المغرب و الإمارات على سكة شراكات جديدة…
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
بقلم : د. عبدالله بوصوف / أمين عام مجلس الجالية
عمليات توثيق اللقاءات و المنتديات و الندوات…من خلال إلتقاط صور أو تخصيص حيز زمني لتصريحات و مؤتمرات صحفية..ليست ب” ترف سياسي ” بل هي عنصر هام ضمن عمليات التواصل السياسي مع الرأي العام و خلفية كبيرة تساعد على قراءات مختلفة بإختلاف زوايا قارئها..
لذلك ونحن نقــرأ مختلف صُــور اللقاء الأخوي ليوم 4 دجنبر 2023 بين الملك محمد السادس و أخيه الشيخ محمد بن زايد آل النهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة…بالقصر الرئاسي ” قصر الوطن ” حيث لا تغيب لمسات الصانع التقليدي المغربي و بصماته في الجدران و الأقواس و الزخرفة و البلاط و النقش.
ونحن نقرأ تلك الصور نقف عند تفاصيل دقيقة تخص استقبال الشيخ رئيس الدولة والشعب الإماراتي لضيف غير عادي… يحمل معه شريط أحداث تاريخية مشرقة تجمع الدولتين و مواقف سياسية ثابتة لا تتأثـر بسحابات صيف عابرة لأنها بحق علاقة راسخة..
و لأن الصور تحتاج عادة إلى تعليق و إلى عنوان…فقــد جاء عنوان اللقاء ” شراكة مبتكرة و متجددة و راسخة…” عميقا يختزل دفئ الاحضان و صدق المودة و صفاء النوايا في توقيع انتقال جديد الى مستوى أرحب بتلك العلاقات الأخوية من خلال آليات مبتكرة و مشاريع متجددة…تخدم مصالح الشعبيْن و تــزيد العلاقات ترسيخا و صلابة لا تصدأ مع الزمن و مضادة لكل عناصر دخيلة…
على أنه لا يمكننا إغفال قراءة صورة تجمع بين فريقيْ عمل الدولتين و يتقدمها قائــدا الشعبيْـن..فبعيدا عن جمالية الصورة ، تخطفنا دلالات الـوفد المغربي من حيث عدد أفراده و تنــوع تمثيله بين مؤسسات الحكومة و قطاعات صناعية و إعلامية و استراتيجية مهمة..وهي رسالة آخرى حول آفاق الشراكات الاستراتيجية و الجيل الجديد من الشراكات المغربية / الإماراتية…
لــذلك فحرارة الاستقبال و قــــــوة حضور الــوفدين المغربي و الاماراتي وما رافق ذلك من توقيع مذكرات تفاهم تخص قطاعات إستراتيجية مهمة تؤمن الأمن المائي و الطاقي و الغدائي و البنية التحتية و توفر فرص عمل عديدة …هي تعبير حقيقي عن واقع العلاقات بين البلدين…إذ كان لابد لهما من نقلــة جديدة تتماهى مع مخاضات العلاقات الدولية و السباق نحو خلق تحالفات سياسية و إقتصادية…و اختيار المغرب للإمارات لتوقيع للعبور معــاً..في ظل ساحات مشتعلة سواء باوركرانيا أو بقطاع غزة / فلسطين ، و في ظل صراعات دولية سواء بين دول الناتو و روسيا أو بين بين الصين و الولايات المتحدة الأمريكية و أزمات المحيط الهادي و انقلابات افريقيا و تهديد فنزويلا / مادورو بضم منطقة Esquibo التابعة ل Guyane وهي الغنية بالبترول و الغاز..مما يجعل أمريكا اللاتينية على شفة حرب…وفي ظل تغييرات مناخية قوية..و تداعيات كورونا و مخلفات الربيع العربي بكل من ليبيا و تونس و سوريا و اليمن و مصر…و دول المتوسط من هجرات و تهجير جماعي نحو أوروبا…
في ظل كل هذا…فاختيار المغرب لدولة الامارات كأحد الشركاء السياسيين و الاقتصاديين للمرحلة الجديدة…ليس بحادث فجائي بل هو امتداد لعلاقات تاريخية و لمواقف سياسية و يتوافق مع إحـداثـيات أعلن عنها ملك المغرب في أكثر من خطاب…و يكفي التذكير بأن الامارات شاركت في المسيرة الخضراء سنة 1975 وكانت أول دولة عربية تفتح قنصلية بالعيون سنة 2020..وحضرت ضمن أربعة دول في عمليات الإغاثة و الإنقاذ في زلزال الـحوز سنة 2023..
هذا دون الحديث عن حجم الاستثمارات الإماراتية في الاقتصاد و السوق المالي المغربي..فـكان ضروريًا من ضخ دماء جديدة في تلك العلاقات الراسخة تاريخيا بشراكات جديدة و مبتكرة…و تتماهى مع الإحـداثـيات المغربية الجديدة سواء على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية الداخلية أو على المستوى المتوسطي و الفضاء الأوروبي أو على المستوى الأطلسي و الفضاء الأمريكي…
وقد لا يحتاج الأمر إلى كثير عناء بربــط ما جاء في خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2023 مع مضمون مذكرات التفاهم في لقاء الامارات ليوم 4 دجنبـر سواء المتعلقة بالتجهيز و اللوجستيك و الموانئ ( الناظور و الداخلة ) و الأسطول البحري التجاري التنافسي ، أو الواجهة الأطلسية و تجمع 23 دولة أو مشاريع تحلية الماء و تدبير الندرة ، أو أنبوب الغاز المغربي / النيجيري…و مشاريع التنمية المستدامة و خلق فرص العمل بما فيها المناطق الصحراوية المغربية..
كما أن ذات الاختيار لم يكن مجاملة لبلد شقيق ، بل إن الامارات تتوفر على أجندة إقتصادية قــوية على مستوى الامتداد الخارجي و من ضمنها إفريقيا ، إذ تعد رابع مستثمر خارجي بعد كل من الصين و الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الامريكية..كما وصل رقم استثماراتها الى 60 مليار دولار في مجالات البنية التحتية و القطارات و الموانئ و الطاقة النظيفة بافريقيا ، و قد وقعت في شهـر شتنبر الماضي بالعاصمة نيروبـي على مبلغ 4,5 مليار دولار لتمويل مشاريع الطاقة النظيفة بافريقيا و ذلك قُبيـل اجتماع دورة كوب28 بالإمارات في نوفمبر 2023..كما قامت شركات الامارات و صناديقها الاستثمارية بتوقيع شراكات لتحديث البنى التحتية و موانئ العديد من الدول الافريقية مثل دجيبوتي و تنزانيا و الموزنبيق و مصر و أنغولا و السينغال…وهي شراكات جعلت بعض المهتمين بالشؤون الافريقية يعتقـدون بوجود صراع ثنائي صيني / إمـاراتي حول الموانئ الافريقية…
لــذلك فإشارة الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الامارات في البيان المشترك لزيارة الأخوة و العمل للملك محمد السادس يوم 4 دجنبـر …الى أن المغرب يقدم فرصًا و إمكانات في مجال الاستثمار كبيرة و مؤهلات متنوعة مدعومة بتوفير مناخ محفز للأعمال فضلا عن الامن و الاستقرار مما يجعله وجهة جذابة للاستثمار…هي رسالـة واضحة لكل الشركاء الاقتصاديين الذين يتقاسمون مع المغرب رصيده السياسي و التاريخي و دفاعه عن الوحدة الوطنية و الترابية…
لكل هذا فإننا نفتخر بشراكات المغرب مع دولة الامارات العربية المتحدة و الدفع بها الى السرعة القصوى تحت عنوان ” شراكة مبتكرة و متجددة و راسخة…”
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: دولة الامارات
إقرأ أيضاً:
علي بن تميم: الإمارات تقدّم مبادرات ملهمة وخلّاقة تعيد البريق للمكتبات
شارك الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، في الدورة الأولى من مؤتمر دبي للمكتبات، الذي نظمته مكتبة محمد بن راشد بمشاركة أكثر من 70 متحدثاً من أرجاء العالم، وما يزيد على 27 دولة، تحت شعار "مكتباتنا: الماضي الحاضر المستقبل".
وقال الدكتور علي بن تميم، عبر حسابه على منصة "إكس"، اليوم السبت، إن المؤتمر شديد الأهمية، كونه يُعد أحد أبرز الفعاليات الدولية في قطاع المكتبات والمعلومات على المستويين المحلي والدولي، ويزيد من التبادل المعرفي والتثاقف والنقاش المهم حول مستقبل الكتاب وأرشفته، وآفاقه الرقمية وتجلياته في الصناعات الإبداعية، بالإضافة إلى إسهامات الذكاء الاصطناعي والذي شكل حضورا قويا في المؤتمر النوعي". مواكبة المتغيرات العالمية وأضاف: "يلقي المؤتمر أيضاً الضوء على الجهد الكبير الذي تبذله مكتبة محمد بن راشد بقيادة رئيسها الأديب محمد بن أحمد المر، وفريق عمله المميز في هذا السياق، وجهود دولة الإمارات لتطوير قطاع المكتبات، وتعزيز دورها الريادي في قيادة التأليف والبحث العلمي في الثقافة والمعرفة، من خلال الخروج بتوصيات وحلول مشتركة لمواجهة التحديات ومواكبة المتغيرات العالمية في هذا المجال الحيوي، بما يسهم في تعزيز مكانة المكتبات كجسر يربط بين الثقافات ويدعم التنمية المستدامة".
سعدنا بالمشاركة في الدورة الأولى من مؤتمر دبي الدولي للمكتبات، الذي نظمته مكتبة محمد بن راشد بمشاركة أكثر من 70 متحدثاً من أرجاء العالم، وما يزيد على 27 دولة، تحت شعار "مكتباتنا: الماضي الحاضر المستقبل".
المؤتمر شديد الأهمية كونه يعد أحد أبرز الفعاليات الدولية في قطاع المكتبات… pic.twitter.com/6BoAeRmRzl
وقال بن تميم إن النقاش في الندوة ركّز على أهمية تفكيك كلمة "الحراسة" فيما يتعلق بالتراث، وهل تعني الوصاية أم الحماية أم تنظيم التعامل. 3 مداخل للتعامل مع التراث وأشار إلى أن التعامل مع التراث في العالم يتم عبر 3 مداخل هي: التفريط الكامل واعتباره بلا قيمة، والحجب الكامل بذهنية الحراسة وحبسه في خزانة مغلقة، أو التعامل معه كمنتج حضاري إنساني يحتاج إلى التعاطي والاشتباك معه، ومحاولة فهمه والاستفادة منه والبناء عليه، وهو ما تفعله دولة الإمارات، متمثلة في عدد من المؤسسات الثقافية المتخصصة، ومن هنا يمكن فهم معنى استئناف الحضارة، فالاستئناف يعني الاستكمال بالضرورة، والبناء على المفيد مما سبق، ونقده وإصلاحه.
وأشاد الدكتور علي بن تميم بالدور المهم الذي تقوم به دولة الإمارات في تعزيز حركة النشر، وتنظيم قطاع المكتبات، حيث استطاع مركز أبوظبي اللغة العربية، عبر عدد من المكتبات، مثل مكتبة قصر الوطن وغيرها، أن يقدم عدداً من المبادرات الملهمة والخلاقة، التي أعادت لفكرة المكتبة بريقها، وربطتها بالتغيرات التكنولوجية التي تجتاح العالم. جهود الدولة لتطوير قطاع المكتبات وانطلقت، أمس الجمعة، أعمال الدورة الأولى من مؤتمر دبي الدولي للمكتبات 2024، تحت شعار "مكتباتنا: الماضي، الحاضر، والمستقبل"، بتنظيم من "مكتبة محمد بن راشد"، وتستمر حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بمشاركة أكثر من 70 متحدثًا وما يزيد على 27 دولة.
وقال محمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، إن انطلاق المؤتمر يعكس جهودنا المستمرة في دولة الإمارات لتطوير قطاع المكتبات وتعزيز دورها مراكز للمعرفة والثقافة، من خلال الخروج بتوصيات وحلول مشتركة لمواجهة التحديات، ومواكبة المتغيرات العالمية في هذا المجال الحيوي، بما يسهم في تعزيز مكانة المكتبات جسورا تربط بين الثقافات وتدعم التنمية المستدامة.
مشاركة دولية واسعة
ويشارك في المؤتمر نخبة من الشخصيات البارزة والمؤثرة في مجال المكتبات والمعلومات، من بينهم الدكتور زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لرئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، والدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، وفهد المعمري، رئيس جمعية الإمارات للمكتبات، والدكتور عبد الله خليفة الحفيتي، نائب الرئيس المساعد في جامعة خليفة، وكريستين إن. ستيوارت، أستاذة مشاركة من جامعة زايد.
ويشهد المؤتمر مشاركة وحضور شارون ميمس، الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات، ولويس كوافيه-جن، رئيس جمعية المكتبات والمعلومات البريطانية، إلى جانب البروفيسور محسن الموسوي من جامعة كولومبيا، والدكتور سيف الجابري، الممثل الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "إفلا"، وبن باري، مدير الخدمات الرقمية في المكتبة العامة البريطانية في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى العديد من المسؤولين والقيادات والرموز الثقافية المعنية بقطاع المكتبات من حول العالم.
ويبلغ إجمالي عدد المشاركين في الدورة الأولى من نوعها لمؤتمر دبي الدولي للمكتبات، قرابة 2000 شخص من عدة بلدان حول العالم، تنوعت خلفيتهم المعرفية والمهنية والثقافية بين العاملين والمختصين في مجال المكتبات والمعلومات والأكاديميين والعاملين في مجال الأرشيف، والمسؤولين الحكوميين وصانعي القرار في هذا القطاع الحيوي، لتبادل الأفكار والخبرات والتعرف على أحدث الممارسات في قطاع المكتبات والمعلومات.
وينظم المؤتمر أكثر من 66 ورشة عمل وندوة حوارية، تناقش موضوعات كأنظمة المكتبات، والملكية الفكرية، والذكاء الاصطناعي، والمكتبات المستدامة، وحفظ وترميم الأرشيف، ودور العمل الخيري في ضمان الوصول إلى الكتب.