موقع النيلين:
2025-03-11@11:25:50 GMT

الإيمان بالقدر

تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فالقدر هو سر الله المكنون الذي لم يطلع عليه خلقه، وما أجمل الكلمة التي قالها العبد الصالح جعفر بن محمد الصادق رحمه الله تعالى حيث قال: إن الله تعالى أراد بنا، وأراد منا، فأظهر ما أراد منا، وأخفى ما أراد بنا؛ فاشتغلنا بما أراد بنا، وتركنا ما أراد منا.

ومعنى كلامه أننا متعبَّدون بالشرع الذي أظهره الله لنا في أوامره ونواهيه، ولسنا متعبَّدين بالقدر الذي أخفاه الله عنا، وكما قال سبحانه {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} والاحتجاج بالقدر على معصية الله هو صنيع المشركين؛ حيث إنهم لما أفحمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيَّن لهم فساد معتقدهم وضلال فعلهم احتجُّوا بالقدر؛ فقالوا {لو شاء الله ما أشركنا نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} قال الله تعالى ردّاً عليهم {كذلك كذَّب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} فهم قالوا كلمة حق حين قالوا {لو شاء الله ما أشركنا} لكنهم أرادوا بها باطلاً حين زعموا أن ذلك دليل على رضا الله عنها، وهو سبحانه القائل {ولا يرضى لعباده الكفر} فيا أخي الله تعالى علم بما يقع منا من أعمال لكنه لم يجبرنا عليها…………..

مثال ذلك ولله المثل الأعلى: مدرس عنده عدد من الطلاب وقد عرف مستوياتهم وقدراتهم فكتب تقريراً للعميد أو المدير بأن نصفهم سيرسبون وهم فلان وفلان، ونصفهم سينجحون وهم فلان وفلان!!! فهل معنى ذلك أنه أجبر هؤلاء على الرسوب أو أولئك على النجاح؟؟ اللهم لا لكنه علم فقط….. وقد سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فائدة العمل في أمر قد قدر وفرغ منه فقال عليه الصلاة والسلام (اعملوا فكل ميسر لما خلق له)…….

وفي قضية التسيير والتخيير الإنسان مسيَّر في أمور مثل كونه أبيض أو أسود أو طويلاً أو قصيراً أو من قبيلة كذا أو كذا أو جنس كذا أو كذا، ومثله في حركة أجفانه وتاريخ ولادته ووفاته، هذا كله لا يسأله الله عنه يوم القيامة، وهو بعد ذلك مخيَّر في أقواله وأعماله وكفره وإيمانه وطاعته وعصيانه، وقد قال سبحانه {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا} وقال سبحانه {وهديناه النجدين} وقال سبحانه {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ولذلك يحاسبه الله تعالى على ذلك كله. وعليك أن تؤمن بأن الله تعالى علم كل شيء وكتب كل شيء وخلق كل شيء، وأن مشيئته جل جلاله فوق مشيئة البشر؛ فكتابة المقادير قد حصلت ـ كما ثبت في الحديث الذي رواه مسلم ـ قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وهذه الكتابة على خمسة أنواع:

الأولى: التقدير الأزلي وهو الذي كان قبل أن يخلق الله الخلق، والثاني: التقدير يوم أخذ الميثاق كما في الحديث الذي رواه مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والثالثة: التقدير العمري كما في الحديث الذي في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والرابعة: التقدير الحولي وهو الذي يكون في ليلة القدر كما في قوله تعالى {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أي: في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق، وما يكون فيها إلى آخرها. وهكذا روي عن ابن عمر، وأبي مالك، ومجاهد، والضحاك، وغير واحد من السلف.ا.هـ والخامسة: التقدير اليومي حين تنقل الملائكة من اللوح المحفوظ ما يكون في كل يوم من رزق وأجل وصحة وسقم وغير ذلك مما قدره الله عز وجل، وبذلك يعلم أنه لا تنافي بين الحديثين، بل يُحمل كل منهما على حالة دون الأخرى، والله تعالى أعلم.

الشيخ عبدالحي يوسف

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قال سبحانه الله تعالى ما أراد یکون فی

إقرأ أيضاً:

4 أنواع من الجزاء.. عقوبة تارك الصلاة في الآخرة

أكد الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن الصلاة هي الركن الأساسي في الإسلام، وهي الصلة التي تربط العبد بربه، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى فرضها على النبي محمد ﷺ وأمته في ليلة المعراج، حيث كانت خمسين صلاة، ثم خُففت إلى خمس، مع بقاء أجر الخمسين، مما يُجسد مظاهر اليسر في العبادات. 

وأضاف نائب رئيس جامعة الأزهر الشريف، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الإثنين، أن الصلاة لا تسقط أبدًا إلا عن المجنون الذي فقد عقله، وعن المرأة أثناء حيضها، مؤكدًا أن القرآن الكريم أولى الصلاة عناية خاصة، حيث قال تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا"، كما مدح الله تعالى المحافظين عليها والخاشعين فيها، بقوله: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ". 

وأشار إلى أن النبي ﷺ وصف الصلاة بأنها نور، فقد ورد في الحديث الشريف: "الصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك"، محذرا من التهاون في الصلاة.

وأوضح أن من تركها يُحشر يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأُبيّ بن خلف، كلٌ بحسب ما شغله عن الصلاة، فمن شغله ماله حُشر مع قارون، ومن شغله ملكه حُشر مع فرعون، ومن شغلته وزارته حُشر مع هامان، ومن شغلته تجارته حُشر مع أُبيّ بن خلف.

حكم صلاة العشاء خلف جماعة التراويح.. دار الإفتاء توضحأدعية اليوم العاشر من رمضان 2025.. احرص عليها بعد كل صلاةأفضل سورة قبل صلاة الفجر للرزق واستجابة الدعاء في رمضانأحمد عمر هاشم: الصلاة فُرضت من فوق سبع سماوات

احذر.. التهاون في الصلاة 

وكان نظير عياد، مفتي الجمهورية، حذر من أن التهاون في الصلاة يخلق حاجزًا نفسيًا وروحيًا بين الإنسان وربه، قد يتفاقم مع الوقت ليصبح حاجزًا يمنعه من القرب إلى الله.

وأشار "عياد"، إلى فئة المنافقين الذين يظهرون التزامهم بالصلاة رياءً أمام الناس، دون إخلاص النية لله، مستشهدًا بقول الله تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى".

وأكد مفتي الجمهورية، أن هذا السلوك منافٍ تمامًا لروح العبادة، حيث ينبغي أن تكون الصلاة مقرونة بالتواضع والخشوع لله.

ولفت المفتي إلى أن الله لا يتقبل الصلاة إلا من المتواضع الخاشع، مستشهدًا بالحديث النبوي: "إِنَّمَا أَتَقَبَّلُ الصَّلَاةَ مِمَّنْ تَوَاضَعَ بِهَا لِعَظَمَتِي".

وأشار إلى أن السجود يمثل لحظة لقاء فريدة بين العبد وربه، حيث يطرح الإنسان همومه بين يدي الله، ويطلب العون والتوفيق في حالة من الانكسار والتواضع.

واختتم "عياد"، حديثه بالتأكيد على أن العلاقة مع الله في الصلاة تتطلب خضوعًا تامًا وانقيادًا صادقًا، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من تواضع لله رفعه"، مشيرًا إلى أن هذه العلاقة تقوم على الانكسار أمام عظمة الله، الذي يقول: "العظمة إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدة منهما أدخلته ناري ولا أبالي". 

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: العلماء اتفقوا على أنه لا ترادف في أسماء الله الحسنى
  • هشام عبد العزيز: ذكر الله طوق نجاة وراحة للقلب والروح
  • الاستثمار والتنمية في الإسلام
  • سُنَن الفطرة
  • 4 أنواع من الجزاء.. عقوبة تارك الصلاة في الآخرة
  • للصائم دعوة لا ترد
  • هل يُقبل صيام المرأة غير المحجبة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ميثاق غليظ
  • الإيمان والإستقامة
  • الإقلاع عن التدخين بمناسبة الشهر الفضيل