ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم شرب الماء أثناء الطواف؛ فرجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وأثناء الطواف بالبيت عطش عطشًا شديدًا، فشرب أثناء طوافه، ويسأل: هل شربُه الماءَ حين أصابه العطش أثناء الطواف جائزٌ، ويكونُ طوافُه صحيحًا شرعًا؟

حكم الطواف وملابس الإحرام متسخة.. تعرف على آراء الفقهاء هل يجوز الاقتراض لأداء العمرة أم يشترط الاستطاعة.

. الإفتاء تجيب

وقالت دار الإفتاء، إنه مِن المقرر شرعًا أنَّ أفضل ما يتقرب به العبد من ربه: الطواف بالبيت، فهو عبادة مِن أهم العبادات وأعظمها، وقُربة مِن أفضل القُربات وأرفعِها، وركن في الحج والعمرة فلا يَصِحَّان إلا به، وهو أكثر المناسك عملًا في الحج والعمرة، وشعيرة يثاب عليها المسلم في جميع حالاته، سواء فعلها على سبيل الوجوب والفرضية، أو على سبيل الندب والتطوع؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم﴾ [البقرة: 158]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق﴾ [الحج: 29].

ووصف النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الطوافَ بالبيت بأنه صلاة؛ لحرمته ومكانته وفضله وعَظَمته، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَكِنَّ اللهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الدَّارِمِي والبَيْهَقِي في "السنن"، وابن حِبَّان في "الصحيح"، وابن الجارود في "المنتقى" -واللفظ له-، والحاكم في "المستدرك" وغيرهم.

وفي رواية عنه أيضًا رَفَعَهَا: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: التِّرْمِذِي والنَّسَائِي في "السنن"، وابن خُزَيْمَة في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

حكم شرب الماء أثناء الطواف

وأوضحت، أن الطواف وإن كان ذا شأن عظيم ومكانة عالية حتى وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة أو كالصلاة، إلا أنه يجوز شرب الماء فيه، وقد نقل الإجماعَ على جواز ذلك الإمامُ ابن المُنْذِر، فقال في "الإجماع" (ص: 55، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أنَّ شُرب الماء في الطواف جائزٌ] اهـ.

وقال في "الإشراف" (3/ 279، ط. مكتبة مكة الثقافية): [باب الشراب في الطواف: روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه شَرِبَ ماءً في الطواف، ورَخَّص في الشُّرب في الطواف عطاءٌ، وطاوس، وأحمد، وإسحاق، ولا أعلم أحدًا مَنَعَ منه الطائفَ، وبه نَقول] اهـ.

وذكرت أن الفقهاء وإن أجمعوا على جواز شرب الماء أثناء الطواف لمن أصابه الظَّمَأُ، إلا أنَّ بعضَهم كَرِهَهُ لغير حاجةٍ أو ظَمَأٍ، كالمالكية والشافعية، فإن كان ظمأ فلا بأس به ولا يُكره حينئذ، وأما الحنفية والحنابلة فقد أباحوه مُطلقًا.

قال الإمام السِّنْدِي الحنفي في "لباب المناسك" (ص: 118، ط. دار قرطبة): [فصل في مباحاته: الكلام، والسلام، والإفتاء، والاستفتاء، والخروج منه لحاجته، والشرب] اهـ.

وقال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 497، ط. دار الفكر) في بيان أحكام الطواف والسعي: [والمصرح به في "اللباب" كراهةُ البيع فيهما، وكراهةُ الأكل في الطواف لا السعي، ومثل البيع الشراء، وعُدَّ الشُّرب فيهما مِن المباحات] اهـ.

ووجه كونه مكروهًا أو خلاف الأَوْلَى: أنه ينبغي على الطائف أن يكون في طوافه خاشعًا متخشعًا، حاضر القلب، ملازم الأدب بظاهره وباطنه في هيئته وحركته ونظره؛ لأن الطواف يشبه الصلاة في حسن الأدب والخشوع والخضوع إلى رب العزة سبحانه وتعالى، ومِن ثَمَّ فالأَوْلَى للطائف أن يتأدبَ بآدابها، ويستشعرَ بقلبه عَظَمة مَن يطوف ببيته جَلَّ وَعَلَا. ينظر: "المجموع" للإمام النووي (8/ 46).

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ ما قام به الرجلُ المذكورُ في أثناء طوافه بالبيت الحرام مِن شُرب الماء بعد أن أصابه العطش الشديد -هو أمر جائزٌ شرعًا، وطوافه صحيح، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، كما سبق بيانه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الطواف شرب الماء العبادات العمرة صلى الله علیه وآله وسلم شرب الماء فی الطواف ال ب ی ت

إقرأ أيضاً:

هل شرود الذهن فى الصلاة يبطلها .. وماذا أفعل لأخشع فيها؟ الإفتاء تجيب

يشرد ذهنى في صلاة الفريضة، حتى إني لا أعرف كيف أنهيتها، ماذا أفعل حتى أخشع في صلاتي؟ سؤال أجاب عنه الدكتور مجدى عاشور أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.

وقال: إن شرود الذهن في الصلاة لا يبطلها ما دام المسلم قد أتمَّ شروطها وأركانها، ولكن الخشوع هو سِرُّ قَبُول الصلاة وسبب وجود الراحة فيها، ولذلك ينبغي على المسلم أن يقوم بإنجاز أموره الضرورية التي تشغل باله وفكره عن الصلاة وفي أثنائها، ثم يدخل الصلاة مستحضرا عظمة الله تعالى.

وكشف عن أن سبيله في تحقيق الخشوع أن يتدبر الآيات التي يقرؤها ، وأن ينطق قراءة القرآن والأذكار التي في الصلاة بتودة ، وعلى مهل ، فذلك أدعى للخشوع فيها .

هل يجوز قصر الصلاة في المنزل قبل السفر؟.. أمين الفتوى يجيبهل يجوز ترك ركعتي السنة عند قضاء صلاة الفجر لضيق الوقت؟.. الإفتاء تجيبفاتتني صلاة العشاء فهل أقضيها في الصباح؟.. دار الإفتاء توضحهل يجوز قضاء الصلوات الفائتة في أوقات الكراهة؟.. الإفتاء توضحدعاء الخشوع فى الصلاة

قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الخشوعُ في الصلاةِ هو السكون فيها، وعلى المصلِّي أن يُظهر التذلّلُ للهِ عزَّ وجلَّ بقلبهِ وجميع جوارحهِ، وذلك بحضورِ القلبِ وانكسارهِ بين يدي اللهِ تعالى،ُ وكمالُ الخشوعِ يتحقّقُ بتصفيةِ القلبِ من الرياءِ للخلقِ في الصلاةِ.

وأضاف« ممدوح»، في إجابته عن سؤال: «ما دعاء الخشوع فى الصلاة والدعاء للمريض؟»، عليك بأربعة أمور بدايةَ: أولا: استشعارُ الخضوعِ والتواضعِ للهِ عزَّ وجلَّ عند ركوعك وسجودك، ثانيًا: أن يمتلئَ قلبك بتعظيمِ اللهِ عز وجلّ عند كل جزءٍ من أجزاء الصلاةِ، ثالثًا: أن يبتعد المُصلّي في صلاتهِ عن الأفكارِ والخواطرِ الدنيويّة، رابعًا: الإعراضِ عن حديثِ النفسِ ووسوسةِ الشيطانِ .

وتابع: “إن الخشوع في الصلاةِ يَكثرُ ثوابها أو يقلّ حسبما يعقل المصلّي في صلاتهِ، ذلك أنّ الصلاةَ مع الغفلةِ عن الخشوعِ والخضوعِ لله عز وجل لا فائدة فيها”، مختتمًا: بذكر الدعاء التالى، لمن أراد خشوعًا فى صلاته وهو: " اللهم ارزقني خشوعًا فى الصلاة، اللهم اشفِ مرضاناَ ومرضي المسلمين".

 

مقالات مشابهة

  • هل زيارة قبر النبي من تمام العمرة والحج؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل الأفضل أداء النافلة أم ترديد الأذكار بعد الصلاة المفروضة؟.. الإفتاء تكشف
  • سنن الأذان الخمسة والدعاء المستجاب قبل الإقامة.. تعرف عليه
  • هل يجوز صلاة قيام الليل ركعتين فقط؟.. الإفتاء تجيب
  • ما هو صوم التمتع ومعناه؟.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام الست من شوال.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز صيام الست أيام البيض متفرقة؟ الإفتاء تجيب
  • حكم التجارة في المفرقعات واستعمالها.. دار الإفتاء تجيب
  • هل تأخير إخراج الزكاة يبطل ثواب صيام رمضان؟.. الإفتاء تجيب
  • هل شرود الذهن فى الصلاة يبطلها .. وماذا أفعل لأخشع فيها؟ الإفتاء تجيب