية مع ترامب، يتعين على الكرملين أن يتغلب على الأسابيع القليلة المقبلة، التي يراها واحدة من أخطر فترات حرب أوكرانيا.
بعد ما يقرب من عام من المداولات المؤلمة، منحت إدارة بايدن أخيرًا كييف الإذن باستخدام أسلحة بعيدة المدى تنتجها دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك الصواريخ التكتيكية للجيش (ATACMS) المصنوعة في الولايات المتحدة وصواريخ Storm Shadow البريطانية، ضد أهداف عسكرية داخل الأراضي الروسية. في 19 نوفمبر، تعرض مستودع أسلحة روسي في منطقة بريانسك لقصف زعمت وزارة الدفاع الروسية أنه صاروخ ATACMS ، وبعد يومين تعرض مركز قيادة ورد أنه يضم جنرالات كوريين شماليين لقصف بصواريخ Storm Shadow في منطقة كورسك الروسية.
لن يكون لهذه النكسات، مهما كانت مؤلمة بالنسبة للروس، تأثير كبير على مسار القتال. فروسيا تكتسب تدريجيا المزيد من الأرض على الجبهة الشرقية. وما يقلق الكرملين هو تجاهل الغرب الواضح للخطوط الحمراء التي أعلنتها موسكو بوضوح والردع النووي. فقد قال بوتن في مناسبات عديدة إن أوكرانيا لا تستطيع استخدام أنظمة مثل ATACMS و Storm Shadow دون مساعدة فنية كبيرة من أفراد حلف شمال الأطلسي، وبالتالي، من وجهة نظر الكرملين، فإن استخدام الأوكرانيين لها يشبه إطلاق الناتو النار على روسيا. والاستهداف داخل الحدود الروسية مسألة مختلفة تماما؛ وفي رأي الكرملين، يجب وقف هذا الأمر عاجلاً وليس آجلاً.
في رد فعل على هذا العدوان الغربي الملحوظ، نشرت روسيا في التاسع عشر من نوفمبر عقيدة نووية جديدة تخفض بشكل كبير حدود استخدام الأسلحة النووية وتمهد الطريق لشن ضربات نووية ضد الدول غير النووية (مثل أوكرانيا) التي تشن هجمات بعيدة المدى بدعم من دولة نووية. ولتعزيز هذه التهديدات اللفظية، التي لم يول الغرب أهمية كبيرة لها، أطلقت روسيا في الحادي والعشرين من نوفمبر صاروخا قادرًا على حمل رؤوس نووية على مصنع عسكري في دنيبرو. من الانفجارات الطفيفة نسبيًا، فإن الصاروخ كان يحمل حمولة ضئيلة أو معدومة ــ وهذا يعني أن الإطلاق كان إشارة سياسية توضح قدرة الكرملين واستعداده للتصعيد.
من وجهة نظر موسكو، عادت الكرة الآن إلى ملعب واشنطن. فقد حذر بوتن صراحة زعماء الغرب من أنه سيرد على أي خطوات تصعيدية، مثل توجيه ضربات جديدة إلى روسيا أو إرسال قوات إلى أوكرانيا. وبذلك، يأمل في استقرار الوضع حتى يفتح تنصيب ترامب نافذة جديدة من الفرصة للتفاوض على إنهاء الصراع لصالح الكرملين.
يدرك الكرملين أن التحركات الأخيرة التي اتخذتها إدارة بايدن، بما في ذلك رفع القيود المفروضة على الأسلحة الموردة إلى أوكرانيا، تعمل على تعزيز نفوذ واشنطن في أي مناقشات مستقبلية. ولهذا السبب فإن موسكو تقاوم بشدة التصعيدات الأكثر خطورة، بينما لا ترد على تلك التي تعتبر أقل أهمية، مثل العقوبات الجديدة ضد النظام المالي الروسي التي كشفت عنها إدارة بايدن في 21 نوفمبر، أو قرار واشنطن بتزويد القوات المسلحة الأوكرانية بالألغام الأرضية.
لا شيء في هذه المرحلة يشير إلى أن بوتن مستعد للتراجع عن أهدافه الأصلية الأكثر تطرفًا - والتي، على حد تعبيره، هي «نزع السلاح وإزالة النازية من أوكرانيا»، وهو ما يعني في نهاية المطاف تغيير النظام في كييف وحق النقض الدائم لموسكو على السياسة الخارجية لأوكرانيا. سيصبح الكرملين سعيدًا بتحقيق هذه الأهداف على طاولة المفاوضات، ولكن إذا لم يتمكن من تأمين الشرط المسبق الأكثر أهمية - التراجع عن الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا - فإن الزعيم الروسي سيستمر في القتال، على أمل أن يكون الوقت في صالح روسيا في حرب الاستنزاف، وأن مخزونات الأسلحة الغربية المستنفدة والإحجام عن التصعيد سوف يحد من قدرة ترامب على مساعدة أوكرانيا.
على النقيض من بوتين، لدى شي العديد من الأسباب لتوقع أن يكون الانتقال من بايدن إلى ترامب فترة من الهدوء النسبي في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. ومع ذلك، بمجرد تولي ترامب منصبه، قد يصبح الوضع بالنسبة لبكين محفوفًا بالمخاطر. في السنوات الأخيرة، عملت بكين وواشنطن بجد للحفاظ على الاستقرار والقدرة على التنبؤ في علاقتهما. باستخدام العديد من قنوات الاتصال، بما في ذلك الاتصالات المنتظمة بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ووزير الخارجية الصيني وانج يي، نجحت بكين وواشنطن في الصمود في الانتخابات الرئاسية في يناير في تايوان، وتجنبتا في الغالب حروب التجارة والسيطرة على الصادرات المزعجة، وخفضتا درجة الحرارة في النقاط الساخنة المحتملة للمواجهة العسكرية، بما في ذلك مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي.
أكد آخر اجتماع عقده بايدن وشي في نوفمبر أنهما يعتزمان تمديد هذا النهج حتى 20 يناير. وقد ردت بكين على الفور على مجموعة تدابير الرقابة على الصادرات الجديدة التي فرضتها الإدارة المنتهية ولايتها والتي تستهدف قطاع صناعة الرقائق الصيني، والتي تم الكشف عنها في الثاني من ديسمبر، بحظر صادرات العديد من المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة بما في ذلك الجاليوم والجرمانيوم والانتيمون. لكن هذه التحركات تم إعدادها منذ فترة ولم تكن مفاجئة. وفي الوقت الحالي، لدى الجانبين سبب للحفاظ على الهدوء وممارسة ضبط النفس. يتعامل بايدن مع الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، والصين ليست في مزاج يسمح لها بالسعي إلى مواجهة غير ضرورية وسط تدهور الظروف الاقتصادية.
في حين أن لدى بوتن أسبابًا للتفاؤل بشأن ترامب، فإن شي لديه الكثير مما يدعو للقلق. فخلال فترة ولاية ترامب الأولى، بدأ حربًا تجارية مع الصين، واستهدف شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي بالعقوبات وحملة ضغط لإلغاء تثبيت معداتها من شبكات الحلفاء، وعزز الأصول والشراكات العسكرية الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأطلق العنان لحرب دعائية بشأن جائحة كوفيد-19. وقد يبدو الوضع أسوأ هذه المرة. ففي عام 2016، كان الاقتصاد الصيني على مسار نمو أقوى بكثير مما هو عليه الآن، وكان الاقتصاد الأمريكي ضعيفًا. واليوم، انقلبت الأمور، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السياسات الاقتصادية التي انتهجها شي على مدى العقد الماضي.
معظم فريق خبراء الأمن القومي والتجارة الذي يجمعه ترامب، الذين تم ترشيحهم حتى الآن، معروفون بآرائهم المتشددة بشأن الصين، وهم يدعون إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة بكين، فضلاً عن التعريفات العقابية، والمزيد من القيود على مراقبة الصادرات، ودعم تايوان. ولجعل الأمور أسوأ، فإن معظم كبار المسؤولين الجدد في إدارة ترامب إما غير معروفين تمامًا في الصين أو لم يزوروا البلاد منذ سنوات، ويقضون وقتًا في تايوان بدلاً من ذلك. وبالمثل، فإن فريق شي الحالي، وخاصة كبار مساعديه في الاقتصاد، ليسوا معروفين جيدًا في واشنطن. منذ عام 2022، أحاط شي نفسه بأشخاص - بما في ذلك رئيس أركانه، كاي تشي، ونائب رئيس الوزراء هي ليفينج – ليس لديهم مكانة دولية، ولا يتحدثون الإنجليزية، ومن الصعب التواصل معهم منذ ترقيتهم إلى المكتب السياسي.
في خضم حالة عدم اليقين التي قد يجلبها ترامب، فإن آخر ما يقلق بوتن وشي هو قدرة واشنطن على تحقيق انقسام حقيقي بين بلديهما، على الرغم من وعد ترامب بالقيام بذلك أثناء الحملة الانتخابية. أولا وقبل كل شيء، ما زال من غير الواضح ما إذا كان ترامب قادرًا على التفاوض على صفقة بشأن أوكرانيا ترضي بوتن. وإذا لم تتم معالجة المخاوف الأساسية للكرملين، فقد تستمر موسكو في القتال، وستكون الخطة بأكملها لتحسين العلاقات مع الكرملين على حساب بكين غير مؤكدة. وحتى إذا توصلت جميع الأطراف إلى اتفاق بشأن أوكرانيا وخفف ترامب العقوبات الأمريكية ضد روسيا، فإن السحابة السامة حول الاقتصاد الروسي لن تتبدد على الفور. تزويد موسكو بتدفقات نقدية إضافية سيتطلب موافقة أوروبية، وهو أمر غير مضمون بأي حال من الأحوال، لأن العديد من العواصم لا تزال متشككة في روسيا بوتن ولا تريد العودة إلى عصر ما قبل الحرب من الاعتماد الاقتصادي.
تعتمد روسيا بشكل كبير على الصين اقتصاديًا، حيث إن 40٪ من الواردات الروسية تأتي من الصين و30٪ من الصادرات الروسية تذهب إلى هناك على مدى العامين الماضيين. هذا الاعتماد يتعمق، ولا يمكن التراجع عنه بين عشية وضحاها. ووقف هذا الاعتماد يتطلب جهودًا منسقة من قبل الأمريكيين والأوروبيين لزيادة التجارة الثنائية مع روسيا، وهو أمر يصعب تصوره في ظل ترامب.
أخيرًا، يعرف بوتن وشي أن هذه ستكون فترة ولاية ترامب الأخيرة، وأنه يمكن بسهولة أن يتبعه رئيس من شأنه أن يعكس أي اتفاق تم التوصل إليه في عهد الرئيس الجمهوري. على النقيض من ذلك، يخطط كل من شي وبوتن للبقاء في السلطة بعد عام 2029، عندما تنتهي ولاية ترامب. وبصرف النظر عن العلاقة الشخصية بين بوتن وشي، فإن عدم ثقتهما المشتركة في واشنطن وآمالهما في أن يصبحا أكثر قوة في نظام متعدد الأقطاب - على حساب الولايات المتحدة - من المرجح أن يوفر أساسًا قويًا بما يكفي للحفاظ على الشراكة الصينية الروسية مستقرة ومتنامية.
ألكسندر جابويف مدير مركز كارنيجي روسيا وأوراسيا.
نشر المقال في Foreign Affairs