بوابة الوفد:
2025-02-06@19:30:46 GMT

شخصيات وطنية قبطية (٢) مكرم عبيد

تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT

عندما تسرد تاريخ حزب الوفد، لا يمكن أن تتجاهل رجلًا اسمه مكرم عبيد، سكرتير عام الوفد، الذى كانت تهز سيرته، الشارع السياسى، ويهز صوته جنبات المحاكم خلال عمله كمحامٍ قدير، وهى المهنة التى سار فى طريقها معظم قيادات الوفد، لارتباط هذا العمل بالدفاع عن استقلال الوطن، وحرية المصريين، خلال سنوات طوال من الكفاح الذى قاده هذا الحزب العريق، عبر مائة عام كاملة.

  صحيح أن مكرم عبيد، اختلف مع زعيم الوفد، وصديق عمره، مصطفى النحاس، فى واقعة شهيرة عام 1942 حملت اسم «الكتاب الأسود».. وصحيح أن «مكرم» قد تحامل على «النحاس»، وأخطأ فى حق الوفد، وصحيح أن الوفد أعلن تماسكه، وضحى بقيمة كبيرة مثل «مكرم»، والتف الجميع حول زعيم الوفد، وهو الأمر الذى جعل الوفد يتمكن من البقاء والاستمرار، ولكن حجم وقيمة «مكرم» لا يمكن تجاهلها، فقد كان قيمة سياسية وقبطية وقانونية عظيمة.

«مكرم» هو صاحب مقولة «إن مصر ليس وطنًا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا» والتى أصبحت شعارًا يتمسك به كل الأقباط تأكيدًا على أن مصر ليست مجرد أرض يعيشون فوق بساطها، بل هى عشق وروح التصق بالجسد.. وهو أيضًا صاحب مقولة «اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارًا، واجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين»، فى تفسير عبقرى لفكرة «المواطنة» التى نسعى لشرحها منذ عشرات السنين ولم يعد يفهمها إلا من كان قلبه سليمًا تجاه وطنه، فالمواطنة هى الفكرة التى تجعل علاقة المصرى بوطنه علاقة عادلة، لا أصل لها ولا مصدر سوى التزامك كمواطن بواجباتك تجاه وطنك، والتزام الوطن تجاهك بمنحك كل الحقوق دون العودة إلى مصدر عبادتك وانتمائك الدينى.

من أفضل ما قرأت حول شخصية مكرم عبيد «المسيحى الديانة» هو تفاصيل قضية اشتهرت قبل سنوات طويلة بطلها اثنان من المواطنين أحدهما مسلم والآخر مسيحى، والغريب أن القيادى الوفدى القبطى مكرم باشا عبيد قد ترافع عن المواطن المسلم، رغم أن هذا المواطن قام بسب الدين للمواطن المسيحي!!

الحكاية المثيرة قام بروايتها الكاتب فؤاد اسكندر، ونشرتها صحيفة «الوفد» منذ سنوات، حيث بدأت القضية بمشاجرة فى إحدى قرى مصر بين شابين، أحدهما مسلم والآخر مسيحى، وقام المسلم بـ«سب الدين» للمسيحى، فما كان من المسيحى إلا أن رفع دعوى قضائية ضد جاره.. فسارع أهل الشاب المسلم وتوجهوا إلى القيادى الوفدى الكبير المحامى مكرم عبيد، وطلبوا منه أن يدافع عن ابنهم، خاصة أنهم علموا أن الشاب المسيحى أحضر شهودًا على الواقعة كان من بينهم مسلمون، وكانت المفاجأة أن مكرم عبيد وافق على تولى الدفاع عن الشاب المسلم فى القضية.

  فى جلسة المحكمة، ألقى القيادى الوفدى، مرافعته أمام القاضى، مؤكدًا أن الشاب المسلم لم يتعلم فى المدارس، وأن كل ما حصل عليه هو ما تلقاه فى كُتاب القرية من حفظه للقرآن الكريم والأحاديث النبوية وبعض العمليات الحسابية البسيطة.

وأشار مكرم عبيد، إلى أن الأطفال فى ريف مصر يتعلمون فى الكتاتيب أن «الدين عند الله الإسلام»، ومن ثم فإن الشاب المسلم لم يقصد «سب الدين» لأنه لا يرى دينًا آخر غير الإسلام، وبالتالى انتهت الجريمة من وجهة نظر الدفاع.

وأضاف مكرم عبيد فى مرافعته الشهيرة.. «القول بأن سب الدين لقبطى جريمة، هو قول يخالف الأصل التشريعى الذى تسير عليه القوانين فى مصر من أن الدين المقصود هو الإسلام، لأنه هو الدين الوحيد الذى يعتبره الإسلام دينًا».

وهنا نظر رئيس المحكمة إلى مكرم باشا عبيد وقال له: «هل تؤمن بما تقول يا أستاذ مكرم؟».. فرد مكرم عبيد: يا سيدى القاضى أنا أقول ما تؤمن أنت به وهو «لكم دينكم ولى دين»، فضجت المحكمة بالضحك من رد مكرم عبيد، فأصدر القاضى حكمه بالبراءة.

قطعًا.. رغم هذه المرافعة لم تتغير التشريعات التى تؤدى إلى تجريم سب الدين المسيحى، إلا عندما تمت إضافة المادة 98 فقرة (أ) من قانون العقوبات والتى وضعها الرئيس السابق محمد أنور السادات، عندما استخدمت الجماعة الإسلامية منابر المساجد للإساءة للدين المسيحى، فأضاف «السادات» هذه المادة التى تجرم سب الدين بصورة عامة، ونصت المادة على «يؤثم الازدراء بالعقيدة الدينية ويعاقب مرتكبها بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة جنيه إلى ألف جنيه مصري».

ورغم مرور سنوات حتى صدور قانون ازدراء الأديان، إلا أن المحاكم لا يمكن أن تنسى مرافعة مكرم عبيد باشا، الذى ترافع عن الشاب الذى «سب دين مكرم نفسه» ليعطى درسًا، ويلفت الانتباه لظاهرة منتشرة فى الأرياف، أدت- بسبب السكوت عليها- إلى وصولها لمنابر المساجد!

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نور الوفد حرية المصريين

إقرأ أيضاً:

معرض القاهرة الدولي للكتاب يختتم فعالياته اليوم.. وضيوف عرب: حدث يليق بعظمة مصر

يختتم معرض القاهرة الدولى للكتاب دورته الـ56، اليوم، بعد 13 يوماً من فتح باب المعرض أمام الجمهور، ومن المقرر الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز الدورة الحالية، والاحتفاء بهم، وشهد اليوم قبل الأخير إقبالاً كبيراً من الزوار بمختلف الفئات والأعمار، لاقتناء العديد من الكتب والمشاركة فى الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية.

ووصل عدد الزوار يوم الاثنين الماضى إلى 375 ألفاً و454 زائراً، ليصل بذلك إجمالى العدد خلال 11 يوماً متتالية، إلى 4 ملايين و770 ألفاً و684، ما يُجسد مدى الإقبال الجماهيرى الكبير الذى تحظى به فعاليات هذه الدورة منذ انطلاقها، وسط تضافر جهود عدة جهات رسمية وغير رسمية لخروج المعرض بالصورة اللائقة بمصر، ومن بينها وزارة الداخلية التى شاركت لأول مرة بالمعرض من خلال سيارة الخدمات الرقمية، والتى يمكن للمواطن من خلالها استخراج بطاقة الرقم القومى، كما شهدت السيارات المتنقلة لوزارة الصحة إقبالاً من زوار المعرض للاستفادة من خدمات عيادة الأسنان وعيادة الجراحة وعيادة الباطنة وجميعها مجهزة وتوفر علاجات للمترددين مجاناً.

وقالت الدكتورة نانسى فؤاد، مدير إدارة الثقافة الصحية بمديرية الشئون الصحية بالقاهرة، إن وزارة الصحة تنفذ خطة التأمين الطبى لفعاليات معرض الكتاب عن طريق العيادات المتنقلة وقافلة صحية تضم فرقاً للتثقيف فى قاعات المعرض لتعريف الزوار بالخدمات المقدمة وأماكن وجودها، إلى جانب تقديم رسائل تثقيفية عن التغذية السليمة وإجراءات الوقاية من الإنفلونزا الموسمية والأمراض المعدية، وحول استفادة جمهور المعرض من تلك الخدمات قالت: «هناك عدد كبير من الزوار يتردد على العيادات خصوصاً أيام الإجازات التى تشهد إقبالاً ضخماً على المعرض، مثلاً مرضى السكر أو من يتعرض لجرح بسيط من الأطفال، وغير ذلك يتم نقلهم بسيارات الجولف التى توفرها إدارة المعرض إلى العيادات للتعامل مع الحالة فوراً، وبعض الرواد تلقوا خدمات الأسنان ويتم توجيه الحالات التى تحتاج إلى متابعة إلى أقرب مكان إلى سكنهم».

الدكتورة فاطمة الأخضر، الباحثة والأكاديمية التونسية، أكدت حرصها على زيارة معرض الكتاب مشيدة بالتنظيم: «التنظيم بقدر عظمة مصر، لأن مصر عظيمة جداً، وأنا سعيدة به»، وتابعت: «شاركت فى عدد من الفعاليات من بينها فعالية للاحتفاء بمئوية شكرى سرحان، وأعتبرها أحسن ما يجب أن يقدم فى شأن أيقونة السينما المصرية، ومن خلال أفلامه رأينا وتعلمنا القيم والأخلاقيات الحقيقية، وذلك الإحساس بالدور الذى يلعبه».

وأكدت الكاتبة السعودية أمل الجبرتى، التى تحتفى بصدور روايتها الأولى «إعدام غراب»، عن دار سما فى معرض القاهرة، أنها تحرص على زيارة القاهرة كل بضعة أشهر: «معرض الكتاب هو أول معرض فى المنطقة العربية وله طعم خاص، وملتقى جيد للقاء المبدعين والمفكرين والقراء أصحاب الذائقة الأدبية الرائعة»، وأشارت إلى الحراك الثقافى الذى تشهده المملكة العربية السعودية بجهود وزارة الثقافة ودعمها المعنوى والمادى الكبيرين للكتاب: «لدينا أصوات أدبية نسائية، وأصبحت أكثر فى الوقت الراهن، وهى لا تقتصر على المناداة بالحقوق بل تحكى عن الحياة وعن العلاقات الاجتماعية، وتغير الفكر بفضل تنفيذ رؤية 2030 التى تبناها الأمير محمد بن سلمان وكانت الدافع الأساسى لكل المواهب، كما أعطى للمرأة مكانتها الحقيقية ومكّنها من توصيل صوتها بشكل مناسب مع العصر».

وفى إطار الاهتمام بأبناء المحافظات الحدودية، نظمت قصور الثقافة زيارة للأطفال فى إطار فعاليات الأسبوع السادس والثلاثين لمشروع «أهل مصر»، الذى تنظمه الهيئة تحت شعار «يهمنا الإنسان»، وانطلقت الجولة بزيارة جناح وزارة الشباب والرياضة، حيث قدمت كاتبة الأطفال حسنات الحكيم ورشة حكى بعنوان «مدينة الحواديت»، التى تفاعل معها الأطفال بحماس، وعقب ذلك توجه الأطفال إلى جناح وزارة الداخلية، حيث شاهدوا فيلماً تسجيلياً عن دور الشرطة المصرية، ثم زيارة جناح وزارة الدفاع، حيث قدمت لهم شروحاً تفصيلية حول القوات المسلحة المصرية ودورها فى حماية الوطن، واختتمت الجولة بزيارة جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث تعرف الأطفال على منصة «توت» الرقمية، وشاركوا فى أنشطة البرنامج الثقافى.

مقالات مشابهة

  • سر في الدين.. يسهل عليك العبادة والإلتزام بها
  • ونحن فى انتظار شهر الرحمات.. انتى فين يا حكومه؟!
  • «فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر
  • فى الحركة بركة
  • ترامب المظلوم.. وكلوديا الثائرة!
  • حجاب الفنانات موضة رمضان
  • محمد عبدالقادر يكتب عن رحلة المخاطر والبشريات
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يختتم فعالياته اليوم.. وضيوف عرب: حدث يليق بعظمة مصر
  • دراويش مصطفى النحاس!!
  • جناح «الإفتاء» في معرض الكتاب.. منصة لمعالجة قضايا العصر بمنظور شرعي