فعلاً ختام الانتخابات الرئاسية «مسك»، فهذا الإقبال المتزايد الذى شهدته لجان التصويت على مستوى الجمهورية يدعو إلى الفخر والاعتزاز، ولأول مرة على مدار الاستحقاقات السياسية تجد هذا المشهد الرائع والعظيم، والإصرار الشديد من الجماهير على الإدلاء بأصواتها فى الانتخابات، وهذه الصورة الرائعة والعظيمة تؤكد عظمة الشعب المصرى كما قلت على مدار الأيام الماضية، ما حدث فى هذا العرس الديمقراطى يعد الأول من نوعه فى هذه الكثافة المتزايدة على مدار الأيام الثلاثة التى حددتها الهيئة الوطنية للانتخابات فى الداخل، وقبلها فى الخارج.
العالم كله الآن يتحدث عن هذا الإقبال غير المسبوق الذى شهده هذا الاستحقاق السياسى، وكل وسائل الإعلام العالمية نقلت الصورة لكل شعوبها بكل حيادية وشفافية، وتصدرت صورة محترمة عن شعب مصر العظيم الذي يثبت يومًا وراء الآخر أنه يستحق التحية والتقدير، لأنه يؤدى واجبه الوطنى وحقه الدستورى والقانونى بشكل حضارى، والحقيقة أن هذا المشهد لم يأت من فراغ ولا وليد الصدفة، إنما هو من مخرجات ثورة 30 يونيو التى حققت إنجازات وإعجازات على الأرض لم يسبق لها مثيل فى البلاد. ومن الطبيعى جدًا أن نجد هذا المسار الديمقراطى الجديد من خلال تفعيل المواد الدستورية الخاصة بتنشيط الحياة السياسية والحزبية والتى جاء من ورائها ترشيح أربعة مرشحين فى هذا الاستحقاق السياسي الأهم الذى تشهده مصر حاليًا. إضافة إلى وجود إرادة سياسية حقيقية لدى الدولة المصرية لتفعيل هذا المسار الديمقراطى العظيم الذى بدأت تتشكل ملامحه من خلال هذا السباق الرئاسى.
ختام الانتخابات الرئاسية «مسك» بهذا الزحف الشديد على صناديق الاقتراع بكافة اللجان على مستوى الجمهورية، فاليوم الثالث لا يختلف كثيرًا عن اليومين الأول والثانى، حيث كان لدى الناخبين الحرص الشديد على الإدلاء بأصواتهم، وعدم تفويت الفرصة فى المشاركة فى هذا المشهد الديمقراطى الرائع، والحقيقة التى لا جدال فيها أن هذه الانتخابات شهدت هذه الكثافة بشكل لم يسبق له مثيل فى أى استحقاقات سياسية من قبل، ويرجع السبب فى هذا الأمر إلى سببين رئيسيين الأول هو وجود إرادة سياسية كما قلت من قبل لتفعيل الحياة السياسية والحزبية، والثانى هو يقين المواطنين المصريين أن مصر تتعرض لأخطار شديدة، وأن المؤامرات والمخططات مازالت قائمة من أجل النيل من البلاد. ويخطئ من يظن أن هذه المخططات قد انتهت، بل هى قائمة، ويكفى ما يحدث الآن للشعب الفلسطينى الأعزل من إبادة جماعية وتطهير عرقى، إضافة إلى مخططات التهجير القسرى لتصفية القضية الفلسطينية، على حساب دول أخرى، ولسنا بمنأى عن هذه المخططات البشعة المجرمة التى تسعى إلى النيل من الأمن القومى والحدود المصرية.
السباق الرئاسى ختامه «مسك»، الذى أكد أن المواطن المصرى هو السيد وهو الرابح الأساسى فيها، وهو البطل الذى يستحق التحية والتقدير لأنه يتمتع بوعى وكياسة وفطنة منقطعة النظير، وأثبت أنه ينتمى لشعب قوى قادر يختلف عن كل شعوب الأرض قاطبة.. تعظيم سلام للمواطن المصرى وباقة ورد وبطاقة محبة له.. ولا يفوتنى فى هذا الصدد أن أتوجه بالشكر إلى الهيئة الوطنية للانتخابات التى أدت دورًا بارعًا ومازالت فى هذا الاستحقاق السياسى العظيم. وكل الشكر والتقدير لمن ساعد فى إخراج هذا المشهد العبقرى وتصدير صورة رائعة عن حضارة الشعب المصرى العظيم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المواطن المصري السباق الرئاسي عظمة الشعب المصري هذا المشهد فى هذا
إقرأ أيضاً:
«مذكرات نشال».. نظرة بانورامية على مصر في نهاية عشرينيات القرن العشرين
3 سنوات كاملة قضاها الكاتب والباحث أيمن عثمان فى التدقيق والتحقيق حول كتاب «مذكرات نشال»، تأليف المعلم عبدالعزيز النص، الذى نشر للمرة الأولى فى نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن الماضى، حيث قرر «عثمان» أن يعود إلى تلك الحقبة الزمنية، ليلقى الضوء من خلالها على فئة من فئات الشوارع الخلفية، ويستعرض من خلالها عوالمهم ومفرداتهم وقوانينهم، ويعيد تقديم المذكرات مرة أخرى بعد البحث والتدقيق فيها، وإلحاقها بملحق من أرشيف الصحافة المصرية، يضم العديد من الحوادث المشابهة التى وقعت فى مصر خلال تلك الفترة.
بعد ما يقرب من 21 يوماً على نشر المذكرات فى معرض الكتاب عام 2024، تلقى أيمن عثمان مكالمة هاتفية من المنتج محمد جبيلى، الذى تحمس للكتاب بشكل كبير، بعد قراءته مباشرةً، وعلى الفور، أجرى الاتصال بالباحث أيمن عثمان، ليكشف له عن رغبته فى تقديم المذكرات بشكل درامى، وسأله عن رأيه فى الرؤية الفنية للعمل، قبل أن ينضم إليهم فى المشروع بعد ذلك، الفنان أحمد أمين.
الكاتب أيمن عثمان: استغرقت 3 سنوات في تدقيق مذكرات «النُّص».. والمنتج محمد جبيلي تحمس لها كثيراً وهو صاحب فكرة تقديمها في عمل درامييستعرض كتاب «مذكرات نشال» سيرة اللص التائب «عبدالعزيز النُّص»، الذى قرر أن يروى سيرته بعد توبته تماماً، على الناشر حسنى يوسف، الذى سبق أن نشر كتاباً بعنوان «مذكرات فتوة»، للمعلم يوسف أبوحجاج، حيث أعجب «النُّص» بمحتوى تلك المذكرات وذهب إلى مكتب «يوسف» فى إدارة مجلة الروايات المصورة، وتحديداً فى 9 مايو من العام 1927، وعرّفه على نفسه باعتباره أكبر نشال فى مصر، وطلب منه أن يقص عليه مذكراته، ويكشف له أسرار عالم النشل، على أن يقوم بصياغتها بطريقة أدبية شيقة، وذلك بحسب ما رواه الناشر فى النسخة الأصلية من الكتاب.
وفتح الكاتب أيمن عثمان باب الشك أمام القراء فى أن شخصية المعلم عبدالعزيز النص شخصية خيالية، بسبب النسخة النادرة من المذكرات التى وصلت للكاتب، التى أهداها الناشر حسنى يوسف للأديب توفيق الحكيم، وكتب على غلاف النسخة «إلى أمير البنان الكاتب العبقرى القصصى المبدع الأستاذ توفيق بك الحكيم، أتشرف بأن أهدى قصتى.. التوقيع حسنى يوسف.. 19 نوفمبر 1938»، حيث يشير هذا الإهداء، من وجهة نظر «عثمان»، إلى أن كلمة «قصتى» تضع احتمالية أن «يوسف» هو الذى صاغ المذكرات من وحى خياله.
وفى تصريحات لـ«الوطن»، قال «عثمان»: «لا أستبعد أن يكون عبدالعزيز النص شخصية غير حقيقية، حيث إن فترة العشرينات شهدت رواجاً كبيراً لنشر مذكرات المهمشين، كانت هناك مذكرات للبغاة، ومذكرات للفتوات، ولكن الطريقة التى كتبت بها مذكرات نشال بها نوع من الاحترافية فى الصياغة، فالمذكرات لها بداية ووسط ونهاية، مما يشير إلى أن كاتبها حكاء ومحترف كتابة، ولكن يظل الأمر غير محسوم»، وأضاف أن «اسم النُّص وغيره من الألقاب المشابهة، يكتسبها النشال فى مهنته، بحسب براعته فيها، وأغلب الظن أنها ليست شخصية حقيقية، وعندما رجعت إلى أرشيف تلك المرحلة، وجدت شخصية النص متماهية مع أكثر من شخصية فى ذلك الوقت، منهم محمد فهمى الدرستاوى، الذى تم توصيفه بأكبر نشال فى مصر، والموجودة صورته على غلاف الكتاب».
وفى الوقت الذى لم يحسم فيه الكاتب أيمن عثمان مدى واقعية شخصية عبدالعزيز النص، إلا أنه أكد بشكل كبير أن الأحداث التى جاءت على لسانه فى المذكرات، هى أحداث حقيقية، موضحاً: «كل الأحداث التى وقعت هى بالفعل أحداث حقيقية، ولها خلفية اجتماعية واضحة وصريحة».
وفى الوقت الذى تدور فيه المذكرات حول مغامرات «النُّص» فى النشل، وتكوين ثروة هائلة، ثم التوبة بعدها، قرر صناع المسلسل إضافة خط درامى مختلف حيث يقرر «النُّص» المشاركة فى تنفيذ عمليات ضد الاحتلال الإنجليزى، وقال «عثمان»: «الدراما ليست عملاً وثائقياً ملتزماً بكل ما جاء فى الكتاب والمذكرات، ولكن الدراما عمل إبداعى مختلف، قد يختار بعض الشخصيات، ويبدأ فى إيجاد شخصيات أخرى، وهو ما حدث بالفعل»، موضحاً أن قارئ الكتاب قد يجد شخصيات على «أفيش» المسلسل ليست موجودة بداخله، منها شخصية الضابط، فلم يكن لها وجود ضمن الأحداث.
وأشاد الكاتب أيمن عثمان باعتماد صناع الدراما، خلال الفترة الماضية، على الأعمال الأدبية المصرية، لتقديمها فى قوالب فنية، قائلاً إن هذا الأمر يؤكد الريادة المصرية، ومن أسس القوة الناعمة، بينما تساعد فى اكتشاف العديد من الكتاب والموهوبين، وأضاف: «عندما يتم الاعتماد على أعمال أدبية مصرية، تحكى حكاية مصرية خالصة، فى ذلك الوقت فقط نقدم دراما مصرية حقيقية، بعيداً عن تمصير أو تعريب الأدب أو الدراما الغربية، وعندما تشهد الدراما حالة من التغريب، أكون من أنصار تحويل الأعمال الروائية إلى أعمال درامية، حتى تكون الدراما معبرة عن الشعب المصرى والعربى».