حتى نحقن دم آخر طفل في فلسطين
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
قبل ثلاث سنوات فقط لم يتوقع أحد خارج دائرة علماء الفيروسات وكبار الأطباء أن يتعرض العالم لجائحة صحية يمكن أن تشله تماما وتعيده إلى قرن إلى الوراء.. كان العالم، وخاصة عامة الناس، لا يتصورون أن التقدم العلمي الذي وصلت إليه البشرية يمكن أن يقف عاجزا لعدة أشهر قبل أن يكتشف لقاحا لفيروس كورونا. لكن يبدو أن ثقتنا الكبيرة بالمرحلة التي وصلت لها البشرية من التقدم العلمي ومن الحداثة في البناء الاجتماعي وبناء منظومة القوانين وفي إنسانيتنا تحتاج إلى إعادة نظر إن لم يكن الوصول إلى يقين تام أن الكثير من تلك الثقة لم تكن إلا محض ظن لا يلبث أن يسقط عند أول اختبار حقيقي.
إن النظام العالمي الذي نعيشه تأسس في صورته الأولى بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت مجازر ومذابح لا يمكن نسيانها، وقد خرج العالم من تلك الحرب على أمل ألا يعود لمثلها مرة أخرى، لكنه عاد مع الأسف الشديد وخاض حروبا دامية لا يقل أثرها عن أثر الحرب العالمية الثانية. ونال العرب من تلك الحروب النصيب الأكبر.. وتلك قصة معروفة عند الجميع لا تبدأ من مرحلة الاستعمار الذي وقعت تحت نيرانه الكثير من الدول العربية ولا تنتهي بغزو العراق وتدمير سوريا واليمن وليبيا.. أو بقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين التاريخية في أعقاب صمت مدافع الحرب العالمية الثانية وما صاحبها من حروب لتحرير الأرض والتي ما زالت تدور حتى اليوم على ساحات غزة المقدسة.
وأمام كل هذه الصورة المثخنة بالدماء والجراح والتدمير يتساءل المواطن العربي قبل غيره من المواطنين ممن يسكنون جميع قارات العالم.. هل ما زالت هناك ثقة بالمنظمات الأممية التي نشأت في أعقاب صمت مدافع الحرب العالمية الثانية؟ والتي أنشئت في الأساس من أجل الحفاظ على السلام والأمن الدوليين؟
لا تحتاج الإجابة إلى كثير تفكير.. إن العالم بات على يقين تام أن هذه المؤسسات إنما هي مؤسسات تستخدمها الدول الكبرى من أجل فرض سيطرتها، بالقانون، على الدول الضعيفة أو الدول النامية أو الفقيرة، بينما لا تحتاج الولايات المتحدة أو بريطانيا إلى موافقة أو إذن من الأمم المتحدة من أجل تدمير العراق تحت ذريعة تدمير أسلحة الدمار الشامل!
لقد أثبتت الحرب في غزة بما لا يدع مجالا للشك أن منظمات الأمم المتحدة بما في ذلك مجلس الأمن الدولي، وكذلك محكمة العدل الدولية لا تملك قوة حماية آلاف الأطفال من عملية التصفية والإبادة العرقية التي يتعرض لها سكان غزة.. أكثر من ١٨ ألف شهيد وآلاف آخرين ما زالوا تحت الركام لم يتح لهم حتى أن يتحولوا إلى مجرد أرقام على شاشة الإحصاءات اليومية التي تتناقلها وسائل الإعلام.. كل هذا المشهد المؤلم الذي يؤكد لنا أن كل التقدم الذي حققته البشرية من أول اكتشاف لها إلى ذروته في الذكاء الاصطناعي لا يعني شيئا إن كانت البشرية لا تملك تقديرا لقيمة الإنسان، لا لشيء وإنما لمجرد إنسانيته.. وأمام كل محك جديد يبدو واضحا أن الإنسانية تنحدر بمقادير ما يتقدم العلم.
كان الساسة يقولون إن أهم المكاسب التي خرج بها العالم من الحرب العالمية الثانية أنه صار له مؤسسات ومنظمات أممية تستطيع أن تعيد التوازن وتردع كل من يخرج على قيم العالم ومبادئه، قبل أن نكتشف أيضا أن هذه القيم والمبادئ انتقائية لا يمكن أن تفرض على الجميع بشكل عادل. يحق للدول الغربية أن تحتل وتستعمر وتنهب خيرات الشعوب الضعيفة التي بات لا حق لها ولا قيمة.
والسؤال الذي نطرحه الآن: هل ينبغي إعادة هيكلة مؤسسات النظام العالمي أم على العالم الحر أن يثور عليها فلم يعد لديها ما يمكن أن تقدمه من خير للبشرية.. إن لدى البشرية الكثير من القيم والمبادئ التي يمكن أن يجتمعوا حولها ويؤمنوا بها من أجل أن يحقن دم آخر طفل سيبقى في فلسطين.. وإلا لا أمان لأحد في هذا العالم المتوحش الذي يشرب دماء أطفال غزة في كأس قهوة الصباح كل يوم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحرب العالمیة الثانیة یمکن أن من أجل
إقرأ أيضاً:
مجدي الجلاد: العرب أعادوا تشكيل صورة فلسطين في نظر العالم
كتب- محمد نصار:
تصوير - أحمد مسعد:
قال الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، رئيس تحرير مجموعة "أونا" للصحافة والإعلام، التي تضم مواقع (مصراوي، يلا كورة، الكونسلتو، شيفت)، إن العرب في الماضي كانوا في "خانة المفعول به"، حيث كنا نشتكي من أن صورة العرب والمسلمين في العالم تخضع لسيطرة إعلام موجه.
وأضاف "الجلاد" أنه مع ظهور الذكاء الاصطناعي، كنا نخشى أن يكون تأثيره أكثر خطورة مما واجهناه في الماضي، إلا أن هناك من تصدى لهذه الحملة خلال حرب غزة، ونجحوا في ذلك باستخدام الأسلحة ذاتها التي تعتمدها تلك الدول.
جاء ذلك خلال كلمته بالمائدة المستديرة التي تنظمها جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية عن "محو الأمية الإعلامية والطريق نحو إعلام يواجه التحديات والشائعات ويزيد الوعي المجتمعي".
وتابع: "نجحنا في العالم العربي في تغيير الصورة النمطية عن العرب والفلسطينيين في نظر العالم، ولم يكن التصدي للحملة الأمريكية الصهيونية من خلال المؤسسات الصحفية الرسمية، بل جاء ذلك بفضل المؤثرين الذين استفادوا من مساحة الحرية المتاحة لهم".
وواصل "الجلاد": "لكن هنا تكمن المشكلة"، فهناك نظرية تقول إن الإعلام في الأساس وُجد لإظهار الحقيقة، لكنه تطور لاحقًا ليصبح وسيلة لتحليل الحدث، ثم تحول اليوم إلى صناعة ضخمة تقوم على فكرة إحلال ما هو غير جاد وسطحي محل كل ما هو وعي مجتمعي، فالهدف الأساسي هو تسطيح العقل لجعله خصبا لتلقي ما يريدون نشره وتصديقه.
يدير الجلسة الإعلامية ميريام زكي، ويتحدث فيها، الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، رئيس تحرير مجموعة أونا للصحافة والإعلام، وعدد من الخبراء في المجال الصحفي والإعلامي.
ويحضر الجلسة عدد من أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ، والمهتمين بالملف الإعلامي والصحفي
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
مجدي الجلاد مجموعة أونا للصحافة والإعلام فلسطين الذكاء الاصطناعيتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة