هجمات الحوثيين البحرية.. توتر خطير ومخاوف من انفجار إقليمي
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
يؤدي تكثيف هجمات ميليشيا الحوثيين في البحر الأحمر إلى زيادة التوتر بشكل خطير في هذه المنطقة الحيوية للتجارة البحرية الدولية ويؤجّج المخاوف من انفجار الوضع الإقليمي.
منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، كثّفت الحوثيون اليمنيون الذين هددوا بمهاجمة أي سفينة تتجه نحو إسرائيل أو لديها صلة بالدولة العبرية، عملياتهم.وتشمل تلك العمليات التي تشنها الميليشيات هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت آخرها نهاية الأسبوع الماضي فرقاطة فرنسية، واعتداء على سفينة تجارية بمروحية الشهر الماضي، وإطلاقاً صاروخياً على ناقلة نفط نرويجية الإثنين... في المجموع، نُفّذت عشرات الهجمات باسم القضية الفلسطينية من جانب الحوثيين، وهم جزء من "محور المقاومة" ضد إسرائيل الذي يشمل إيران وحزب الله اللبناني وحركة حماس.
رداً على هجمات الحوثي..إسرائيل السفينة "ساعر 6" إلى البحر الأحمر https://t.co/rynpdxq2tm
— 24.ae (@20fourMedia) December 12, 2023 يراقب المجتمع الدولي البحر الأحمر من كثب منذ سنوات، فهذا "الطريق البحري السريع" الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي والذي تمر فيه 20 ألف سفينة تقريباً كل عام، هو منطقة جيوسياسية وتجارية رئيسية.تمر حوالى 40 % من التجارة الدولية عبر مضيق باب المندب الذي يفصل شبه الجزيرة العربية عن إفريقيا، وفق ما تفيد أرقام رسمية.
تقول الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كامي لونس "في الوقت الحالي، ما زلنا نستطيع السيطرة على الأمور، لكنها لحظة خطرة إلى حد ما بالنسبة إلى استقرار هذه المنطقة الاستراتيجية".
من جهته، يقول فابيان هينز من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن "الحوثيين لديهم القدرة على إحداث أضرار كبيرة".
إذا تمكنت السفن العسكرية التي تجوب البحر الأحمر من الرد، كما فعلت سفينتان أمريكية وفرنسية أخيراً، فإن الحال ليست كذلك بالنسبة إلى السفن التجارية. ويوضح هينز "لا تستطيع البحرية الأمريكية مرافقة كل سفينة مدنية في البحر الأحمر". دور إيران تتّجه كل الأنظار نحو إيران التي تعد صاحبة القرار النهائي في ما يتعلق بفتح جبهات أخرى مع إسرائيل، في لبنان مع حزب الله أو في البحر الأحمر مع الحوثيين.
ويقول هينز "معدات الحوثيين هي في الغالب تكنولوجيا إيرانية لكننا لا نعرف الكثير عن مدى مشاركة طهران في صنع القرار".
ويصرّ الخبراء على أن الحوثيين لديهم حكم ذاتي وهم "لا ينصاعون لطهران كما يفعل حزب الله اللبناني" بحسب لونس.
من جهته، يشير المتخصص في شؤون اليمن في المركز الفرنسي للبحوث العلمية فرانك ميرمييه إلى أن "الحوثيين سيكونون موجودين مع إيران أو بدونها. لديهم تقارب ديني وعقائدي لكنهم مقاتلون يمنيون قبل كل شيء".
ويتابع "لا أعلم ما إذا الإيرانيون يضغطون في كل مرة ينفذ فيها هجوم".
فالحوثيون لديهم أجندتهم الخاصة. فتقديم أنفسهم في الداخل كأبطال للقضية الفلسطينية يسمح لهم بجعل الناس ينسون عدم قدرتهم على تحقيق الاستقرار في اليمن، وأيضاً أن يكونوا لاعباً مؤثراً في اللعبة الإقليمية.
ويحذر ميرمييه قائلا "حتى الآن، نفّذ الحوثيون ضربات دون أن يثيروا ردود فعل انتقامية واسعة النطاق، لكن الأمور قد تخرج عن نطاق السيطرة".
وحذر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي السبت عبر القناة الإسرائيلية الثانية عشرة "إذا لم يهتم العالم بالأمر، سنتحرك لإزالة الحصار البحري".
فرقاطة فرنسية تسقط مسيرتين انطلقتا من #اليمن https://t.co/3PPBhWEpWS
— 24.ae (@20fourMedia) December 10, 2023 ويذكّر ميرمييه بأن "الحوثيين خطرون ولا يمكن توقع تصرفاتهم".وتضيف لونس "أظهرت إيران حتى الآن أنها ليست مهتمة بتصعيد الوضع إقليمياً. لكن طهران تتمتّع بنفوذ أقل على جماعات مثل الحوثيين مقارنة بحزب الله". تداعيات تجارية وبحسب الباحثة نوام رايدن من معهد واشنطن، فإن البيانات المتوافرة تشير إلى أن سفناً عدة لديها ارتباط بإسرائيل (المالك أو الوجهة...) تتجنب البحر الأحمر منذ استولى الحوثيون على سفينة "غالاكسي ليدر" التي ما زال طاقمها محتجزاً، في 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي تبحر حول إفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح، ما يزيد مدة رحلاتها أسبوعين، لكن ذلك يؤدي إلى ارتفاع التكاليف وكذلك التأمين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الحوثي اليمن البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
فورين بوليسي: البحرية الأمريكية و"لعبة الخلد" مع الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
انتقدت مجلة "فورين بوليسي"، الأمريكية سياسة الرئيس دونالد ترامب، تجاه الحوثيين في البحر الأحمر، وقالت إن البحرية الأمريكية تمارس لعبة "ضرب الخلد" مع الجماعة المتمردة في اليمن والمدعومة من إيران.
وقالت المجلة في تقرير ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن حرب ترامب على الحوثيين الذي بدأها منتصف مارس الماضي، لا تُجدي نفعًا ولم تُحرز أي تقدم.
وأضافت "يمكن للبحرية الأمريكية أن تُمارس لعبة "ضرب الخلد" مع الحوثيين، لكن هذا لا يُغير شيئًا في الشرق الأوسط، فخلال الأسابيع الخمسة التي انقضت منذ تصعيد إدارة ترامب هجماتها على الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، برزت بعض المشاكل الكبيرة، مما يُبرز مدى صعوبة تحويل خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القوي إلى نتائج ملموسة.
وتابعت "لقد فشلت العملية، التي نوقشت في محادثة عبر تطبيق "سيجنال" شارك فيها صحفي عن طريق الخطأ، حتى الآن في تحقيق أيٍّ من هدفيها المعلنين: استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر وإعادة إرساء الردع."
وأردف المجلة في تقريرها "لا يزال النقل البحري عبر البحر الأحمر وقناة السويس المجاورة مُنخفضًا كالمعتاد، على الرغم من الحملة الأمريكية التي تجاوزت تكلفتها مليار دولار ضد الحوثيين. ويظل المسلحون متحدين كعادتهم، محذرين خلال عطلة نهاية الأسبوع من أن ترامب قد خاض في "مستنقع" وكثفوا هجماتهم على إسرائيل والسفن الحربية الأمريكية في المنطقة".
وأشار التقرير إلى أن هناك نقص صارخ في الشفافية بشأن العملية، وهي أكبر مناورة للقوة العسكرية الأمريكية في ولاية ترامب الثانية. لا تعقد وزارة الدفاع احاطات إعلامية حول الحرب الجارية، وتكتفي القيادة المركزية الأمريكية، التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، بنشر مقاطع فيديو أنيقة لعمليات أسطح الطائرات على وسائل التواصل الاجتماعي، مصحوبة بوسم "#الحوثيون_إرهابيون".
والأمر الأكثر إثارة للقلق -وفق التقرير- هو أن وتيرة العمليات الأمريكية، بما في ذلك الضربات التي تشنها مجموعتان ضاربتان لحاملات الطائرات الأمريكية بالكامل على مدار الساعة، تستنزف ذخائر دقيقة محدودة، يقول العديد من خبراء الدفاع إنها ستكون الأفضل استخدامًا لأي صراع مستقبلي مع الصين. وهذا مهم بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالمخزون المحدود من الصواريخ التي تُطلق من الجو والتي ستكون حاسمة لأي قتال حول تايوان.
وقال أليسيو باتالانو، الخبير البحري في كلية كينجز كوليدج لندن: "إذا كان الأمر يتعلق بحرية الملاحة، فهو غير مجدٍ". وأضاف: "كيف يُمكن دعم فكرة أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ تُمثل الأولوية، ومع ذلك تُسحب عناصر بالغة الأهمية في معركة المحيطين الهندي والهادئ لعمليات في الشرق الأوسط؟"
وحسب التقرير فإنه عندما اختار الحوثيون في البداية استخدام موقعهم الاستراتيجي على شواطئ أحد أهم نقاط الاختناق في العالم، مضيق باب المندب، للضغط على إسرائيل والغرب، استجاب الغرب. أرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوات بحرية لضرب الحوثيين، بينما أرسل الاتحاد الأوروبي فرقته البحرية الخاصة للمساعدة في توجيه السفن التجارية عبر ما سرعان ما أصبح منطقة محظورة.
"ورغم اختلاف أهداف المهمتين الأمريكية والبريطانية والأوروبية قليلاً - إذ سعت الدول الأنجلو-أمريكية إلى "إضعاف" قدرات الحوثيين على البر لاعتراض حركة الملاحة التجارية، بينما اقتربت العملية الأوروبية من عملية حرية الملاحة التقليدية - إلا أن كليهما لم يُجدِ نفعًا يُذكر. وظلت أسعار التأمين مرتفعة للغاية، وانخفضت حركة المرور عبر قناة السويس"، كما في ورد في التقرير.
واستدرك التقرير الذي ترجمه "الموقع بوست" ثم جاءت إدارة ترامب الجديدة، عازمة على تحقيق ما فشلت فيه إدارة بايدن المنتهية ولايتها. كتب وزير الدفاع الأمريكي المحاصر، بيت هيسغيث، في محادثة سيغنال سيئة السمعة، والتي شاركها هو وزملاؤه مع صحفي في الأيام والساعات التي سبقت وخلال هجمات مارس على الحوثيين: "الأمر لا يتعلق بالحوثيين". وأضاف: "أرى الأمر شيئين: 1) استعادة حرية الملاحة، وهي مصلحة وطنية أساسية؛ و2) إعادة إرساء الردع، الذي قوضه [الرئيس جو] بايدن".
وأشار إلى أن فكرة حرية الملاحة مصلحة وطنية أساسية للولايات المتحدة قوبلت برفض من نائب الرئيس جيه. دي. فانس خلال محادثة سيغنال. وكان جميع أعضاء فريق الأمن القومي لترامب يرغبون في ضمان أن تدفع أوروبا بطريقة ما ثمن المغامرة العسكرية الأمريكية غير المطلوبة. وتعتقد القيادة المركزية الأمريكية بالتأكيد أن الأمر كله يتعلق بالحوثيين.
وأكد أن التناقضات الكامنة في سياسات الولايات المتحدة وأولوياتها برزت من خلال الرسائل النصية الخرقاء. وأبرزها: ماذا حدث للتحول نحو آسيا؟ قال باتالانو: "البحرية الأمريكية بارعةٌ جدًا في ضرب الأهداف البرية. لكن النجاح العملياتي والتكتيكي لا يُخفي حقيقة أن التأثير الاستراتيجي لا يزال بعيد المنال، إن لم يكن مُحددًا تمامًا". وأضاف: "إذا كان الهدف من هذا ردع القيادة الصينية تجاه تايوان، فأنا لست متأكدًا من أنها تفعل ذلك بالفعل".
وطبقا للتقرير فإنه "منذ عهد توماس جيفرسون، ناضلت الولايات المتحدة من أجل حرية الملاحة، وأحيانًا في مياه ليست بعيدة عن الصراع الحالي. ما يصعب فهمه الآن هو سبب إنفاقها أموالًا طائلة في محاولة عقيمة لفتح ممر بحري لا يحتاج إلى فتح، في حين أن هناك تحديات أخرى أكثر إلحاحًا. والأسوأ من ذلك، أن سوء استخدام القوة البحرية قد يؤدي إلى نتائج عكسية - إذ يتطلب الأمر الكثير من الوقت والجهد لإقناع الديمقراطيات بدفع مبالغ طائلة مقابل سفن حربية متطورة ضرورية وذات فائدة كبيرة، ولكن ليس هذه السفينة".
وقال باتالانو: "ما أجده أكثر إثارة للقلق هو أنهم يقوضون الفائدة النهائية للقوة البحرية". "في المستقبل، عندما يقول الناس: لماذا نحتاج إلى قوة بحرية؟ لم نفعل شيئًا ضد الحوثيين. سيكونون على حق".