نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن جمهورية غيانا التي أصبحت نقطة ساخنة جديدة على الساحة الدولية، بعد أن تزايدت أهميتها بشكل كبير بفضل اكتشاف موارد النفط والغاز الطبيعي في البلاد.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن غيانا، وهي دولة صغيرة تقع في أميركا الجنوبية، تشعر بالقلق منذ إجراء استفتاء في فنزويلا يهدف إلى ضم جزء من أراضيها.

وفي هذا الإطار، من المقرر أن يجتمع نيكولاس مادورو، رئيس فنزويلا ونظيره الغوياني عرفان علي، يوم الخميس 14 ديسمبر/كانون الأول لمناقشة الخلاف بينهما.

وبينت الصحيفة أنه في سنة 2022، سجلت هذه الدولة الصغيرة غير المعروفة التي تغطيها الغابات إلى حد كبير، معدل نمو هائل، ما وضعها في قمة التسلسل الهرمي العالمي، مع زيادة في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 62 بالمئة. ويبدو أن غيانا، التي يبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة، تتمتع بمستقبل مشرق منذ اكتشاف النفط في باطنها في سنة 2015. وذلك في حال لم تنفذ فنزويلا، التي أجرت استفتاء في الثالث من كانون الأول/ديسمبر الجاري بهدف ضم ثلثي أراضيها، تهديداتها.

شهية كاراكاس المثيرة للقلق
ولفتت الصحيفة أنه في اليوم السابق لاجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة الثامن من كانون الأول/ديسمبر، جرت مناورات عسكرية أمريكية. في المقابل، يشعر المجتمع الدولي بالقلق إزاء التوتر المتزايد بين فنزويلا وغيانا بشأن منطقة إيسيكويبو الغنية بالنفط. من جهتها، تصر فنزويلا على أن نهر إيسيكويبو يجب أن يكون في حدودها، كما كان الحال في زمن الإمبراطورية الإسبانية والاستقلال، وهو ما سيسمح لها بالتالي بدمج المنطقة المتنازع عليها والتي تبلغ مساحتها 160 ألف كيلومتر مربع. وتعتقد غيانا، من جانبها، أن النزاع تمت تسويته في سنة 1899 من قبل محكمة تحكيم أنشئت لهذه المناسبة في باريس.

وفي أصل هذا التوتر المتجدد، تم تنظيم الاستفتاء في الثالث من كانون الثاني/ ديسمبر في فنزويلا، حيث صوت الناخبون لصالح الضم. وبعد فترة وجيزة، دعا الرئيس نيكولاس مادورو إلى إنشاء منطقة عسكرية خاصة بالقرب من الحدود وأمر شركة النفط الفنزويلية بمنح تراخيص لاستغلال الذهب الأسود في إيسيكويبو. وكان رد فعل نظيره الغوياني فوريًّا، إذ أشار عرفان علي إلى "تهديد مباشر لسلامة أراضي غيانا وسيادتها واستقلالها السياسي" ووضع جيشه في "حالة تأهب قصوى".


وأضافت الصحيفة أنه سرعان ما انتشر القلق إلى جيرانه، فقد حث أعضاء ميركوسور (البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأوروغواي) وكذلك تشيلي وكولومبيا والإكوادور وبيرو "الطرفين على الحوار والبحث عن حل سلمي لتجنب المبادرات الأحادية التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع". وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، في واشنطن: "إنه أمر مثير للقلق، ونحن نتابع هذا الأمر عن كثب".

ومع ذلك؛ ظهر انفتاح دبلوماسي يوم السبت مع الإعلان عن اجتماع، الخميس 14 ديسمبر/كانون الأول، بين نيكولاس مادورو وعرفان علي في سانت فينسنت والغرينادين، وهو أرخبيل في جزر الأنتيل الصغرى.

إلدورادو جديد
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ سنة 2015، أصبحت غيانا، وهي دولة صغيرة تبلغ مساحتها 215 ألف كيلومتر مربع، "المدينة الذهبية" مع أكبر احتياطي من الذهب الأسود للفرد على هذا الكوكب. وقد أظهرت منذ سنة 2020 معدلات نمو مذهلة (أكثر من 40 بالمئة في سنة 2020، و20 بالمئة في سنة 2021).

وحسب  فريديريك ماسي، وهو مستشار في بوغوتا: "قريبا، ستنتج غيانا من النفط ما يعادل إنتاج فنزويلا وكولومبيا مجتمعتين، اللتين يبلغ عدد سكانهما 70 مليون نسمة".

ويوضح فريديريك ماسي، الذي عاد من جورج تاون، عاصمة غيانا، حيث شارك، قبل أيام قليلة من الاستفتاء الفنزويلي، في ورشة عمل لمنظمة الدول الأمريكية بشأن الألغام غير القانونية، وهي آفة في أمريكا الجنوبية، قائلًا: "لم ألاحظ أي قلق خاص لدى من تحدثت معهم. يمكنك رؤية الملصقات في المطار التي تؤكد أن إيسيكويبو هي بالفعل لمواطني غيانا".

على أرض الواقع، لم يكن تطور "الإلدورادو" الجديد ملفتا للنظر بعد: لا توجد مباني مهيبة ومراكز تسوق بالتأكيد، ولكن لا توجد أحياء لامعة وما زالت فقيرة في العاصمة. لكن المكاسب غير المتوقعة موجودة، خاصة في الخارج.


وأضافت الصحيفة أنه من الصعب أن نفهم ما الذي يمكن أن تفعله فنزويلا، القوة النفطية الغارقة في أزمة لا مثيل لها، بهذه الاحتياطيات الجديدة. وعلى الرغم من أن باطن أرضها لا يزال غنيا بالهيدروكربونات، إلا أنها في المركز الثامن عشر في العالم بنحو 700 ألف برميل يوميا (مقارنة بثلاثة ملايين في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين).

بالنسبة لفنزويلا، صراع دولي أم قضية وطنية؟
وتوضح الصحيفة أن الأسئلة التي طرحتها المستشاريات حول النوايا الحقيقية لنظام تشافيز تثير قلق كاراكاس. هل يريد نيكولاس مادورو حقا القتال مع جاره؟ هل يمكن لنظامه، الذي فقد مصداقيته على نطاق واسع، أن يستسلم لإغراء مغامرة عسكرية تهدف إلى ضرب الوتر القومي للشعب المنهك اقتصاديا، كما حدث مع الدكتاتورية العسكرية الأرجنتينية في ذلك الوقت؟ هل ينبغي لنا أن نرى في هذا علامة على رغبة موسكو في إجبار واشنطن على النظر إلى مكان آخر غير اتجاه كييف؟

من المؤكد أن خريطة إيسيكويبو، وهي مطالبة قديمة من الحزبيين في فنزويلا، مفيدة لإحراج خصومها، قبل سنة واحدة من الانتخابات الرئاسية، في نهاية سنة 2024. في المقابل؛ بالنسبة لماريا كورينا ماتشادو، التي فازت في الانتخابات التمهيدية داخل المعارضة، فإن قضية إيسيكويبو ليست سوى "إلهاء".

وختاما؛ نقلت الصحيفة عن أحد الأصدقاء المقربين لماريا ماتشادو قوله: "قد يتعلق الأمر أيضا بتهيئة الظروف التي تبرر، في غضون عدة أشهر، إلغاء الانتخابات في حالة حدوث موجة اضطرابات على الحدود".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غيانا النفط فنزويلا أمريكا الجنوبية النفط فنزويلا أمريكا الجنوبية غيانا صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نیکولاس مادورو کانون الأول الصحیفة أنه الصحیفة أن فی سنة

إقرأ أيضاً:

الكاظمي في بغداد.. بين تبرئة الساحة والطموح السياسي.. 3 أسباب للعودة المريبة - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

كشف مقرر مجلس النواب السابق، محمد عثمان الخالدي، اليوم الأربعاء (26 شباط 2025)، عن ثلاثة أسباب كانت وراء عودة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى العاصمة بغداد.

وقال الخالدي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "عودة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى بغداد لم تكن مفاجئة، وكنا نعلم بها منذ أسابيع"، لافتًا إلى أن "ثلاثة أسباب كانت وراء عودته التي نظر إليها البعض على أنها مفاجئة".

وأوضح، أن "السبب الأول هو تقديم الكاظمي بعض الوثائق حول ملابسات سرقة القرن، وتورط بعض الموظفين في رئاسة الوزراء أثناء توليه المنصب، وبالتالي كانت محاولة لتبرئة ساحته مما أثير حول الملف الذي أثار الرأي العام لفترة طويلة".

وأضاف، أن "السبب الثاني هو وجود مساع جادة من قبله لبلورة تكوين تيار سياسي جديد، ربما بمشاركة بعض التيارات الأخرى".

وأشار إلى أن "السبب الثالث هو دعوة من بعض النخب السياسية، وبعضها متنفذ، والتي تأتي في إطار الحوارات من أجل قراءة المشهد الإقليمي والدولي، خاصة مع التوترات الحالية، وكيف يمكن تحصين العراق من أي ارتدادات، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في سوريا".

وأكد الخالدي أن "الكاظمي ليس متهما في قضية أو عليه أي دعوى، وبالتالي تواجده في العراق ليس للدفاع عن قضية معينة، بل هو مسؤول حكومي سابق، وتواجده في بغداد أمر طبيعي".

وتأتي عودة رئيس الوزراء السابق إلى بغداد بعد نحو عامين من انتهاء ولايته التي وما أن غادرها حتى بقي اسم مصطفى الكاظمي متداولا في الأوساط السياسية، خاصة في ظل الجدل حول قضايا حساسة مثل "سرقة القرن"، وهي واحدة من أكبر ملفات الفساد التي أثارت الرأي العام العراقي.

عودة تعيد إلى الأذهان تجارب سابقة لقيادات عراقية غادرت السلطة ثم عادت لمحاولة إعادة التموضع في المشهد السياسي، سواء عبر تأسيس أحزاب جديدة أو الدخول في تحالفات مع قوى قائمة.

ويبقى السؤال مفتوحا: هل ستكون عودة الكاظمي خطوة تكتيكية مؤقتة أم بداية لتحركات سياسية جديدة ستعيد رسم ملامح المرحلة المقبلة؟

مقالات مشابهة

  • حبس 3 أشخاص لاتهامهم بإدارة بؤرة إجرامية تخصصت في جلب المواد المخدرة
  • تفاصيل مثيرة في محاكمة "ولد الريفية" الذراع الأيمن لبعيوي في أنشطته التي فضحها "إسكوبار الصحراء"
  • قطر تطلب من العدل الدولية رأيا استشاريا بشأن التزام إسرائيل بأنشطة الأمم المتحدة
  • مجلس الإدارة غاضب.. إعلامي يكشف تفاصيل أزمة ساخنة داخل الزمالك
  • “القوس والسهم” يعتمد تنظيم البطولة الدولية المفتوحة أبريل المقبل
  • ما الدروس التي استخلصتها شعبة الاستخبارات الإسرائيلية من فشل السابع من أكتوبر؟
  • “فريق الإمارات بولو” يحقق فوزه الأول في بطولة غنتوت الدولية
  • «الباعور» يبحث التحديات التي تواجه «الوكالات الدولية
  • الكاظمي في بغداد.. بين تبرئة الساحة والطموح السياسي.. 3 أسباب للعودة المريبة
  • الكاظمي في بغداد.. بين تبرئة الساحة والطموح السياسي.. 3 أسباب للعودة المريبة - عاجل