بوابة الوفد:
2025-04-17@17:49:17 GMT

شخصيات وطنية قبطية (٢) مكرم عبيد

تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT

عندما تسرد تاريخ حزب الوفد، لا يمكن أن تتجاهل رجلًا اسمه مكرم عبيد، سكرتير عام الوفد، الذى كانت تهز سيرته، الشارع السياسى، ويهز صوته جنبات المحاكم خلال عمله كمحامٍ قدير، وهى المهنة التى سار فى طريقها معظم قيادات الوفد، لارتباط هذا العمل بالدفاع عن استقلال الوطن، وحرية المصريين، خلال سنوات طوال من الكفاح الذى قاده هذا الحزب العريق، عبر مائة عام كاملة.

  صحيح أن مكرم عبيد، اختلف مع زعيم الوفد، وصديق عمره، مصطفى النحاس، فى واقعة شهيرة عام 1942 حملت اسم «الكتاب الأسود».. وصحيح أن «مكرم» قد تحامل على «النحاس»، وأخطأ فى حق الوفد، وصحيح أن الوفد أعلن تماسكه، وضحى بقيمة كبيرة مثل «مكرم»، والتف الجميع حول زعيم الوفد، وهو الأمر الذى جعل الوفد يتمكن من البقاء والاستمرار، ولكن حجم وقيمة «مكرم» لا يمكن تجاهلها، فقد كان قيمة سياسية وقبطية وقانونية عظيمة.

«مكرم» هو صاحب مقولة «إن مصر ليس وطنًا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا» والتى أصبحت شعارًا يتمسك به كل الأقباط تأكيدًا على أن مصر ليست مجرد أرض يعيشون فوق بساطها، بل هى عشق وروح التصق بالجسد.. وهو أيضًا صاحب مقولة «اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارًا، واجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين»، فى تفسير عبقرى لفكرة «المواطنة» التى نسعى لشرحها منذ عشرات السنين ولم يعد يفهمها إلا من كان قلبه سليمًا تجاه وطنه، فالمواطنة هى الفكرة التى تجعل علاقة المصرى بوطنه علاقة عادلة، لا أصل لها ولا مصدر سوى التزامك كمواطن بواجباتك تجاه وطنك، والتزام الوطن تجاهك بمنحك كل الحقوق دون العودة إلى مصدر عبادتك وانتمائك الدينى.

من أفضل ما قرأت حول شخصية مكرم عبيد «المسيحى الديانة» هو تفاصيل قضية اشتهرت قبل سنوات طويلة بطلها اثنان من المواطنين أحدهما مسلم والآخر مسيحى، والغريب أن القيادى الوفدى القبطى مكرم باشا عبيد قد ترافع عن المواطن المسلم، رغم أن هذا المواطن قام بسب الدين للمواطن المسيحي!!

الحكاية المثيرة قام بروايتها الكاتب فؤاد اسكندر، ونشرتها صحيفة «الوفد» منذ سنوات، حيث بدأت القضية بمشاجرة فى إحدى قرى مصر بين شابين، أحدهما مسلم والآخر مسيحى، وقام المسلم بـ«سب الدين» للمسيحى، فما كان من المسيحى إلا أن رفع دعوى قضائية ضد جاره.. فسارع أهل الشاب المسلم وتوجهوا إلى القيادى الوفدى الكبير المحامى مكرم عبيد، وطلبوا منه أن يدافع عن ابنهم، خاصة أنهم علموا أن الشاب المسيحى أحضر شهودًا على الواقعة كان من بينهم مسلمون، وكانت المفاجأة أن مكرم عبيد وافق على تولى الدفاع عن الشاب المسلم فى القضية.

  فى جلسة المحكمة، ألقى القيادى الوفدى، مرافعته أمام القاضى، مؤكدًا أن الشاب المسلم لم يتعلم فى المدارس، وأن كل ما حصل عليه هو ما تلقاه فى كُتاب القرية من حفظه للقرآن الكريم والأحاديث النبوية وبعض العمليات الحسابية البسيطة.

وأشار مكرم عبيد، إلى أن الأطفال فى ريف مصر يتعلمون فى الكتاتيب أن «الدين عند الله الإسلام»، ومن ثم فإن الشاب المسلم لم يقصد «سب الدين» لأنه لا يرى دينًا آخر غير الإسلام، وبالتالى انتهت الجريمة من وجهة نظر الدفاع.

وأضاف مكرم عبيد فى مرافعته الشهيرة.. «القول بأن سب الدين لقبطى جريمة، هو قول يخالف الأصل التشريعى الذى تسير عليه القوانين فى مصر من أن الدين المقصود هو الإسلام، لأنه هو الدين الوحيد الذى يعتبره الإسلام دينًا».

وهنا نظر رئيس المحكمة إلى مكرم باشا عبيد وقال له: «هل تؤمن بما تقول يا أستاذ مكرم؟».. فرد مكرم عبيد: يا سيدى القاضى أنا أقول ما تؤمن أنت به وهو «لكم دينكم ولى دين»، فضجت المحكمة بالضحك من رد مكرم عبيد، فأصدر القاضى حكمه بالبراءة.

قطعًا.. رغم هذه المرافعة لم تتغير التشريعات التى تؤدى إلى تجريم سب الدين المسيحى، إلا عندما تمت إضافة المادة 98 فقرة (أ) من قانون العقوبات والتى وضعها الرئيس السابق محمد أنور السادات، عندما استخدمت الجماعة الإسلامية منابر المساجد للإساءة للدين المسيحى، فأضاف «السادات» هذه المادة التى تجرم سب الدين بصورة عامة، ونصت المادة على «يؤثم الازدراء بالعقيدة الدينية ويعاقب مرتكبها بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة جنيه إلى ألف جنيه مصري».

ورغم مرور سنوات حتى صدور قانون ازدراء الأديان، إلا أن المحاكم لا يمكن أن تنسى مرافعة مكرم عبيد باشا، الذى ترافع عن الشاب الذى «سب دين مكرم نفسه» ليعطى درسًا، ويلفت الانتباه لظاهرة منتشرة فى الأرياف، أدت- بسبب السكوت عليها- إلى وصولها لمنابر المساجد!

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نور الوفد حرية المصريين

إقرأ أيضاً:

افتتاح معرض ديارنا للحرف التراثية والصناعات اليدوية بالمتحف الزراعى بالدقى

شهد المهندس عادل النجار محافظ الجيزة فعاليات افتتاح معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية  بالمتحف الزراعى بحى الدقى والمقام على هامش معرض زهور الربيع.

وذلك بحضور الدكتورة مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى يرافقها علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية ، والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة  .

وخلال الإفتتاح أكد محافظ الجيزة حرص المحافظة على دعم مختلف المعارض المقامة لدعم الحرف والصناعات اليدوية وغيرها من المنتجات والصناعات والمشاركة بها، والتوسع بإقامتها بالتعاون مع مختلف أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدنى لكونها أحد ركائز الصناعة الوطنية وعوامل الجذب السياحى والتى تشتهر بها العديد من قرى المحافظة بالمراكز والمدن.

كما أشار المحافظ إلى الدور الهام الذى تلعبه تلك المعارض فى تطوير الصناعات التراثية وتوفير منافذ البيع لرواج مبيعاتها إلى جانب الدور الدعائى الذى تقوم بها لتنمية ذلك المجال ودعم القائمين عليه.
ويقام معرض  "ديارنا زهور الربيع" تحت شعار "مصر بتتكلم حرفي" بالشراكة مع بنك الإسكندرية ضمن مبادرة "إبداع من مصر " لدعم الحرف، ويستمر حتي 12 مايو المقبل، حيث يقام على مساحة 2000 متر مربع، ويضم عدد 60 جناحاً من حرف الأسر المنتجة المتنوعة، كما يضم ولأول مرة عدد 2 جناح خاص بالبعثات الدبلوماسية بجمهورية مصر العربية إلى جانب عارضين من مختلف المحافظات.

مقالات مشابهة

  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 17-4-2024 في محافظة قنا
  • هل يجوز دفن المسلم في مقابر غير المسلمين؟.. الإفتاء تجيب
  • تفاصيل شخصيات فيلم مؤلف ومخرج وحرامي بطولة مي كساب
  • أمين الفتوى: لا تجوز الغيبة فى حق المسلم والكافر
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 16-4-2024 في محافظة قنا
  • افتتاح معرض ديارنا للحرف التراثية والصناعات اليدوية بالمتحف الزراعى بالدقى
  • إصابة 4 أشخاص صدمتهم سيارة أمام مسجد عمر مكرم بأسيوط
  • كأس العالم للأندية يحط الرحال بالمغرب والوداد البيضاوي يعلن عن تفاصيل الحدث بحضور شخصيات بارزة 
  • عبدالرحمن الأبنودى.. الناى الذى أنشد للناس والوطن
  • الفاشر.. او على السودان السلام